تتإن إدفن بلاك صحفي وأديب يهودي امريكي ويشتغل بحقوق الانسان وهو يُعرف نفسه بأنه ‘موضوعي’؛ بلا أجندة وبلا انتماء سياسي. وكشف بلاك في سنة 2001 عن مشاركة شركة ‘آي.بي.إم’ وصناديق غربية في المانيا النازية، فأحدثت المستكشفات عاصفة وأصبح بلاك محاربا لمعاداة السامية مُرغما. واستقر رأيه قبل سنة على أن يأتي الى اسرائيل للقيام ببحث في موضوع حقوق الانسان. ويُعد بلاك مؤيدا للاثنتين اسرائيلى وحقوق الانسان وهو لا يرى أنه يوجد هنا تناقض. وقلت له إنني أرى ذلك ايضا. وتجول في البلاد بصفة صحفي اجنبي والتقى مع نشطاء وجمع وثائق وسمع كلمات بالانجليزية مؤيدة ومعارضة. ونشر في النهاية كتابا آسرا اسمه ‘تمويل اللهب’. يصف بلاك في أحد الفصول كيف أراد أن يتعلم من تجربة شخصية عن النضال لأجل حقوق الانسان. ووجهته متحدثة ‘بتسيلم’ الى مظاهرات يوم الجمعة في قرية النبي صالح. ويقول إن المظاهرة كانت هادئة ومملة، فقد وقف الجنود دون حراك، واحتج المتظاهرون بصوت لكن دون عنف. وكان الطرفان يبدوان ساكنين في فيلم عن نضال سياسي الى أن جاء المصور الذي استدعاه من تل ابيب. وبعد ثوان معدودة من اخراج آلة التصوير تغير المشهد فتطايرت الحجارة وصاح الاولاد وأطلق الجنود قنابل دخان. ويسمي بلاك ذلك عمل اخراج وكانت استنتاجاته بحسب ذلك. أعلم بلاك النشطاء ومصادر تمويلهم خاصة باعتبارهم مصدر كل شغب. وأنهم الباعث على اللهب على الارض ونتيجته. وسألته أهو عالم بالجدل الاسرائيلي حول قانون الجمعيات فلم يعلم ما الذي أتحدث عنه. كان كتابه مُعد للجمهور الامريكي كي يعلم من الذي يصنع سياسة باسم حقوق الانسان، وعاد فقال إنه دون أجندة. وأصغيت اليه في صبر. ولم يعرف بعد المجتمع الاسرائيلي برغم زياراته الكثيرة، فالبنى السياسية لليمين واليسار لا تُمكّن الاشتغال بحقوق الانسان من أن يكون بلا أجندة وكذلك ايضا التباحث في قانون الجمعيات. ‘بخلاف اصوات الاحتجاج التي تُسمع في الاسابيع الاخيرة، يثير قانون الجمعيات نقاشا مهما في اسرائيل. وإن محاولة رفض القانون بزعم أنه معادٍ للديمقراطية خاطيء ويُنسي البواعث التي أفضت الى وجوده. إن دولة ديمقراطية يجب أن توجد فيها منظمات حقوق انسان. فهكذا تُحفظ التوازنات المهمة لصالح أقليات في المجتمع، ومن جهة ثانية يجب أن تحترس دولة ديمقراطية من المس بنفسها. إن القانون الجديد القديم يريد أن يضائل الاعتراف بالضريبة لجمعيات تدعو الى محاكمة جنود الجيش الاسرائيلي والى القطيعة مع دولة اسرائيل، وهي جمعيات ترفض وجود اسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، وتحرض على العنصرية وتدعو الى تأييد منظمات ارهاب. وتلائم المواد كلها جمعيات يمين متطرف ويسار متطرف ايضا. وهي ملزمة بنفس القدر. فلا فرق بين حركة كهانا حي التي أضرت بمنعة الديمقراطية الاسرائيلية، وبين منظمة متطرفة تعمل على القطيعة مع دولة اسرائيل بسبب هويتها اليهودية. إن حرية التعبير ليست إذنا بلا حدود. والتباحث في شأن من يستعملها للعمل على الدولة مناسب وصحيح وهو يشهد بقوة الديمقراطية لا بضعفها. ليست مشكلة القانون هي مبلغ صدق الدعاوى بل الغوغائية وعدم دقته. فالقانون لا يمنح ما يكفي من الوسائل لتقدير متى تتجاوز منظمة ما الخطوط. وليس ذلك شأنا للمحكمة. فعمل السلطة التشريعية أن تجد التوازن المناسب. ويجب على اليسار الصهيوني أن يجلس مع اليمين الصهيوني وأن يحددا قواعد متفقا عليها. إن غوغائية الطرفين مضرة ومكافحة قوى الشر (من كل جانب) تساعد على تحديد المواقف في الحقيقة لكنها سيئة جدا للديمقراطية الاسرائيلية.