إسطنبول – «القدس العربي»: على غرار ما قامت به من دور بارز في المواجهات العسكرية في سوريا وليبيا خلال الأشهر الماضية، ظهرت المسيّرات التركية المسلحة بقوة في المعركة المتصاعدة بين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم قره باغ المتنازع عليه، وشكلت هذه المسيرات إضافة نوعية لقدرات الجيش الأذربيجاني الذي استطاع توجيه ضربات موجعة وتدمير مخازن أسلحة وعربات عسكرية مختلفة، بالإضافة إلى أنظمة دفاعية متقدمة للجيش الأرميني بواسطة الطائرات المسيرة.
تركيا لم تعلن رسمياً المشاركة في العمليات رغم تعهدها بتقديم «كافة أشكال الدعم»
وعقب ساعات من بدء الاشتباكات المسلحة بين البلدين في محيط إقليم قره باغ، بدأت وزارة الدفاع الأذربيجانية ببث مقاطع فيديو مختلفة تظهر تدمير أهداف للجيش الأرميني، حيث أظهر التصوير الجوي للضربات تنفيذها بواسطة طائرات مسيرة يعتقد أنها من طراز بيرقدار تركية الصنع.
وبُثت مقاطع تظهر توجيه ضربات جوية لمواقع ونقاط عسكرية تابعة للجيش الأرميني، قبل أن يتم بث مقاطع تظهر تدمير دبابات وعربات عسكرية مختلفة، ومقطع آخر لتدمير مخزن أسلحة، بالإضافة إلى تدمير منظومات دفاعية قالت مصادر أذربيجانية إنها روسية الصنع، وقد جرى تدمير 15 منها، حسب بيان لوزارة الدفاع الأذربيجانية، وهو ما أدى إلى منح القوات الأذربيجانية تفوقاً عسكرياً في بعض محاور القتال مكنها من التقدم براً واستعادة السيطرة على عدد من القرى والتلال الهامة.
وعلى الرغم من عدم وجود تأكيد تركي رسمي بأن هذه الضربات نفذت من قبل طائرات بيرقدار تركية الصنع أم من قبل طائرات أخرى وما إن كانت الهجمات نفذت بشكل مباشر من قبل الجيش التركي أم من قبل الجيش الأذربيجاني عقب تزويده بعدد من هذه الطائرات.
ولكن في المقابل، أكد مختصون عسكريون أتراك أن المقاطع المنشورة تثبت أن الضربات نفذت من قبل طائرات مسيرة من طراز بيرقدار، وفي أهم إشارة على ذلك، شارك سلجوق بيرقدار، رائد مشروع الطائرات المسيرة في تركيا، مقطع فيديو للضربات الجوية مرفقها بوسم «أذربيجان» في رسالة مبهمة فهم منها الإشارة إلى دور المسيرات التركية في الضربات الجوية التي ظهرت في المقاطع المتداولة. كما نشر المقاطع حساب يعتقد أنه تابع للشركة المصنعة لطائرات بيرقدار ونشر سابقاً مشاهد لضرباتها في سوريا وليبيا.
ورغم أن أنقرة لم تعلن رسمياً أنها تشارك عملياً في العمليات العسكرية الأخيرة في أذربيجان، إلا أن كبار المسؤولين الأتراك يؤكدون أن بلادهم تقوم بتقديم «كافة أشكال الدعم» لأذربيجان في صراعها مع أرمينيا. وبينما شدد اردوغان على أن «أذربيجان قالت كفى وقد حان وقت الحساب لأرمينيا» لفت وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو إلى أن «أرمينيا تتلقى حالياً الرد في الميدان بعدما تجاوزت حدودها».
وحسب ما هو معلن رسمياً، أبدت أذربيجان مراراً رغبتها في اقتناء طائرات بيرقدار التركية بدون طيار، ونشرت أخباراً سابقاً عن تلقي مساعدة عسكرية تركية وخطط لبدء استلام طائرات قتالية مسيرة، لكن لم يعلن أن أذربيجان قد بدأت بالفعل في تسلم وامتلاك هذا النوع من الطائرات التركية.
لكن وقبل أسابيع، نقلت تركيا عدداً من الطائرات الحربية والمسيرة إلى أذربيجان للمشاركة في مناورات عسكرية واسعة بين جيشي البلدين، ولم يعلن بشكل واضح عن عودة القوات لتركيا أو ما إن تم إبقاؤها هناك للوقوف إلى جانب أذربيجان في صراعها مع أرمينيا والذي كان متوقعاً عقب الاشتباك الذي حصل نهاية آب/أغسطس الماضي.
إلى ذلك، اتهمت وزارة الخارجية الأرمينية، رسمياً، تركيا بتقديم دعم عسكري مباشر لأذربيجان، وقالت في بيان لها: «تركيا لها وجود مباشر على الأرض». وأضافت أن خبراء عسكريين من تركيا «يقاتلون جنباً إلى جنب» مع أذربيجان التي قالت يريفان إنها تستخدم أيضاً أسلحة تركية من بينها طائرات مسيرة وحربية.
وتستخدم تركيا الطائرات المسيرة المسلحة ضد تنظيم بي كا كا داخل وخارج البلاد بشكل فعال في السنوات الأخيرة، إلا أن أهمية وقدرات هذه الطائرات ظهرت لأول مرة وبشكل بارز في العمليات العسكرية التي نفذها الجيش التركي في السنوات الأخيرة شمالي سوريا، والمواجهة العسكرية التي جرت بين تركيا والنظام السوري في إدلب بداية العام الجاري، حيث تمكنت من تدمير مئات الأهداف المتحركة والمنظومات الدفاعية بدقة عالية وبقوة تدمير كبيرة.
وعقب ذلك، ظهرت قوة وأهمية هذه الطائرات عندما قدمت الغطاء الجوي لقوات حكومة الوفاق في ليبيا ضد مليشيات خليفة حفتر، حيث جرى بث عشرات مقاطع الفيديو لضرب أهداف ثابتة ومتنقلة وعربات عسكرية مختلفة كان أبرزها تدمير أكثر من 10 منظومات دفاعية روسية من طراز بانتسير.
وقبل أيام، وعقب النجاح الكبير الذي حققته الطائرات المسيرة المسلحة التركية من طرازي «بيرقدار» و»أقنجي» بدأت تتكشف تفاصيل مثيرة حول الطائرة الجديدة «أق صونغور» القادرة على حمل 12 قنبلة كبيرة الحجم ما يجعلها -حسب خبراء أتراك- قادرة على القيام بمهام الطائرة الحربية الأوسع انتشاراً في العالم «إف 16» وهو ما يعتبر بمثابة ثورة جديدة في عالم صناعة الطائرات المسيرة التي تتقدم فيه تركيا بسرعة بالغة جداً، متفوقة على دول كبرى حول العالم.
وحققت تركيا طفرة استثنائية في قطاع تطوير وصناعة واستخدام الطائرات المقاتلة المسيرة، وحققت نجاحاً استثنائياً وعلى مستوى عالمي جعلها بين أهم 6 دول في العالم تنتج هذا النوع من الطائرات، في حين تقول التقديرات التركية الجديدة إن أحدث نسخة من طائراتها المسيرة تضعها بين أهم 3 دول في العالم تصنع هذا النوع من الطائرات.