كل شيء متوقف، تقريبا، في أوروبا، وعديد الدول في العالم، من بينها الدول العربية، بانتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية بأمريكا في الاسبوع المقبل. إلا أن حالة الركود السياسي والاقتصادي والعسكري لم تشمل حمى « التطبيع» برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المتلهف لتقديم نفسه كعراب «سلام» بين المحتل الصهيوني العنصري، وانظمة عربية هشة، ينخرها الفساد. فالرئيس الأمريكي، بحاجة ماسة الى ما يوفر له رصيدا انتخابيا ضد مناوئه الديمقراطي جو بايدن. والأنظمة العربية بحاجة الى حماية نفسها ومصالحها ضد شعوبها بواسطة شرطي بتكلفة لا تقبل التأجيل، كما بلغها الرئيس ترامب المرة تلو المرة، محذرا بأن « اتعاب الدفاع» مُستحقة.
«عليهم أن يدفعوا لنا» قالها، عام 2015 اثناء حملته الانتخابية، موجها كلامه الى السعودية مباشرة، ثم عاد ليكرر طلب « اتعاب الدفاع» بعد انتخابه، ليشمل أنظمة اخرى، يتوجب عليها دفع المال لأمريكا لأنها «توفر خدمة هائلة وتخسر الثروات» مؤكدا «لقد تكبدنا الكثير من المصاريف دون أن نحصل على شيء بالمقابل.. عليهم أن يدفعوا لنا».
كان تهديد ترامب، من ناحية استخلاص التكلفة، جديا. وجاءت استجابة الأنظمة العربية الغنية سريعا، اذ ان فقدان الحماية مسألة بالغة الخطورة ولا تتحمل التأجيل. فقامت الأنظمة بدفع « الاتاوة» أما فورا بشكل سيولة نقدية بمليارات الدولارات، حسب غنى الدولة، أو بشكل عمولات أو مقابل صفقات أسلحة بأثمان عالية جداً أو بكل الاشكال مع استثمارات تكاد تكون مجانية لشركات استغلال النفط والغاز، بالتزامن مع دفع تكاليف القواعد العسكرية الموجودة في أكثر من سبع دول عربية في الخليج والدول المحيطة بها، العراق من بينها.
التهديد الحاسم الثاني الذي أطلقه ترامب بوجوه حكام الأنظمة العربية هو وجوب الاعتراف بالمحتل الإسرائيلي واقامة العلاقات، بمختلف المستويات، باتفاقيات رسمية، معه. لم يعد التطبيع المستور، من تحت الطاولة، كما هو متعارف عليه تحت رئاسات أمريكية سابقة، مقبولا لدى أمريكا والمحتل الاسرائيلي معا. فالرئيس ترامب، رغم جهله العام المفضوح وتناقضات تصريحاته العنجهية، يعرف جيدا كرجل أعمال أن افضل وقت لشراء الشركات المنافسة هو حين تنخفض قيمة اسهمها في الاسواق الى أدنى حد وتكاد تشرف على الافلاس. حينئذ يتقدم بالعرض الذي يعرف جيدا بأنه سيقبل بابخس ثمن. وهذا هو بالضبط ما لمسه بعد تحليل المعطيات الشاملة للانظمة العربية. انها تعاني من حالة انهيار، بكل المستويات وأكثره خطرا الغضب الشعبي. حالة تماثل الافلاس الكلي، وقد حان الوقت لتقديم عرض طالما تم تأجيله. عرض مهين ستقبله الأنظمة العربية بشكل صفقة تدعى « السلام» ستمنح ترامب تمايزا سياسيا، كما ستخفف اعباء الدعم المالي الأمريكي للمحتل الاسرائيلي البالغ 3.8 مليار دولار من المساعدات الأمنية و 500 مليون دولار للتعاون الدفاعي الصاروخي بين البلدين، حسب ميزانية 2020.
إن المخطط خطير، لكنّه ليس قدراً محتوماً على شعبنا، فالمعركة مفتوحةٌ بين شعبنا وأنصاره من أحرار العالم، وبين الاحتلال وداعميه الاستعماريين، والتي لا يُمكن أن تحسم نتائجها سلفاً. فقد حالت مقاومة وصمود شعبنا والشعوب العربية الشقيقة، بدعم من أصحاب الضمائر الحية
يأتي التخفيف عن طريق تنشيط علاقات الاستثمار والتجارة والصناعة بين كيان الاحتلال وأنظمة التطبيع الغنية، التي ستوفر للمحتل دخلا اضافيا يساعده على التخلص بسرعة من اهل البلد الاصليين الموسومة مقاومتهم بالارهاب. هكذا ستكون انظمة التطبيع حزام الامان للمحتل، والضامن لوجوده، ليتفرغ أكثر فأكثر في مشروع الاستيطان الاخطبوطي لإجلاء الفلسطينيين. باعتبار ان أمريكا نفسها مبنية على فكرة ابادة السكان الاصليين فلم لا يبني الكيان الصهيوني نفسه على ذات الاساس؟
خلال شهرين وقعت الإمارات والبحرين، وتلاهما السودان على اتفاقات تطبيع العلاقات مع المحتل الإسرائيلي. ويشكل وضع السودان نموذجا للشركات التي يتم شراؤها بعد العمل المتعمد على افلاسها. حيث عاقب شرطي العالم السودان وحاصره الى حد التجويع عن طريق وضعه على قائمة الارهاب. وها هو يمد له يد الانقاذ « الإنساني» ورفع وسم « الارهاب» بشرط الاعتراف باحتلال يمارس ابشع الانتهاكات ضد اهل البلد الفلسطينيين. حال الموافقة على التطبيع المذل، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، عن حزمة « مساعدات إنسانية» تقدمها الولايات المتحدة لصالح المنكوبين في السودان بقيمة 81 مليون دولار. بمواجهة الغضب الشعبي، اعتبر المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة بالسودان، العميد الطاهر أبو هاجة، أن الانفراج في العلاقات الخارجية «ليس بيعاً للقضية الفلسطينية».
ويشير جواب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (واشنطن بوست – 22 آب/ أغسطس 2020) عند سؤاله عن تطبيع الإمارات مع المحتل، إنه «قرار إماراتي، ولا ينبغي لنا التدخل» وتصريح وزير االخارجية فؤاد حسين « أن العراق ملتزم بقرارات الجامعة العربية بخصوص العلاقات مع إسرائيل والقضية الفلسطينية» بأن ما يجمع الأنظمة المحلية الفاسدة مع التوسع الامبريالي واحد، ونموهما كالاعشاب الضارة، الا أن ايقاف انتشاره، مهما كانت الصورة قاتمة، ليس مستحيلا. والقاء نظرة سريعة على التاريخ البعيد والقريب يبين ان الاستعمار، بأشكاله، لا يمكن ان يدوم مهما اتكأ على عكاز خدمه المحليين. ويبقى المحك هو مواصلة الشعوب غضبها ورفضها الاستسلام المتمثل بالمقاومة الفعلية ضد المحتل والأنظمة القمعية المتعاونة معه في آن واحد، بالاضافة الى حملات التضامن العالمية مع حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتجزئة.
إن «المخطط خطير، لكنّه ليس قدراً محتوماً على شعبنا، فالمعركة مفتوحةٌ بين شعبنا وأنصاره من أحرار العالم، وبين الاحتلال وداعميه الاستعماريين، والتي لا يُمكن أن تحسم نتائجها سلفاً. فقد حالت مقاومة وصمود شعبنا والشعوب العربية الشقيقة، بدعم من أصحاب الضمائر الحية عالمياً، دون حسم هذا الصراع الممتدّ منذ عقود» كما جاء في بيان حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (بي دي أس) عن اعلانات التطبيع الاخيرة.
«فلسطين ستبقى البوصلة» أعلن فنانون عرب عن مقاطعة النظام الإماراتي « رافضين المشاركة في تلميع جرائم نظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي، وبقرارهم الالتزام بواجبهم الأخلاقي». وسارع نشطاء إماراتيون لرفض تطبيع حكومة الإمارات مع العدو الصهيوني، ودعا عمانيون الأنظمة العربية إلى العودة إلى رشدها واحترام إرادة شعوبها، واعلنت تونس شعبا وحكومة التزامها بالقضية الفلسطينية. واذا كان الشعب الفلسطيني قد واصل مقاومته لاحتلال بلده أبا عن جد، مع تصميم الأبناء على الاستمرار، بكافة الطرق، فان مناهضة التطبيع والضغط على الأنظمة العربية الاستبدادية والقمعية من أجل وقف كلّ العلاقات التطبيعية مع دولة الاحتلال ومن يمثلها، مسؤولية أخلاقية وان تحرير فلسطين هو تحرير للانسان، اينما كان. وهو مبدأ غير قابل للمقايضة، مهما كان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية المقبل.
كاتبة من العراق
لولا الكورونا لفاز ترامب! ترامب خدم الشعب الأمريكي بالإقتصاد وبالوظائف, وبعدم الدخول في حروب!! ولا حول ولا قوة الا بالله
الى متى سنبقى وتبقى المنطقة اسيرة القضية الفلسطينية؟؟؟ لاتنسي سيدتي أن العرب و من بعدهم الفلسطينيين هم من أساؤا اولا لقضيتهن برفضهم لوجود دولة او انتداب اليهود جنبهم في تلك البقعة من الأرض و نادوا برمي اليهود في البحر و لكن القدر كان لهم بالمرصاد والان يترحم العرب على حدود ال 67…. أنا مع التطبيع لانه تغيير لحالة المراوحة لهذه القضية الأزلية. مع التقدير.
الى متى سنبقى وتبقى المنطقة اسيرة القضية الفلسطينية؟؟؟
والجواب: إلى أن يتحقق وعد الله المذكور بالقرآن!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لقد وصل التدهور العربي حداً لايطاق. سقى الله السبعينات والثمانينات فرغم الضعف كان هناك عرقا نابضاً ينادي الكفاح الكفاح.
*للأسف بعض حكام العرب سقطوا في مستنقع الخيانة والعار والذل وتضليل الناس..
وعلى الرأس حكام(السعودية والإمارات)..
*يحاصرون قطر ويحاربون المنتج التركي..
ضاعت منهم البوصلة..
حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم.