عمان – بيروت: كهرباء «لا تصل» و«أموال أردنيين» عالقة في مصارف لبنان ومسافات مع «حزب الله»

بسام البدارين
حجم الخط
1

عمان – «القدس العربي»: حقيقتان لا يمكن إغفالهما ولا إسقاطهما من الحسابات السياسية عندما يتعلق الأمر بما يسميه رجال الاقتصاد والاستثمار بأموال الأردنيين في المصارف اللبنانية، تحديداً الأمر الذي يبحث على نطاق ضيق.
لكن البوصلة السياسية في بيروت وعمان تتجاهله حتى الآن، خصوصاً أن الحديث عن حقوق وودائع بعشرات الملايين من الدولارات للأردنيين أخفق البنك المركزي اللبناني في معالجتها أو توفير الضمانات من أجلها.

حقيقتان

الحقيقة الأولى، حسب الخبراء، قانونية بامتياز وفكرتها أن الإطار القانوني يفترض أن يضمن، أولاً، باسم الدولة اللبنانية وباسم البنك المركزي اللبناني الذي يعاني من مشكلات وتصدعات مرعبة. ثانياً حقوق المودعين، بصرف النظر عن هويتهم ومرجعيتهم. وفي السياق القانوني، لا بد من التذكير أيضاً بأن دولاً كبرى جرت فيها صفقات مالية بين المصارف اللبنانية ونظيرتها في تلك الدول انتهت بقرارات قضائية تكتسب صفة الحق القانوني بالحرص على أموال المودعين في تلك الدول. ويبدو أن هذا ما حصل من قبل القضاء البريطاني في حالات عدة ومن قبل محاكم أوروبية أخرى.
بمعنى أو بآخر، الفرصة متاحة للتحفظ والاحتراز وضمان توفير أموال الأردنيين من طبيعة الصفقات التي تجري بين البنوك التي أودعت فيها أموالهم أصلاً في بيروت والمصارف والبنوك نفسها التي تحاول الإفلات من الأزمة المحلية الداخلية عبر صفقات خارج الغطاء اللبناني. وهو ما حصل في إحدى المرات على الأقل في عمان العاصمة، حيث استحوذ بنك أردني 100% على حصة مصرف لبناني في الأردن واشتراها بصفقة يسعى بعض المصطادون في المياه عبرها لتجاهل وتجاوز حقوق ودائع الأردنيين في البنك نفسه بالمناسبة، بوضوح.
المسألة الثانية مرتبطة بكيفية إدارة وهندسة ملف العلاقات الأردنية اللبنانية، خصوصاً أن الأردن قريب جداً سياسياً طوال الوقت، سواء من رئيس الوزراء الحالي الذي يترأس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ومن التيارات الأخرى المخاصمة سياسياً لحزب الله اللبناني والقوى المرتبطة به.
بمعنى أو بآخر، يبقي الأردن طول الوقت علاقاته على قدر كبير من المسافة التحالفية مع الدولة اللبنانية قدر الإمكان. أما نجيب ميقاتي فهو صديق دائم لعمان وأحد حلفاء الأردن، وتعتبر العاصمة الأردنية من المراكز التي يكثر من زيارتها والتنسيق معها، وقد حصل ذلك مؤخراً على هامش زيارة تخللتها نشاطات متعددة لميقاتي الذي يطمح بإيجاد وتوفير ملاذ آمن يوفر ولو الحد الأدنى من الحماية لمستقبل لبنان الاقتصادي دون أي إشارة لحقوق أموال الأردنيين العالقة على قلتها في لبنان، كما أبلغ هو على هامش زيارته الأخيرة لعمان.
وفي كل حال، أموال الأردنيين في المصارف اللبنانية بدأت تشكل عقبة ما في طريق التعافي عبر علاقات سياسية وحكومية هادئة جداً بين البلدين، ومن المرجح أن ميقاتي ونخبة المسؤولين الأردنيين لا يبذلون الجهد الكافي حتى الآن لطمأنة ضحايا تراجع أو حتى انهيار البنك المركزي اللبناني من أصحاب الأموال الأردنية، التي ذهبت في اتجاه الاستثمار في الجانب اللبناني. وبكل حال، تلك ليست قضية كبيرة، لكنها من الطراز الذي ينبغي معالجته ويتفاعل ويتدحرج خلف الستارة والكواليس بهدوء، إلا أن المقاربات السياسية بين لبنان والأردن لم تعد حمالة أوجه؛ فثمة علاقات تنمو خلف الكواليس مع الميقاتي، وثمة حالة تنسيق، وثمة رغبة في حسم ملف الاتفاق الخاص بتصدير كهرباء منتجة في الأردن الى لبنان بالرغم من كل التعقيدات التي تشير إلى علاقة هذه الكهرباء بالغاز الإسرائيلي أو عدم وجود علاقة، وفق تأكيدات وزيرين للطاقة في الأردن على الأقل سمعتهما «القدس العربي»، وهما الوزيرة السابقة هالة زواتي، والوزير الحالي صالح الخرابشة.
الأردن يحظى بموافقة الإدارة الأمريكية على تصدير الكهرباء إلى لبنان، وميقاتي رحب في عمان بهذه الخطوة وقال إنه سيدعمها، لكنه في طريقه لتأسيس تفاهمات تمكنه أصلاً من الصمود في السلطة، والأردن معني ويراقب باهتمام شديد المشهد اللبناني، وقريباً جداً يفترض أن تجرى عملية لصيانة خطوط إمداد الكهرباء عبر الأراضي السورية، حيث عوائق سياسية مرة أمريكية ومرة أخرى لها علاقة بالنظام السوري تحول دون ذلك. لكن مشروع توريد الكهرباء إلى لبنان قيد التفاهم وقيد العلاقات والاتصالات الثنائية ولا تنطبق عليه معايير ما يشتكي منه أردنيون بخصوص أموالهم وودائعهم في بنوك لبنانية بدون أن يتدخل البنك المركزي في البلدين لحماية تلك الودائع، رغم أنها قانونية وشرعية.
لكن على الصعيد السياسي، بحث ميقاتي باهتمام في زيارته الأخيرة لعمان عن أي مقاربات ممكنة للتعاون في مجال ملف اللجوء السوري حصرياً، حيث يعتقد بأن ظروف اللجوء السوري في البلدين متشابهة، وحيث أعلن في بيروت قبل عدة أيام أنه سيلوح باستخدام خيارات القوانين اللبنانية لإبعاد اللاجئين السوريين إلى بلادهم. وتلك على الأرجح مناورة دبلوماسية تمت بالتوافق مع عمان.
ما يمكن الوصول إليه في الخلاصة، أن العديد من نقاط التماس تنشغل بها حكومتا البلدين مؤخراً، والعديد من المساحات المشتركة قابلة للتطور، لكن يوجد بعض العوائق أمام انطلاق علاقات ندية أو تتميز بكفاءة سياسية كبيرة، فمسافة الأردن من القوى اللبنانية ليست موحدة، والخصومة السياسية مع حزب الله واضحة للجميع، ومسألة أموال الأردنيين لا تزال تبحث عن حلول ضائعة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو باسل:

    الاردن بصدد اتفاق لتوريد الكهرباء الي لبنان.. فلماذا لا يتم تبادل المنافسه بين الدول الشقيقة الثلاث الاردن وسوريا ولبنان على اعتبار ان النفعه متبادلة
    لماذا لا يتم جلب المياه من لبنان الي الاردن من خلال خطوط إمداد تمد عبر سوريا لامداد شمال الاردن بالمياه.
    بدلا من جلبها من إسرائيل. مقابل إمداد لبنان بالكهرباء.. والتفاهم مع سوريا حول هذه المسألة
    من المعروف ان إسرائيل تقوم بسرقة مياه لبنان. وخاصة من خلال إقامتها لمنشذات سرية لسحب المياه خلال احتلال ها لجنوب لبنان طيلة عشرين عاما او يزيد.
    وتقوم ببيعه لنا. هكذا اعتادت الدولة المارقة. فهي تقوم بسرقة المياه اللبنانية منذ زمن بعيد كما تسرق الموارد الفلسطينيه من ماء وغاز ونفط. وتقوم بتصدير لنا.

إشترك في قائمتنا البريدية