عمليات المقاومة تتصاعد من جنين ونابلس إلى شعفاط القدس… عملية صعبة تدفع بالاحتلال إلى إعلان حالة التأهب القصوى

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

القدس المحتلة ـ «القدس العربي»: بعد سقوط أربعة شهداء في جنين ورام الله وقلقيلية في أقل من 24 ساعة بفعل اقتحامات وإعدامات إسرائيلية ميدانية أواخر الأسبوع الماضي، جاء الرد الفلسطيني غير متوقع بالنسبة لقوات الاحتلال التي كثفت عدوانها على جنين تحديدا، في شعفاط/ القدس، حيث وصف عملية «حاجز» شمال شرق القدس المحتلة بـ«العملية الصعبة».
ونفذ مقاوم فلسطيني، مساء اول من أمس السبت، عملية إطلاق نار على حاجز شعفاط أدت إل مقتل مجندة إسرائيلية وإصابة اثنين آخرين، فيما تمكن منفذ الهجوم من الفرار.
وحسب تقديرات إسرائيلية فإن منفذ العملية وصل سيراً على الأقدام للحاجز، بعد أن تم إجراء فحص له، ومن ثم استل سلاحاً وأطلق النار على مجموعة كبيرة من الجنود حيث أصاب منهم ثلاثة وهربت مجموعة كبيرة فيما ارتمى بعضهم على الأرض ومن ثم انسحب من المكان.
ونشرت مصادر إسرائيلية، صباح أمس، مقطع فيديو يظهر مجموعة من الجنود المسلحين فيما يقترب منهم شاب فلسطيني ويطلق النار نحوهم ليسقط بعضهم على الأرض فيما يهرب آخرون، وبعد أن يهرب المنفذ من المكان يطلق جنود النار عليه دون أن يصاب.
وبعد ساعات على العملية أعلنت قوات الاحتلال في ساعات متأخر من مساء أمس الاول عن مقتل مجندة وهي الرقيب نوا لازار، وتبلغ من العمر 18 عامًا، من سكان مستوطنة «بيت حيفر» المقامة على أراضي مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية.
وحضر إلى مكان الحادث وزير أمن الاحتلال الداخلي، إلى جانب ضابط شرطة القدس، حيث وصف وزير أمن الاحتلال الداخلي عومير بارليف ما جرى بالصعب، وقال «هذه ليلة صعبة».
ودعا عضو كنيست الاحتلال الصهيوني العنصري إيتمار بن غفير، وزير جيش الاحتلال بيني غانتس للاستقالة، وقال: «إن هذه الانتفاضة ستسجل على اسمه».

احتجاجات المستوطنين

وفور وقوع العملية تصاعدت مطالب المستوطنين من الجيش الإسرائيلي لاستعادة شعورهم بالأمن في الضفة بشكل عام حيث طالبوا بإعادة إغلاق الحواجز في المناطق، وفرض منع تجول ليلي.
وتأتي هذه الاحتجاجات بعد أسبوع من مطالبتهم بعملية عسكرية واسعة في شمال الضفة بالتحديد «السور الواقي 2» والطلب من وزير الحرب بالإعلان عن مناطق عسكرية مغلقة لليهود فقط.
وعلى خلفية عملية حاجز شعفاط، احتج مئات المستوطنين، مساء، في شوارع الضفة ومنها مدخل مدينة نابلس بدعوى فقدانهم الشعور بالأمن.
ورفع المستوطنون شعار: «ما لم يشعر المستوطنون بالأمن، لن يكون للأعداء حياة اعتيادية».
وفي السياق ذاته أغلقت قوات الاحتلال، صباح أمس، حاجز حوارة العسكري، جنوب نابلس، وهو ما يعني منع المواطنين من مناطق جنين ونابلس من القدوم إلى مدينة رام الله.
وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال أغلقت الحاجز ومنعت المركبات الفلسطينية من المرور من خلاله. وأضافت المصادر ذاتها، بأن جنود الاحتلال انتشروا على امتداد الشارع الرئيسي في حوارة، وشرعوا بإعادة مركبات المواطنين، ما دفعهم إلى سلوك طرق بديلة.

رمز الخنجر

وفور العملية تصاعدت المخاوف الأمنية الإسرائيلية من قيام منفذ أو منفذي عملية إطلاق النار عند شعفاط من تنفيذهم عمليات أخرى في القدس حيث قررت الشرطة الإسرائيلية إعلان «رمز الخنجر» في القدس التي تعني «حالة تأهب قصوى» وقررت إغلاق أبواب المسجد الأقصى وكافة مداخل ومخارج مخيم شعفاط.
واقتحمت قوات الاحتلال صباح أمس بلدة عناتا ومخيم شعفاط بعد اقتحامات ليلية شهدت مواجهات عنيفة مع الشبان الذين أطلقوا على قوات الاحتلال الألعاب النارية نجم عنها اعتقال أربعة شبان كانوا بالقرب من الحاجز.

إغلاق محكم على 140 ألف مواطن بحثا عن المنفذ

وكان عشرات المواطنين في مخيم شعفاط قد أصيبوا الليلة الماضية بحالات اختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال المخيم، واستهدافها منازل المواطنين بالغاز المسيل للدموع بكثافة.
واندلعت مواجهات في المخيم، أطلق خلالها جنود الاحتلال الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز والصوت صوب الشبان.
وواصلوا إغلاق جميع مداخل المخيم وعناتا صباح أمس على إثر العملية. وحسب ما أفادت محلية فإن قوات الاحتلال تقيد حركة الأهالي في الدخول والخروج عبر حاجز شعفاط.
وأشارت المصادر إلى تحليق طائرات الاحتلال فوق مخيم شعفاط ورأس خميس وعناتا. وذكر شهود عيان أن نحو 6 طائرات تابعة للشرطة الإسرائيلية تحلق فوق القدس لملاحقة منفذي عملية شعفاط.
وقالت بلدية عناتا إن جيش الاحتلال لا يزال يغلق مداخل البلدة منذ ليلة أول من أمس، ويعيق دخول وخروج الأهالي منها، بحجة البحث عن منفذ عملية حاجز شعفاط.
وأضافت البلدية في منشور عبر صفحتها على الفيسبوك، أن جيش الاحتلال حوّل من خلال إجراءاته كلا من: عناتا، وراس خميس، ومخيم شعفاط، ورأس شحادة، إلى سجن.
وأوضحت البلدية أن العقوبات الجماعية التي فرضها جيش الاحتلال تستهدف 140 ألف نسمة موزعين على المناطق المذكورة سابقا، وقد عطل بذلك كل مناحي الحياة.
وبالإضافة إلى الإغلاق، اعتدت قوات الاحتلال على الأهالي في عناتا ومخيم شعفاط، فقد أظهرت مقاطع فيديو اقتحام منزل عائلة التميمي بالمخيم والاعتداء على من فيه. ويدّعي الاحتلال أن منفذ العملية انسحب في اتجاه المخيم بعد التنفيذ.
وقال رئيس بلدية عناتا طه نعمان في حديث صحافي إن قوات الاحتلال أغلقت المدخل الوحيد للبلدة «الشمالي» منذ الليلة الماضية، وداهمت عددا من منازل المواطنين. وأضاف أن طلبة المدارس لم يتمكنوا من الوصول إلى مدارسهم، التي تقع بعد مدخل البلدة الرئيسي، كما منع الموظفين الذين يعملون خارج البلدة من التوجه إلى عملهم.
ولفت رئيس بلدية عناتا، إلى أن مواجهات اندلعت في البلدة، أطلقت قوات الاحتلال خلالها قنابل الصوت والغاز في اتجاه المواطنين، دون أن يبلغ عن إصابات.
كما اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال «ضاحية السلام» التي تقع بين مخيم شعفاط وبلدة عناتا، وداهمت منازل المواطنين واعتقلت عددا منهم، بينهم رجل وزوجته وابنه من عائلة التميمي.
ويسود التوتر في مخيم شعفاط وبلدة عناتا، مع استمرار فرض الحصار المشدد على المنطقة وتنفيذ اقتحامات ومداهمات عشوائية للمنازل والحارات.
وأوضح شهود عيان أن قوات الاحتلال بفرقها المختلفة، تواصل اقتحام المنازل في المخيم وضاحية السلام، وتجري عمليات تفتيش دقيقة للغرف والأسطح، والحارات وبعض المحلات التجارية.
وأوضح السكان أن قوات الاحتلال تتعمد ترويع الأهالي خلال اقتحام المنازل، دون الاكتراث بوجود مرضى وأطفال وكبار سن.
وقال محامي مركز معلومات وادي حلوة – القدس فراس الجبريني أن عدد الاعتقالات من مخيم شعفاط ارتفع منذ ساعات مساء لأول من أمس الى 10 معتقلين، من بينهم 3 مشتبهين بتنفيذ العملية والتحقيق معهم في الزنازين.
وفي سياق متصل فرضت قوات الاحتلال حصارا مشددا على مدينة القدس، وكثفت من انتشارها في شوارع المدينة وأحيائها، كما اقتحمت حي رأس العامود في سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، ونصبت حواجز على مدخل بلدة عناتا وأغلقت مخيم شعفاط، بذريعة مقتل المستوطنة.
وحسب تحليلات إسرائيلية فإن أهمية عملية شعفاط بالنسبة للرأي العام الفلسطيني، ولفصائل المقاومة الفلسطينية التي ستعتبر العملية بأنها رد على الممارسات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى.
وكان جهاز الشاباك الإسرائيلي (الأمن الداخلي) والجيش قد أعلنا قبل أيام قليلة أن 85٪ من التحذيرات الأمنية من عمليات للمقاومة الفلسطينية مصدرها مناطق في محافظتي جنين ونابلس، فيما 15٪ من التحذيرات من مناطق مختلفة في الضفة الغربية لتكون عملية شعفاط من المناطق التي لم يتوقع الاحتلال أن يكون الخطر الأمني قادما منها.

موجات جديدة للمقاومة

ويرى نشطاء فلسطينيون أن جرائم الاحتلال في مخيم جنين ومن ثم في قلقيلية ورام الله جاء الرد عليهما من القدس قبل أن يُطوى يوم السبت الماضي ساعاته الأخيرة.
وحسب المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي محمد علان دراغمة فإن عملية حاجز شعفاط سيقال عنها الكثير، فهي أثبتت أن كاسر الأمواج الإسرائيلي لم ولن يصمد أمام موجات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وأضاف: «مع بداية عملية كاسر الأمواج كانت المقاومة تتركز في مدينة جنين، وبعد قرابة النصف عام على العملية وصلت عمليات المقاومة المُسلحة للقدس المحتلة».
وعلق المحلل السياسي عادل شديد على العملية قائلا إنه قبل عدة سنوات كان هناك تراجع في نسبة تأييد العمليات الفلسطينية ضد الاحتلال، بينما في الفترة الأخيرة ارتفع التأييد كثيراً. فبعد العملية قامت مجموعة من النشطاء في مدن فلسطينية بتوزيع الحلوى ابتهاجا، لا سيما أنها جاءت بعد استشهاد 4 فلسطينيين في جنين وقلقيلية ورام الله. وأضاف شديد: «عملية مخيم شعفاط وغيرها، تعني أن ضغط الاحتلال العسكري على جنين سينقل العمليات لمناطق اخرى.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية