عندما هاجم رأس خاشقجي “منشار القنصلية” والأردن يعود للسؤال القديم… متى يدفن الوطن البديل؟

ظهر مهندس اتفاقية “وادي عربة” الأردنية مع إسرائيل الدكتور عبد السلام المجالي مجددا على شاشة التلفزيون، وهو يبدل في أقواله قائلا إن “الأردن لم يكن الطرف الفائز عند توقيع الاتفاقية”.
طبعا، هذه الافادة الجديدة بمناسبة عودة الحديث عن أراضي الباقورة والغمر، وترد على تصريح تلفزيوني سابق للرجل نفسه، طالما احتفلت به الشاشة الأردنية الرسمية قبل 24 عاما قال فيه “اليوم… تم دفن الوطن البديل”.
ما بين الدفن في الماضي وإعلان عدم الفوز قبل عدة أيام عبر شاشة المملكة مساحة أكبر تباينا من أي اعتذار محتمل، فقد سبق للمجالي أن ظهر على التلفزيون أيضا قبل سبع سنوات ليتراجع قليلا عن قصة دفن الوطن البديل، معلنا عن شكوكه في هذه المقولة بعدما تغيرت الافادة الإسرائيلية في عملية السلام .

سؤال قديم

قبل ذلك بشهرين وفي حديث عبر شاشة الأردن أولا ألقى المجالي قنبلته الدخانية المثيرة للجدل عندما أعلن أن اسرائيليين يملكون أراضي الباقورة، والتي قيل عنها عند اتفاقية “وادي عربة” إنها أرض أردنية تحررت في عملية السلام.
لا يترك اليمين الإسرائيلي اليوم أي مساحة مناورة أمام رموز ودعاة السلام والتطبيع، فقد استمعنا من الدكتور مروان المعشر، وهو مفاوض سابق وعدة مرات للعبارة، التي تقول إن إسرائيل اليوم هي ليست إسرائيل نفسها، التي تم توقيع السلام معها .
“إسرائيل انقلبت علينا وعلى السلام”… هذه العبارة ترن في آذن الأردنيين الآن داخل كل أروقة القرار ومطابخ السياسة.
الحقيقة واضحة وتحظى بالاجماع ولا توجد حدود مرسومة لتقدير حجم الانقلاب الإسرائيلي على الأردن والأردنيين .
السؤال الوطني إزاء هذا الواقع اليوم هو التالي: حسنا… ماذا نحن فاعلون؟!

المنشار ورأس خاشقجي

اختصرها استاذ جامعي أمريكي في عبارة مباشرة وهو يحاول الاجابة على سؤال مذيع التغطية المفتوحة لقناة “الجزيرة”، بعد الرواية السعودية غير المنطقية، التي قدمت للعالم فجر السبت حول قضية الراحل جمال خاشقجي .
طرح المذيع سؤالا مطولا فجاء الجواب مقتضبا: نعم الادارة الأمريكية ستشتري تلك الرواية البائسة ولسبب بسيط جدا… صهر الرئيس جاريد كوشنر يريد السعودية لإتمام ترتيباتها مع إسرائيل .
أعجبنا هذا الاختصار للمشهد، بالرغم من محاولة قناة “الجزيرة” الاتصال بأكبر عدد ممكن من المعلقين لفحص نظرية “الشجار”، الذي حصل داخل القنصلية السعودية وأودى بحياة الراحل.
من يصفهم القانون في الأردن بمجموعات الأشرار وهم زعران وبلطجية بالتعبير الشعبي يستخدمون بعض الأدوات المثيرة عندما يقررون الشجار مع أخرين من طينتهم.
ورغم ذاكرتنا الشعبية الواسعة واطلاعنا بحكم المهنة على عشرات الأصناف من المشاجرات لم يخطر في بالنا سابقا أن نخبة عسكرية من المدربين أو أمنية تتشاجر مع صحافي وديع ومسكين وتحمل معها مسبقا منشارا بتارا!
قدم الأشقاء في السعودية قصتهم لمسار الأحداث، على نحو يفيد أن رأس خاشقجي إعترض طريق المنشار وهاجمه بغلاظة .
طبعا، حتى النسخة التركية من “سي أن أن” تصر على وجود “منشار” في الحكاية المنقوصة، وإن كان البيان الرسمي السعودي يتجاهل الأمر ويتجنب توضيح العلاقة بين المنشار واللحم الطري لزميلنا الراحل، رحمه الله.
لكن ما زلنا نشعر أن جهة ما في السعودية مصرة على التبرع بفلسطين والمسجد الأقصى من أجل كوشنر وزوجته المدللة، التي ما زالت تظهر على شاشة القناة السعودية وهي ترتدي وشاحا أسود شفافا وتحتسي فنجان القهوة العربية!

معبر نصيب وبقية الحكاية

أجمل نكتة الكترونية تداولها الأردنيون بكثافة بعد فتح معبر نصيب مع سورية تختصر الكثير في العبارة التالي “الاخوة السوريون… نحن ذاهبون الى دمشق… بليز ديروا بالكم على عمان”.
طبعا، لم تلتقط كاميرا التلفزيون الأردني هذه النكتة في الوقت الذي توسعت فيه محطة “المملكة” الجديدة في استضافة معلقين يتحدثون عن انعكاسات ايجابية لقرار فتح المعبر باعتباره جزءا من استراتيجية تحفيز الاقتصاد، كما سمعت مباشرة من رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز .
حسنا، المفارقات بالجملة في مشهد المعبر الحدودي بين الأردن وسوريا .
على الطرف المقابل يقفز مراسل تلفزيون الفضائية السورية مع كاميرته بحماس وهو يسجل على الهواء مباشرة لقاءات سريعة وخاطفة مع العابرين.
بين اللقطات، التي كررتها الشاشة السورية بكثافة مواطن سوري فرح يقبل الأرض وآخر يهدي النصر والحسم العسكري لفخامة السيد الرئيس، ثم أردني يتحدث بوقار عن العودة الى حبيبته دمشق .
تفاح وألبان ومحروقات بربع السعر الأردني… تلك البضائع التي عاد بها الأردني إلى وطنه من سورية وعدد الأردنيين الذين عبروا للزيارة في أول خمسة أيام اربعة أضعاف عدد السوريين الذين “عادوا” لوطن لم يعد أحد يعرف أين المبتدأ والخبر في جملته، بالرغم من انخفاض أسعار السلع!

مدير مكتب “القدس العربي” في عمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Abdullah Shabeeb:

    الحمد لله على عودة الباقورة والغمر..اأيا كان ملاكهما
    ولكن ..ماذا عن الأهم والأكبر والأكثر خيرات ومياها؟..ماذا عن أراضي وادي عربة ؟ كيف حالها؟ ما وضعها؟ أخبرونا وأفيدونا أفادكم الله ..ملاحظة .. الرجاء عدم تجاهل هذا السؤال أو التعليق- كالعادة معي ..وشكرا

إشترك في قائمتنا البريدية