أنت آخر حوريــة من البحـــر؛
بعدك سيكون المنفى أو الــنّار…
أنت آخراهتزاز ضربني كزلزال
يا قمري؛ وسيدة جميع الأقمــار..
ويا نحلة روت من رحيــق جمـال.
هل إلينا جاءت من عالم خيـــــال؟
كما جاء الجنّ من وادي عبقر؟(*).
فمنْ سيكتب قصائدًا للشعـــــــراء؟
يا إلينا؛ أنت أجمـل نســــــاء (**).
وفيك من الخيول شمـــم كبريـاء.
كيف هي الدنيا دون نســــاء؟
كما هي الزهــرة دون مـــاء؟
كيف هو الهوى دون حـــواء؟
هيولي خواء؛ في خواء؛ وخواء.
لنرحل قبل رحيلنا ورحيلك عنّا…
فالأرض ستكون بـوارا في بـوار…
والمــاء أجــــاج ملح في علقــــم
والضوء صنـو ظلال وظـــلام؛
والعسل ينقلـب كالسّكر إلى مـرار.
وستكون كريت جزيــرة شيطان؛
في بحـــرالظلمات والأنـــوار…
وإنْ بقيـــتْ عروسا في أحـــلام؛
لتمشط شعرها بريـــح سليمان…
وعلى مزاميــــر داوود ألحــان.
ستتوّقف الشّمس عن شــــروق…
والساهـــور سينام في محــاق…
هل قلبتي بحور الشعر والميزان؟
يا إلينا؛ يا عـــروس الجـــزر والشطـآن…
أقلبتي فلــــك الأشياء كأمــواج مكســـورة؟
حتى رحل أولمب إلى قعر مدينة مهجورة.
فلا تنفع أثينــا دموع بوسيدون الجبـــّار…
لتغرق في عباب؛ كزورق ثقبته صخور
وخانه شراعه؛ فتناثر كريش نســــور…
ولـن يبقى في كانديا إلا الأسوار(***).
ولن يبقى في الديــــار إلا نخاس:
يعرض الرقيق الأبيض للــزوار.
ويبيـع نبيــــذا معتــقا للتجـــار؛
في برثينون أثينــا الأسطـوريّ؛
غبوق مساء وصبوح صبـاح…
دونك؛ الرحيل توهان رياح…
مثل زفرة الأندلـــس؛ يا صـــاح.
سيغرق مينا كريت في لـجّ اليمّ؛
وستكفّ النوارس عن الطيـران.
ويتوّقف رفّ عينيّ مع الأجفان؛
كمقامر واجم على فلك أرقام (****).
وداعا يا إلينا بعد أيام من أيـام…
أغــادر بلاد الإغريق واليونان؛
وقُبلة واحدة لن تُحـيي رميــما؛
بل ستشعل نيرانا في وهن عظام.
٭ كاتب وشاعر من العراق
* عبقر: وادي الجنّ في اليمن؛ وينسبون إليه وحي قصائد الشعراء.وهو من الأساطير القديمة.وفي اللغة: كلّ جيد عبقريّ.
**إلينا اسم يونانيّ؛ ويعني: أجمل النساء.
*** كانديا ( أو الخندق المحاط بالأسوار) الاسم العربيّ لمدينة هيراكليون عاصمة جزيرة كريت الحالية.فلها أكثرمن اسم.
**** كناية عن لعبة الروليت…
الأخ سفيان العفتان : أشكرك على تعليقك الجدير بالتقدير.وآسف لتأخّري الردّ عليه؛ لأنني بعد مـــرور(24 ) ساعة لا أعود لما نشرته إلا لمامًا أو مرور مصادفة…وللتو فقط قرأت تعليقك؛ أعدك بقصيدة كلوحة تشكيليّة جديدة إنْ شاء الله؛ ستقرأها لتراها كلوحة واضحة الخطوط والصورة تجمع: أمس واليوم وغدًا في رسم كلمة.