عمان- ليث الجنيدي: أعاد الأردن في 9 سبتمبر الجاري، تفعيل العمل بقانون “خدمة العلم” (التجنيد الإلزامي)، بعد 29 عاما على وقفه، في ظل تطورات لافتة تشهدها المملكة حاليا على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
قرار لم يستغرق وقتا طويلا للإعلان عنه، فما إن تحدث رئيس الوزراء، عمر الرزاز، قبل ذلك بيومين،عن عودة جزئية له، حتى صدر القرار ليدخل حيز التنفيذ بدءا من العام الجاري.
ظروف متشابكة يعيشها الأردن، ولا يمكن الفصل بينها، ومنها التطورات السياسية المتمثلة بأزمات دول الطوق وأثرها المباشر على المملكة، والتي لا يمكن إغفال تداعياتها الاقتصادية.
رديف للجيش
المحلل العسكري، اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، أشار إلى وجود جدل حول عودة تفعيل قانون “خدمة العلم” بشأن إذا كانت الأسباب سياسية أم اقتصادية.
وتابع: “أعتقد أنه يخدم الجانبين، فتدريبات الجيش تساعد على صقل شخصية ومهارات متلقيها، وهي منفعة تعطي مهارات يمكن أن تساعد على التنمية في المستقبل وبناء مؤسسات الوطن”.
وأضاف: “على الجانب الاقتصادي، فإن البرنامج يخفف البطالة نوعا ما إلى فترة قصيرة الأمد، ويغير الثقافة لهذا المنتمي ولمن دخل إلى التدريبات، ويدعم المؤسسات من خلال الخبرات التي يتلقونها”.
وصعد معدل البطالة في سوق العمل الأردنية إلى 23 في المئة في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع 19 في المئة نهاية 2019.
وقالت دائرة الإحصاءات العامة في بيان مؤخرا، إن نسبة البطالة بين الذكور بلغت 21.5 في المئة، مقابل 28.6 في المئة للإناث، في الربع الثاني من 2020.
واستطرد أبو نوار: “خدمة العلم تعلم الانضباطية واحترام الوقت وأهميته وترسيخ مفهوم الهوية الوطنية، إضافة إلى أن من يخضعون له سيكونون رديفا للقوات المسلحة بمزيد من التدريب للعمليات القتالية عند الحاجة”.
تكاليف إضافية
وزير الإعلام الأردني الأسبق، محمد المومني، له وجهة نظر مختلفة، بقوله إن “عودة تفعيل خدمة العلم ستكلف الخزينة أعباء مالية كبيرة، إضافة لما ستحمله القوات المسلحة أيضا من عبء سيزيد من مسؤوليتها، في وقت تتحمل فيه واجبا كبيرا يتمثل بحماية حدود المملكة من تداعيات الأزمات التي تمر بها الدول الشقيقة المجاورة، فضلا عن مشاركتها المميزة في مواجهة وباء كورونا، وغيرها الكثير”.
وتابع المومني: “خدمة العلم لن تقضي على البطالة أو تخففها، بل ستؤجلها إلى حين، وبالتالي فإن تفعيلها في هذا الوقت بالذات ما هو إلا مسألة ترحيل زمني لهذه المشكلة، دون حلها بشكل صحيح من خلال تعزيز التنمية وما لها من أثر مباشر في التخفيف منها”.
واعتبر أن “الحل الأنجع هو تفعيل هذا البرنامج لأبنائنا خلال مراحل تعلمهم في المدارس الحكومية والخاصة، لإزالة أي تفرقة طبقية، عبر تخصيص جزء من المناهج لهذه الغاية، التي من شأنها تعزيز الروح الوطنية والانتماء بمرحلة عمرية مبكرة، دون الحاجة لأية تكاليف نحن بغنى عنها”.
شرط الضمان الاجتماعي
أما طلال صيتان الماضي، وهو أحد أبرز شيوخ عشائر الأردن، فرأى أن “أي مشروع تطرحه الحكومات له إيجابيات وسلبيات، وهذا يعتمد بالعادة على جسر الثقة الذي يربط المواطن بحكومته”.
وأردف الماضي: “المشروع له إيجابيات من حيث صقل شخصية الشاب بطابع الجدية والنظام الذي يتحقق بالروح العسكرية، وتقويم السلوك المجتمعي لدى الشباب، وتكوين علاقات اجتماعية مختلفة والتعرف على ثقافات اجتماعية جديدة”.
وزاد بأنه “يُكسب الشباب الخبرات العملية بناء على تخصصاتهم أو اكتساب مهن أخرى، وأخذ خبرة لمده سنة تساعد الشاب في دخول سوق العمل أو إنشاء مشاريع صغيرة تعتمد على تلك الخبرة المكتسبة”.
لكنه لفت إلى أن “هناك شرط غير واضح، وهو إعفاء من يمتلك رقم انتساب في الضمان الاجتماعي (أي ليس عاطلا عن العمل)”.
ورأى أن “هذا مدعاة تخوف بأن المقصود من ذلك هو إلزام الشباب بالاشتراك في الضمان الاجتماعي”.
وختم: “لذا نتمنى على المسؤولين أن يُعاد النظر بشروط من يلزم بهذه الخدمة، بأن تكون أكثر عدالة ومساواة، حتى تكون القناعة لدى الشباب بأن الكل مطلوب منه أداء هذا الواجب الوطني”.
وكان وزير العمل الأردني، نضال البطاينة، أوضح معايير من سيتم استدعاؤهم للخدمة العسكرية، وبينها “أن يكون الشخص بدون عمل، فلا تكون له اشتراكات فعلية بالضمان الاجتماعي خلال السنة الأخيرة التي تسبق تاريخ استدعائه لخدمة العلم”.
آثار سلبية
مازن مرجي، وهو أكاديمي ومحلل اقتصادي، قال إن “خدمة العلم برأيي، بهذه الصورة، هي محاولة تخفيض رقم نسبة البطالة بتحويل جزء من العاطين عن العمل بشكل رسمي إلى أن يصبحوا عاطلين عن العمل بصفة أخرى، وهي البطالة المقنعة”.
ومضى مرجي: “هذا سيؤدي إلى التلاعب برقم البطالة، ليبدو وكأنه إنجاز، وهذه الحكومة معروف عنها التلاعب بالأرقام”.
وحذر من أن “الآثار الاقتصادية ستكون سلبية، مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة المديونية إلى 32 مليار دينار (أكثر من 45 مليار دولار)، وهي 101 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة خطيرة جدا”.
واستدرك: “التراجع المستمر في القدرة الشرائية أدى ويؤدي إلى تراجع في الطلب الكلي على السلع والخدمات نتيجة إجراءات مكافحة كورونا وما سبقها من إجراءات حكومية، وهذا كله سيؤدي إلى تراجع الإنتاج وفرص العمل المتاحة، ويبدو هذا جليا بالنمو السالب للناتج المحلي الإجمالي”.
وستكون مدة الخدمة، وفق ما أعلنته الحكومة، 12 شهرا، يتم خلالها منح المكلف مبلغا شهريا مقداره 100 دينار (140 دولارا)، ويتلقى تدريبا عسكريا مدته ثلاثة أشهر.
وأعلن وزير العمل عن بدء تطبيق الخدمة العسكرية الإلزامية العام الحالي باستدعاء خمسة آلاف شاب من مواليد 1995، على أن يتم استدعاء 15 ألف شاب العام القادم.
وصدر “قانون خدمة العلم الأردني” عام 1976، وجرت عليه تعديلات عديدة، قبل وقف العمل به عام 1991.
وقبل إعلان عودته، كان الجيش الأردني والأجهزة الأمنية المختلفة يتبع خيار التجنيد الاختياري، لتلبية احتياجاتها من الأفراد والضباط، لمن بلغ سن الـ18 ولم يتجاوز الـ27، عبر شروط خاصة.
(الأناضول)
بغض النظر عن الدوافع الاقتصادية…التجنيد الإجباري شيء مهم في حياة ومسار الشباب ولكن لمدة لا تتجوز ٦ أشهر في تصوري.. ولكن المثير للتساؤل والحيرة في دولنا العربية هو مفهوم الوطنية والجري وراء محاولة تثبيتها في ذات الافراد ة وكنهم بغير وطنية.. لن اسمع بهذا أو ربما نادرا في بقية الدول. …كل يحب الوطن والوطنية تولد معنا فدعونا من الشعارات والمزايدات وبيع اوسمة الوطنية للناس وهم صناعها
لا بل صنع رجال لتحمل المسؤليه والاعتماد على النفس بنظري من لم يخدم في الجيش العربي لن يعرف ما هي التضحيه والانتماء والنضام