غزة: إقبال كبير على تخزين المواد التموينية خوفاً من فقدانها وارتفاع أسعارها

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

تشهد أسواق قطاع غزة ومعظم المحال التجارية، حركة كبيرة من قبل المواطنين لتخزين العديد من السلع التموينية الأساسية، ومن أبرزها الدقيق والسيرج والذرة والسكر والمعلبات، وذلك مع تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية، والخوف من توقف عمليات الاستيراد نتيجة قطع طرق الإمداد، وفقدانها وارتفاع أسعارها في الأسواق.
ومع تضارب تصريحات الجهات المعنية حول عدم وجود أي مخاطر على المخزون من السلع الغذائية وطمأنة المواطنين على الوضع الجاري، بدأ خوف المواطنين يزداد ولوحظ وجود اهتمام واسع بتخزين السلع، بسبب القلق من فقدان للسلع الضرورية خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع احتدام الصراع الروسي الأوكراني وزيادة حدة العقوبات المفروضة على روسيا، واحتمالية نشوب حرب عالمية ثالثة تلقي بظلالها على الشرق الأوسط.
وتستورد فلسطين كغالبية الدول العربية، ما يقارب من 60 في المئة من احتياجاتها للحبوب من روسيا وأوكرانيا إضافة إلى فرنسا ورومانيا، لكن لروسيا وأوكرانيا ثقل دولي خاص في توريد العالم العربي بالحبوب، نظراً لسعرها المنخفض في البلدين مقارنة بالأوضاع المعيشية داخل البلدان العربية.
ويثير استمرار الحرب في أوكرانيا بعد الاجتياح الروسي المستمر منذ أسبوعين، مخاوف من انفجار أزمة غذائية في عدة بلدان عربية، تستورد الحبوب وخاصة القمح إضافة إلى أنواع الزيوت المختلفة من روسيا وأوكرانيا، في حين توجه هذه الدول إلى بلدان أخرى لاستيراد هذه المادة الحيوية والضرورية في حياة الشعوب العربية، سيزيد من رفع أسعارها ما سيضاعف المعاناة المعيشية في هذه الدول ويهدد أمنها الغذائي.
وحذر معهد الشرق الأوسط للأبحاث، من أنه إذا أوقفت الحرب الروسية إمدادات القمح للعالم العربي، فإن ذلك سيؤدي إلى مجاعات داخل بلدان عربية عدة، بسبب رغيف الخبز، الذي يعتبر مصدر غذاء أساسيا للأسر في البلدان العربية بشكل عام. كما حذر رئيس برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي، من أن الصراع في أوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم، ما سيكون له تأثير فادح على سكان الدول الفقيرة، ويعرض المزيد من الناس في جميع أنحاء العالم لخطر المجاعة.
ولم يقف الغلاء عند المواد الغذائية، بل أن أسعار الذهب والأسمنت والحديد تشهد ارتفاعاً حاداً على إثر تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال حاتم عاشور صاحب محل تجاري لبيع المواد التموينية، أن هناك اقبالا واسعا من قبل المواطنين على شراء كميات كبيرة من السكر والسيرج، خوفاً من نفاد هذه الأصناف من السوق المحلي، كونها مواد أساسية منزلية يتم استخدامها بشكل يومي وفقدانها يشكل عائقا على المواطنين.
وبين عاشور لـ«القدس العربي» أن أسعار السلع التموينية المهددة بالنفاد، والتي يتم استيرادها من دول أوروبا وخاصة من أوكرانيا، ومنها الزيوت والقمح وبعض السلع الأخرى للعالم، لم يرتفع بعد إلا في بعض المحال التجارية وهذا احتكار من قبل أصحابها، مشيراً إلى أن لديه كميات كبيرة من أصناف السلع الأساسية ولم تنفد، رغم إقبال المواطنين على الشراء بشكل كبير.
وأشار إلى أن إقبال المواطنين بشكل جنوني على شراء المستلزمات الأساسية، سيشكل أزمة داخل الأسواق والمحال التجارية، وسيخلق واقعا داخليا صعبا، خاصة وأن لا أحد يعلم أين يتجه العالم وماذا سيحدث خلال الأيام المقبلة.
ومع تسارع المواطنين وأصحاب المخابز على تخزين الدقيق والسيرج، دعت جمعية حماية المستهلك المواطنين والمخابز، إلى عدم التدافع للتخزين خوفاً من أي نقص بالكميات، خصوصاً أن هذه السلع تفسد بشكل سريع ولا تتحمل التخزين في ظروف غير مناسبة، مؤكدةً أن مخزون الدقيق والسيرج وبعض السلع الأخرى في فلسطين بشكل عام يكفي لأشهر، وإن عمليات استيراد القمح والسلع الأخرى لا تزال مستمرة.
من جهته قال المختص في الشأن الاقتصادي ماهر الطباع إن الحرب الروسية الأوكرانية، ربما يكون لها تداعيات سلبية على فلسطين بشكل خاص والعالم بشكل أجمع، نتيجة اعتماد مناطق الشرق الأوسط على الواردات من السلع الأساسية التموينية، التي لا يمكن الاستغناء عنها وفقدانها يتسبب بمجاعات، فالعديد من الدول العربية تستورد القمح سواء من روسيا المصدر الأول للعالم، أو من أوكرانيا التي تحتل المرتبة الثالثة عالمياً.
وبين الطباع لـ«القدس العربي» أن وصول فلسطين بشكل عام لمرحلة المجاعة، أمر مستبعد مقارنة بالدول العربية الأخرى، بسبب وجود وكالة الغوث الأونروا التي تعتبر صمام أمان للاجئين، وتقدم لهم شهرياً كافة المواد التموينية الأساسية، ولديها داخل المخازن كميات كبيرة جداً من السلع الأساسية، وهذا يخفف من احتمالية وقوع أي أزمات لاحقاً فيما يخص نفاد السلع الأساسية من الأسواق.
وأشار إلى أن اقتصاد فلسطين مرتبط باقتصاد إسرائيل، كما أن غزة تستورد غالبية السلع من الجانب الإسرائيلي عبر القناة التجارية معها، ولذلك لم نشهد أي أزمات داخل إسرائيل حول نقص في السلع والمواد الأساسية، فما تتأثر به إسرائيل تتأثر به فلسطين، لذلك من السابق لأوانه الحديث عن احتمالية حدوث أي عجز أو نقص في السلع الأساسية حاليا.
ودعا الجهات الحكومية المختصة في قطاع غزة، على العمل لمنع التجار من تخزين السلع واحتكار بيعها، ومراقبة عمليات البيع داخل الأسواق والمحال التجارية، لأن الاحتكار والتخزين يسببان حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، ويدفعان المواطنين إلى إهدار أموالهم وخلق حالة من التوتر والقلق النفسي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية