قبل نحو أسبوع عقد اجتماع لإحدى كتائب الذراع العسكري لحماس في حي الشيخ رضوان في غزة. بعد المتحدثين – أبو حمزة، الناطق بلسان الذراع العسكري، وعضو البرلمان مشير المصري – وعدوا المشاركين في ان تجري المعركة القادمة ضد إسرائيل «على مشارف عسقلان والنقب»، تلميح بنية حماس استخدام أوسع للانفاق للتسلل إلى الاراضي الإسرائيلية ونقل المعارك إليها.
ولكن في نفس الاجتماع شرح المتحدثون بان «ليس هذا هو الوقت لاستئناف المعركة». ويؤكد هذا الأمر التقدير في جهاز الأمن بان إسرائيل حققت الردع الذي أضعف رغبة حماس باستئناف المعارك.
«نحن نعرف بان حماس تعترف بانها تلقت في الحرب الأخيرة ضربات شديدة»، يقول في حديث مع «معاريف» – سوف هشفوع، «العقيد م. رئيس ساحة المعركة الفلسطينية في شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي. «كضابط استخبارات أحاول ان انظر إلى العدو وإلى المعركة في محاولة لان افهم كيف يرونها. من ناحيتهم في الميزان سلبي وان كان فيه انجازات».
«مثلا، عدد أيام الحرب لديهم هو 51 يوما، خلافا لعدده عندنا والذي هو 50 يوما، وذلك لانهم يحسبون ايضا اليوم الذي سبق الحرب والذي اطلقوا فيه عشرات الصواريخ نحو إسرائيل ردا على موت ستة نشطاء في نفق.
ثمة في ذلك أيضا رغبة في ان يظهروا بان هذه كانت حربا بمبادرتهم من أجل إحداث تغيير اقتصادي – ما يسمونه رفع الحصار – في وضع غزة. وحسب فهمهم فقد نجحوا في الصمود لزمن طويل امام الجيش الإسرائيلي القوي، ومسوا بنسيج الحياة في إسرائيل ودفعوا قسما من السكان في غلاف غزة إلى المغادرة. هذه هي الانجازات التي يتحدثون عنها، وبالتأكيد علنا. ولكن يجري عندهم، ولا سيما في البعد العسكري، عملية استخلاص دروس ايضا. وهم على وعي بالضربة الشديدة التي تلقوها والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية المدنية والبنى التحتية لحكمهم في غزة».
ستة اسابيع مرت منذ نهاية الحرب التي جبت حياة 73 جنديا ومواطنا ونحو 2.300 فلسطيني. وحسب معطيات وكالة الغوث، بقي نحو 80 الف نسمة بلا مأوى، إثر تدمير الاف المنازل. «لقد كانت هذه هي المواجهة الأشد بين إسرائيل والفلسطينيين منذ حرب لبنان في 1982. ولا بد ان هذه كانت التجربة العسكرية الأكبر لحماس منذ تأسيسها»، يضيف العقيد م. «التهدئة الامنية والهدوء منوطان كثيرا جدا فيما اذا كانت ستتحقق تهدئة مدنية واستقرارا اقتصاديا. مستقبل غزة – ومن هذه الناحية مستوى التهديد الذي يحدق منها على إسرائيل ايضا – منوط بالاقتصاد. وتعزي حماس أهمية كبيرة للموضوع المدني. القصة الكبيرة في غزة هي القصة المدنية. الاعمار. لقد بدأت حماس تنتج وتنشر بضع مئات من الأكواخ، من انتاج ذاتي، للأحياء في شرق خانيونس وبيت حانون. وبالطبع هذا قليل جدا ولا يكفي، ولا سيما قبيل حلول الشتاء، ومن هنا، ولان القطاع في دمار شامل، مهم لهم ان يسرعوا ما نسميه نحن «اقامة مديرية الاعمار»».
قبل نحو أسبوع أعيد من جديد إقرار اتفاق الشاطئ الذي وقع في نيسان/ابريل بين م.ت.ف وحماس. وهذا هو الاتفاق الذي شق الطريق لاقامة حكومة المصالحة الوطنية. «الاتفاق يرمي إلى تحقيق ثلاث مسائل مركزية» يشدد رئيس ساحة المعركة الفلسطينية. «الاولى هي موضوع المعابر. في هذا الموضوع أوضحت حماس بان لا معارضة لديها في ان تسيطر السلطة عليها. ومع ذلك لا يوجد بعد قرار إذا كانت السلطة ستبعث إلى مهمة المعابر برجال الحرس الرئاسي ام ستجند من بين رجالها في غزة. والمسألة الثانية هي إعمار البنى التحتية في القطاع باسرع وقت ممكن قبل الشتاء. وفي حماس يأملون بان تدفع الاموال، البضائع، المواد الخام والمباني الجاهزة – ويمكن ان يكون هذا من السعودية، قطر أو من اتحاد الامارات.
«الموضوع الثالث هو رواتب الموظفين. تأمل حماس في ان يتشكل جهاز دولي لتحويل الأموال. وتحدث رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله عن جهة ثالثة تحول الرواتب. وتتخذ السلطة الحذر الشديد في هذا الشان. فهي لا تريد ان تظهر كمن تمول موظفي حماس وتخشى ان يتسرب المال إلى الذراع العسكري وتمويل أهداف عسكرية لحماس. وتجري السلطة تمييزا واضحا بين الموظفين في الوزارات المدنية كالبريد، الزراعة، الصحة، المواصلات العامة، وبين هيئات مثل وزارة داخلية حماس، التي من خلالها تعمل شرطة حماس والامن العام.
«نحن لا نعرف. هذا موضوع للمباحثات بين السلطة والمصريين الذين يريدون ان يروا تواجدا للسلطة في غزة. ويجري هذا الموضوع بوتيرة مصرية. اليوم مفتوح المعبر للحجاج، لجمع شمل العائلات، للطلاب وللحالات الطبية. وبالإجمال نحن نرى ان حماس مستعدة لان تدفع ثمنا رمزيا في شكل تواجد للسلطة على ان تحل المسائل الثلاثة التي احصيتها بسرعة. وخلف كل هذا يمكن ان تنشأ قصة اكبر.
«لاول مرة منذ 2007 توجد إمكانية موطئ قدم للسلطة الفلسطينية في غزة. ولكن محظور الوقوع في الأوهام. حتى لو عملت حكومة المصالحة وحتى لو كان هدوء في القطاع، فان حماس لن تتنازل عن انجازاتها الجوهرية. وهذا بالاساس هو الذراع العسكري وقدراته. وستحاول حماس العودة لانتاج الصواريخ واستكمال المخازن وكذا تجنيد قوة بشرية بدل اولئك الذين قتلوا وجرحوا. ونقدر بانهم يعودون رويدا رويدا منذ الان إلى انتاج الوسائل القتالية، بما في ذلك الصواريخ وبناء الانفاق وهذا سيتصاعد، وان كان بالطبع ليس بالحجوم والوتيرة التي كانت قبل الجرف الصامد».
ماذا بشان مكانة خالد مشعل؟ هناك تقارير عن ان مكانته ضعفت وربما سيطلب إليه مغادرة قطر والانتقال إلى تركيا.
«لا اعرف عن انتقاله من قطر إلى تركيا. فلا يزال مشعل هو الذي يصدر النبرة في الحركة. ورغم الانتقاد عليه – في الصحافة الفلسطينية كتبوا عنه بتعابير جهاد الفنادق – فانه يصمم استراتيجيتها. رغم كل شيء يبقى الجهة المركزية في حماس».
معاريف الأسبوع 3/10/2014
يوسي ميلمان