تبدو غالبية مصانع قطاع غزة فارغة من الأيدي العاملة ذات الكفاءة العالية، ولا سيما مصانع الخياطة والمواد الغذائية، وذلك بعد أن فضل العاملون فيها الذهاب إلى الداخل المحتل، والعمل في المصانع الإسرائيلية التي توفر فارق أجور أكبر بكثير من الذي يحصل عليه العاملون في غزة، حيث يتقاضى العامل حدا أدنى للأجور في غزة 1450 شيقلا شهرياً، بينما يتلقى العامل في إسرائيل 4000 شيقل.
وتقدم إسرائيل تسهيلات اقتصادية لسكان قطاع غزة، وذلك ضمن الجهود الأممية في أعقاب معركة سيف القدس بين حماس وإسرائيل، ومنها تخفيف وطأة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، من خلال السماح للعمال بالخروج للعمل داخل إسرائيل، والسماح بإدخال السلع والبضائع التي تفرض إسرائيل حظراً على إدخالها، حيث يعيش أكثر من مليوني نسمة في قطاع غزة تحت حصار إسرائيلي منذ سيطرة حماس على السلطة في عام 2007 وتنتشر البطالة والفقر في القطاع بنسب مرتفعة.
وفتحت وزارة العمل التابعة لحكومة حماس في غزة ولأول مرة، باب التسجيل للراغبين من العمال في التوجه إلى الداخل المحتل والعمل في المهن المختلفة، وذلك ضمن شروط وضعتها على الراغبين في التسجيل، وبينت الوزارة أن الخطوة تهدف إلى الحد من نسبة البطالة المرتفعة في قطاع غزة.
وأعلنت جهات حكومية إسرائيلية، أنها بصدد زيادة عدد العاملين الفلسطينيين الذين تسمح لهم إسرائيل بدخول أراضيها من قطاع غزة، في خطوة لتعزيز الهدوء الهش بين الجانبين، فيما ذكر مكتب تنسيق الحكومة في المناطق التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إن ثلاثة آلاف شخص إضافي من غزة سيسمح لهم بدخول إسرائيل للعمل، ما يرفع عدد التصاريح الجديدة التي أعلنت مؤخراً إلى عشرة آلاف، والقرار مشروط باستمرار الحفاظ على الاستقرار الأمني في قطاع غزة.
وقال المراسل العسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل، إن السياسة الإسرائيلية بالنسبة لقطاع غزة تقوم حالياً على كسب الوقت، من خلال طمأنة حماس بوجود خطوات يتم اتخاذها لدعم الاقتصاد، في المقابل إن السياسة الجديدة تجاه غزة لا تعني أن إسرائيل لن ترد على أي محاولات هجومية من غزة.
وتعتبر فئة الشباب وخاصة خريجي الجامعات العاطلين عن العمل، من الأكثر توجهاً للحصول على تصريح عمل في الداخل المحتل، بعد أن تعثرت بهم السبل بسبب غياب الحصول على فرص عمل تناسب تخصصاتهم الجامعية.
في سياق ذلك يقول الشاب سامح راضي 29 عاما والذي يعمل في مصنع لصناعة الشيبس في المنطقة الصناعية شرق مدينة غزة، أنه يحاول منذ أشهر الحصول على تصريح عمل في المصانع الإسرائيلية، بسبب فارق الأجر الذي يتقاضاه العمال داخل إسرائيل.
وأوضح لـ«القدس العربي»: أنه يتقاضى راتبا شهريا 1600 شيقل إسرائيلي في عمله الذي يتعدى يومياً 14 ساعة عمل متواصلة، في المقابل يتقاضى العامل في مثل المهنة داخل إسرائيل ما يقارب من 5000 شيقل شهرياً، وهذا الفارق الكبير في الأجور يدفعه إلى محاولة العمل في إسرائيل.
وأشار إلى أن هناك العديد من زملائه وأقاربه، تمكنوا من الحصول على تصاريح للعمل في مهن مختلفة داخل إسرائيل، عازياً التوجه إلى حاجة العمال تأمين مستقبلهم، الذي يصعب عليهم في قطاع غزة، بسبب فارق الأجر.
وقال مدير عام الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع إن زيادة عدد الغزيين العاملين في إسرائيل، سيؤدي إلى حل جزئي لأزمة البطالة والفقر التي يعاني منها القطاع، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن عائدات القطاع ستزيد في حال ارتفع عدد العمال الوافدين إلى إسرائيل.
وبين الطباع لـ«القدس العربي»: أن أصحاب الشركات والمصانع داخل إسرائيل، يرغبون باستقطاب الأيدي العاملة الفلسطينية عن غيرها، نظراً للكفاءة التي يتمتع بها غالبية العمال الفلسطينيين من ذوي الخبرة، خاصة عمال البناء والخياطة والمطاعم وغيرها.
وأوضح أن السبب الرئيسي لنقص العمال في قطاع غزة، هو توجه الغالبية للعمل في الداخل المحتل.
ولفت إلى أن إن قلة الأيدي العاملة في مصانع غزة، تأتي بالتوازي مع الإحصائيات التي تفيد بارتفاع معدل البطالة، موضحاً أن في غالبيتها بطالة أكاديمية لأصحاب الشهادات الجامعية، ممن يرفضون العمل في غير مجال تخصصاتهم.
وتابع إن هجرة العمال بشكل متواصل من مصانع غزة، يشكل انعكاسات سلبية على عملية الإنتاج، إلى جانب تراجع اقتصادي في أسواق القطاع، ويهدد ذلك بإغلاق المصانع، مطالباً الجهات الحكومية، برفع الحد الأدنى للأجور في غزة مقارنة بالغلاء المعيشي.
يشار إلى أن إسرائيل سمحت مؤخراً باستئناف دخول الأموال القطرية لغزة، ضمن تسهيلات أخرى سابقة شملت زيادة منطقة الصيد إلى 15 ميلاً بحرياً، وزيادة في إدخال البضائع عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، وفي إمدادات المياه وزيادة عدد التجار والعمال.