مع التحسن الكبير والملحوظ الذي تعيشه غزة بعد وصول الكهرباء إلى منازل المواطنين وكافة المنشآت الصناعية على مدار الـ24 ساعة متواصلة لأول مرة منذ 12 عاماً، استبشر أصحاب المنشآت التجارية والصناعية في غزة خيراً في أن يعوضوا خسائرهم المالية جراء استخدام بدائل الطاقة المرهقة والمكلفة. حيث شكل إدخال الوقود القطري لمحطة الكهرباء الوحيدة في غزة وتشغيل عدد أكبر من المحولات نقلة نوعية على واقع الكهرباء وانعكس ذلك بشكل إيجابي على كافة مناحي الحياة، وعلى المواطنين الذين غمرت الفرحة وجوههم وتخففت الأعباء عليهم.
وتشكل الطاقة الكهربائية إحدى أهم الأدوات الأساسية لتشغيل المنشآت الصناعية، حيث أن تراجع إنتاج هذه المصانع وخسائرها الفادحة التي تتكبدها يعود إلى ضعف القوة الإنتاجية لغياب المصادر الأساسية المشغلة لتلك الآلات والتي تحتاج إلى جهد كهربائي كبير، فبعد أن تحسن جدول توزيع الكهرباء بدأوا بتشغيل عدد كبير من الآلات، تمهيدا لزيادة الإنتاج وتحقيق طفرة ونقلة نوعية تعوض خسائرهم.
يقول صادق الفيرى صاحب مصنع خياطة يضم عشرات العمال، أن التحسن الكبير الذي طرأ على جدول الكهرباء شكل نقلة نوعية كبيرة في أول أسبوعين على إيرادات المصنع الاقتصادية، وفي حال أستمر وضع الكهرباء على هذا الحال فسيتم تشغيل الأيدي العاملة. وتمكن الفيرى من مضاعفة طاقة المصنع الإنتاجية من خلال توفير عدد كبير من العمال وتشغيل مزيد من الآلات التي لم يكن قادراً على تشغيلها سابقاً.
وأضاف لـ “القدس العربي” أن سير العملية الإنتاجية يحتاج بشكل أساسي للطاقة الكهربائية إذ يشكل انقطاع التيار الكهربائي أزمة حقيقية تتعلق بتشغيل المولدات الكهربائية لساعات قليلة نظراً لارتفاع تكلفة المحروقات التي تستنزف مبالغ كبيرة وهذا شكل لنا خسائر تتعلق بضعف القدرة الإنتاجية إضافة إلى تسريح عشرات العمال ولكن مع هذا التحسن عاد العمال لتشغيل مزيد من الآلات.
وعبر يزيد درويش صاحب ورشة حدادة، عن بالغ سروره من تحسن جدول الكهرباء والذي انعكس على واقعه الاقتصادي إيجابا، بعد أن فتحت ورشته أبوابها أمام الزبائن.
يقول درويش لـ”القدس العربي” أن الطاقة الكهربائية هي عصب الورشة التي يمتلكها، فعلى الرغم من وجود مولدات كهربائية إلا أن الجهد الكهربائي الكبير الذي تحتاجه آلات الورشة لا يمكن لأي مولد صغير تلبيته وهذا ما جعله يغلق ورشته.
وأكد الخبير الاقتصادي ماهر الطباع لـ “القدس العربي” أن واقع الحركة الاقتصادية في غزة تطور بنسبة 50 في المئة وذلك بعد التحسن الكبير الذي طرأ على جدول الكهرباء الذي أثر إيجابياً على واقع الحركة الاقتصادية، من خلال تشغيل مزيد من الأيدي العاملة في بعض المنشآت، وزيادة الطاقة الإنتاجية تزامناً مع التخلص من بدائل الطاقة المرهقة.
وأضاف الطباع أن هذا التحسن الملحوظ يعتبر من الحلول المؤقتة، وذلك في ظل انحسار منحة قطر من الوقود والمقررة إلى 6 شهور حيث أن هذا الانتعاش لن يدوم بعد انتهاء كميات الوقود المقدمة. في حين أن كل هذا مرهون بالواقع السياسي الفلسطيني الإسرائيلي فبأي لحظة من الممكن عودة الأمور إلى سابق عهدها، لذلك الواقع الاقتصادي يحتاج إلى حلول دائمة تتضمن استمرار وصول الكهرباء، بالإضافة إلى تسهيل الحركة التجارية على معابر غزة.
ويعاني أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة من العديد من الأزمات المتراكمة وأهمها أزمة انقطاع التيار الكهربائي والتي تدخل عامها الثاني عشر منذ تولي حكومة حماس زمام الأمور، حيث شكل الوقود القطري الذي دخل إلى محطة الكهرباء ضمن اتفاقية قائمة على تخفيف الحصار مقابل الهدوء على حدود قطاع غزة، طفرة انتعاش اقتصادي محدودة لكن ربط هذا التحسن بأثمان سياسية يجعل من التحسن الملحوظ في سياق الحلول المؤقتة لواقع الكهرباء أمراً مجهولا قد ينتهي في أي وقت.