لا يكاد يخلو شارع رئيسي في قطاع غزة من بائع أو أكثر للقطايف والعصائر الطبيعية والمخللات، وتزدهر جميع هذه الأكلات استثنائياً في شهر رمضان، كونها أطباق مفضلة تزين موائد الإفطار، كما أن كلفتها المادية في متناول كافة العائلات. ومع حلول شهر رمضان الكريم، تنتعش هذه المهن في قطاع غزة لتتصاعد آمال العاملين فيها بتحقيق دخل يساعدهم على توفير متطلبات الحياة القاسية.
في صبيحة كل يوم من أيام شهر رمضان، يبدأ بائع القطايف وليد العكلوك بترتيب بسطته في سوق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، بتجهيز حلوى القطايف الرمضانية الشهيرة، استعداداً لبيعها للزبائن القادمين إلى السوق.
يقول العكلوك (53) عاماً والذي يعمل بصحبة أبنائه الثلاثة، الذين يجدون في رمضان فرصة رزق تعيل أسرهم، إن مهنة بيع القطايف متوارثة داخل العائلة، منذ قرابة 50 عاماً، و»نحرص على توريثها لأبنائنا لما في هذه المهنة من مصدر دخل وفير خلال الشهر قياسا صناعتها بباقي أيام العام».
ويقول لـ»القدس العربي»: «خلال شهر رمضان الفضيل، تعج الأسواق بالحاجيات المختلفة وتبرز أطعمة تعطي صاحبها فرصة جيدة في البيع، كالقطايف وفوانيس الأطفال والزينة، وبيع الخروب والمخللات ومهنة المسحراتي وغيرها من المهن».
ويضيف البائع، إن شهر رمضان شهر رزق وخير وبركة، فكثير من الشباب العاطلين عن العمل يجدون فرص واسعة لبيع كل ما يتعلق بطقوس الشهر الفضيل من أطعمة وزينة، وسط إقبال واسع على حركة الشراء سواء في الأسواق العامة أو المحال التجارية المنتشرة في شوارع القطاع.
الشاب وسيم عياد اعتاد أن يبيع منذ 5 أعوام المخللات في الأسواق المركزية المنتشرة في القطاع خلال شهر رمضان، حيث يزداد الإقبال على شراء هذه الأطعمة والتي تزين بشكلها الملون وطعمها موائد الصائمين.
ويقول وسيم (26) عاماً أن عمله في هذه المهنة مدر للمال، نظراً للإقبال الكبير بشكل يومي من قبل المواطنين لشرائها، على اعتبار أن المخللات من الأطعمة المحببة على السفرة الغزية وتعطي نكهة رائعة للأطعمة.
ويؤكد وسيم لـ»القدس العربي» أن مهنته وفرت لعدد كبير من الشبان مصدر رزق مؤقت خلال هذا الشهر، حيث يعمل معه 8 من الشباب العاطلين عن العمل موزعين على أسواق القطاع، يخرجون من ساعات ظهر كل يوم ويعودون مع ساعات الغروب، بما جلبوه من رزق وكذلك هو الحال طيلة أيام الشهر الفضيل.
وتعتبر العصائر الطبيعية كالخروب وعرق السوس والكركديه من المشروبات الرئيسية التي لا تغيب عن موائد الصائمين، نظراً لحرص الصائمين لتناول المشروبات الباردة خلال الشهر الفضيل.
يقول الشاب شوقي عامر إن العصائر تعتبر من المشروبات الأساسية للصائمين خلال شهر رمضان، فهي تحتوي على فوائد صحية تعوض النقص الذي يتعرض له الصائمون بعد ساعات طويلة من الصيام وتروي عطشهم.
ويوضح عامر لـ»القدس العربي» من فوائد عصير الخروب، أنه يحتوي على نسبة عالية من الألياف التي تحد من الإصابة بالإمساك، كما يحتوي على العديد من الفيتامينات الهامة للجسم كفيتامين (أ) الذى يحد من الإصابة بأمراض نقص المناعة، وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.
وقال المختص في الشأن الاقتصادي سمير حمتو، إن شهر رمضان يمثل فرصة عمل جيدة للبائعين لا يجدونها في الأشهر الأخرى، لأن الموطنين يحبذون بعض الأكلات والمشروبات خلال الشهر، وبالتالي يجد بائعوها فرصة لتحقيق الربح عبر بيع كميات أكثر.
وأضاف لـ»القدس العربي» إن «الانتعاشة التي تحدث في الأسواق خلال شهر رمضان، تعود بالفائدة على أغلبية القطاعات، وتعمل على دوران عجلة الاقتصاد المهترئة بفعل الحصار والوضع المتردي في قطاع غزة».
وبين أن الإقبال الكبير على العمل في تلك المهن، يأتي نتيجة ارتفاع معدلات البطالة والفقر في قطاع غزة بسبب الحصار والإنقسام، وفرص البيع تعني تقليل معدلات البطالة المنتشرة في غزة.
ويعاني قطاع غزة من أزمات عديدة على رأسها ارتفاع معدلات البطالة التي تتجاوز 58 في المئة، ليبلغ عدد العاطلين أكثر من ربع مليون، فيما ارتفعت نسبة الفقر لتصل إلى 75 في المئة، وزادت نسبة المواطنين الذين يعتمدون على المساعدات الغذائية.