غزة: انعكاسات كورونا على المواطنين خلال شهر رمضان

إسماعيل عبد الهادي
حجم الخط
0

يختلف شهر رمضان هذا العام عن السنوات الماضية بسبب الأزمة التي تخيم على المسلمين في العالم، وطالت مختلف مناحي الحياة والتي نتجت عن فيروس كورونا المستجد، الذي يجتاح دول العالم ويواصل حصد المزيد من الضحايا بشكل يومي في ظل فشل كل المحاولات لإيجاد علاج له، والاستعانة بالأدوية التقليدية الأخرى التي تحدث تحسناً طفيفا على بعض المصابين. وتزامناً مع هذه الجائحة، استقبل الغزيون كباقي بلدان العالم الشهر الفضيل وسط حالة من الحزن والكآبة، بعد أن اجتاح الفقر شريحة واسعة من المواطنين وأبرزها قطاع العمال، بعد أن أحالهم الحجر الصحي العام إلى البطالة القسرية، إضافة إلى غياب مظاهر البهجة والاستعداد والمبادرات التطوعية في أحياء المدينة وحاراتها لاستقبال رمضان، إلى جانب إغلاق الأماكن الترفيهية والمساجد وأبرز ذلك غياب صلاة التراويح، التي تعتبر من أجمل الطقوس الرمضانية بالنسبة للغزيين.

وحل فيروس كورونا كضيف ثقيل على غزة منتصف أذار/مارس الماضي، بعد أن كشفت الجهات الصحية أول حالتين لمسافرين عادا إلى قطاع غزة قادمين من باكستان، وعلى إثر ذلك توقفت عجلة الحياة، بعد أن أصدرت الجهات الأمنية المختصة في غزة، قراراً يقضي بإعلان حال الطوارئ والمترتب عليها إغلاق أماكن التجمعات، بما فيها قاعات الأفراح والمطاعم والمساجد والأماكن الترفيهية، كخطوة احترازية منعاً لتفشي الفيروس بين المواطنين.

ويبدو أن قطاع الأيدي العاملة من الأكثر تضررا من إجراءات كورونا وما خلفته من انعكاسات سلبية على حياتهم المعيشية، بعد أن فقدوا مصدر دخلهم وباتوا يعيشون في ظروف صعبة ولا من ملتفت لأوضاعهم. ويقول الشاب سعدي الشريف الذي يعمل نادلا في إحدى مطاعم غزة، أن توقفه عن العمل منذ قرابة الشهر شكل له أزمة مادية حادة، بعد أن بات عاجزاً عن توفير مستلزمات بيته وحتى عدم قدرته على دفع إيجار البيت الذي يسكن فيه، وأصبح مهددا بالمبيت في الشارع بعد إعطائه مهلة من قبل صاحب البيت للسداد وإلا ترك البيت.

ويقول سعدي الذي يعيل أسرة مكونة من 4 أفراد لـ”القدس العربي” إن مهنته كنادل في قطاع السياحة والفنادق، تعتبر من المهن ذات الأجر المادي الضعيف خاصة في غزة التي تشهد انعداما للنشاط السياحي نظراً للظروف الصعبة “فالمردود المالي الذي أتقاضاه شهرياً لا يكفي في العادة لتوفير ما يكفي أسرتي من احتياجات ضرورية، ولكن ما يزيد الطين بلة أنني كواحد من خمسة آلاف عامل في هذا القطاع وتضرروا من أزمة كورونا، أصبحنا في أوضاع سيئة خاصة مع شهر رمضان، الذي يحتاج فيه المواطن ضعف ما يلزمه عن باقي الأشهر”.

حال الشاب خليل بعلوشة لم يكن أفضل، وهو يعمل بائع ألعاب على إحدى المفترقات العامة في شارع النصر وسط مدينة غزة، وقد تضرر بعد أن باتت شوارع المدينة شبه خالية من المارة ولا يجد من يشتري بضاعته. ويقول لـ”القدس العربي” إن إجراءات كورونا وما ترتب عليها من إلزام المواطنين بتخفيف الحركة في الطرقات والالتزام بالحجر المنزلي، أدت إلى تراجع نسبة البيع خاصة زينة رمضان التي تعتبر من السلع الموسمية ذات المردود المالي الوفير نظراً للطلب المتزايد عليها خاصة من قبل الأطفال، لكن غاب الإقبال هذا العام عليها و”سأضطر للاحتفاظ بالكميات التي لم تجد طريقها للزبائن إلى العام المقبل”.

ويخشى مراقبون اقتصاديون من الآثار السلبية لفيروس كورونا على الواقع الاقتصادي والمعيشي في قطاع غزة، محذرين أنه في حال استمر الإغلاق، فإن ذلك له انعكاسات سلبية ليس على الفئات الفقيرة بل على العديد من القطاعات التشغيلية. وبين الخبير الاقتصادي سمير حمتو أن أزمة كورونا كبيرة وتأثيراتها خطيرة جداً على العمال والمصانع والقطاعين التجاري والزراعي وكذلك السياحة والأعمال والمقاولات، موضحاً أن الوضع الاقتصادي في فلسطين بشكل عام يتدهور بشكل متسارع، بسبب حظر التجول والإغلاقات في الضفة الغربية والقدس ضمن إجراءات مواجهة كورونا، في حين أن الأزمة تزيد في قطاع غزة المنهك اقتصادياً أصلاً بسبب الحصار الإسرائيلي.

وأضاف لـ”القدس العربي” أن على الحكومة الفلسطينية سواء في قطاع غزة والضفة الغربية، العمل وبشكل سريع على دفع تعويضات حتى ولو كانت بشكل رمزي لأصحاب القطاعات التي تضررت بسبب كورونا، بالإضافة إلى تعويض العمال الذين سرحوا قسراً بعد إغلاق المنشآت الصناعية والتجارية أبوابها، في ظل الظروف المعيشية الصعبة والحصار المطبق من قبل إسرائيل، الذي راكم نسب الفقر في أوساط الغزيين.

وقال رئيس جمعية رجال الأعمال في غزة علي الحايك خلال إيجاز صحافي معقباً على الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن كورونا، إن القطاع الصناعي في غزة فقد أكثر من 10 آلاف وظيفة منذ بداية الأزمة، موضحاً أن نسبة الإنتاج في القطاع الصناعي تراجعت بنسبة 35 في المئة، الأمر الذي ينذر بمزيد من التدهور والانهيار الاقتصادي، منذرا من نسب غير مسبوقة من البطالة والفقر في القطاع، ومطالباً الجهات الحكومية بضرورة التدخل عبر صياغة برامج فاعلة، من شأنها الحد من أزمات البطالة والفقر والإنعدام الغذائي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية