غزة تستقبل العام بتراجع اقتصادي ومزيد من الأزمات

إسماعيل عبد الهادي
حجم الخط
0

علق سكان قطاع غزة آمالاً وتطلعات، بأن يأتي العام الجديد وقد حمل في طياته ما يخفف من أزماتهم العالقة والمتراكمة منذ سنوات، ويحسن أوضاعهم الاقتصادية التي يعانون منها، باعتبارهم بشكل عام شعبا مستهلكا وليس منتجا، نتيجة تعمد إسرائيل جعل الفلسطينيين مستهلكين لتسويق منتجاتها وسلعها التي أغرقت الأسواق الفلسطينية. وما زاد الطين بلة تراجع مؤشرات النمو الاقتصادي لدى السلطة الفلسطينية، وهو ما يؤثر سلباً على واقع ومستقبل الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، والذي يعمق المخاوف من تراجع صرف رواتب الموظفين بشكل منتظم، إضافة إلى تأخر صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية التي تخص الفقراء والمحتاجين، وارتفاع نسبة البطالة في صفوف الخريجين بأرقام خطيرة، وهذه المؤشرات تثير تشاؤما واستياء في صفوف المواطنين ويعود سلباً على الحياة الاجتماعية.

وأصدرت سلطة النقد الفلسطينية تقرير التنبؤ السنوي الخاص بها للعام الجديد 2019 حيث أن المؤشرات بينت أن طبيعة الأزمات التي تعرض لها الاقتصاد الفلسطيني في الأعوام المنصرمة أثر بشكل كبير على نموه وغياب الرقي إلى معدلات أفضل خلال هذا العام.

ورجح محافظ سلطة النقد عزام الشوا أن مجموعة من التحديات والمعيقات أدت إلى تراجع نمو الاقتصاد، ومن أبرزها التراجع الكبير في المنح والمساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية، والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وانقسام غزة عن الضفة واستغلال إسرائيل لكافة الموارد الطبيعية من حقول غاز وبترول، إضافة إلى الإغلاق المستمر للمعابر وغيرها.

وأشار إلى أن استمرار النزاعات السياسية وغياب أفق الحل سيعزز من تراجع نمو الاقتصاد، وهو ما يؤثر على فرص التشغيل وارتفاع نسب البطالة وتراجع الدخل الفردي مقارنة بارتفاع أسعار السلع وكل هذا يأتي نتيجة غياب تنفيذ بعض المشاريع التطويرية المدعومة من الخارج، والتي تحفز الاقتصاد وتعمل على تخفيف نسب العاطلين عن العمل.

ويضيف أن ثمة أمور بإمكانها إبقاء الأوضاع مستقرة، وتتعلق بفتح إسرائيل المجال لدخول عمال للعمل فيها، خاصة من غزة إذ تزايدت أعدادهم ولا يجدون أي فرص عمل، إضافة إلى تدفق أموال المانحين بشكل مستمر وكبير إلى خزينة السلطة، كي تتمكن من تنفيذ مشاريع تطويرية وتقديم المساعدات اللازمة.

وتوقع الخبير الاقتصادي سمير حمتو، بقاء الاقتصاد الفلسطيني على حاله دون تقدم أو نمو، نتيجة الانقسام الفلسطيني بين شطري الوطن والذي عزز النزاع السياسي والاقتصادي بين قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى التحكم الإسرائيلي بالمقدرات الاقتصادية من فرض العقوبات الاقتصادية وإغلاق المعابر.

وأوضح حمتو لـ”القدس العربي” أن قطاع غزة يعاني من أوضاع كارثية، فالأمر بات يحتاج إلى تدخل سريع لتجاوز الأزمات الخطيرة، بدءا برفع الحصار كاملاً عن غزة وفتح كافة المعابر التجارية والسماح بحرية تنقل الأفراد والبضائع، وحل كافة المشاكل العالقة والأساسية بما فيها أزمة الكهرباء وارتفاع معدلات البطالة.

وقال الخبير الاقتصادي ماهر الطباع أن غزة ومع بداية العام الجديد تبقى أمام معاناة وأزمات متراكمة، ودليل ذلك بقاء أوضاع المعابر على حالها إضافة إلى غياب الحلول أمام الحد من تزايد نسبة البطالة في صفوف الخريجين وتوفير فرص عمل لهم.

وأضاف لـ”القدس العربي” أن الإجراءات الإسرائيلية العقابية المتواصلة بحق سكان غزة والمتمثلة باعتقال عشرات التجار ورجال الأعمال وتقييد حرية تنقلهم وإدخال بضائعهم إلى غزة، ستعمق من تدهور الأوضاع المعيشية في الوقت الذي بات فيه المئات من التجار ورجال الأعمال داخل السجون، بسبب تراكم ديونهم نتيجة الحصار.

وبين أن حركة الشاحنات الواردة إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد حوالي 96 ألف شاحنة خلال العام الماضي مقارنة مع قرابة 116 ألفا خلال عام 2017 من مختلف الأصناف المسموح دخولها إلى قطاع غزة، وهذا يدل على انخفاض مستمر من شأنه أن يوصل الاقتصاد إلى حالة انهيار حقيقي لا تحمد عقباها.

ودعا ممثلون عن مؤسسات القطاع الخاص وخبراء اقتصاديون إلى ضرورة إيجاد حلول لإخراج القطاع من الضائقة الاقتصادية، والتي خلفت الجوع والفقر والبطالة وجعلت القطاع نموذجاً لأكبر سجن في العالم، بسبب غياب كافة المقومات الحياتية والتي جعلت أعدادا كبيرة من الشباب وعائلات بأكملها تتجه نحو الهجرة بحثاً عن حياة معيشية أفضل، فالمطلوب من المؤسسات والمنظمات الدولية الضغط الفعلي على إسرائيل، لإنهاء حصارها الظالم لقطاع غزة وفتح كافة المعابر التجارية، وإدخال احتياجات القطاع من السلع والبضائع دون قيود.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية