في اليوم الثامن، انطلقت المدافع وبدأت القنابل بالمطر على غزة، لقد جاء وزير الخارجية الأمريكية حاملا رسالة إلى القادة الإسرائيليين بضرورة مواصلة الحرب، حتى الانتهاء من حماس في غزة، ولكنه المعروف بهدوئه تحدث عن حماية المدنيين في غزة ومواصلة دخول المواد الغذائية وتخصيص مناطق آمنة للمدنيين. وقال إن لدى إسرائيل أكبر قوة تكنولوجيا في العالم وتستطيع والحالة هذه إدارة حربها بدون أن تطال المدنيين.
كان أنطوني بلينكن يتعامى أو يحاول التعامي على الواقع، في المناطق الفلسطينية المحتلة التي لم تتوقف فيها غارات الجيش الإسرائيلي ولا هجمات المستوطنين ضد السكان هناك. وتشير حصيلة اليوم الأول بعد الهدنة القصيرة إلى نفس الحصيلة أو أكثر التي كانت تحصل طوال أيام الحرب التي ستدخل شهرها الثاني قريبا، لكن إسرائيل وسعت من أهدافها في الشمال والوسط وجنوب القطاع ووسعت من درجة التهديد حيث نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» (1/12/2023) تقريرا قالت فيه إن قادة إسرائيل سيلاحقون قادة حماس حول العالم.
وفي الوقت نفسه توقفت قوافل الإغاثة، وكأن «حق إسرائيل» في الدفاع عن نفسها ضد أناس تحتلهم وتدمير حماس باتت أهدافا مقدسة. وتستطيع الولايات المتحدة التي يواجه رئيسها جو بايدن تمردا داخل قواعد حزبه والناخبين الذين عبروا عن خيبة أملهم في الرئيس الذي اعتقدوا أنه مختلف، وقف كل هذا الجنون الإسرائيلي. فهو يخسر أصوات وثقة العرب والمسلمين الأمريكيين، كما ورد في تقرير في صحيفة «نيويويورك تايمز» (27/11/2023) وتحليل لباحث مسلم قال فيه إن العرب الأمريكيين لن يصوتوا لبايدن لأنه أهانهم عندما قال إن الضحايا الفلسطينيين ليسوا أمواتا لعدم ثقته بأرقامهم، أو أرقام الهيئة التي تصدرها، باعتبارها تابعة لحماس. وقال شادي حميد في صحيفة «واشنطن بوست» (29/11/2023) إن قاعدة واسعة من العرب الأمريكيين باتت «جمهورية» ولديهم قدرة على إحداث فرق بمناطق مثل ميتشغان. وبنفس السياق قال المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية جوش بول الذي استقال احتجاجا على دعم إسرائيل بالسلاح إن لدى واشنطن الكثير من الآليات التي تعطيها نفوذا على إسرائيل، سواء من ناحية الدعم والقوانين في الكونغرس. وأشار في صحيفة «لوس انجليس تايمز»(28/11/2023) إلى أن الدعم الأمريكي للأهداف العسكرية الإسرائيلية التي لا يمكن تحقيقها لم يتغير، في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وحان الوقت لكي تنضم الولايات المتحدة لهذه الدعوات ولكن كيف؟ ويجيب الكاتب أن الولايات المتحدة لديها عبر التزامها «الصارم» بأمن إسرائيل مجموعة من أداوت التأثير على صناعة القرارات العسكرية الإسرائيلية، وهي في وضع لمنح محفزات من أجل وقف إطلاق النار. ولا تزال الفجوة بين مواقف القيادات السياسية، وتحديدا في الولايات المتحدة وبريطانيا واسعة وبين مواقف الرأي العام الداعية لوقف إطلاق النار. ولم توقف ثقافة الإلغاء ولا الملاحقة أو التهم بمعاداة السامية الكثيرين للخروج في تظاهرات والتعبير عن العدالة للفلسطينيين.
صحوة الشارع العربي
ولكن التداعيات الأكبر لحرب غزة تتخمر في الدول العربية التي لم تتوقف شاشاتها عن بث صورة حية فظيعة وتحطم القلب عما يجري في قطاع غزة. وباتت محنة الفلسطينيين جزءا من حوارات منصات التواصل الاجتماعي واللقاءات على مأدب العشاء وفي أماكن العمل، ورغم ما قامت به الدول العربية من جهود لشجب ما تقوم به إسرائيل في غزة وتسابقت أنظمتها في إظهار الدعم السياسي والدبلوماسي والإنساني للفلسطينيين من قوافل إغاثة ومستشفيات ميدانية، وتسامح مع الاحتجاجات إلا أن الشارع العربي يغلي غضبا على الوضع، وأحيانا ما يستخدم تظاهرات التضامن مع الفلسطينيين، كما كان يفعل في الماضي كوسيلة للتعبير عن التظلمات ضد الأنظمة الحاكمة. ففي التظاهرات التي سمحت بها مصر، التي لديها قانون يمنع التجمع، عاد البعض إلى شعارات الربيع العربي عام 2011 خبز حرية وعدالة اجتماعية. وحاول بعض المتظاهرين الذهاب لميدان التحرير مركز الثورة التي أطاحت بنظام حسني مبارك، لكن النظام رد وحوله إلى ثكنة عسكرية. وكشفت حرب غزة أن جهود النظام المصري، ومنذ اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 لفك علاقة الشعب المصري وتضامنه مع فلسطين فشلت، بل وحاول النظام طوال 40 عاما تأكيد حضور إسرائيل كواقع، إلا أن المساجد في مصر تحولت أثناء الحرب الحالية لمراكز للتنفيس عن التضامن والصلاة والدعاء للفلسطينيين في غزة.
سلاح المقاطعة
ونظرا لما يشعر به العربي في ظل أنظمة ديكتاتورية من عجز وعدم قدرة على الرد، فقد لجأ لسلاح المقاطعة حيث بدت محلات الطعام السريع الغربية والتي باتت علامة العواصم العربية من المحيط إلى الخليج فارغة.
ورأت صحيفة «واشنطن بوست» (29/11/2023) أن الحرب في غزة تمثل اختبارا لعلاقات التطبيع العربية الجديدة دول الخليج العربية وإسرائيل، ما يثير تساؤلات حول الرؤية المدعومة من الولايات المتحدة للنظام الإقليمي التي تركز على العلاقات الاقتصادية بدلا من الخلافات السياسية والانقسامات التاريخية. ومع أنه لن تتغير الديناميات الجديدة والتي ترجح المصالح الأمنية والاقتصادية والتي كانت موجودة قبل الحرب، وعلى شكل تعاون أمني وتقارب في مواجهة إيران إلا أن على الزعماء العرب التعامل مع موجة من الغضب الشعبي بشأن الحرب التي أودت بحياة حوالي 15.000 غزي. وفي الوقت الذي دافعت فيه الإمارات والبحرين عن علاقاتهما مع إسرائيل، قائلة إنها تسمح لهما بالعمل كقوة معتدلة في الأزمة، إلا أن الثرثرات على وسائل التواصل الاجتماعي والأحاديث العامة تطلب من القادة بعمل المزيد. وقالت صيدلانية من البحرين: «لم نر أي فائدة، يجب أن نضغط على إسرائيل، هذه هي الطريقة التي تنهي بها الفصل العنصري، بالمقاطعة». وقالت: «مع التطبيع، ما تقوله هو أن ما يحدث للشعب الفلسطيني أمر طبيعي». و«لو كان لدينا استقرار، لما حدث ما يحدث في غزة. كان عدم الاستقرار موجودا دائما، والآن أصبح الأمر في العراء ليراه الجميع».
وأدت الحرب لخفوت في حضور الشركات الإسرائيلية في الخليج. فهم يتغيبون عن المعارض التجارية، ويسحبون الإعلانات ويقلصون من عدد الوفود الرسمية.
وأشارت الصحيفة إلى أن حركة المقاطعة الشعبية ضد العلامات التجارية الغربية، بما في ذلك ستاربكس وماكدونالدز قد اكتسبت دعما في الخليج وفي جميع أنحاء العالم العربي. ووصفت سيدة كويتية تعيش في دبي الحياة هناك بأن الحرب تستهلك كل شيء وتهيمن على المحادثات مع الأصدقاء والعائلة، وقالت: «الجميع يشعرون بالخدر». وفي المنامة عاصمة البحرين هتف متظاهرون: «من رام الله إلى البحرين شعب واحد لا شعبين» و«لا للتهجير لا للتطبيع، تحيا فلسطين».
اليقظة
ورأت باحثة مصرية في جامعة لندن أن الحرب في غزة زادت من التظلمات الشعبية للمصريين سواء فيما يتعلق بفلسطين وداخل الوطن. وقالت ريم أبو الفضل بمقال نشرته صحيفة «الغارديان» (30/11/2023) إن الإبادة الإسرائيلية الجارية في غزة قد هزت العلاقات ما بين الدول والمواطنين في الشرق الأوسط. وعرت في مصر العلاقة الغامضة والمريحة بين النظام وإسرائيل ووضعتها في مركز الضوء. كما وركزت انتباه الملايين المنشغلين بتوفير لقمة العيش والبحث عن عمل إلى قضية قد تصلهم تداعياتها وما نشر عن خطط إسرائيلية لإعادة استعمار قطاع غزة وإجبار الفلسطينيين على الرحيل جنوبا إلى سيناء. ورأت أبو الفضل أن رفض المصريين لخطط التهجير أو النكبة عكست الفجوة بين السكان والنظام منذ كامب ديفيد. وقصة دعم المصريين لفلسطين معروفة منذ بواكير المشروع الصهيوني، وظلت مركزية حتى توقيع أنور السادات اتفاقية السلام بحجة ان الولايات المتحدة تملك 99 في المئة من الأوراق في الشرق الأوسط ومن العبث والحالة هذه المقاومة. ما أفقد القضية مركزيتها.
وكان الهدف هو تفكيك العلاقة السياسية والاجتماعية والثقافية الحميمة التي نشأت بين المصريين والفلسطينيين والذين اتحدوا في مقاومة الاستعمار البريطاني، وقبل إنشاء إسرائيل. لكن هذا لم ينجح، فقد ظلت التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين جارية وسمحت بها حكومة مبارك كوسيلة لحرف النظر عن المشاكل المحلية، ولكنها قادت وتدريجيا للربيع العربي في 2011. ويحاول النظام المصري الحالي استخدام ورقة فلسطين في وقت حطمت فيه غزة والجرائم فيها كل الأساطير القديمة لدى الشباب الذي طالما ظل منجذبا للأفكار الغربية، وكذا عرت التواطؤ الإقليمي، وبخاصة الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم مثل الإمارات والسعودية التي ترددت الأخبار أنها تحضر للتطبيع. وربما لعبت غزة دورا في تخمير التغيير، رغم سطوة النظام القمعي وغياب المعارضة وسنوات من تغييب القضية الفلسطينية إلا أن المصريين كما يقول شخص باتوا يعيدون النظر في مرحلة ما بعد الثورة و«نحن كشخص يقف على قدميه بعد ما تلقى ضربة قوية».
الموازنة الصعبة
وتبدو حالة الغضب الشعبي أوضح في الأردن، كما في مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي»(30/11/2023) فمنذ أكثر من شهر، تظاهر الأردنيون تضامنا مع الفلسطينيين ضد القصف الإسرائيلي في قطاع غزة، وأعربوا عن دعمهم للمقاومة المسلحة ضد إسرائيل. وبالإضافة إلى الاحتجاجات الحاشدة كل يوم جمعة، كانت هناك مظاهرات يومية بالقرب من السفارة الإسرائيلية وعدة احتجاجات بالقرب من السفارات الغربية وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. فالأردنيون لا يشجبون القصف المتواصل لغزة فحسب، بل يشجبون أيضا العلاقات الدبلوماسية التي تربط حكومتهم بإسرائيل والدعم الذي لا يتزعزع من زعماء الغرب لها.
وقالت المجلة إن الغضب الشعبي من مختلف ألوان الطيف السياسي وضع الحكومة الأردنية، التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات الأمريكية، في موقف صعب: يواجه النظام الملكي الأردني الآن التحدي المتمثل في الحفاظ على علاقاته مع الولايات المتحدة وإسرائيل في الوقت الذي يتعامل فيه أيضا مع الاضطرابات الداخلية المتزايدة.
وأقام الأردن وإسرائيل علاقات دبلوماسية رسمية عند توقيع معاهدة وادي عربة في عام 1994. وتوترت العلاقة أكثر في العام الماضي عندما شكل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، ومحاولة وزرائها المتطرفين تغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس الواقعة تحت الوصاية الأردنية. ومنذ اندلاع الحرب، اتخذ المسؤولون الأردنيون موقفا علنيا قويا ضد إسرائيل واتهموها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ودعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار، وحاولوا تأمين المساعدات الإنسانية لغزة. وفي الشهر الماضي، ندد الملك عبد الله بالعدوان الإسرائيلي ووصفه بأنه «عقاب جماعي لشعب محاصر وعاجز وانتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي». وانتقد الملك أيضا عدم رغبة الغرب في الدعوة إلى إنهاء الأعمال العدائية، قائلا إن حياة الفلسطينيين تبدو «أقل أهمية من حياة الإسرائيليين». ويشعر الأردن بالقلق بشكل خاص بشأن التهجير القسري للفلسطينيين. وقال الملك عبد الله إن طرد الفلسطينيين سيكون «خطا أحمر». ويريد العديد من المتظاهرين من الحكومة أن تفعل المزيد. ويعتبر إنهاء جميع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل مطلبا أساسيا. ولا تحظى علاقة النظام الملكي بإسرائيل بشعبية كبيرة بين الأردنيين، حيث يشعر الكثير منهم أن الشراكة تخدم النخبة الأردنية في المقام الأول. وندد المتظاهرون على نطاق واسع بالولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى لتواطؤها في الهجوم الإسرائيلي. ويتم التعبير عن مشاعر قوية مناهضة للولايات المتحدة في كل مظاهرة. وفي الوقت نفسه فالأردن، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، هو ثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية بعد إسرائيل، حيث يتلقى 1.45 مليار دولار سنويا. واعتماد المملكة الهاشمية على واشنطن يثير تحديات داخلية. وترى جيليان شويدلر، عالمة السياسة في كلية هانتر بجامعة مدينة نيويورك أن اعتماد النظام الملكي الأردني على الأموال الأمريكية يعني أنه من غير المرجح أن يخاطر بالعلاقات الثنائية. وأضافت: «سوف يعبرون عن غضبهم، لكنهم لن يعرضوا العلاقة للخطر». ومع تصاعد الضغوط الداخلية، كثفت الحكومة جهودها لاحتواء الغضب الشعبي. إلا أن الحرب سمحت الحرب بظهور شارع موحد. وقال المحلل طارق التل، خبير الاقتصاد الأردني الذي يدرس بالجامعة الأمريكية ببيروت: «الأردنيون يدعمون غزة مثلهم مثل الفلسطينيين. هناك خطاب قومي متماسك قادر على التغلب على الانقسام المجتمعي [أردني وفلسطيني] الذي يلعب عليه النظام عادة». وقال إن الاستمرار في العمل دون أخذ الرأي العام في الاعتبار «قد يشكل خطرا على النظام الحالي».
ثورة إسلامية
وفي إطار تحليلها لتداعيات الحرب في غزة تحدثت مجلة «إيكونوميست»(30/11/2023) عن مخاوف من عودة المد الإسلامي الذي خفت موجته في السنوات الأخيرة بسبب رفض الحكومات القمعية له وحظر دول لأكبر جماعة إسلامية وأقدمها، الإخوان المسلمين. فالحرب في غزة يبدو أنها تعيد «التطرف» في العالم الإسلامي، وبات الاهتمام العالمي ينصب على الفلسطينيين على محنتهم بعد سنوات من الإهمال، وقد تدعي حماس أن ذلك يمثل نجاحا بشكل ما على حد زعم المجلة.
وتقول إن التحولات الدينية والسياسية والاجتماعية الضخمة كانت تعمل على تغيير الشرق الأوسط وسكانه البالغ عددهم 400 مليون نسمة.
والسؤال الآن هو ما إذا كان هجوم حماس قادرا على عكس اتجاه هذه الثورة من خلال تأجيج جذوة الإسلام السياسي. وتعتقد المجلة أن هذه لو حدثت «نتيجة ضارة» وستلغي كل التحولات الدينية في السنوات الأخيرة، أي الابتعاد عن التعبئة السياسية من أجل الخلاص المجتمعي، كما تبناها الإسلاميون، إلى سعي شخصي إلى الروحانية. والنتيجة هي أنه بالنسبة للعديد من المسلمين، أصبح الإسلام غير مسيس.
وسردت كثيرا عن التحولات في إيران وظاهرة تخلي الشباب عن دينهم بناء على استطلاع ذكرته المجلة ونشاط الإنجيليين في الجمهورية الإسلامية. في وقت فقد فيه الشيوخ في دول أخرى احترامهم وتخلت المؤسسات السياسية التي كانت في السابق منسجمة مع الإسلام، مثل العائلة المالكة السعودية التي تخلت عن موقفها وأصبحت أكثر مرونة.
وسردت المجلة مظاهر التسامح الديني واستقبال 12 دولة بابا الفاتيكان وقيام مصر والإمارات العربية المتحدة والمغرب بتجديد المعابد اليهودية أو بناء معابد جديدة. وفي العراق، تم افتتاح مركز للحوار بين الأديان قبالة أبواب أقدس ضريح للشيعة في النجف.
كما وتم رفض الإسلام السياسي ودعا المتظاهرون في الجزائر والسودان إلى دولة مدنية، وهذا مرتبط، كما تقول بعدم قدرة أتباعه على حل المشاكل الاقتصادية في مصر وغزة وتونس.
وفي مصر انقلب الجيش على الإسلاميين وتم حظرهم في السعودية والإمارات مثل مصر. وسجنت تونس راشد الغنوشي، الإسلامي الذي شغل منصب رئيس برلمان البلاد. وتساءلت كيف سيتطور الإسلام السياسي ردا على الحرب في غزة؟
وهي لا تستبعد ظهور جيل جديد من المتطرفين، فالمشاكل الاقتصادية، وسوء الإدارة، والاستبداد الخبيث، كلها توفر أرضا خصبة للعودة، وليبيا ولبنان واليمن هي بالفعل دول فاشلة. إن الدولتين الأكثر اكتظاظا بالسكان في الشرق الأوسط، مصر وإيران، غير مستقرتين اقتصاديا، ومن الممكن أن تتسبب حماس، خارج الحكومة، في إحداث المزيد من الخراب.
وفي محيط الإسلام، تشتعل النيران الإيديولوجية دون أن تنطفئ. ويزدهر الجهاديون في أفغانستان وشرق سوريا بينما يتراجع الأكراد إلى ثكناتهم، ويسيطرون على جزء كبير من منطقة الساحل ويتوغلون في أجزاء أخرى من أفريقيا. وتحاول الحكومات في الشرق الأوسط قمع أي عودة للظهور. ويرى العديد من الحكام المسلمين أن إحياء الإسلام السياسي يمثل تهديدا عليهم بقدر ما يمثل تهديدا للغرب، بل وربما يدعمون هدف إسرائيل المتمثل في تدمير حماس.