غزة تواصل الصمود رغم الخراب والجوع… وأهلها قدوة الكون في الدفاع عن الأرض والعرض

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: لا يمر يوم دون أن تضرب المقاومة الفلسطينية وشعبها، الذي يراد لهما الاختفاء عن أعين العالم، أمثلة جديدة على أن غزة وما حولها من أرض فلسطينية، الوكيل الحصري لإنتاج البطولة، مهما عز السلاح وشحت الموارد، وبات الحصول على رغيف، أو رصاصة في حكم المستحيل، بينما يواجه العالم أصحاب الحق بالعداء، فيما الأشقاء من عرب ومسلمين ماضين في الصمت المهين، عن مد يد العون لمليوني جائع تآمر عليهم أشرار الكون. وأشار معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إلى أن أمريكا وألمانيا توفران 99% من احتياجات إسرائيل من السلاح.
ومن وجهة نظر السفير السابق محمد مرسي هذا طبيعي ومتوقع، ويتسق مع الواقع، ولكن غير الطبيعي وغير المتوقع، أن دولا عربية وإسلامية تتكفل بتلبية احتياجات إسرائيل من الغذاء والوقود. فدولة عربية واحدة – وفقا للمعهد – شحنت بمفردها منذ بدء طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي 140 ناقلة نفط لإسرائيل، علاوة على تلبية كازاخستان وأذربيجان 60٪ من احتياجات إسرائيل من الوقود. وتوفر دول أخري خطوط الإمدادات الغذائية والاحتياجات اللوجستية. أما الشركات التركية فإنها توفر احتياجات إسرائيل من الفولاذ اللازم لتصنيع الأسلحة والذخائر واحتياجات الجيش الإسرائيلي الأخرى من الملابس والأحذية.
ومن أخبار المحاكم: أصدر المركز الدولي لتسـوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي في واشنطن (الإكسيد)، حكما يجنب الدولة المصرية دفع 3 مليارات جنيه تعويضا لشركة غاز إماراتية، ورجل أعمال مصري، في نزاع استثماري مع الهيئة العامة للبترول. وادعت الشركة الإماراتية اتخاذ الدولة المصرية تدابير أدت إلى الإضرار باستثماراتهم الناجمة عن عقد الامتياز المبرم بين شركة ناشيونال جاس والهيئة المصرية العامة للبترول، لنقل الغاز الطبيعي للعملاء في محافظة الشرقية.
ومن أخبار المنافسات المحمومة الرامية لعدم توحش القطاع الخاص على مقدرات الجماهير: أقام المحامي الحقوقي خالد علي دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد قرارات تستهدف مشاركة القطاع الخاص في إدارة وتشغيل بعض المنشآت الصحية العامة، مُطالبة بوقف تنفيذ وإلغاء قرارات طرح تلك المنشآت، وما ترتب على ذلك من آثار. وذكرت الدعوى أن وزير الصحة وموقع الهيئة العامة للاستثمار، أعلنا طرح 21 منشأة صحية عن طريق منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، وكان ذلك كله قبل صدور القانون 87 لسنة 2024 وقبل صدور اللائحة التنفيذية، ما أصاب النصوص التشريعية من عوار دستوري تعرض مصالح الطاعنين وحقوق المصريين للخطر. وهنأ الرئيس السيسي أبناء الجاليات المصرية المسلمة في الخارج، بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1446. وقال: “إخواني وأبنائي مسلمي مصر في الخارج، يطيب لي أن أبعث إليكم بأصدق التهاني القلبية وأطيب التمنيات بمناسبة بدء العام الهجري الجديد 1446”. داعيا الله تعالى أن يكون العام الجديد عام خير وازدهار، تتحقق فيه آمالنا وطموحاتنا في غد مشرق ومستقبل أفضل.
ألعوبة الكيان

سوف تظل العلاقات الإسرائيلية الأمريكية التي تمثل محور الشر في الشرق الأوسط كله نموذجا فريدا في قدرة دولة صغيرة غازية واستعمارية، على توظيف قدرات أكبر وأقوى دولة في النظام الدولي لتحقيق مشروعها الصهيوني التوسعي العنصري، على حساب الفلسطينيين والعرب. واللافت للنظر حقا حسب الدكتور عبد المنعم المشاط في “الشروق”، أن هذا المحور وصانعيه لا يشعرون بالخجل من خرق حقوق الإنسان، أو قواعد وأسس القانون الدولي، أو اتفاقيات جنيف المتعلقة بحقوق وواجبات المتحاربين، ومما يساعد على قوة وبقاء هذا المحور، نشاط المنظمات الصهيونية مثل “الأيباك”، داخل الولايات المتحدة، واستخدام كل من الإعلام والمال لتهديد أو إغراء أعضاء الكونغرس، أو المرشحين المحتملين بمن في ذلك مرشحو الرئاسة، وسنرى في المناظرة المقبلة بين ترامب وبايدن مدى التنافس البغيض لمساندة المشروع الصهيوني في فلسطين، والإفراط في الالتزام بأمن إسرائيل، فضلا عن عمليات الابتزاز السياسي الذي يتعرض له المناوؤن لإسرائيل، بمن فيهم اليهود الليبراليون، سواء في الجامعات أو الفنون أو الثقافة، أو حتى داخل مؤسسات الحكم. لقد أنتج هذا الابتزاز حالة من الخوف الدفين لدى الشعب الأمريكي، وكثير من مؤسساته الحريصة على سمعة ومستقبل الولايات المتحدة في الخارج، وهو الذي يحد من القدرة على رسم سياسات رشيدة تليق بالدولة الأكبر في النظام الدولي. والمسؤولة – طبقا لكل النظريات – عن الحفاظ على قيم هذا النظام ضمانا لاستمراره وديمومته، وإلا انهار معه الدور العالمي لواشنطن.

مواجهة كونية

لا شك في أن استراتيجية محور الشر، حسب الدكتورعبد المنعم المشاط تتمثل في ما يلي: تل أبيب واشنطن، تقوم على تصعيد الصراع في الشرق الأوسط، سواء الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، والحرب المحتملة الإسرائيلية ضد حزب الله ولبنان، أو التصعيد في سوريا، وفي اليمن ومع إيران، اشتعال الحروب في المنطقة، يخدم مصالح الطرفين، فمن ناحية يمنح المتطرفين الإسرائيليين فرصة للتوسع في استعمار فلسطين بكاملها، تحقيقا لعقيدة إسرائيل الكبرى من النهر إلى البحر، وتمنح الولايات المتحدة فرصة دائمة لاستمرار الوجود العسكري في شرق المتوسط والخليج والبحار العربية، درءا للوجود الصيني أو الروسي المحتمل. يضاف إلى ذلك أن استمرار الحروب وتوظيف الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة» ربيبة الغرب يزيد من الطلب الخليجي على السلاح الأمريكي. هذه الصراعات إذن تغذي التحالف العسكري الصناعي الأمريكي، وليس من المستغرب أن يكون الخليج الإقليم الأول في استيراد الأسلحة، وأن تحتل الولايات المتحدة قائمة الدول المصدرة للسلاح بنسبة تناهز 67% من إجمالي التجارة الدولية للسلاح. محور الشر تل أبيب – واشنطن سيستمر طالما بقى النظام الدولي الراهن على ما هو عليه، ولاسيما أن الولايات المتحدة نجحت في توريط روسيا في حرب استنزاف لا نهاية لها في أوكرانيا، وتشغل الصين بمدى سيطرتها على بحر الصين وما إذا كانت ستتخذ تدابير ما لضم تايوان إلى أرض الصين الأم. إسرائيل بتكوينها العنصري والإقصائي الديني التوسعي، تستفيد بلا شك من تأجيل إعادة تشكيل النظام الدولي، بصورة تدفع إلى نظام جديد يسوده نوع من العدل والاستقرار، ومع ذلك فإن محور الشر هذا يقود المنطقة، وربما العالم إلى مواجهات لا تحمد عقباها. فالتصعيد ضد إيران، والنية الإسرائيلية المستقرة لشن حرب على لبنان وحزب الله والوجود العسكري الأمريكي المكثف في المنطقة، يمكن أن يستفز دول كبرى أخرى تبحث عن وجود استراتيجي في المنطقة.

سلام على غزة

بعد نحو 9 أشهر من الجحيم في غزة، ثمة أمل في وقف لإطلاق النار أو هدنة طويلة، حسبما يرى محمد بحيري في “الوفد”. صمد الشعب الفلسطيني البطل، أمام ترسانة أسلحة هي الأكثر فتكا في العالم. طائرات حربية ومسيّرات، تحمل قنابل غالبيتها من تصنيع بوينغ الأمريكية «جي بي يو 39» تنسف المنازل على رأس ساكنيها، ودبابات هي الأعلى تدريعا في العالم تدك بمدافعها كل حلم في غزة. طوال أسابيع كانت أمريكا وبريطانيا بأساطيلهما تقفان، في رسالة دعم قوية للدولة الصهيونية، وطائراتهما المسيّرة تجوب السماء بدعوى البحث عن الرهائن. والآن بعد أن صمدت غزة أمام العدوان، وبعد أن صمدت مصر أمام مخطط التهجير الذي كانت تخطط له إسرائيل، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تضغط من أجل تبريد المنطقة. قبل وأثناء ذروة الحرب كانت صفقة القرن المزعومة، حلما إسرائيليا في تصفية القضية الفلسطينية وطرد أبناء الأرض الحقيقيين. والآن انقشع غبار المعركة، وظهرت الدفائن، وتبينت صلابة ووطنية القرار المصري، إذ لا صفقة قرن ولا يحزنون. لا صفقة ليس لأن إسرائيل لم تخطط وتضغط.. بل لا صفقة لأن الدولة المصرية قاومت كل مخططات التهجير، وصمدت أشهرا طويلة كما صمدت غزة. مصر خسرت مئات مليارات الجنيهات بسبب التصعيد في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، واقتصادها يعاني بشكل عنيف.. لكنها وقفت وصمدت أمام صفقة القرن ومخططات التهجير، بقوة الصمود الفلسطيني نفسها. وعندما يحين وقت تبريد المنطقة، قريبا مع اقتراب التوصل لاتفاق، فإن إسرائيل لن تنسى الدور المصري الصلب في إجهاض مخطط تفريغ الأرض الفلسطينية من الفلسطينيين. هذا الدور المصري هو الأقوى، وهو الأكثر إيلاما لنتنياهو من صواريخ الحوثيين في أقصى الجنوب، ومسيرات حزب الله في الشمال. فالحرب ليست مدافع ودبابات وطائرات فقط.. بل حرب صمود على كل الجبهات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، وحرب تشكيك في الهوية.

أيام القاتل الأخيرة

لم يعد أمام الرئيس بايدن في الحكم إلا سبعة أشهر تفصله عن موعد تنصيب رئيس جديد. وبعد الأداء الكارثي له في المناظرة الرئاسية التي جرت أمام منافسه ترامب، أصبح من المستحيل تصور بايدن مرشحا في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. دخل بايدن المناظرة، التي شاهدها أكثر من 50 مليون ناخب أمريكي تلفزيونيا، إضافة لملايين آخرين على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا لمحمد المنشاوي في “الشروق”، لتحقيق هدف وحيد يتمثل في طمأنة الشعب الأمريكي أن حالته الصحية ولياقته الذهنية والعقلية تؤهله لحكم البلاد لأربع سنوات إضافية، تنتهى عام 2028 وتركت المناظرة ملايين الأمريكيين مندهشين من أن فاصل الثلاث السنوات فقط الذي يفصل بين بايدن البالغ 81 وترامب البالغ 78 من العمر، فقد بدا بايدن على منصة المناظرة كمن تخطى التسعين من العمر مقابل ترامب الذي ظهر منتشيا بصحته وبقدراته الذهنية، رغم تكرار كذبه وادعاءاته غير الصحيحة. سؤال واحد يفرض نفسه على أنصار الرئيس الثمانيني يتعلق بكيفية مغادرته السباق الانتخابي، وكيفية التعامل مع هذا السيناريو الكارثي على حزبه. عقب المناظرة، وعندما سئلت عن اللياقة العقلية للرئيس بايدن، أجابت غريتشن ويتمير حاكمة ولاية ميشيغن، وهي أحد الأسماء المطروحة لخلافة بايدن، أنه «لا يمكنك إخبار الناس كيف يشعرون، ولا يمكنك إخبار الناس أن يتجاهلوا شيئا يشككون فيه». وهذا ما حاول بايدن، ومَن وراءه إخفاءه عن العالم. راهنت حملة بايدن على مناظرة مبكرة لوضع أسئلة الناخبين حول عمر الرئيس وقدراته جانبا، إلا أن العالم كله شاهد كيف أن هذا الرهان جاء بنتائج عكسية.

بحاجة لمعجزة

رغم أن قادة الحزب الديمقراطي أصدروا سريعا بيانات شكلية لدعم الرئيس، إلا أن المخاوف التي كشف عنها محمد المنشاوي لم تتراجع بشأن قدرة بايدن على قيادة الديمقراطيين إلى النصر في نوفمبر/تشرين الثاني والقيام بواجباته في فترة ولاية ثانية، بل تضاعفت الضغوط عليه للتنحي، وهو ما يبدو أنه سيحدث قريبا. حاول بايدن وزوجته وحلفاؤه، الإسراع بتعزيز احتمالات استمرار ترشحه باستخدام سلاح التخويف من التصدعات والفوضى، وربما من حرب أهلية يمكن أن يواجهها الحزب الديمقراطي حال انسحاب بايدن.. يكرر بعض النواب والشيوخ الديمقراطيين من أعضاء الكونغرس، أن من شأن استمرار بايدن في السباق الانتخابي ليس فقط فقدان البيت الأبيض، بل امتداد الخسائر لفقدان أغلبية مجلسي النواب والشيوخ، ما يضمن سيطرة جمهورية على مفاصل الحكم الثلاثة الرئيسية، البيت الأبيض، والكونغرس والمحكمة العليا ذات الأغلبية الجمهورية. وسيمثل ذلك كابوسا للتيار الليبرالي الأمريكي وللكثير من حلفاء واشنطن، خاصة أعضاء حلف الناتو والحلفاء الآسيويين، إذ لن يمنع ترامب أي جهة للقيام بما يريد داخل وخارج أمريكا حال ضمان السيطرة على مجلسي الكونغرس. ولا يتوقع أي عاقل أن يتحسن الوضع الصحي والذهني للرئيس بايدن، بل على العكس تؤكد الآراء الطبية والعلمية الرزينة، أن حالة بايدن ستستمر في التدهور الطبيعي مع ارتفاع العمر، وهو تدهور بيولوجي طبيعي لن يوقفه إلا وفاة بايدن. ومن شأن أي سقطة أو هفوة أو ارتباك لبايدن خلال الأيام المقبلة أن تسهل ما أصبح مهمة سهلة بالفعل لترامب بالعودة للبيت الأبيض.

«في ستين داهية»

العنوان أعلاه اختاره عبد الرازق مكادي في “المشهد” لينتقد الفاسدين الذين غادروا مناصبهم.. “في ستين داهية” نقولها لكل وزير طرد أو أقيل. من وزارته، وأي مسؤول سابق كرس مهمته للنفاق والمديح دون وجه حق، وعلى الفاضي والمليان أو حول وزارته إلى كتائب من المخبرين “والبصاصين”.. نقولها لكل وزير وأي مسؤول لم يتفاعل مع هموم الناس، ولم يتخذ إجراءات على الأرض لتخفيف معاناتهم اليومية. نقولها لأي وزير أو مسؤول فاسد “مرتشٍ”، تفرغ لملء جيوبه بالمال الحرام، ولم يقاوم منظومة الفساد، ويقتلع خلايا المفسدين في وزارته، أو إدارته أو محافظته، وتركهم يعربدون بفسادهم يتربحون ويتحولون في شهور معدودة إلى “قطط سمان”، يتغولون بأموالهم الحرام ويتاجرون في كل شيء حولهم.. نقولها إلى هؤلاء الذين أمضوا سنوات خدمتهم في التستر على مخالفات موظفيهم، أو تخلوا عن مهامهم “الرقابية”، فغرقت إدارتهم “الخدمية” في الفوضى، وغابت عنها القوانين وسادت فيها الرشوة، وأصبح لكل خدمة “ثمن”، فضلا عن تعطيلهم لمصالح الناس، وتحويل حياتهم إلى جحيم يومي.. نقولها لهؤلاء الذين لم يحسنوا الأداء والرقابة على أسواقنا، وتركوها للوسطاء والجشعين يفرضون عليها سطوتهم وإرادتهم، ويسرقون الناس بلا “رادع أو ضمير” نقولها لهؤلاء الذين “أنستهم كراسي وأضواء السلطة” الله” فأنساهم أنفسهم، إلى أن حانت ودنت ساعة طردهم بلا رجعة.

السودان المنسي

لم يحرم الله السودان من شيء حتى من البترول، حيث إن احتياطي البترول فيه 1.5 مليار برميل سنويا، حسب الدكتور ناجح إبراهيم في “المصري اليوم”، لكن بعد انفصال جنوب السودان عنه خسر السودان 75% من احتياطاته النفطية لصالح الجنوب، الذي استحوذ على المناطق التي تحوي معظم آبار البترول، وبذلك فقد السودان قرابة ثلثي مصادر النقد الأجنبي.. كل هذه الثروات الكبرى، تبددت وضاعت في معظم حقب الحكم السودانية المتعاقبة فانتقل السودان من السيئ للأسوأ، وعاش السودانيون في فقر مدقع وتردٍّ مزرٍ للخدمات. بدأت أولى مآسي السودان بالانفصال دون مبرر عن مصر، وحافظت الملكية المصرية طوال عهودها على وحدة مصر والسودان، فيما كان يسمى «مملكة مصر والسودان»، ومن أكبر أخطاء ثورة يوليو/تموز التفريط في السودان بسهولة وقبول الخدعة البريطانية التي شجعتها على ذلك، وكان هذا الانفصال نذير شؤم على البلدين وخاصة السودان إذ توالت الانهيارات السودانية؛ ففرطت تحت الضغوط الأمريكية والأوروبية في جنوب السودان وهذه أكبر جريمة للبشير حيث فدى نفسه من السجن بالتفريط في جنوب السودان، ثم توالى لعب أجهزة المخابرات الكبرى في السودان لانفصال دارفور وغيرها، لأنها الأغنى بالذهب واليورانيوم. وأكبر جريمة وقع فيها البشير هي تكوينه ميليشيا الدعم السريع لحماية نظامه من انقلابات الجيش، ولم يدرك أن كل من كون ميليشيا سيكون أول من يكتوي بنارها ويصلى لظاها، فالميلشيات طوال عهودها نذير للخراب فهم أباطرة المذابح للمدنيين، وسرقة أموالهم واغتصاب نسائهم وحرق بيوتهم، فهم يقتاتون السحت ويأكلون الحرام ويلغون في دماء الأبرياء. غدرت ميليشيا الدعم بقيادة حميدتي بالبشير بالتعاون مع البرهان، ثم انقلبت على الجيش السوداني لأنه أراد دمجها في الجيش وإلزامها باللوائح والقوانين ولو تدريجيا.

جرائمها لا تنتهي

الميليشيات دوما تكره النظام وتمقت الانضباط وتعشق الفوضى وتقتات على الخراب، وهم ليسوا كما أوضح الدكتور ناجح إبراهيم رجال دولة ولا مؤسسات، وقد انضم إلى ميلشيا الدعم أخيرا مرتزقة من معظم البلاد الافريقية المجاورة زادوها همجية وتفلتا. وكانت هذه الميلشيا تقوم بسرقة مناجم الذهب السوداني وتهربه للخارج، والسودان بلد غريب فهو واحد من أكبر البلاد التي تنتج الذهب، ولكنه لا يستفيد منه حيث يتم تهريب قرابة 85% من الذهب السوداني. إذا أردت أن تعرف فكر وثقافة وتعليم ميليشيا الدعم فعليك بالاستماع فقط لقائدها حميدتي الذي لا يستطيع أن يقول فكرة واحدة مترابطة ومتسقة، ويعطي لنفسه رتبا لم ينلها روميل ومونتغمري في زمانهما. الآن وقعت الواقعة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم، ووقع في السودان ما هو أفظع وأسوأ من غزة، فإسرائيل إذا قامت بالإبادة الجماعية فلا يستغرب عليها ذلك فهي رائدة المذابح للعرب طوال الـ70 عاما الماضية، وأيديها ملوثة بدماء مئات الآلاف من الأبرياء والأطفال والنساء، أما أن تقوم ميليشيا سودانية الأصل بهذه المجازر فهذا هو المستغرب. ميليشيا الدعم سجنت الأهالي في بيوتهم، وسرقت أموالهم ونهبت بيوتهم، وحرقت قرى بأكملها على من فيها ودفنت سودانيين أحياء، وقصفت قرى ومدنا بالمدفعية والدبابات، وكل ذلك موثق صوتا وصورة. وتعد مذبحة «ود النورة» واحدة من مذابحها الكبرى التي قتلت فيها بدم بارد 100 مدني. السوداني الآن يقف ذليلا على الحدود أو لاجئا للبلاد الأخرى، السودان يعادل في مساحته مساحة أوروبا تقريبا، ورغم ذلك لا يجد فيها السوداني موطنا آمنا، وزاد الطين بلة تواتر الأخبار عن اختفاء حميدتي، وعدم سيطرته على ميليشياته، حيث إنه لم يظهر بين قواته منذ أربعة أشهر، ولم ينكر أي مذبحة كبرى لهم مثل «ود النورة» أو أنه فقد سيطرته على ميلشياته لكثرة المرتزقة الجدد، الذين دخلوها فقط للسلب والنهب.

على أمل التوفيق

أحمد رفعت في “الوطن” يقول: اكتمل التعديل الوزاري الكبير، وبدت ملامح الرغبة لدى القيادة السياسية في الذهاب إلى مرحلة مختلفة وجديدة من العمل الوطني، تدفع دماء جديدة إلى سطح التحديات، لتواجه بقدراتها وعلمها وخبراتها عقبات عديدة تقف حجر عثرة نحو انطلاقنا إلى بناء بلد عصري متقدم يحقق رصيدا جيدا من الصادرات، ومن استقبال السائحين ومن تلقي استثمارات مباشرة كبيرة مع تحقيق انخفاض ملحوظ في وارداتنا واعتمادنا على الخارج، بما ينعكس في الأخير على حياة الناس وتحولهم إلى الأفضل، فليس الأمر – فيما نظن- أمر تغيير أسماء ووجوه إنما تغييرهم مع تغيير السياسات أيضا.. الفكرة في تغيير الوجوه هو الدفع بطاقات جديدة لديها رغبة في العطاء، وتمتلك الحافز للعمل وبذل الجهد لإثبات ذاتها، والنجاح في مهامها الجديدة، وأن تكون عند ثقة شعبها والقيادة السياسية فيها.. بدلا من قيادات قديمة أثبتت الأحداث وتفاصيل العمل اليومي افتقادها لأي جديد لتقدمه للوطن، أو لما كُلفت به من مهام، ولكن ما لم يكن ذلك مقرونا بسياسات جديدة تخط وترسم مسارات أخرى لتنفيذ المهام والتكليفات والارتقاء بها. تسبق وزير التموين الجديد مسيرة نجاح طويلة لعل أبرزها آخر ما قدمه لهيئة البريد، وبنظرة عميقة لأداء البريد ندرك قدرات الرجل على توظيف التكنولوجيا في أداء المهام، وبالتالي نتفاءل بقدرته على التعامل مع مشكلات التموين المزمنة، وأولها إحصائيات وبيانات وأرقام الوزارة، التي لو أنجزها لوصل الدعم إلى مستحقيه، ولن نحتاج إلى تغيير فلسفة الدعم إلى النقدي، ولاستطعنا حل مشكلات عشرات الألوف لم يستطيعوا ضم أطفالهم إلى الآن، لأنه عندئذ سيكون الدعم بالكامل لمستحقيه. وزير التعليم الجديد عليه وعلى الفور إتمام عملية امتحانات الثانوية العامة بسلام، وصولا إلى إعلان النتيجة.. من مهامه الوعي بحال ثلاثة أرباع مليون أسرة يحتاجون إلى الرفق بهم، واتزان وتوازن التصريحات، ليبدأ مع كل ذلك الاستعداد من اليوم للعام الدراسي الجديد، ما يتطلب متابعة هيئة الأبنية التعليمية وكذلك الوسائل التعليمية، ليحشد قدرات وزارته لاستقبال أكثر من 25 مليون طالب.

فيلم كوميدي

الملاحظات التي توقف عندها أمجد مصطفى في “الوفد”، كانت مثل مشهد في فيلم كوميدي مضحك، إذ حاول فريق عمل الفيلم، السفر بنا إلى المستقبل، ورسم صورة خيالية لأبطال العمل، دون وجود حبكة درامية، حيث بدأ عدد كبير من المراقبين، يكيلون الاتهامات والتنبؤات والأحكام على الوزراء، قبل أن يصلوا إلى مكاتبهم، لكننا في زمن «الترند» و«السوشيال ميديا» زمن الفضائيات، والرغبة في السير عكس الاتجاه من أجل لفت الانتباه، هل هكذا يدار مجتمعنا الآن، من خلف الموبايل أو الكمبيوتر؟ ولا عزاء للعلم أو لغة العقل. ينبغي ترك الحكومة الجديدة تعمل على الأقل عددا من الأسابيع، ثم إبدأوا في طرح وجهة نظركم، لكن ليس من العدل أن نبدأ في إصدار الأحكام بعد دقائق من حلف اليمين، بل إن بعضهم تعرض للنقد المبرح، قبل أن يحلف اليمين، نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن التشكيل الجديد للوزارة، أو الوزراء الجدد، الذين تم اختيارهم لكن الرحمة والعدل فوق كل شيء. لأن تلك الأحكام المسبقة تخلق أجواء غير طبيعية لتلك الحكومة، وتجعلها تعمل تحت ضغط غير مريح لأي إنسان، جاء لأداء خدمة وطنية، وأغلبهم جاء لكي يساهم في حل أزمات كثيرة جدا، منها نقص الطاقة، التي أدت إلى قطع التيار الكهربائي، وارتفاع الأسعار، إلى جانب المشاكل الاقتصادية والرغبة في استكمال المشروعات التي بدأتها الدولة. هناك ناس هاجمت وزير التعليم وسخرت من السيرة الذاتية، لا أعلم لماذا؟ اتركوه يعمل خاصة أنه جاء، وبعد أيام قليلة جدا سوف تنتهي امتحانات الثانوية العامة، ويبدأ الاستعداد للموسم الدراسي الجديد، وبعد أن يكمل خطة الاستعداد للموسم الجديد قيموا التجربة. ناس ثانيه طرحت سؤالا بسخرية، ما علاقة رئيس هيئة البريد بتولي حقيبة التموين؟ رغم أن الرجل له تجربة ناجحة في هيئة البريد، ووقتها لم يقل أحد ما علاقته بالبريد، رغم أنه جاء للبريد من بنك ناصر الاجتماعي. نعيش زمن الكلام فيه كثير و«الفتى» كثيرة جدا، الكل أصبح من بيوت الخبرة ومن العلماء.

فوائد النوم المبكر

منذ حوالي 15 عاما يقول عبد المحسن سلامة في “الأهرام” سافرت إلى ألمانيا لأول مرة في مهمة عمل صحافية، وخلالها قمت بالذهاب إلى أحد المحلات المشهورة مع الزميل مازن حسان مدير مكتب «الأهرام» السابق في برلين لشراء بعض الاحتياجات. في حوالي الساعة السادسة والنصف سمعت تعليمات صادرة من الإذاعة الداخلية للمحل بضرورة توجه الموجودين داخل المحل إلى “الكاشيير” للمحاسبة قبل تمام الساعة السابعة، وحينما سألت الزميل مازن حسان أبلغني، أن المحلات يتم غلقها في تمام الساعة السابعة، وبعد الخروج من المحل لفت انتباهي مشهد غير معتاد في بلادنا وهو غلق المحلات جميعها في التوقيت نفسه بلا استثناء. في اليوم نفسه كانت هناك دعوة على العشاء من السفير المصري في ألمانيا آنذاك لأعضاء الوفد المصري، وذهبنا إلى هناك، وخرجنا من العشاء في حوالي الساعة العاشرة مساء. كانت الشوارع هناك تماثل شوارعنا وقت أذان الفجر تقريبا، فالمحلات كلها مغلقة، والإضاءة متوسطة، والهدوء والصمت يلفان الشوارع جميعها. أوضح لي زميلي أن هذا هو حال كل الدولة الألمانية، حيث الالتزام التام بمواعيد غلق المحلات في كل أرجاء ألمانيا، وأنه لا يوجد استثناء إلا للصيدليات والمطاعم والمستشفيات، ودون ذلك لا يوجد أي استثناءات، وفي حالة فتح سوبر ماركت، فلا بد أن يكون لديه تصريح وألا يكون هناك سوى سوبر ماركت واحد في كل منطقة. بعدها سافرت إلى دول كثيرة أخرى، تقوم بتطبيق تلك القواعد بصرامة، وهي من الدول المتقدمة اقتصاديا وسياسيا وسياحيا، وعلى كل الأصعدة.. أما نحن فإن المحلات والورش والمقاهي تعمل حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، وهناك البعض منها لا يغلق أبوابه طوال الـ24 ساعة. تذكرت كل ذلك بمناسبة المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي في الأسبوع الماضي، حول مشكلة تخفيف الأحمال، وقرار الحكومة بغلق المحلات في الساعة العاشرة، اعتبارا من الأول من شهر يوليو الجاري. للأسف الشديد هناك قرار سابق لوزارة التنمية المحلية أصدره اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية السابق، بخصوص مواعيد غلق المحلات والورش في بداية فصل الصيف، غير أن هذا القرار لم ينفذ، ولم يتم الالتزام به. أعتقد أن الالتزام بمواعيد الغلق أفضل كثيرا من تخفيف الأحمال، وأن هذا القرار كفيل بترشيد الطاقة، والتوفير أكثر من قرار تخفيف الأحمال. أتمنى أن تنجح منال عوض وزيرة التنمية المحلية الجديدة في تنفيذ قرار الحكومة كما يحدث في دول كثيرة في العالم ومنها، ألمانيا والنمسا والعديد من دول العالم، ثم دراسة هذا القرار بعد 3 أشهر ومراجعته وتطويره إذا لزم الأمر.

الأزمة الاقتصادية

لا نتجاوز الواقع على حد رأي محمد بركات في “الأخبار” بوجود حقيقة واضحة ومؤكدة، في ظل التطورات الاقتصادية بالغة الدقة والحساسية، التي أحاطت وأثرت على العالم كله، جراء الأزمات المتلاحقة التي طرأت عليه، بداية من جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ثم اشتعال الموقف في المنطقة العربية والشرق أوسطية، خلال العدوان الإسرائيلي اللا إنساني على غزة. هذه الحقيقة تقول وتؤكد ما كان معلوما منذ الأزل وما سيظل قائما ومعلوما إلى الأبد، وهو أن العوامل الاقتصادية هي الفاعل والمؤثر الأكبر، على منحى ومسار وشكل وجوهر الحياة للأفراد والمجتمعات والشعوب والدول، وهي المحدد لمستوى معيشة الأفراد والأسر، داخل كل كيان من هذه الكيانات. وعلى قدر ما تتمتع به هذه الحقيقة من مصداقية وثبات، إلا أن هناك حقيقة أخرى موازية لها في الأهمية والمصداقية، وهي وجود توافق عام بين الخبراء والمتخصصين في مراكز البحوث والدراسات الاقتصادية، ترى ضرورة الأخذ بمنهج التقشف العام من جانب الدول والشعوب، في مواجهة الأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها خلال مسيرتها الوطنية. وهذه الرؤية تزداد ترجيحا وقبولا، كلما كانت الأزمة التي تواجه هذه الدول، وتلك الشعوب لها صفة الامتداد والشمول في آثارها، على المناحي المتعددة لمستوى معيشة الأفراد والأسر. وفي هذا الخصوص أعتقد أن علينا أن ندرك ونتفهم حقيقة أن حالة التقشف تلك ليست مقصورة على الحكومة وحدها، بمعنى أنها ليست الوحيدة التي يجب عليها أن تتخذ الإجراءات المؤدية إلى التقشف والدالة عليه، بل على الدولة كلها أن تقوم بذلك وتشارك فيه. بمعنى أن على الأسر والأفراد اتخاذ هذا السبيل والقيام بالإجراءات المؤدية إلى التقشف وترشيد الإنفاق كلما أمكن ذلك، وتخفيض الاستهلاك بقدر الإمكان، ولكن الأهم من ذلك بالتأكيد هو زيادة الإنتاج بناء على تفهم عام، ورغبة جمعية للسعي في اتجاه التغلب على الأزمة الاقتصادية، والخلاص من انعكاساتها السلبية التي تؤثر على الكل. ورغم إدراكي لثقل وصعوبة هذه الرؤية على بعض الأفراد والأسر، فإنها يجب أن توضع في الاعتبار حرصا على الصالح العام، رغم المعاناة التي يتحملها عامة المواطنين في ظل الأزمة الاقتصادية.

تفاؤل حذر

يرى جمال حسين في “الوطن” أن المصريين استقبلوا التغيير الوزاري الكبير بكل سعادة وتفاؤل وأمل في غد أفضل.. فعلى مدار الأربع والعشرين ساعة الماضية، اشتعلت مواقع البحث لمعرفة كل كبيرة وصغيرة عن تاريخ الوزراء الجُدد وخبراتهم ومؤهلاتهم التي وضعتهم في بؤرة اختيار أهم حكومة من وجهة نظري في تاريخ مصر، يعقد المصريون عليها الآمال أن تكون بحجم الجمهورية الجديدة. وأن تكون بحجم التحديات، وأن تُخفّف الأعباء عن المواطنين، وأن تُحسّن الخدمات وتدفع الاقتصاد إلى الأمام، وأن تعمل بأداء ونشاط وحركة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأن ينزل الوزراء إلى الشارع، ليقفوا بأنفسهم على المشكلات والتحديات، ويعملوا على حلها بسياسة «الباب المفتوح»، بعيدا عن المكاتب المكيّفة وبطانة الشر، الذين يضعون جدارا عازلا بين الوزراء والمواطنين، ويفرضون على المسؤولين وصاية وخريطة طريق مدمرة لا يحيدون عنها بعد إقناعهم بأنهم يعملون لصالحهم. تابعت خلال الساعات والأيام الماضية عن كثب نبض الشارع المصري وآماله وأحلامه وتطلعاته، وتابعت ردود الفعل حول كل اسم تم ترشيحه لحقيبة وزارية.. وتابعت من قبل ومن بعد استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسي لنبض الشارع، بإجراء تغيير وزاري وتغيير محافظين يُعد الأكبر في العقود الأخيرة.. أستطيع أن أجزم بأن الوزراء الجُدد الذين تضمّنهم التشكيل الوزاري الجديد تم اختيارهم بعناية، ويتميزون بالكفاءة والإخلاص والقدرة على أداء المهام المكلفين بها. تميّزت الحكومة الجديدة بزيادة نسبة الخبرات الدولية والإقليمية إلى 35٪ من أعضائها، وشهد متوسط أعمار الوزراء انخفاضا ملحوظا، حيث أصبح متوسط الأعمار 56 عاما بعد أن كان في الحكومة السابقة 64 عاما، وتضم 6 وزراء أعمارهم أقل من خمسين عاما، و10 وزراء تتراوح أعمارهم بين 50 و65 عاما، و14 وزيرا أعمارهم تتخطى الستين عاما، ويُعد المستشار عدنان الفنجري وزير العدل الجديد، أكبر الوزراء سنا، حيث يبلغ عمره 71 عاما.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية