لا شك أن العامل الأبرز في معاناة سكان قطاع غزة يكمن في إجراءات الإحتلال الإسرائيلية بفرض الحصار الخانق على القطاع، عدا الغارات المتواصلة على السكان العزل والتي تدمر المنشآت والمرافق الاقتصادية، إلا أن جائحة كورونا زادت من المعاناة، لا سيما في ظل استمرار تقليصات خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا.
ويساهم الحصار في النقص الحاد بالمستهلكات الطبية والأدوية وأجهزة التنفس، ما يهدد حياة الآلاف من سكان القطاع فيما يهدد إلى جانب أزمة كورونا الأمن الغذائي لحوالي 80 في المئة من الأسر في غزة، ويعيش أكثر من 85 في المئة تحت خط الفقر، وارتفعت معدلات البطالة إلى ما نسبته 65 في المئة، فيما زاد عدد العاطلين عن العمل إلى ما يقرب من 350 ألفاً، ووفق آخر البيانات الصادرة عن الجهات الحكومية المختصة، اعتبرت أن استمرار الحصار للعام الخامس عشر على التوالي، أوصل الحالة الإنسانية والصحية لنقطة كارثية صعبة، فيما زاد تفشي جائحة كورونا من تدهور الحالة الإنسانية المنهكة في الأصل.
ونظمت اللجان الشعبية للاجئين والفصائل والمؤسسات الفلسطينية مئات الوقفات الاحتجاجية الرافضة لسياسة الأونروا والتي يقولون إنها ممنهجة وتهدف إلى تصفية حقوقهم تماهياً مع ما يسمى صفقة القرن الأمريكية. وقالت اللجنة الشعبية لمساندة اللاجئين أن 80 في المئة من مصانع غزة أغلقت أبوابها منذ بداية الحصار، فيما تراجع معدل الإنتاج في المصانع التي تعمل إلى 20 في المئة، بسبب منع دخول المواد الخام اللازمة للصناعة، والاعتداءات وتقييد حركة الاستيراد والتصدير وتدهور الوضع الاقتصادي لعمال المياومة وأصحاب المحال التجارية والورش، كما أن عشرات المحال التجارية والمؤسسات والشركات أغلقت أبوابها خلال العام الماضي، بسبب عدم قدرتها على المواصلة في ظل حالة الجمود الاقتصادي وتراجع مستويات الدخل.
وقال رئيس اللجنة الشعبية لمساندة اللاجئين الفلسطينيين في غزة نصر أحمد إن معاناة المخيمات في ظل جائحة كورونا كانت مضاعفة خلال عام 2020 حيث ارتفعت معدلات البطالة بشكل كبير مع تدني الخدمات بشكل عام، في حين إن أبرز التقليصات التي أعلنت عنها الأونروا خلال العام، هي مسألة توحيد الكوبونة الغذائية المقدمة للفقراء والأشد فقراً في غزة، حيث سيترتب عنها نقص كمية المواد الغذائية المقدمة للاجئ، وحرمان الآلاف من حقهم في الحصول على هذه الكوبونة، في ظل الأوضاع التعيسة التي تعيشها المخيمات.
وأكد نصر في حديثه لـ”القدس العربي” أن هذه التقليصات ستنعكس بالسلب، محذراً من انفجار المخيمات وفقدان السيطرة عليها، لافتاً إلى أن وكالة الغوث كان الهدف منها خدمة اللاجئين إلى حين العودة والتعويض، إلا أنها تنتهج سياسة تقليصات بل تزيد من وتيرتها كلما مرت السنين، حتى إنهاء خدماتها بالكامل وصولاً إلى إنهاء قضية اللاجئين.
وأشار أن الأيام المقبلة ستشهد عمليات فصل لموظفين من الأونروا، جراء قرار توحيد الكوبونة أو تحويلهم إلى بند العمل اليومي، وهذا شيء كارثي سيزيد من البطالة، مؤكداً على أنه لولا جائحة كورونا وحالة الحظر التي فرضتها، لذهبنا ونصبنا خيام الاعتصام على أبواب الأونروا وأغلقنا كل مقراتها احتجاجا إلى حين الاستجابة لمطالب اللاجئين العادلة.
وأوضح إنه ماتياس شمالي مدير عمليات الأونروا في فلسطين، جاء إلى غزة لتنفيذ التقليصات وإنهاء هذا الملف، وتصرفاته تجاه اللاجئين وموظفي الوكالة هي الشاهد على ذلك، فعمل على تقليص الخدمات والموظفين وساهم في زيادة معدلات البطالة، واليوم لا يوجد أخصائيين لتغطية أعداد المرضى، وقام بفصل 106 من معلمي ومعلمات ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسات التأهيل المجتمعي، الذين يخدمون ثلاثة آلاف شخص.
وفي ختام حديثه، طالب رئيس اللجنة الشعبية الأونروا بالعدول عن القرارات المجحفة بحق اللاجئين، وعدم إنقاص كميات المواد الغذائية المقدمة لهم، واعتماد جميع الأسر الجديدة في المخيمات، حيث هناك حوالي 70 في المئة من الأسر تعيش تحت خط الفقر المدقع.
وبين الناطق بإسم الأونروا عدنان أبو حسنة أن هناك دراسات واتصالات ونقاشات تجريها إدارة الوكالة من أجل تحديد مستوى الحد الأدنى للأجور، الذي يصبح بعده للشخص حق تلقي الكوبونة من عدمه، مؤكداً أنه سيتبع هذه العملية فتح باب الانضمام لمستفيدين جدد من هذه الكوبونات، لأنه ومنذ شهر أيلول/سبتمبر 2019 وحتى الآن، لم يتم إضافة مستفيدين جدد من الذين أصبحوا فقراء وهم آلاف العائلات، وهناك المواليد الجدد والأزواج الجدد كل هؤلاء لم تتم إضافتهم وسيفتح الباب لهم على مصراعيه.
وأوضح إن هناك رسائل تصل للاجئين من أجل تحديث بياناتهم، لأن هناك أعدادا كبيرة من المواطنين مسافرين إلى الخارج، وهناك من فقدوا أعمالهم ومن طردوا منها، ومن كانوا يعملون بدخل ثابت أصبحوا يعملون بدخل جزئي، ويتم تحديث كل هذه البيانات لتصنيف المستفدين وحصرهم، أما في الوقت الحالي فلم يتم قطع الكوبونة عن أي أحد، ولكن يتم تحديث البيانات لتكوين الرؤية الكاملة التي ستطبق في الربع الأول، وطريقة البحث ستكون مختلفة تماماً عن السابق، وسيفتح الباب لكل لاجئ فلسطيني في قطاع غزة للاستفادة من الطرود الغذائية، باستثناء موظفين يتقاضون رواتب ثابتة ومرتفعة سيتم الإعلان قريباً عن النسبة التي لا يحق لها الاستفادة من برامج الأونروا.
حسبنا الله ونعم الوكيل