القاهرةـ “القدس العربي”:
في زيارة له هي الأولى منذ توليه الحكم في مصر قبل 12 عاما، حل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضيفا على أنقرة تلبية لدعوة نظيره التركي رجب طيب أردوغان.
الزيارة التي جاءت بعد سنوات من التراشق والقطيعة على خليفة موقف أنقرة من الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي عام 2013، واعتبارها ما شهدته مصر انقلابا على أول رئيس منتخب بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، وصفتها الرئاسة المصرية بالتاريخية.
وفور وصوله إلى أنقره، أعرب السيسي عن سعادته بزيارته الأولى إلى تركيا ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشددا، على مصر وتركيا تجمعهما علاقات تاريخية وشعبية متأصلة الجذور وتربطهما علاقات سياسية قوية منذ تأسيس الجمهورية التركية.
مصر وتركيا تجمعهما علاقات تاريخية وشعبية وتربطهما علاقات سياسية قوية منذ تأسيس الجمهورية التركية
وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمي، وصف في بيان الزيارة بالتاريخية التي تمثل محطة جديدة في مسار تعزيز العلاقات وللبناء على زيارة الرئيس أردوغان التاريخية إلى مصر في فبراير/ شباط الماضي.
وحمل السيسي خلال زيارته ملفين رئيسين للتباحث مع نظيره التركي الأول تمثل في وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإنهاء العدوان الإسرائيلي، والثاني زيادة حجم التبادل والتعاون الاقتصادي.
قالت الرئاسة المصرية، إن الزيارة تشهد مباحثات معمقة مع الرئيس أردوغان ورئاسة الرئيسين الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، والتوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين حكومتي الدولتين في مختلف مجالات التعاون.
وأضافت أن السيسي وأردوغان سيناقشان القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وعلى رأسها جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ورغم الأزمة التي سيطرت على علاقات البلدين خلال العقد الماضي، إلا أن الملف الاقتصادي لم يتأثر بالأزمة.
الدكتور وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، قال إن العلاقات المصرية التركية هي علاقات تاريخية ينظمها العديد من الاتفاقات أهمها اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين؛ تلك الاتفاقية التي ساعدت على خلق حجم تبادل تجاري بين البلدين وصل إلى 10 مليارات دولار حتى أخر إحصائية، لافتا إلى أن هناك العديد من الاستثمارات التركية في مصر ممثلة في أكثر من 200 شركة ومصنع تركي باستثمارات تتعدى 2.5 مليار دولار.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء-مؤسسة رسمية-، فإن قيمة التبادل التجاري بين مصر وتركيا ارتفع ليصل إلى 7.7 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 6.7 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 14 المئة، وإن أكثر من 200 شركة ومصنع تركي، وشركات مصرية مساهمة باستثمارات تركية تتعدى 2.5 مليار دولار.
ووفق تقرير الهيئة العامة للاستعلامات المصرية- مؤسسة رسمية-، فتعد تركيا في المرتبة الخامسة، من حيث الدول المصدرة لمصر، حيث تشير الإحصائيات الرسمية إلى وجود قفزة كبيرة في العلاقات الاقتصادية وحجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا خلال الأعوام الماضية.
وتشير البيانات الرسمية، إلى أن أهم مجموعات سلعية صدرتها مصر إلى تركيا خلال عام 2022، تمثلت في وقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة 1.6مليار دولار، ولدائن ومصنوعاتها بقيمة 391 مليون دولار، وأقمشة وخيوط من منسوجات صناعية بقيمة 291 مليون دولار، ومنتجات كيماوية غير عضوية بقيمة 259 مليون دولار، وأسمدة بقيمة 194 مليون دولار، وآلات وأجهزة كهربائية 170 مليون دولار.
فيما جاءت أهم مجموعات سلعية استوردتها مصر من تركيا خلال، هي حديد وصلب بقيمة 793 مليون دولار، وآلات وأجهزة كهربائية وآلية بقيمة 529 مليون دولار، ووقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة 313 مليون دولار، منتجات كيماوية غير عضوية بقيمة 220 مليون دولار، ولدائن ومصنوعاتها بقيمة 185 مليون دولار، وسيارات وجرارات ودراجات 178 مليون دولار.
وسجلت قيمة الاستثمارات التركية في مصر 179.9 مليون دولار خلال العام المالي 2022 مقابل 138.1 مليون دولار خلال عام 2021.
وبلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين في تركيا 29.1 مليون دولار خلال 2022 مقابل 21.5 مليون دولار خلال العام 2021، حيث يبلغ عـدد المصريين المتواجدين في تركيا طبقاً لتقديرات البعثة 40 ألف مصري حتى نهاية 2022.
وشهدت العلاقات المصرية التركية توتراً منذ الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، وتبنّي أنقرة موقف داعم لمرسي، وانتقدت الخطوات التي اتخذها الجيش فيما بعد، واستضافة عدد من قيادات المعارضة المصرية وجماعة “الإخوان المسلمين”، إضافة إلى تبنّي القاهرة وأنقرة سياسات مختلفة فيما يتعلق بالملف الليبي، والخلافات حول غاز شرق المتوسط.
وخلال العامين الماضي، تبادلت مصر وتركيا زيارات مسؤولين، للمرة الأولى منذ عام 2014.
ومثلت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى ولاية أضنة المنكوبة إثر الزلزال الذي ضرب تركيا في فبراير/ شباط 2023 نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات، أعقبها زيارة وزير الخارجية آنذاك التركي مولود جاوش أوغلو، في مارس/ آذار 2022.
وكانت الزيارة الأولى على مستوى رفيع لمسؤول تركي إلى القاهرة منذ 11 عاماً، سبقها سلسلة من اللقاءات الاستكشافية ولقاء سريع جرى بين أردوغان والسيسي في قطر، على هامش افتتاح كأس العالم، واتصال هاتفي أجراه السيسي مع أردوغان عقب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا.