غضب إعلامي وصمت رسمي على إهانة نائبة كويتية لوزيرة مصرية والإنفاق على التعليم من الأعمال الخيرية

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: هي تعرف طريقها جيدا، لأنها لم تلوث بعد كسائر المدن، كما أن معظم أهلها غير شغوفين بممارسة الجهاد عبر العالم الافتراضي، فلا حسابات لهم على تويتر ولا الفيسبوك إلا ما ندر.. الناس في القطاع لديهم سلمهم الخاص الذي يصعدون عبره للسماء كل ليلة، ومن حسن حظهم أنهم بلا دبلوماسيين يتحدثون باسمهم في المحافل الدولية.. فلا يحسبونها بالورقة والقلم ولا يصغون لنصائح «الأخوة الأعداء»، لكل ذلك ما زالوا قناديل من نور في زمن العتمة الأبدي.

لا جديد… غزة تقاوم والعرب خانعون وأخبار الحرب على القطاع تتوارى ومصر تتخوف من التصعيد

كان من الطبيعي أن تنأى غزة بنفسها عن طلب النجدة من شركائها في الدين واللغة، من تنادي ولي عهد اثنى عليه نتنياهو مؤخرا واصفا إياه بأنه «صديق في وقت الضيق»؟ أم حاكما آخر بات خارج سياق التاريخ، أم ثالثا يحكم وهو أقرب للآخرة من الحياة الدنيا؟ بمن تستنجد غزة؟ بمن يمنع عنها الهواء والدواء؟ أم تطلب الدعم الروحي من دعاة على طراز الداعية السعودي المثير للجدل أحمد بن سعد القرني، الذي استغاث بنتنياهو وجيشه أمس الأول، طالبا منهم محو حركة حماس وشبابها من فوق الأرض، وهدم البيوت على رؤوس قادة المقاومة، ورفع القرني يداه عبر تويتر داعيا لعناصر جيش الاحتلال الاسرائيلي: اللهم سدد رميهم على مواقع حماس الإرهابية. إذا كنت من أولئك الباحثين عن أخبار الحرب التي شنت على القطاع فلا داعي للبحث عنها في صحف القاهرة المشغولة بفانلة محمد صلاح المدون عليها شعار مجلة إباحية، كما لهثت الصحف نفسها أمس الأربعاء 14 نوفمبر/تشرين الثاني وراء أحدث تصريحات للفنانة المعتزلة شمس البارودي، التي أكدت لـ«اليوم السابع» أنها رفضت عروضا بالملايين لتقديم برامج دينية أو سيرة حياتها وأضافت، لن أعود للأضواء ولن أقف أمام الكاميرا مهما كانت الإغراءات، وأكدت أنها تخلت عن خادماتها بسبب الفقر. كما اهتمت الصحف الموجهة من وراء ستار بالصراع بين المطرب حمو ومنافسه شطا، وأحدث إطلالة لشريهان واكتئاب أنغام.. لن تجد في تلك الصحف متعاطفا مع القضية ولا أهلها، في ما كانت المعركة الأبرز موجهة ضد نائبة البرلمان الكويتي صفاء الهاشم. أما جمال سلطان فقد سيطرت عليه الدهشة: «محاكمة كاتب كبير بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، وفي أمريكا محاكمة رئيس الجمهورية بتهمة إهانة مراسل صحافي، اختلاف ثقافات!». فيما استرسلت وزيرة البيئة في أحلامها لحد عدم السيطرة مؤكدة: نسعى لوضع خريطة طريق للحفاظ على الحياة فوق كوكب الأرض. وتولى عمرو الشوبكي الرد عليها: «من يختار الوزراء؟ هذه السيدة مهمتها أن تحفاظ على البيئة في مصر لا على كوكب الأرض، وحتى وزراء البيئة في أمريكا وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا لن يجرؤوا على قول هذا الكلام الفارغ». أما شوقي عقل فاكتشف أن للفساد فائدة: «فقد بين أن وطننا لا حدود لثرائه، فقد استطاع أن يتحمل كل هذا النهب الطويل! بدأ السقوط الكبير مع السادات، مقارنة بما يحدث الآن».

كرامتنا في الكويت

الأجواء المحتقنة ضد نائبة كويتية بسبب هجومها على وزيرة مصرية تتزايد، وتكفلت سحر جعارة بالرد عليها في «الوطن»: «كنا ولا نزال نعتبر أن «لغة المن» خارج قاموس البيت العربي، وأن احترام النظام الكويتي بشعبه وقضائه وقوانينه يعكس درجة تحضرنا، وعدم تدخلنا في شؤون دول الجوار.. حتى لو تعلق الأمر بدهس مصري بسيارة، أو بمقتل آخر، أو بدموع «فاطمة عزيز» المواطنة المصرية المعتدى عليها في الكويت من 5 سيدات قمن بدهسها ووضع أحذيتهن فوق رأسها، بسبب مشاجرة عادية، حين قامت إحدى الفتيات بدهس ابن صديق زوجها بالدراجة، رغم أنها كانت منطقة غير مخصصة للدراجات. سجلت فاطمة فيديو وبثته على «الفيسبوك»، ومن خلف دموعها قالت: «إحنا مش صراصير.. لحظة دهسي بالجزم منهم قدام ولادي مميتة بالنسبة لي، وأهم شيء أن كرامتي ترجع».
وانتفض المجتمع المصرى كله لدموعها وكرامتها المراقة على الرصيف، وتحت أحذية الشقيقات من الكويت.. ثم فجأة خرجت علينا صفاء الهاشم، النائبة في مجلس الأمة الكويتي، بهجوم مستفز وصادم على الوزيرة نبيلة مكرم، أضافت بكراهية معلنة: «لا داعي للتكسب السياسي والإعلامي، من خلال الغمز واللمز، على الخشية من العبث في كرامات ناس أكرمناهم أكثر مما أكرمتهم بلدهم، حتى بات البعض منهم يتعدى الخط الأحمر للمواطن الكويتي.. ‏ويعبث في مصير حياته اليومية والوظيفية». وهو اتهام مرفوض وخطير لأننا دافعنا عن حق هذا الشعب في العودة لوطنه، وحاربنا واستشهد منا المئات، فكيف يتسق هذا مع «العبث في حياته اليومية والوظيفية»؟ وقد أسهبت الهاشم في «وصلة ردح» لا تعبر عن الشعب الذي انتخبها بقدر ما تعبر عن حقد شخصي.. ورغبة في إفساد العلاقة بين البلدين».

كنا فقراء يا صفاء!

نبقى مع المعارك ضد النائبة الكويتية حيث نشرت «المصري اليوم» مقالا للكاتب الكويتي ناصر طلال: «بدلا من أن تتفرعني وتنفجري عنصرية ضد الوافدين وتطالبي حتى بدفعِهم مئة فلس ضريبة عن مشيهم على شوارعِ الكويت، عليكِ أن تنظري إلى بشاعة وجهكِ وأنتِ تتحدثين بما يُغْضِبُ اللهَ تعالى ورسولَه. يا صفاء، في دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجيِّ، في زمانِ الفقر والعوزِ منذُ عشرينياتِ القرنِ الماضي حتى نهايةِ ستينياتِه، كانت سوريا العزيزة والعراق العظيم، ثم مصر الحبيبة في عهد جمال عبدالناصر، ترسل إلينا طواقم المدرسين والأطباء والـمهندسين على حساب حكوماتِهِم، وتُدفَعُ رواتبُهُم من موازاناتها. ويفتحون معاهدهم وجامعاتهم لطلابنا وطالباتنا ويؤمنون لهم السكن ويصرفون لهم رواتب شهرية. يا صفاء، لو شَـرَّحنا عقولَنا لَـوجدنا في تلافيفها ما علمَنا إياه السوريون والـمصريون والفلسطينيون وسواهم من أشقائنا، هؤلاء هم أصحابُ الفضل علينا ما حيينا. ونحن، يا صغيرة، مهما فعلنا فإننا لن نستطيعَ رَدَّ واحدٍ من مليون من أفضالهم علينا. وإذا كنتِ تعتقدين أنَّهم مُرتَزِقةٍ فاذهبي للاغتسال في بحارِ الـمغفرة ما بقي لكِ من أيامٍ في الدنيا، فهم يؤدون أعمالا ويتلقون أجرا عليها، وهم أسهموا ويُسهمون في بناء بلادنا، ولو كنا نتحدث بعدالةٍ لَوَجَبَ علينا منحهم الجنسيةَ بعد قضائهم خمسة عشر عاما، أو على الأقل أن نمنحهم الإقامة الدائمة غير المَشروطة. عندما تتحدثين عن الوافدين، تذكري، يا صغيرة، أنهم بشرٌ مثلنا وفيهم كثيرون أفضل منا، هذا الشقيق العربيُّ، والشقيقُ الـمسلمُ، والأخُ في الإنسانية، مهما اختلفت أعراقُهم وأديانُهم هم بشرٌ يعملون ويبنون ويسهمون في كلِّ النشاطاتِ بجدٍّ واجتهادٍ وشرفٍ، وكما هم بحاجةٍ للعمل فإنَّ حاجتنا إليهم أعظمُ، فلا تتعنطزي عليهم وكأنَّ البشرَ عبيدٌ عندكِ».

دعوها تردح

من بين من هاجموا النائبة الكويتية، مجدي الجلاد في موقع «مصراوي»: «السيدة الفاضلة صفاء الهاشم، مارست «الردح» ضد مصر «أرضا وشعبا ووطنا وحكومة»، وهي في ذلك شديدة الاتساق مع أسلوبها الدائم في مناقشة القضايا الداخلية وأحيانا الخارجية.. غير أنها لم تفرّق بين «الردح» لبني وطنها و«الردح» لأمّة قادت – ولاتزال- الوطن العربي كله نحو التنوير والإبداع والتنمية والكرامة، أمّـة حاربت- ولا تزال- أعداء العرب، سواء إسرائيل أو الإرهاب، بل حاربت بدماء أبنائها لتحرير الكويت الشقيقة من الغزو العراقي الغاشم، والأكثر من ذلك أن مصر حاربت- ولاتزال- خيام الجهل التي كانت تطبق على «العقل العربي» منذ القدم! «حمو بيكا ومجدى شطة» ليسا أكثر سذاجة من صفاء الهاشم، لذا أدعو الدولتين الشقيقتين- مصر والكويت- لعلاج الثلاثة، سواء من الجهل أو الاعتقاد وهما بأن دولة بحجم مصر يمكن لأحد أن يهزّها بـ«فيديو» أو «كلمات صفيقة» أو «ردح بلدي». والأهم إنني أدعو كل عربي ألا يختزل دولة وشعب الكويت في ما تقيأت به هذه الـ»نايبة».. لأن سُنّة الله عز وجل في خلقه أن تنبت وسط «الكرام» نباتات شيطانية قليلة.. وما نحن في مصر بحاجة لمبررات كي نقول: إننا نحب الكويتيين مثلما يتسع قلب «الأب والأم» لكل العرب. لم تخطئ السيدة الفاضلة، ابنة الحسَب والنسَب والأصْل والفصْل، السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، حين دافعت عن «كرامة المصريين في الخارج»، لا سيما أن ذلك يدخل في صميم عملها ومهمّتها ورسالتها.. ولكن «النايبة صفاء» أساءت لمصر كلها مثلما اعتادت الإساءة المتطرفة ضد العرب في كافة المناسبات، ولأن الإناء ينضح بما فيه، ردّت نبيلة مكرم على «فيديو الإساءة» بكلمات تعبر عن تكوينها وأخلاقها وسمعتها الدولية واعتزازها بمكانة بلدها وحجمه».

غزة وما حولها

«ثلاثة تطورات حدثت في غضون أسبوع واحد، يطرحها أمامكم عماد الدين أديب في «الوطن»، كما هي بدون محاولة فرض فكرة أو نتيجة معينة على عقل وضمير القارئ. هذه الأحداث هي، موافقة تحدث لأول مرة في عهد حكومات بنيامين نتنياهو، أن يتم نقل منحة مقدمة «أوراق بنكنوت» إلى حماس في غزة من قبل قطر بواسطة جهاز الأمن الإسرائيلي، وبموافقة ومباركة رئيس وزراء إسرائيل الصريحة والعلنية. وقيام إسرائيل في الوقت ذاته الذي تتسلم فيه حماس الأموال بمهاجمة مركز أمني في منطقة خان يونس من قبل القوات الخاصة الإسرائيلية في عملية نوعية أمنية لاشتباههم بوجود رهائن إسرائيليين في هذا المركز. في الليلة التالية أطلقت حماس أكثر من 120 صاروخا نحو المستعمرات الاستيطانية في المنطقة. إعلان الرئيس الفلسطيني أبومازن، أن المال القطري لحماس يهدف إلى فصل غزة عن الضفة، بهدف تمرير مشروع صفقة القرن. وهنا لا بد من التوقف أمام 4 نقاط أساسية لا يمكن التغافل عنها كلما فتحنا موضوع ملف غزة: الأول أن غزة التي تبلغ مساحتها 360 كم وسكانها أكثر من 2 مليون نسمة هي أكثر بقاع العالم من ناحية التكدس السكاني، بمعنى عدد البشر مقابل كل متر مربع، ما ينذر دائما بقنبلة سكانية قابلة للانفجار. ثانيا: تقول الدراسات الإسرائيلية إن هذا الانفجار السكاني قد يؤدي إلى تمدد، إما ناحية خطوط الفصل الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، أو ناحية شبه جزيرة سيناء، أي على حساب الأراضي المصرية. ثالثا: إن مشروع غزة الكبرى يتم تسويته منذ أوائل الثمانينيات من قبل دراسات إسرائيلية من مراكز أبحاث معتبرة ومرتبطة بالنظام. وجاء عرض صريح وواضح من قبل نتنياهو للرئيس الأسبق حسني مبارك بتوسيع نطاق غزة مقابل تبادل أراضٍ في النقب، وتم رفض المشروع جملة وتفصيلا».

حافة الهاوية

نبقى مع غزة ومجدي سرحان في «الوفد»: «ليس خافيا.. أن هناك مخاوف دائمة لدى مصر من التصعيد المتسارع للأحداث في غزة، الذي يمكن أن يصل إلى ذروته بشن إسرائيل حربا شاملة ضد القطاع الواقع على حدود مصر الشرقية، الذي يمثل عمقا استراتيجيا لمصر وعنصرا بالغ الأهمية في منظومة أمنها القومي. ومن أجل هذه المخاوف يأتي التحرك المصري الدبلوماسي والمخابراتي النشيط والفعال لاحتواء الأزمات في القطاع ونزع فتائل أي تصعيدات عسكرية قد تلوح في الأفق.. لا شك في أن كل فصائل الفلسطينيين تعلم جيدا أن التصعيد الحالي في غزة لم يبدأ من جانب «حماس».. ولكن بدأته قوات الاحتلال بتسللها إلى عمق القطاع، لخطف أحد قيادات الحركة الذي يمثل بالنسبة لهم «منجم معلومات» أرادوا الإيقاع به حيا، لكنهم فشلوا ونجم عن هذه العملية «الغبية» استشهاد ثلاثة فلسطيينين، ما دفع حماس للرد بعنف على هذا العدوان.. وهي تعلم جيدا أن الإسرائيليين لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وسيكون لهم رد عنيف كعادتهم دائما. ولم يكن هذا التحرك الحماسي أكثر من رسالة سياسية، ورد فعل ميداني ليس مقصودا به أبدا الدخول في حرب واسعة مع الإسرائيليين، أو التوغل في اقتحام الحدود الشرقية للقطاع. الفلسطينيون، وتحديدا قيادات حماس، يعلمون جيدا نهاية حدود هذا التصعيد، لكنهم يريدون كعادتهم أيضا «اعتصار الفرصة حتى آخر قطرة» وفقا لتعبير أحد المواقع الإلكترونية وثيقة الصلة بالمخابرات الإسرائيلية، أي يريدون تحقيق أقصى مكاسب من الموقف، والإسرائيليون أيضا يعلمون حدود هذا التصعيد بالنسبة لهم، ولا يريدون أن يصل هذا التصعيد للحرب.. لكنهم يمارسون مع حماس «لعبة حافة الهاوية» وفقا لتعبير الكاتب الغزاوي المخضرم أكرم عطا الله».

ذيل القائمة

«مستوى التعليم هو الذي يحدد ما يتابعه المجتمع. في عصور التألق كان الناس يتابعون ما يكتبه عباس محمود العقاد وطه حسين وشعر أحمد شوقي وحافظ ابراهيم والمناظرات الشهيرة. التعليم في الماضي كما يؤكد فراج إسماعيل في «الشبكة العربية» كان مقدسا، ذا أهمية وشأن. إنك تذهل عندما تعرف الشهادات الدراسية التي حصل عليها العقاد ومحمد حسنين هيكل، لكن من في العصور الحالية يمكن أن يجاريهما عقلا وفكرا وعمقا ومعلومات. حامل الدكتوراه في وقتنا الحالي لا يكتب جملة واحدة صحيحة. موقع هو الأكبر في مصر ويهيمن على أكثر «الترافيك» غير قواعد النحو التي تعلمناها، فصار الفاعل منصوبا ومجرورا، والمفعول به مرفوعا وهكذا. لا تقرأ فيه خبرا واحدا صحيحا نحويا! ليس أكثر دلالة على مستوى التعليم من الخبر الذي تصدر عنوانه الصفحة الأولى لـ«الأهرام» يوم الثلاثاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني «وقف خيري لرفع رواتب المدرسين وحل مشاكل كثافة الفصول»! وقف خيري، انخفض الاهتمام بالتعليم إلى حد الانفاق عليه من الأعمال الخيرية. والمثير للاستغراب الشديد أن هذا الكلام منسوب لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور طارق شوقي، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب يوم الاثنين 12 نوفمبر. لم نسمع أن الكتل الإسمنتية التي تقتحم الجبال وبعضها لا حاجة للمجتمع بها في الوقت الحالي يتم الإنفاق عليها من الأوقاف الخيرية. فلماذا نستصغر التعليم وأهميته ولا نخصص له مصادر إنفاق كريمة ووفيرة كما ننفق على مرافق أخرى؟ المعلم ليس أقل شأنا من غيره، بل يسبق الجميع فهو الصانع والمصنع لبناء الدول الحديثة. في النهاية لا داعي للاستغراب من أن يكون حمو بيكا ومجدي شطة نجمي المرحلة!».

حي على الجهاد

يحتفل حزب الوفد حاليا بعيد الجهاد الذي مثّل بالنسبة لعباس الطرابيلي فرصة لذكريات لا تنسى مشيرا إليها في «الوفد»: «تفتحت عيناي- وأنا دون السادسة من عمري- على أمي، وهي تردد نشيد عيد الجهاد الوطني.. وكنت وقتها تلميذا في مدرسة جامع البحر الأولية – وكانت تابعة لوزارة المعارف. بعد عامين قضيتهما في مدرسة الحزاوي وهي نوع من مدارس الحضانة وقتها. كانت أمي بعد أن تركت مهنة التدريس تدندن بكلمات غريبة على أذني، تتحدث الكلمات عن عيد الجهاد، الذي كان عيدا لكل المصريين، وكان ذلك أوائل الأربعينيات. ثم أخذت أمي عليها رحمة الله تحاول تحفيظي كلمات هذا النشيد، حتى إنني سبقت شقيقتي الأكبر في حفظ هذا النشيد، وهكذا سمعت، ثم رددت كلمات نشيد عيد الجهاد، الذي كان عيدا وطنيا يحتفل به كل المصريين، وكان يوما من أيام الإجازات التي تتعطل فيه الوزارات والمصالح، والمدارس منذ عام 1918 حتى المحاكم كانت تحتفل به وتوقف جلساتها، وكان أيضا يوم عطلة رسمية في البنوك، ومن يومها عرفت صور سعد والنحاس وثالثهما مكرم عبيد. وجاء يوليو/تموز 1952، وقرر الضباط الأحرار إلغاء الاحتفال بهذا العيد، لكي يقولوا لنا إنه ليس عندنا ثورة قبل ثورتهم يحتفل بها شعب مصر، رغم أن كل هؤلاء الضباط التحقوا بالكلية الحربية بعد أن وقع النحاس باشا رئيس الوفد ورئيس الحكومة معاهدة 1936 وبدأ بعدها زيادة عدد الجيش.. فدخلوا كلهم الحربية ثم تنكروا! المهم أن بعض المؤرخين قالوا إن ثورة 19 التي قادها حزب الوفد نجحت- فقط- سياسيا وعجزت في غيرها».

مسلم ومسيحي

«المبررات التي تساق لحذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي كثيرة، وجميعها تبدو منطقية، في رأي سامح فوزي في «الشروق». المواطن هو المواطن، لا فرق بين أن يكون مسلما أو مسيحيا أو يهوديا، أو يترك خانة الديانة فارغة أو فيها علامة حسب حكم المحكمة الإدارية العليا منذ سنوات في حالة البهائيين. البعض يرى في حذف بند الديانة أحد مستلزمات إزالة التمييز، ولاسيما بعد أن حدث توسع غير مبرر في الأوراق الرسمية التي أصبحت تنص على بند الديانة، بما في ذلك أوراق التقديم في الجامعة، وهو ما أحدث ضجة منذ فترة قريبة في جامعة القاهرة، واستتبعها قرار رئيسها السابق الدكتور جابر جاد نصار بحذف بند الديانة من استمارات التقديم في الجامعة. وتبعته مبادرات مماثلة من جامعات أخرى حسبما أعلن وقتئذ. وقد تجد في المقابل مبررات كثيرة أيضا للإبقاء على خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي تتعلق بضرورة معرفة المجتمع بديانة الشخص، وأهمية ذلك في مسائل الأحوال الشخصية، وغيرها. في الحقيقة أن حذف بند الديانة من بطاقة الرقم القومي يتماشى مع المعايير الدولية في هذا الصدد، ولكنه لن يقدم جديدا في الحالة المصرية التي أصبحت أسماء الأشخاص فيها دالة على ديانتهم، بدون حاجة إلى النظر في الأوراق الرسمية، خاصة بعد أن طغت على المجتمع اتجاهات منذ السبعينيات لإطلاق أسماء دينية صرف على المواليد، وغابت الأسماء العامة التي لا تُعرف على وجه التحديد هويتها الدينية، التي تربينا عليها جميعا، وهناك من الأجيال السابقة من يقول إنه أمضى سنوات في الفصل الدراسي ولا يعرف تحديدا ما إذا كان زميله مسلما أو مسيحيا، هكذا كان الحال في عقود بعيدة، قبل أن يُبتلى المجتمع بالهاجس الطائفي الذي أصبح يدور في إطار الفعل ورد الفعل طيلة الوقت، وأصبحت الأسماء كاشفة للهوية الدينية، بدون حاجة إلى ذكر بند الديانة في بطاقة الرقم القومي، وصار التفكير الطائفي حاكما في أشياء كثيرة تبعا لاسم الشخص لا أوراقه الرسمية. نسمع عن تمييز في مساحات كثيرة من المجتمع، أغلبها اجتماعي وليس رسميا، ممارسات وليست قواعد قانونية، مثل الشكاوى التي تحدث أحيانا من الاستبعاد من الالتحاق بفرق الكرة حسب الهوية الدينية، وأثار ذلك لغطا، وتكرر الأمر عندما اتخذ قرار بتسمية الصيدليات بأسماء أصحابها، فوجدنا من يتحدث عن صاحب هذه الصيدلية حسب هويته الدينية، وغيرها. قس على ذلك العديد من المواقع والوظائف. المجتمعات الناضجة تقر بهوية الشخص الدينية، لكنها لا تفرق بينه وبين غيره. وكلما خطا المجتمع خطوات على طريق الوئام والحوار وبناء العلاقات الإيجابية تمكن من تجاوز الطائفية بمعناه الفكري أو العملي. وأظن أن هناك جهات استطاعت أن تقدم نماذج مهمة في تجاوز الطائفية، بدون التخلي عن هويتها الدينية، بل على العكس تعلنها في رسالة مودة للمجتمع بأسره. المستشفيات التي تؤسسها الكنائس والمساجد، المدارس التي أنشأتها هيئات مسيحية على تنوعها، والتي يتكالب عليها المصريون مسلمين ومسيحيين، وهم يشعرون بأنها تقدم تعليما جيدا، وكم من قيادات بلغت مواقع في الدولة والمجتمع تفخر بأنها من خريجي هذه المدارس، التي حملت رسائل تعايش للمجتمع».

«سنغافورة مصر»

محمد أمين في «المصري اليوم « يتساءل: «ما الذي تفعله الدكتورة منال عوض في دمياط؟ ما الرسائل التي تريد أن ترسلها كل يوم؟ هل تريد أن تقول إنها من الممكن أن تصنع من دمياط «سنغافورة جديدة»؟ هل تريد أن تقول إنها محافظة مكتملة الأدوات فعلا؟ هل تصحو كل يوم على عمل لا يعرفه مكتبها؟ هل تريد أن تقدم نفسها كنموذج لمحافظ «مواطن» لا يحتاج إلى الحراسات ولا المواكب؟ تابعتها وهي تعرف حدود مسؤوليتها ومهمتها، وتعرف أنها جاءت لتطبطب على المواطن وليس رئيس المدينة، تعرف أنها جاءت لتحمى الغلابة من أنياب الموظفين، فعلت ذلك مع مواطنة غلبانة أطاحت البلدية برأسمالها، وراحت تبكي على مستقبلها، فمسحت دموعها ومنحتها مكانا ورأسمال جديدا، وانفتحت لها طاقة القدر، وفي النهاية أطاحت برئيس المدينة نفسه. وتابعتها وهى تفاجئ مدارس كفرالبطيخ، تشرح للتلاميذ وتضحك معهم، وتمر في الفصول، ولكنها فجأة تدخل دورات المياه، فتغلق الصنابير، وتطلب من المدير توعية التلاميذ بترشيد المياه، كسرت القواعد والبروتوكولات، وأثبتت نفسها كمحافظة في خدمة الناس فقط، لا تفعل ذلك لترفت المديرين، ولكن لكي تساعدهم في الوقوف إلى جوارها في خدمة الناس. تخيلوا ماذا يحدث للمدرسة بعد جولة المحافظة؟ تخيلوا كيف تكون حال النظافة؟ وتصوروا أن تلميذا كان يجيب عن أسئلة المحافظة، ماذا يكون مستقبله؟ هكذا كانت منال عوض تشد من أزر مدينة هي بطبيعتها تعرف التنافس وتتحمس له جدا على مستوى التعليم وصناعة الأثاث وصناعة المستقبل، إنها تحجز مكانها في تقييم المحافظات الأولى على مستوى الجمهورية. فمنذ أيام، اتخذت المحافظة قرارا بإجراء حركة تنقلات محدودة تتضمن رئيس مدينة رأس البر، فسرها البعض بأنها رد اعتبار لبائعة الخضار، وأظنها سوف تجري حركة تغيير جديدة في الوحدات المحلية بعد إحالة رئيس الوحدة المحلية في الرياض ورئيس القسم الهندسي للتحقيق، الباشا ترك محل الخدمة ووقع خط سير غير معلوم وغير محدد في أماكن المأموريات، بالعربي زوغ. ليست هذه هي أول مرة أكتب فيها عن الدكتورة منال، مع أنني لم أتشرف بمعرفتها، وسوف أكتب عنها كثيرا كنموذج ناجح يستحق منا التقدير والتشجيع، مهم أن نقول شكرا لكل من يخدمنا، ومهم أن نعطي «كارت أحمر» لكل من لا يعمل بصدق وشرف وذمة، إنها تصحو كل يوم لتقدم شيئا جديدا، ولم تعمل بنظرية «الغربال الجديد»، ولكنها قالت الغربال كل يوم جديد. وباختصار، فإن الدكتورة منال عوض تريد أن تقول إن محافظة دمياط ممكن أن تكون «سنغافورة مصر»، وتريد أن تقول إن المحافظ في خدمة المواطن فعلا، لا قولا، جاء يساعده لا لكي يتمنظر عليه، يوفر بيئة صالحة للعمل والحياة ويدخل دورات المياه، وعندئذ لا يحتاج إلى مواكب وحراسات».

أقوى من البطاطس

وإلى «الأهرام» حيث عادل صبري يحذر من الإدمان ويفتقد البطاطس: «منذ شهور قليلة طغت على إعلانات الفضائيات حملة «أنت أقوى من المخدرات»، وتم إسنادها للعديد من النجوم أولهم محمد رمضان وآخرهم اللاعب محمد صلاح، وفجأة اختفت تلك الحملة بدون أن نعرف هل حققت المستهدف، وساهمت في خفض تناول الشباب للمخدرات؟ وما هي استراتيجية تلك الحملة في حماية شبابنا من الإدمان؟ وما هي تكلفة تلك الحملة وما هي الجهة التي تحملتها؟ وهل كان من باب أولى أن نوجه مصاريف تلك الحملة لعمل مصحات لعلاج المدمنين، خاصة أننا كلنا نعرف أنهم في ازدياد، وكثير منهم وقع في المحظور ويبحث عن علاج يتكلف الآلاف، فهو لا يقل عن تكاليف علاج أمراض القلب والسرطان.
وأيضا منذ عدة شهور وجدنا حملة «خليك زي آدم» لعدم إلقاء القمامة في الشوارع، وانتشرت تلك الحملة في الشوارع وملصقات على أتوبيسات النقل العام والخاص، وفجأة اختفت ولم تختف القمامة من شوارعنا، بل هي في ازدياد وفي انتظار استراتيجية جديدة يقوم بوضعها نقيب الزبالين، والأسئلة نفسها من أنفق على هذه الحملة وما هو مردودها على المصريين؟ وأخيرا ونشاهدها هذه الأيام في مصر الجديدة حملة «الرصيف حق للمشاة» وفي نهاية الإعلان مع تحيات حي مصر الجديدة، فهل الحي بدلا من قيامه بحملات لرفع إشغالات الأرصفة وتركها للمشاة قام بعمل حملة وكل مواطن وضميره، وكل صاحب محل أو قهوة وشطارته في احتلال الرصيف أو تركه؟ هل حل مشكلاتنا سيكون عن طريق عمل حملات توعية عبارة عن شعار جذاب مع صورة لبطل أو نجم مشهور، ونترك بعد ذلك المصريين يبحثون عن الحلول من خلال هذه الشعارات، لا من خلال المسؤولين عن حل هذه المشكلات؟ هل سنشاهد قريبا حملات مثل «انت أقوى من البطاطس أو الطماطم أو اللحمة» لمقاومة جشع التجار؟ أو حملة «خليك في حالك» لحماية نفسك من أمراض الضغط والقلب؟».

من أين له هذا؟

في «اليوم السابع» يطالب أكرم القصاص بتطبيق قانون: «من أين لك هذا، مع حالات الثراء المفاجئ الذي بلا مصدر واضح، لأن حالة المحافظ ليست استثناء، وهناك مسؤولون وموظفون صغار أو كبار تظهر عليهم مصادر الثراء المفاجئ من أملاك أو سيارات ولا يكون لأي منهم نشاط غير الوظيفة. نحن بالفعل أمام حالات وارد فيها الفساد أو القابلية للفساد، تحتاج إلى تأمل وتحليل لمواجهتها، فالمحافظ أو رئيس الحي يحصل على راتب 20 أو حتى 40 ألف جنيه، لكنه يوقع على قرارات بملايين وعشرات الملايين، ونحن لا يمكننا القول عن كل المسؤولين فاسدين، لكن من المهم النظر إلى النسبة والتناسب بين راتب بسيط لموظف في الإدارة الهندسية وقيمة العقار المطلوب الترخيص له، أو سعر الأرض التي يفترض أن يوقع عليها المحافظ لرجل أعمال مليونير أو ملياردير. هنا تظهر القابلية للفساد، التي تمثل ثغرات للفساد يدخل منها الراشون وبجانب هذا فإن البيروقراطية والتعقيدات في الإدارات الهندسية تمنح القابلين للفساد سلطات يمكنهم المتاجرة بها وتحويلها إلى تجارة حرام. وهنا يمكن التقاط الثغرات التي ينفذ منها الفساد، فالمحافظ أو رئيس الحي أو رئيس الشركة أو الوزير، يمتلك سلطات مطلقة بالتوقيع الذي يمنح أو يمنع، ولا توجد لدى المواطن طريقة غير الرضوخ لمطالبهم، ولا توجد طرق للاعتراض أو التفاوض. نحن أمام تركيبة معقدة وتشابكات، وثغرات بحاجة لدراستها، إذا كانت هناك جدية في مواجهة الفساد والتقليل منه، وهناك دول سبقتنا إلى معالجات لهذه الظواهر بشكل خفض الفساد، بينما نحن أمام حالات فردية يتساقط فيها الفاسدون بمصادفة أو مراقبة».

هل سندفنه قريبا؟

السؤال عن «الجنيه المصري» والمجيب عبد المنعم سعيد في «الأهرام»: «لماذا لم تتحسن أحوال الجنيه المصري، بل إن حاله تدهور خلال العام الراهن بقدر ضئيل نعم (ثلاثون قرشا تقريبا) ولكن حاله لم يتحسن عما كان عليه عند بداية التعويم، أو التبادل الحر مع العملات الأجنبية. ربما يكون الموضوع له صلة بقضية أكبر، وهي أن أولوية الموضوعات الاقتصادية تستدعي نوعا من الإعلام المتعدد الأشكال يجيب على هذا السؤال والأسئلة الأخرى المماثلة بطريقة تستقر مع المنطق الذي يفهمه المواطنون. ومن المدهش أنه حتى الآن لا يوجد برنامج تلفزيوني يشرح المسائل الاقتصادية حسبما يطرح من أسئلة، ولا صفحات من الصحف تتعدى الأخبار المتعلقة بالاقتصاد وتتجاوز الدعوة لتحمل الأعباء أو الدفاع عن السياسات الاقتصادية بصفة عامة.
فالحقيقة أن الشعب المصري، أو غالبــــية فيه، قبلت حقيقــــتين: الأولى أن السياسات الاقتصادية التي تعــــودنا عليها خلال العقود الماضية، لم يعد ممكنا استمرارها؛ والثانية أنه لكي تتقدم مصر لا بد من تحمل أعباء الألم وتقديم تضحيات كما فعل الكثير من الدول، التي نجحت وسبقتنا في سلم التقدم. والحقيقة أيضا أنه لا بد من الفهم لديناميات الحياة الاقتصادية وآلياتها التي تتجاوز الأرقام المبشرة والحقائق الواقعة على الأرض، والتي رغم ذلك لا تزال أقل بكثير مما هو واجب علينا فعله في ظل الزيادة السكانية المستمرة، التى لا يشكل فارقا معها إلا معدلات للنمو تصل إلى 8٪ سنويا، وهو ما لم يتحقق حتى الآن. هذا الخلل الهيكلي له علاقة مباشرة بتحديد سعر الجنيه القائم على العرض والطلب، والذي يترجم إلى خلل فادح ما بين الواردات التي تدفع بالعملات الأجنبية وتصل إلى 63 مليار دولار، والصادرات التي لا تتجاوز 25 مليار دولار».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية