بغداد ـ «القدس العربي»: لم تمض سوى 72 ساعة على تشكيل مصطفى الكاظمي حكومته، حتى بدأت الحياة تعود للحراك الاحتجاجي، المتوقف منذ نحو شهرين بسبب تفشي وباء كورونا.
وفيما خرج المئات من الشباب المنتفض على هيمنة الأحزاب السياسية على مقدرات هذا البلد المليء بالأزمات، تباينت الآراء بشأن أهمية إعادة إحياء الثورة.
ومع ساعات الفجر الأولى ليوم أمس الأحد، جدد مئات المحتجين في محافظات الوسط والجنوب حراكهم الاحتجاجي، في تصعيد جديد يأتي تلبية لدعوة روّج لها في وقت سابق عدد من التنسيقيات.
وعلمت «القدس العربي» من مصادر متطابقة (صحافية وشهود عيان)، أن التصعيد انطلق في محافظات ذي قار وواسط والمثنى، عندما أقدم المحتجون على حرق الإطارات وإغلاق شوارعٍ رئيسة، بالإضافة إلى حرق مقار حزبية.
الكاظمي يحاول استمالة الشارع بقرارات سريعة ويحذر أخاه من استغلال القرابة
في محافظة ذي قار الجنوبية، تجمّع المحتجون في تقاطع البهو وسط مدينة الناصرية، الأمر الذي أدى إلى حدوث اشتباكات مع قوات الأمن، من دون ورود أنباءٍ عن سقوط ضحايا.
غير إن المحتجين في واسط قرروا بدء حراكهم الاحتجاجي بإحراق مقرٍ سابقٍ لمنظمة «بدر» بزعامة هادي العامري، بالإضافة إلى إحراق منزل وخيمة لتوزيع المساعدات الغذائية للنائب سعد الميالي، في مدينة الكوت، وهو من كتلة «صادقون»، بزعامة الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي.
وطالب المتظاهرون في واسط بـ«إسقاط» قائمقام ومدراء النواحي وإسناد إدارة المحافظة إلى القضاء.
في تطورٍ لاحق، أعلن متظاهرو ساحة اعتصام واسط، إسقاط الحكومة المحلية، بعد إصدارهم للبيان «رقم صفر».
وفي العاصمة العراقية بغداد، عاد المتظاهرون إلى ساحة التحرير- ميدان الاحتجاج الرئيسي في العراق ـ وتجمّعوا عند حائط الصدّ الأول المقام على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الرئاسية، شديدة التحصين، في الضفة الأخرى من نهر دجلة.
وقال مصدر طبي، طالبا عدم ذكر اسمه، إن «11 متظاهرا على الأقل أصيبوا جراء تعرضهم لغازات مسيلة للدموع أطلقتها الشرطة قرب المنطقة الخضراء».
ومع تجدد الحراك الاحتجاجي تجددت معه عمليات الخطف والقتل التي تطال الناشطين، من بينها محاولة اغتيال الناشط في محافظة ذي قار، أزهر الشمّري، واختطاف أحد وجهاء العشائر، علي اللامي، في العاصمة بغداد.
ويبدو أن الكاظمي يحاول كسّب ودّ الجماهير المنتفضة، والشارع العراقي المتعب من القرارات والسياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة منذ عام 2003، من خلال اتخاذ جمّلة قرارات يطالب بها الشارع منذ انطلاق الثورة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأعلن الكاظمي عن إعادة القائد في جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، للخدمة وترقيته ليكون رئيساً لجهاز مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق لما جرى في العراق خلال التظاهرات، كما وجه بإطلاق سراح كل المعتقلين الذين شاركوا في التظاهرات.
كما نفّذ الكاظمي زيارة مفاجئة صباح أمس إلى هيئة التقاعد الوطنية، والتقى خلالها مدير الهيئة أحمد عبد الجليل، وعددا من المتقاعدين الذين لم يتسلموا رواتبهم لشهر نيسان/ أبريل الماضي، حتى أمس.
وظهر مقطع فيديو مسرّب «عن قصد» للفريق الإعلامي «الجديد» لرئيس الوزراء الأخير وهو جالس في مكتب مدير هيئة التقاعد – الذي كان واقفاً الى جانب الكاظمي، ويجري اتصالاً هاتفياً «عبر المايكرفون»، موبّخاً أخاه الأكبر «عماد الكاظمي»، ومحذّرا إياه من التواصل مع المسؤولين مستغلاً صفة القرابة به.
ويبدو أن فيديو تصوير المكالمة جاء بعلم أو بطلب الكاظمي، كون «المصور» كان واقفاً أمامه مباشرة، وبدأ التسجيل قبل أن يرد شقيق الكاظمي الأكبر على المكالمة، ضمن «بروباغندا» حرص الكاظمي وفريقه الإعلامي «الجديد» على تحديثها، مقارنة بالأسلوب الذي اتبعه رؤساء وزراء العراق السابقون.
وظهر في الفيديو الكاظمي وهو يتحدث مع أخيه الأكبر عماد قائلاً: «ليس من حقك الاتصال بأي أحدٍ في الدولة العراقية»، وعندما حاول أخوه التبرير، لم يسمح له الكاظمي قائلاً: «أنت لا تتكلم… أنت تسمع. أنت أخي الكبير وأحبك وأحترمك، لكني أنا اليوم للناس وليس لك»، مجدداً تحذيره من أن «أي تدخل سيعتبر انتحال شخصية» ويحاسب عليه القانون. (تفاصيل ص 2 ورأي القدس ص 23)