القاهرة ـ «القدس العربي» : أمس الخميس 25 فبراير/شباط غابت الحقائق وانتشرت الشائعات..عرفت أحاديث المقاهي، ومواقع التواصل الاجتماعي طريقها لآذان المواطنين وعقولهم، بينما خفت تأثير كتاب الصحف عند حده الأدنى، ورغم النفي المتكرر للحكومة بأنها لا تستهدف جيوب المواطنين، أو الاستيلاء على قوتهم، إلا أن الناس باتت تصدق ما يتردد في المقاهي من شائعات، وتنظر بريبة إلى ما تنشره الصحف والفضائيات من بيانات، فهل هي لحظة الحقيقة التي تدفع فيها تلك المؤسسات العملاقة ثمن “رقصها على السلم”، فلا هي انتصرت للمواطن، ولا نجحت في الدفاع عن الحكومة؟
أمس ترددت في بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء بشأن تمويل إنشاء الحي الحكومي في العاصمة الإدارية الجديدة من حصيلة بيع المقرات الحكومية القديمة. وبدوره تواصل المركز الإعلامي لمجلس الوزراء مع شركة العاصمة الإدارية الجديدة، التي نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لتمويل إنشاء الحي الحكومي في العاصمة الإدارية الجديدة من حصيلة بيع المقرات الحكومية القديمة. وأوضحت شركة العاصمة الإدارية الجديدة أنه تم التمويل، الذي تقدر تكلفته بنحو 50 مليار جنيه، من حصيلة بيع الأراضي للمستثمرين، بعد نجاح الدولة في إيجاد قيمة اقتصادية للأراضي المقام عليها المشروع.
ومن أخبار الحكومة في مواجهة الفيروس القاتل قال الدكتور محمد عبد الفتاح رئيس الإدارة المركزية للشؤون الوقائية في وزارة الصحة، أن تطعيم الفرق الطبية، يسير في منتهى الفعالية، والوزارة في سبيلها لإنهاء مراحل تطعيم الفرق الطبية، وتم البدء بمستشفيات العزل. وأضاف أنه بعد الأسبوع المقبل سيتم تطعيم الفئات الأولى بالرعاية من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، موضحا أن الوزارة لديها «قاعدة بيانات» متاحة لأصحاب الأمراض المزمنة.
واهتمت الصحف بخبر رحيل العالم المهندس حسين صبور، عن عمر يناهز 85 عاما، بعد تسجيل نجاحات كبيرة في السوق المصري والعربي ولقب بشيخ العقاريين المصريين، وشغل منصب الرئيس الفخري لجمعية رجال الأعمال المصريين، ورئيس مجلس إدارة مجموعة “الأهلي صبور للتنمية العقارية”. وأمس الخميس حلت الذكرى الأولى لرحيل الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي تذكرته بعض الصحف بخبر في الصفحات الداخلية بينما تجاهلته جرائد أخرى.
قصر نظر
اللافت للانتباه كما أوضح عبد القادر شهيب في “فيتو”، أن السلطة التنفيذية تخلط كثيرا بين السرعة والتسرع. وقد شاهدنا ذلك في موضوع مخالفات المباني الذي أقدمت عليه بدون دراسة كافية، واحتاجت للتراجع وإعادة النظر في قيمة المخالفات، فخفضتها مرتين، وشجعت المجتمع المدني على أن يدفع هذه الغرامات نيابة عن الذين لا يقدرون على دفعها خاصة في الريف، ومدت مهلة التصالح عدة مرات، ومع ذلك لم تنه هذا الملف حتى الآن. وها هو الأمر يتكرر مجددا مع تعديل قانون الشهر العقاري الذي أثار قلقا بين الناس، لا يقل عن القلق الذي أثارته مخالفات المباني.. فقد تم تعديل القانون بدون النظر لما سوف يترتب عليه وما سيحدث من آثار جانبية، أقلها هجوما على المحاكم للحصول على أحكام صحة ونفاذ للعقود، لا تقدر عليه المحاكم، وفي وقت نتخذ فيه إجراءات احترازية للسيطرة على وباء كورونا.. وأكبرها إضافة مشكلة جديدة لملاك الشقق والعقارات، وتحميلهم أعباء مالية جديدة، بينما هم مرهقون بأعباء مالية عديدة مثل زيادة أسعار الخدمات الحكومية المختلفة من مياه وصرف صحي وكهرباء وغاز، فضلا عن الرسوم المختلفة لبقية الخدمات الحكومية بدءا من الحصول على شهادة ميلاد أو وفاة وحتى تجديد ترخيص السيارات. ويا ليت أمر تسجيل العقارات سوف يتم بسهولة ويسر، وإنما سيحتاج إلى جهد ووقت في وقت نطالب فيه الناس بإجراءات التباعد الاجتماعي للسيطرة على وباء كورونا! ولو تمهل الذين أعدوا هذا التعديل في قانون الشهر العقاري، قليلا وطرحوا الأمر أولا لحوار مجتمعي لضمنوا تعديلا ييسر على الناس، ويحفظهم فعلا، لتسجيل وحداتهم العقارية ويحقق الهدف الأهم من هذا التسجيل المنشود، الذي يفوق كثيرا الحصول على عدة ملايين من الجنيهات من جيوب المواطنين.. وهذا ما نصح به منذ نحو عقدين من الزمان خبير دولي في هذا المجال استضافته مصر وقتها لبحث مشكلة عزوف الناس عن تسجيل ممتلكاتهم العقارية، وعاد إلى مصر منذ بضع سنوات، وكرر نصائحه ذاتها.. لكننا بدلا من تحفيز الناس على تسجيل العقارات أثرنا قلقهم، لأننا اهتممنا فقط بأمر واحد، وهو الحصول منهم على بعض الأموال لزيادة موارد الموازنة.
رحلة عذاب
“الذاهب إلى أي فرع شهر عقاري هذه الأيام لتسجيل شقته، أو لقضاء أي مصلحة أخرى، كالذاهب من الدار إلى “الزار”! وبدوره يروي طايع الديب في “المشهد” تفاصيل الرحلة: “فور دخولك لعمل “توكيل قضايا” مثلا، عليك أولاً شراء النموذج من البنت صاحبة كشك تصوير المستندات في صمت، وانتظار دورك لملئه بمعرفة الموظف المختص، ثم تذهب به إلى موظف آخر لتسجيله في الدفاتر، وبعد ذلك تقوم بعملية “تقدير الرسوم” عند موظف ثالث – مختص- تليها الدفع للصرّاف في الخزينة، ثم تحمل النموذج إلى موظف الميكروفيلم، فيأخذ منك رسوما أخرى، ويتعطف عليك في عظمة وكبرياء بإمضائه الكريم، مثل ملك يوقع وثيقة تنازله عن العرش. وعليك العودة مرة أخرى إلى الموظف الثاني “ماسك الدفاتر”، لاستيفاء ما جد على النموذج من كتابات غير مفهومة وإمضاءات “فورمة” وتقديرات وأرقام، بحيث أصبح أكثر تعقيدا من لوحات سلفادور دالي! وقديما قال أجدادنا الحكماء “من بره الله الله.. ومن جوّه يعلم الله”. هذا هو – بالضبط – حال مكتب الشهر العقاري في منطقة الدقي، الذي تتصدّر بابه لافتة كبيرة مكتوب عليها “مكتب التوثيق المطور”، ولكن إذا دخلت من الباب فلن تجد أي تطور، بل ستجد فوضى ضاربة في كل مكان، ومئات المواطنين الجالسين على مقاعد الانتظار “نافدي الصبر” بعد أن رمت بهم مصالحهم إلى هذا المكان رغما عنهم. تدخل المكتب في العاشرة صباحاً، فتجد قائمة انتظار من 92 شخصاً جاءوا قبلك، بعضهم كان جالساً طول الليل على قهوة تفتح 24 ساعة بجوار الشهر العقاري”.
تطوير وهمي
نبقى مع طايع الديب وهو يروي تفاصيل رحلته متنقلاً بين عدد من مكاتب الشهر العقاري حيث يعاني كثير من المواطنين بسبب الروتين والازدحام “حين تصل إلى مرحلة “ختم النسر”، إن وصلت، فسوف يتبيّن لك مدى نجاح الحكومات المتعاقبة منذ أيام السادات حتى الآن في محاربة الروتين، وأي نجاح؟ والحقيقة أن ما قرأناه وسمعناه على مدار 40 سنة من تصريحات رسمية عن “محاربة البيروقراطية” ليس أكثر من غش سياسي. وهذا – للأسف – هو الحال في 4 مكاتب شهر عقاري دخلها كاتب السطور، هي مكاتب الدقي وشارع مراد في الجيزة وشارع ربيع الجيزي والبدرشين، وجميعها مداخلها مظلمة في عز النهار، وتنتشر على سلالمها القمامة والمخلفات. أمّا عن أرشيف الشهر العقاري الورقي القديم، قبل أن يصبح متطورا إلى هذه الدرجة، فهو مرمي في كل مكان على سلالم المدخل الخلفي، حيث سترى بعينيك الأوراق الرسمية “عزيزة المنال” ملقاة على السلالم بجوار القمامة والزجاج المكسور، والدواليب مفتوحة على مصاريعها لكل من هب ودب، هذا هو الحال الذي يغني كل مقال، وسلّم لنا بقى ع التطوير”.
ضحايا الفشل
أكد سامي صبري في “الوفد” أنه رغم كل محاولات رئيس مصلحة الشهر العقاري في الدفاع عن المادة 35 مكرر التي تمت إضافتها لقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 بقانون جديد رقم 186 لسنة 2020، فإنه فشل في إقناع المصريين بأن الهدف هو مصلحة المواطن، كما يدعي، ولم يستطع رئيس المصلحة إبعاد تهمة الجباية عن الحكومة، التي أصرت على خروج هذه المادة ـ بمساعدة بعض نواب البرلمان ـ بهذا الشكل المشوه في وقت ينوء فيه ظهر المواطن المطحون بأعباء ثقيلة وفواتير ورسوم تلاحقه من هنا وهناك، وكأن القدر كتب على هذا الشعب أن يستمر في المعاناة، فلا يكاد ينتهي من قانون الضرائب العقارية، حتى دخل في دوامة قانون التصالح، ليصطدم بعدها بتعديل قانوني مجحف أربك كل ترتيباته وحساباته، وأفقده القدرة على التقاط أنفاسه. وفقا للمادة الجديدة، المقرر تطبيقها بدءا من 4 مارس/آذار 2021، لن يستطيع أي مواطن تملك الوحدة بعقد ابتدائي – حتى لو حصنه بدعوى صحة توقيع – إدخال المرافق (مياه، كهرباء، غاز) لشقته أو فيلته الجديدة التي اشتراها بدم قلبه، وتحويشة عمره وغربته وتشتيت أسرته، إلا بعد دفع أكثر من 11% تقريبا من إجمالي ثمن الوحدة للحكومة حتى يتمكن من التسجيل الإجباري للوحدة (بواقع 5% من قيمة العقد في دعوى الصحة والنفاذ التي لا يعترف إلا بسواها للتسجيل في الشهر العقاري لنقل الملكية، و1% لنقابة المحامين 2.5% ضريبة تصرفات عقارية لصالح وزارة المالية، ثم 3% تنازل ونقل ملكية بجهاز المدينة، إذا كانت الشقة أو الأرض تابعة لوزارة الإسكان، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. يعني من يشتري شقة بمليون جنيه سينفق عليها 100 ألف حتى يتمكن من تسجيلها.
لسنا سذجاً
يتساءل الناس والكلام ما زال لسامي صبري ماذا تريد الحكومة بالضبط؟ وما الهدف من وراء مثل هذه التعديلات القانونية في الوقت الذي يتحمل محدودو الدخل وأبناء الطبقة المتوسطة الجانب الأكبر من فاتورة الإصلاح الاقتصادي؟ الإجابة جاءت على لسان جمال ياقوت رئيس مصلحة الشهر العقاري بقوله ضبط حالة التصرفات العقارية، التي تمثل سوقا موازيا – خلف ستار دعوى صحة التوقيع – يهدر الكثير من الأموال لا تستفيد بها الخزانة العامة للدولة. ياقوت، يعتقد أن الشعب المصري ساذج عندما يقول إنه كشهر عقاري، لن يقوم بتحصيل سوى الرسوم المقررة للتسجيل وهي كما حددتها اللائحة التنفيذية تبدأ من 500 وبحد أقصى 2000 جنيه، وأنه كجهاز ليس له علاقة بما يتم تحصيله من خلاله الوزارات ومؤسسات أخرى كوزارة المالية، ومصلحة الضرائب العقارية وأجهزة المدن الجديدة، متناسيا أن المواطن هو الذي سيدفع وأن أجهزة ومؤسسات الحكومة واحدة وإن اختلفت مسمياتها. وعودة إلى المادة المثيرة للجدل، ووفقا لمنطوقها فهي لا تلغي العقد الابتدائي، ولا دعوى صحة التوقيع التحفظية غير الناقلة للملكية، التي حصل عليها المواطن بحكم محكمة كما يعتقد كثيرون، وتبرر الحكومة إصدارها بضبط مخالفات البناء وتصحيح مسار الملكية العقارية وحمايتها من عمليات النصب والاحتيال.
لمن نشكو؟
أعرب عادل نعمان في “المصري اليوم” عن أمنيته في أن يخرج علينا من يكذب ما يثار من تعديلات حول المادة 35 من قانون الشهر العقاري أو ييسرها على الناس، إلا أن الأمر مازال يسير على مساره، ومازالت الحيرة تتمكن من خلق الله، فاللهم عليك بنا حتى نريح ونستريح. وأظن وبعض الظن إثم وقبله أيضا، أن التعديل على هذا النحو لا يخرج عن ثلاث، الأول: صدر بدون دراسة شاملة، وعدم دراية تامة بطبيعة الملكية في الريف خصوصا، وفي الحضر عموما، وأن ما يزيد عن خمسين في المئة من الأراضي غير مسجلة تسجيلا نهائيا، وإذا أردنا تسجيل الوحدات المقامة عليها عجزنا عن ذلك. الثاني: تعظيم موارد الدولة المالية من جيوب المواطنين، وإغراقهم لسنوات في دهاليز المحاكم، وقطع أنفاسهم في أروقة المصالح الحكومية، واللهاث خلف ورثة الأملاك للبحث عن ورقة هنا أو هناك، والتفتيش عن مسلسل الملكية من قبر ميت إلى قبر ميت آخر، ومن حي هنا إلى حي هناك، حتى ينجو من ينجو، ويموت في معركته هذه من يموت. الثالث: ومعه يتوفر حسن النية حول رغبة الدولة في تثبيت وتأكيد ملكية الناس، وحصرها أيضا، وحسن النية هذا ليس طريقا إلى الجنة في بعض الأحيان.
شهود زور
وواصل عادل نعمان، بأنه ليس عيبا أن يكون للدولة أيضا نصيب مما في جيوبنا، فنحن نرعاها ونصرف عليها، ونراها أما رؤوما، وترانا نحن المتسولين على أبواب المساجد، ونعود لها بالخير الوفير في المساء، لكنني ضد عشوائية القرار بدون دراسة، ومع ضرورة معرفة جيدة لطبيعة الملكية، والأهم أن يأخذ القرار أو القانون الوقت الكافي والمناسب لتنفيذه، بدون عجلة في الأمر، ولو قرأ أسيادنا أن «في التأنى السلامة وفي العجلة الندامة» ما تراجعوا عن قرارات كثيرة غير مدروسة، كما حدث من قبل في غرامات التصالح، ولو تدارسوه وأفاضوا فيه وعرفوا من الناس تفاصيله وأسراره ومشاكله، لكان القرار صائبا وعادلا، وما فتحوا أبواب الفساد والاحتيال، وأبشركم أنهم سيتنازلون عن الإجراءات السليمة قريبا لإنجاز المهمة لنيل الرضا، وتحصيل أموال التسجيل، ومع هذا التساهل ستعم الفوضى والفساد والتزوير، وسيلجأ الكثيرون إلى شهود الزور والأوراق المضروبة، وستضيع حقوق الكثير من الناس وأملاكهم، وستكون الغلبة لمن كان في أول الصفوف، حتى لو كان مزورا وفاسدا، وكان الأجدر التعامل مع الأمر بحكمة، الريف طبيعة الملكية فيه تختلف عن المدن، والمدن الجديدة تختلف عن القديمة، والساحل الشمالي والسخنة مختلف عن هذا وذاك، ومستندات الملكية تختلف في كل منهم، وهناك أراض في أماكن ممنوع تسجيلها، ومعظم ملكية سكان الإقليم بعقود ابتدائية، وغالبية الأراضي غير مسجلة، والمالك الرئيسي إن لم يكن مقيما بها فعليك السلام، ولكل مكان طبيعته الخاصة، وتحتاج تعديلا تشريعيا في إجراءات التقاضي وكذلك في التسجيل.
طعنة في الظهر
اهتمت “المشهد” بأحدث الفعاليات التي حرص المشاركون فيها مقاومة الرياح العاتية للتطبيع وأشارت الصحيفة إلى أنه علي مدار يومين وبحضور 528 مشاركا أعلن المثقفون العرب، اتحادهم ضد التطبيع مع العدو الصهيوني، عبر 8 جلسات في مؤتمر (متحدون ضد التطبيع) الذي نظمه المؤتمر القومي العربي والمؤتمر العربي الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية ومؤسسة القدس الدولية، والجبهة العربية التقدمية، واللقاء اليساري العربي. واستعرضت كلمات ودراسات المشاركين سبل المواجهة على المستوى الأمني والعسكري والحقوقي والقانوني والإعلامي والثقافي والنفسي . واعتبروا التطبيع طعنة في الظهر الفلسطيني والعربي، داعين إلى انخراط كل القوى العربية الحية في مواجهة اتفاقات التطبيع، واعتبارها جزءا من صفقة القرن. وقد جرى نقاش مستفيض حول جوانب المعركة القانونية ضد التطبيع وجرائم الحرب. واستعرض المشاركون تجارب بلدانهم في مواجهة التطبيع.
العطش يقترب
أسباب عديدة تدفع المصريين للقلق وهو ما صرح به الدكتور مصطفى عبد الرازق في “الوفد”، كل يوم يمر على صعيد أزمة سد النهضة، يمثل خصما من رصيد مصر التفاوضي، في مواجهة المماطلات الإثيوبية وهو ما يستدعى قدرا من القلق عبّر عنه بشكل هادئ وزير الري المصري محمد عبدالعاطي في معرض إشارته إلى التحديات التي تواجه مصر على خلفية أزمة إنجاز السد. تابع الكاتب: ينتابني في بعض الأحيان قدر من الدهشة على حجم الإنشغال المصري ـ شعبا وحكومة ـ بالكثير من القضايا غير المهمة وإغفال ذلك التحدي الوجودي الذي يمثل تهديدا لأهم مصدر للحياة وهو المياه. صحيح أن الدولة تبذل قصارى جهدها لتوفير مصادر أخرى بديلة، والتغلب على مشكلة نقص المياه، إلا أنها في النهاية ليست الحلول المثلى أو المجدية، سواء على المدى القصير أو الطويل، فضلًا عن كلفتها الباهظة، وحقيقة أنها لن تغطي في أي حال من الأحوال حجم العجز المائي الذي يمكن أن يحدث نتيجة أي تلاعب إثيوبي في نصيب مصر من مياه النيل. الواقع يشير إلى أن إثيوبيا ماضية وبكل السبل في إنجاز السد وتتفنن في إيجاد مصادر التمويل، ورفع الهمم لدى أبناء شعبها لإنجاز المشروع، رغم المشاكل العديدة التي تواجهها، وعلى رأسها أزمة إقليم تيغراي، وهي تتصرف في هذا الصدد وكأنه ليس هناك من يعارضها أو يتحفظ على عملية إتمام بناء السد، فهي لا ترى مواقف مصر والسودان الرافضة، وتمضي قدما بدون توجس أو تحفظ. ليس ذلك فقط، بل إنه بدأ الكشف عن مخططات اعتزام أديس أبابا إقامة سدود أخرى على مجرى النيل، الأمر الذي يهدد بالسيطرة الكاملة على مياهه وتحويله كما قال وزير الخارجية الإثيوبي إلى بحيرة وليس نهرًا دوليا، وتعزز الموقف الإثيوبي البيئة الدولية التي تتسم بمواقف مائعة تجاه أزمة السد وآخرها وأكثرها خطورة موقف إدارة بايدن من القضية.
لا أثر له
من معارك امس الهجوم على أبرز المنظمات في القارة السمراء على يد محمد حسن البنا في “الأخبار”، موقف غريب من منظمة الاتحاد الافريقي من غزو القوات الإثيوبية للأراضي السودانية. إثيوبيا لجأت إلى القوة العسكرية لاحتلال منطقة حدودية يطلق عليها «الفشقة». القوات السودانية أعلنت الحشد الكامل على حدودها، وقالت وزارة الخارجية السودانية: «توجد أطماع إثيوبية في أراضينا، ولا حديث عن وساطة مع إثيوبيا حول الحدود في هذه المرحلة، ويجب على إثيوبيا اللجوء إلى القانون إذا اعتقدت أن لها حقا في الفشقة». والسؤال المهم هنا لماذا هذا الصمت الرهيب من الاتحاد الافريقي؟ وأيضا لماذا هذا الصمت الرهيب من جامعة الدول العربية؟ وثالثا، لماذا هذا الصمت الرهيب من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؟ أليس من مهام هذه المنظمات تحقيق السلام في العالم؟ أليس من مهامها التوفيق بين الدول حتى لا تحدث حروب ومعارك تدمرها؟ والسؤال الأخطر لماذا لم تلجأ إثيوبيا إلى التفاوض، أو حتى اللجوء لمحكمة العدل الدولية، إذا كان لها حق في أرض على الحدود، ولماذا الآن تستخدم قوتها العسكرية للاعتداء على بلد عربي شقيق؟ لقد أكدت منظمة الأمم المتحدة أن آلاف الإثيوبيين يفرون ويطلبون اللجوء في السودان. ولقي نحو 6 طلاب من خريجي الجامعات الجدد وعنصرين من قوات الدفاع الإثيوبي حتفهم في منطقة تيغراي في إثيوبيا، عندما فتح مسلحون مجهولو الهوية النار على حافلة. أي أن هناك معارك ضارية في الإقليم، ويتبع كل ذلك تهديد السلم الإقليمي. مؤخرا قامت الميليشيات الإثيوبية بإطلاق النار على المزارعين والعمال السودانيين داخل الأراضي السودانية في منطقة الفشقة. المعلومات تؤكد أن إثيوبيا تحاول زرع الشقاق بين المؤسسة العسكرية والمدنية في السودان. كما توجود قوات إريترية على الحدود في زي عسكري إثيوبي. من الواضح أن إثيوبيا تهرب من مشاكلها الداخلية بإثارة أزمة الحدود. إذن كيف حصل رئيس وزرائها على نوبل للسلام؟
إحصائية صادمة
28% من المصريين مدخنون، هذه المعلومة صدمت عماد الدين حسين في “الشروق”، أعلنتها وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، ومن البيانات المهمة التي أعلنتها الوزيرة، أن محافظة المنيا تحتل المركز الأول في التدخين بنسبة 51%، يعني أكثر من نصف سكانها، تليها سوهاج 47%، والبحر الأحمر 39% والإسماعيلية 33%. في حين احتلت محافظة البحر الأحمر القمة في تعاطي الكحوليات بنسبة 5.4% ثم الشرقية، وربما سبب ذلك يرجع لزيادة نسبة السائحين الأجانب. وفي تعاطى المواد المخدرة جاءت سوهاج أولا بنسبة 12.2%، وبعدها القليوبية والشرقية والمنيا والبحر الأحمر وأسوان. عدد المدخنين والمدمنين ربما يكون أكبر من المُعلن في الدراسة، لأن بعض المصريين سينكر أنه مدخن، والأكثر احتمالا إنكاره أنه مدمن للمخدرات أو الكحول. في كل الأحوال هي نتائج مفزعة، ويجب أن تقرع لنا جميعا كل أجراس الإنذار الممكنة. لأنها ببساطة سوف تلتهم وتدمر أي جهود تحققها الحكومة والدولة والمجتمع في عملية البناء والتنمية. تخيلوا أن ينفق المجتمع تريليونات الجنيهات، ويبني الطرق والجسور والمدن الجديدة، ويشيد محطات كهرباء عملاقة، وقطارات كهربائية تربط ليس فقط كل المحافظات، بل مصر بقارة افريقيا، وتتم إعادة تطوير الريف المصري، وإقامة العديد من المشروعات القومية في الاستزراع السمكي واستصلاح الأراضي وتحلية المياه وتبطين الترع. ثم بعد ذلك كله نجد أن الشباب المستهدف، لكي ينعم بإنجازات التنمية ويواصل البناء، تم استنزافه بإدمان التدخين والمخدرات والكحوليات.
بيد الله
قد تجد في الحياة إنساناً يسعى ويكد، لكن رزقه في المال شحيح، يذكرنا الدكتور محمود خليل في “الوطن” بأن الرزق أنواع وأشكال وله صور متعددة في الحياة. وفي أحيان يشعر الإنسان بأن الله تعالى حرمه من تحقيق هدف معين سعى إليه واجتهد من أجله، لكنه يدرك بعد حين أن الخير في ألا يدرك ما طمحت إليه نفسه، أو هفا إليه فؤاده. فالله تعالى يمنع الإنسان من أشياء لخير الإنسان نفسه، لكنه يدرك الحكمة بعد حين. في سورة القصص حكى الله تعالى لنا قصة «قارون»: «إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءَاتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إن مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِى الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ أن اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ». كان قارون أشهر رجل أعمال في البلاط الفرعوني، وكنز مالاً لا يعد ولا يحصى، كان يتيه به على قومه، في وقت كان ينصحه من عركوا الحياة بألا يفرح بما في يديه، لأن الله لا يحب من يفخر ويختال بما كسب أو حصد. كان البسطاء من المصريين ينظرون إلى موكب قارون فيقولون: «يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ». لم يتفهم من كانوا يرددون هذا القول إنهم لا يفرقون بين النعمة والنقمة. فما أتخم به قصر قارون وما انتفخ به جيبه لم يكن أكثر من نقمة عليه، وقد ثبت ذلك للناس بعد حين. نزل عقاب الله بقارون وتبددت ثروته بسبب بغيه وطغيانه: «إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ»، أدرك من كانوا يتمنون حظه بالأمس، أنهم كانوا أسعد حالاً منه: «وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بالأمس يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا». الرزق سعي.. والسعي اجتهاد.. والله تعالى يعطي بعلمه.. والإنسان يتفاعل بوعيه المحدود بالزمان والمكان وهو ما يعجزه عن إدراك حكمة الله في العطاء والحرمان. وكما أن الرزق إرادة من الخالق فإنه أيضاً وعي واجتهاد وتدبير إنسان: «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ َلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى».
فلنعتذر لهم
أصبحت برامج الهواء على شاشات التلفزيون تمثل أزمة حقيقية تحتاج إلى وقفة، كما أشار فاروق جويدة في “الأهرام”، خاصة أنها كثيراً ما تقع في تجاوزات خطيرة، لأن الكلمة على الشاشة تشبه الرصاصة، ومن حق أهالينا في الصعيد أن يغضبوا وان نعتذر لهم.. إن الصعيد هو النصف الأجمل والأرقى من أهل الكنانة.. ومن الصعيد جاء العقاد وطه حسين والطهطاوي وجمال عبدالناصر ومحمود حسن إسماعيل وأمل دنقل والابنودي، وكوكبة من رموز مصر في كل المجالات.. إن الشاشات كثيرًا ما ظلمت أبناء الصعيد، ولا أدري لماذا كل هذا الإصرار على تقديم مسلسلات تشوه الصعيد، وكأن سلبيات مصر كلها من جرائم القتل والثأر والميراث مصدرها الصعيد.. أتمنى أن تنسى الدراما المصرية الصعيد بعض الوقت، وتتجه إلى موضوعات أخرى في منتجعات أولاد الأكابر.. إن الصعيد مجتمع له خصوصية حافظ عليها منذ سنوات، كنت في زيارة مع الصديق الراحل الشاعر فاروق شوشة إلى السويد.. وهناك دعتنا على الغداء أستاذة جامعية من بنات صعيد مصر، وكانت تتمتع بشهرة واسعة في الأوساط العلمية، وسمعة طيبة بين زملائها، وكانت نموذجاً في العلم والثقافة.. ولا أدري كنت دائما أرى فتيات الصعيد في سماحة وثقافة الراحلة العزيزة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد وعشقها لتراب مصر.. ويعتب الكاتب على المسؤولين عن الشاشات: مهما كانت عبقرية المذيع فلابد أن يخرج على الناس ومعه سكريبت، لأن الارتجال سر المصائب.. وفي حالات كثيرة أساء لشعوب ودول وأشخاص، وكانت برامج الهواء سبباً في أزمة سياسية بين مصر والجزائر، بسبب مباراة في كرة القدم. كما أن هناك أزمات مع دول أخرى بسبب شطط برامج الهواء.. ولنا أن نتصور أن كتابا في حجم أنيس منصور ومفيد فوزي، كانوا يعدون سكريبتات البرامج التلفزيونية مع المذيعات الكبار ليلى رستم وسلوى حجازي وأماني ناشد. قليل من الانضباط يجعل الأشياء أفضل، باسم كل المصريين أقدم اعتذارا إلى إخوتنا في الصعيد، خاصة المرأة الصعيدية التي أنجبت لمصر أعظم رموزها في كل مجالات الحياة وهذه دروس يجب أن نتعلم منها.
مخاطر حقيقية
سواء عقدت انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين، أو تأجلت، فهناك فرصة كشف عنها أكرم القصاص في “اليوم السابع” لأعضاء الجمعية العمومية ليتأملوا الأمر من جوانبه، ومن دون استقطابات وانفعالات تفرضها طبيعة مواقع التواصل، لا تعبر بشكل كامل عن الحقيقة. في ما يتعلق بمطالب التأجيل، فهي لا تنطلق فقط من رغبة أعضاء حاليين، لكنها تحمل وجاهة لدى قطاعات داخل الجمعية، تخشى من تزاحم يؤدي لانتشار عدوى تهدد حياة وصحة كثيرين، وقد يجد هذا الرأي رغبة داخلية لدى زملاء في المجلس، وعندما يكون هذا رأيا لزملاء لا يطرحون أنفسهم، وليسوا طرفا في استقطاب أو انحياز، فهي أولى بالتأمل. وأكد الكاتب أن هناك اختلافا واسعا حول أولويات القضايا التي تتعلق بالمهنة والخدمات، هناك من يرى المعاشات واحدة من أهم القضايا حتى لو كانت تتعلق بزملاء خدموا المهنة، ويحتاجون للمساندة بشكل أكثر مما يطرح لدى المرشحين، وتبدو المساندة الحقيقية لهؤلاء الذين ربما رحلوا أو لا يملكون أصواتا في الانتخابات، وقد كشفت أزمة فيروس كورونا، أن المرض والموت لا يتعلقان بالعمر، ولا بالشباب والشيوخ، لكنه خطر يهدد الجميع، ويحتم التحرك لحماية حقوق زملاء خدموا المهنة بإخلاص، قليلون هم من يـأخذون القضية بجدية، أو يطرحون حلولا قابلة للتنفيذ. غروبات مواقع التواصل تزدحم بالكثير من الآراء، ليست كلها بعيدة عن الانحياز، ويكفي أن تبدأ عمليات حشد حول أي موضوع، لتتحول المسألة إلى مزاد ومزايدة، ووسط المبالغات حول إنقاذ المهنة، تغيب قواعد وأسس للحوار القادر على إفراز نتائج، بل إن مواقع التواصل أصبحت مجالا لمبارزات عبثية بين أعضاء مجلس النقابة، وأصبحت هناك ظاهرة عضو المجلس الذي يقضي فترته في مصارعات ومزايدات على زملائه، من دون أن يقدم خطوة مفيدة، رهانا على سياق لا يتيح الوقت للتدقيق والفرز والمناقشة، وهذا النوع « الافتراضي» لا يقدم شيئا يذكر، ويقضي وقته في ضجيج فارغ.
أسد في الهرم
واقعة غريبة طرحها محمود عبد الراضي في “اليوم السابع”، البحث عن المال حتى لو على حساب حياة الآخرين، شعار البعض في الحياة، ممن يعرضون حياة غيرهم للخطر، طالما لديهم طموحات مادية، فكل شيء يهون في ظل “ثقافة الطمع”. مدقق النظر في “صفحات الحوادث المتخصصة”، يجدها تموج بقصص الطمع والجشع، التي تقود أصحابها لمصير سيئ، إما القتل أو السجن. وفي واحدة من هذه القصص، لجأ مواطن يقيم في منطقة الطالبية في الجيزة، إلى تهريب عدد من الحيوانات لداخل البلاد، خاصة الحيوانات المفترسة والمهددة بالانقراض، والاحتفاظ بها داخل الكتلة السكنية في الطالبية والهرم وفيصل، بغرض الاتجار فيها مخالفة للقانون، متحصلاً عليها بطرق غير شرعية عبر تهريبها لداخل البلاد من إحدى الدول، ويخفيها داخل مخازن في أماكن عديدة خشية ضبطه. وإليك قائمة بالحيوانات المضبوطة لدى المتهم بمعرفة الشرطة: “أسدان، وطاووس هندي، وتمساح نيلي، و14 يمام قمري، وطائر فزان ذهبي، وطائر الفلامنجو “البشاروش”. تخيل أن منطقة مثل فيصل المكتظة بالسكان، فيها أسدان، وهناك احتمالية بنسبة 1% لهروب أحدهما، وتحرك الأسد وسط هذه المنطقة المزدحمة. تخيل أن رغبة شخص في تحقيق ثروات طائلة، تدفعه للاحتفاظ بحيوانات مفترسة وسط جيرانه، في كتلة سكنية ضخمة، داخل مخازن غير ملائمة، وهناك احتمالية لهروب بعض هذه الحيوانات المفترسة، والتحرك بين المواطنين. الجهات المعنية أفادت بأن المضبوطات مدرجة فصائل مهددة بالانقراض ومحظور حيازتها أو تداولها والتعامل بها، فضلًا عن عدم وجود أي تراخيص أو اشتراطات بيئية، أو تصاريح أو موافقات للمكان خاصة كونه داخل الكتلة السكنية وغير مؤهل بيئياً لإيواء مثل هذه الحيوانات، وتمت مصادرة المضبوطات وإيداعها في الجهة المختصة.