“غليان القهوة”.. الأسلوب الأمريكي مع قضية اختفاء خاشقجي

حجم الخط
2

واشنطن: يتصاعد تفاعل الموقف الأمريكي بسرعة مع قضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول قبل 10 أيام.

ويشبّه مراقبون تصاعد الموقف الأمريكي بخصوص القضية بعملية غليان القهوة التركية الشهيرة التي تبدأ بشكل بطيء ومن ثم تتصاعد ويتسارع صعود الرغوة إلى أن تصل إلى قمة الإناء الذي تُغلى فيه.

فمع بداية توارد الأنباء عن اختفاء خاشقجي الكاتب في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، بدا الموقف الأمريكي الرسمي باهتاً في البداية.

وبعد أسبوع كامل على اختفائه والضجة الإعلامية الكبيرة التي صاحبت ذلك، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء الماضي إنه لا يعلم شيئا عن وضع الصحافي السعودي خاشقجي.

وأضاف أنه لم يتواصل بعد مع المسؤولين السعوديين بشأن قضية خاشقجي، مبينا أنه بصدد القيام بذلك.

وفي نفس اليوم قالت وزارة الخارجية الأمريكية، إنها لا تعرف ماذا حدث للصحافي السعودي، جمال خاشقجي، الذي اختفى بعد زيارته قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، قبل أسبوع.

إلا أنه بعد يوم واحد أي أمس الأربعاء قال ترامب، إنه أجرى محادثات مع القيادة السعودية حول قضية اختفاء خاشقجي.

وأشار في تصريحات، إلى أنه طلب من السعوديين “تقديم إجابات” عن اختفاء خاشقجي، واعتبر أن هذه القضية “مسألة مهمة جدا” بالنسبة له.

وذكر ترامب أنه تواصل مع خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز ودعاها إلى البيت الأبيض.

موقف ترامب وتصاعده لم يكن وحيداً حيث أعلن البيت الأبيض أمس الأربعاء، أن وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون، وكبير مساعدي الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، اتصلوا بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بشأن اختفاء خاشقجي وطلبوا معلومات عن ملابسات القضية.

بدوره قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، إنهم يتابعون قضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي “عن كثب”، وذلك في تصريح له بالعاصمة واشنطن.

وفي تطور لاحق أعلن ترامب في تصريح لقناة أمريكية اليوم الخميس أنه ينبغي أن نعرف ما الذي حدث في قضية خاشقجي، مشيراً إلى أن محققين أمريكيين يعملون مع الأتراك والسعوديين في قضية الصحافي المفقود.

** تحرك سياسي

تصاعد موقف إدارة ترامب لم يكن منفرداً حيث سجلت بالتوازي معه دعوات لعدد من السيناتورات لإجراءات ضد السعودية من بينها منع بيع الأسلحة للمملكة وإعادة واشنطن النظر في علاقتها مع الرياض.

والثلاثاء الماضي، قال السيناتور الأمريكي، راند بول ـ وهو أحد منتقدي الحكومة السعودية منذ فترة طويلة ـ إنه سيحاول فرض تصويت في مجلس الشيوخ على منع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية، إلا أن ترامب سرعان ما أبدى ترددًا في إمكانية اتخاذ قرار وقف بيع الأسلحة للسعودية.

وقال ترامب في مكالمة هاتفية مع برنامج “فوكس نيوز نايت” الأمريكية، الخميس، إنّ اتخاذ مثل ذلك القرار “يؤذينا”.

بدوره أوضح السناتور كريس ميرف، أن “الوقت ربما قد حان لكي تعيد الولايات المتحدة النظر في علاقتها مع السعودية إذا تبين أن خاشقجي قد تم استدراجه من قبل السعوديين”.

وبنفس السياق، اعتبر السيناتور ليندسي غراهام، ثبوت مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصيلة بلاده بمدينة إسطنبول، أنه يتجاوز الخطوط التي تبدو طبيعية في نظر المجتمع الدولي. وأكد أنه لم يكن أبدًا منزعجًا بهذا الشكل.

وبالتزامن مع هذه المواقف الفردية طالبت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، الرئيس ترامب، أمس الأربعاء بفتح تحقيق “في إطار قانون غلوبال ماغنتسكي لحقوق الإنسان والمساءلة” لمعرفة مصير الصحافي السعودي المختفي، جمال خاشقجي.

وأرسل خطاب بهذا الطلب إلى ترامب، من قبل كل من رئيس لجنة العلاقات الخارجية، السيناتور الجمهوري عن ولاية تنيسي، بوب كوركر، وعضوي اللجنة المخضرمين، السيناتور الديمقراطي عن ولاية، نيو جيرسي، بوب ميننديز، والسيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية، ليندسي غراهام، ونائب رئيس لجنة المخصصات المالية في الشيوخ، السيناتور عن ولاية فيرمونت، باتريك ليهي.

ولقد وقع على الخطاب كافة أعضاء لجنة العلاقات الخارجية، باستثناء السيناتور الجمهوري عن ولاية كنتاكي، راند بول.

وقال أعضاء اللجنة في الخطاب الموجه لترامب “نطالبك بأن تقرر فرض عقوبات على الأجانب الذين لهم دور بأي شكل من الأشكال في أية انتهاكات طالت السيد خاشقجي؛ وذلك بموجب قانون غلوبال ماغنتسكي لحقوق الإنسان والمساءلة”.

وأضاف الخطاب “ونتطلع وأنتم تتخذون هذا القرار، أن تضعوا في اعتباركم المعلومات المتعلقة بالمسؤولين رفيعي المستوى بحكومة المملكة العربية السعودية”.

وقانون “غلوبال ماغنتسكي” يشترط قيام الرئيس الأمريكي -حال مجئ طلب من مجلس الشيوخ -بإجراء تحقيق حول “تعرض شخص ما للتعذيب، أو التصفية خارج القانون أو غيرها من انتهاكات حقوق الإنسان لمجرد تعبيره عن رأيه”.

وبحسب القانون فالرئيس الأمريكي مضطر لاتخاذ قرار عقوبات بشأن شخص أو أشخاص ضلعوا بانتهاكات لحقوق الإنسان، خلال 120 يومًا من تاريخ طلب لجنة الشؤون الخارجية، لا سيما إن كان هذا الطلب يتضمن تقريرًا مشتملًا على أدلة. مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، كان له موقف أيضا من قضية اختفاء خاشقجي.

حيث قال رئيس المجلس نهاد عوض، إنه يتعين على السلطات السعودية إظهار أدلة تثبت أن الصحافي جمال خاشقجي على قيد الحياة. وذلك خلال مؤتمر صحافي، من أمام مقر صحيفة “واشنطن بوست” التي كان خاشقجي ينشر بها مقالات رأي، وذلك للفت الانتباه إلى اختفائه.

** انسحابات

بالتزامن مع ذلك قرر وزير الطاقة الأمريكي السابق، إرنست مونيز، تعليق دوره الاستشاري بمشروع مدينة “نيوم” الاقتصادية السعودية لحين معرفة مزيد من المعلومات عن مصير الصحافي السعودي المختفي، جمال خاشقجي.

جاء ذلك بحسب بيان، صدر، الأربعاء، عن مونيز الذي عمل في إدارة الرئيس الأمريكي، السابق، باراك أوباما، واطلعت الأناضول على نسخة منه.

وكان مونيز واحدًا من 18 شخصا يشرفون على مشروع نيوم الذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار ويدعم فكرة إنشائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وقال الوزير السابق في بيانه “في ضوء الأحداث الجارية في هذه اللحظة، أُعلق عملي في مجلس إدارة مشروع نيوم السعودي”، مشيرًا إلى أن الاخبار انقطعت عن خاشقجي بعد دخوله مقر قنصلية بلاده بإسطنبول.

وفي موقف مشابه، أعلنت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الخميس، انسحابها من رعاية مبادرة تنظّم في العاصمة السعودية الرّياض، برئاسة ولي العهد محمّد بن سلمان.

جاء ذلك على لسان، إيلين ميرفي، المتحدثة باسم الصحيفة، أوضحت في تصريح لها، أن نيويورك تايمز انسحبت من رعاية “مبادرة مستقبل الاستثمار” المقرر عقدها في الفترة ما بين 23 و25 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.

وفيما لم توضّح “ميرفي” سبب انسحاب الصحيفة من المبادرة؛ إلا أنه يأتي في الوقت الذي أصبح فيه ولي العهد السعودي، هدفا للانتقادات بسبب اختفاء الصحافي جمال خاشقجي، قبل أسبوع في القنصلية السعودية بإسطنبول.

** تصاعد إعلامي

بالتزامن مع تصاعد حدة المواقف الأمريكية بخصوص اختفاء خاشقجي، صعّدت الصحف الأمريكية وخاصة “واشنطن بوست” التي كان يكتب فيها خاشقجي قبل اختفائه من تفاعلها مع القضية.

فمع بدء توارد الأنباء عن اختفاء خاشقجي بدأت واشنطن بوست بنشر اخبار حول اختفائه، ومن ثم تركت عمودا فارغا في نسختيها الورقية والإلكترونية دعما للصحافي السعودي، وعنونتها بـ”صوت مفقود”.

ومن ثم تطور الأمر من خلال نشر أول صورة ينشرها الإعلام للحظة دخول خاشقجي للقنصلية السعودية في إسطنبول، لتتوالى بعدها الأخبار والتقارير التي نشرتها حول ملابسات اختفاء خاشقجي.

ونشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمر باستدراج مواطنه الصحافي جمال خاشقجي إلى بلاده من خلال بذل بعض الوعود له، ومن ثم اعتقاله.

وبحسب خبر نشرته الصحيفة نقلا عن الاستخبارات الأمريكية، فإن “ولي العهد أمر بالعمل على إعادة خاشقجي من ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة إلى السعودية، ثم القبض عليه، وهو ما رصدته الاستخبارات”.

فيما لم تغب باقي الصحف الأمريكية الشهيرة عن الحدث أيضا حيث نقلت صحيفة نيويورك تايمز، عن مسؤول تركي رفيع المستوى، أن خاشقجي، قتل بعد ساعتين من وصوله قنصلية بلاده في إسطنبول، وأنه تم تقطيع جسده بمنشار، على طريقة فيلم “الخيال الرخيص” الأمريكي الشهير.

وقال المسؤول إن مسؤولين كبار في الأمن التركي خلصوا إلى أن خاشقجي تم اغتياله في القنصلية السعودية بإسطنبول بناء على أوامر من أعلى المستويات في الديوان الملكي.

** اختفاء خاشقجي

واختفى الصحافي السعودي الشهير بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، بتاريخ 2 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.

يذكر أن خطيبة خاشقجي، قالت في تصريح للصحافيين، إنها رافقته إلى أمام مبنى القنصلية السعودية بإسطنبول، وأن الأخير دخل المبنى ولم يخرج منه، فيما نفت القنصلية ذلك، وقالت إنّ خاشقجي زارها، لكنه غادرها بعد ذلك.

وكانت الخارجية التركية استدعت لأول مرة سفير الرياض لدى أنقرة، الأربعاء الماضي، أي بعد يوم من اختفاء خاشقجي، قبل أن تستدعيه للمرة الثانية، الأحد الماضي، للسبب ذاته.

كما طالب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مسؤولي القنصلية السعودية بإثبات خروج خاشقجي منها، بتقديم تسجيلات مصورة، وهو ما لم يتم حتى اليوم.

والسبت الماضي، أعلنت نيابة إسطنبول فتح تحقيق حول اختفاء خاشقجي. (الأناضول).

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نضال اسماعيل:

    امريكا لاتهتم لخاشقجي ولكنها ترى فيها فرصة مجانية للضغط على محمد سلمان لتضيفها الى مجموعة الضغوطات التي يمارسها ترمب مؤخرا مثل طلبه المزيد من الاموال السعودية والتي لاتملكها ، والسبب الاساسي هو دفع محمد سلمان لفعل مافعله السادات تماما من زيارة تاريخية لتل ابيب والقدس والقاء خطاب في الكنيست ليعلن منه انتهاء العداء بين العرب واسرائيل الى الابد .

  2. يقول جبارعبدالزهرةالعبودي من العراق:

    يبود ان القهوة الامريكية سوف لن تغلي وذلك على مايبدو ان مقتل خاشقجي فيه منفعة لامريكا والله اعلم

إشترك في قائمتنا البريدية