غياب الرقابة المباشرة على الشوارع الجانبية حوَّلها إلى «جراجات» كبيرة وساحات انتظار وتزايد الإقبال على فيلم «الممر»

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: كان الخبر الأبرز في الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 18 يونيو/حزيران عن وفاة الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي أثناء محاكمته في قضية التخابر مع حركة حماس، وذلك بشكل مفاجئ، بعد أن انتهى من كلمة له ونص بيان النيابة هو: عقب انتهاء دفاع المتهمين الثاني والثالث من المرافعة، طلب المتوفى الحديث فسمحت له المحكمة بذلك، حيث تحدث لمدة خمس دقائق وعقب انتهائه من كلمته رفعت المحكمة الجلسة للمداولة، وأثناء وجود المتهم محمد مرسي العياط وباقي المتهمين داخل القفص، سقط مغشياً عليه، حيث تم نقله فورا للمستشفى وتبينت وفاته إلى رحمة الله تعالى، وأمر النائب العام المستشار نبيل أحمد صادقـ بانتقال فريق من أعضاء النيابة العامة في نيابة أمن الدولة العليا ونيابة جنوب القاهرة الكلية لإجراء المناظرة لجثة المتوفى، والتحفظ على كاميرات المراقبة الموجودة في قاعة المحكمة وقفص المتهمين، وسماع أقوال المتواجدين معه في ذلك الوقت، كما أمرت النيابة العامة بالتحفظ على الملف الطبي الخاص بعلاج المتوفى، وندب لجنة عليا من الطب الشرعي برئاسة كبير الأطباء الشرعيين ومدير إدارة الطب الشرعي لإعداد تقرير طب شرعي بأسباب الوفاة، وصرحت النيابة بدفن الجثة عقب انتهاء اللجنة من إعداد تقريرها. وكان التقرير الطبي المبدئي قد أوضح إنه بتوقيع الكشف الظاهري على المتوفى وجد انه بلا نبض ولا ضغط ولا حركات تنفسية، وأن حدقتي العينين متسعتان غير مستجيبتين للضوء والمؤثرات الخارجية، وحضر للمستشفى متوفى في تمام الساعة الرابعة وخمسين دقيقة مساء، وقد تبين عدم وجود إصابات ظاهرية حديثة على جثمان المتوفى.

وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي تسحب الاهتمام من بطولة كأس الأمم الافريقية واستمرار الحملات للدفاع عن السوريين

أما ما هي تداعيات الوفاة وآثارها على الوضع العام، فهي باستثناء قيام وزارة الداخلية بإنزال عناصر سرية أخرى للشوارع تحسبا لقيام عناصر غير معروفة لديها بعمليات انتقامية مع تعليمات بالرد عليها باقسى درجات العنف. كما أن الاهتمام الاساسي لا يزال لامتحانات الثانوية العامة. وركزت الصحف على وصول الرئيس السيسي إلى جمهورية بيلاروسيا، وسيتوجه بعدها إلى رومانيا وكانت المقالات عن السوريين في مصر وفيلم الممر والتوتر في الخليج وأحداث السودان. وإلى ما عندنا…

الحاجة للتنظيم

سليمان جودة في «المصري اليوم» يقول: «نشرت صحيفة «الأخبار» كاريكاتيراً للأستاذ عمرو فهمي، توجه فيه بالحديث إلى الدكتور مصطفى مدبولي، وكان مجمل كلامه أن التوك توك خرج عن كونه وسيلة من وسائل المواصلات، وأصبح سبباً في جرائم كثيرة، وأن الحكومة تستطيع أن تأكل الشهد من ورائه، لو أنها عرفت كيف تنظم حركته، وكيف تمنحه التراخيص المطلوبة، وكيف تحصل على رسوم مخالفات السير التي يرتكبها! ومما قيل في الكاريكاتير أيضاً أن شباب الصنايعية تركوا شغلهم، وفضلوا التوك توك عليه، وأن المواطن في البلد يمكن أن يأتي عليه يوم قريب يبحث فيه عن سباك، أو كهربائي، أو نجار، أو أي صنايعي محترف من أي نوع.. فلا يجد، وهذه حقيقة.. لولا أن التوك توك ليس هو السبب، وإنما التراخي في تنظيم الملف كله هو السبب.. ولا سبب آخر.. فهذه الوسيلة من وسائل المواصلات موجودة في منطقة جنوب شرق آسيا كلها، لكنها لا تعرف هناك الفوضى التي تعرفها هنا! إنك تستطيع به توصيل سيدة عجوز في منطقة نائية، أو في حارة سد، وتستطيع أن ترتكب به جريمة في المنطقة ذاتها وفي الحارة السد ذاتها.. وبالتالي، فهو وسيلة يمكنك توظيفها جيداً في مكانها الذي تعجز السيارة العادية عن الوصول إليه، ويمكنك أن تتركه سداح مداح، فيصبح أداة من أدوات الجرائم التي نسمع عنها ونقرأ تفاصيلها في جرائد الصباح.
تستطيع أن ترتكب به جريمة لو كان غير مرخص، أو كان الذي يقوده طفلاً لا يحمل رخصة قيادة، ولا يجيد القيادة ولم يتدرب عليها.. وهذه كلها أمور نراها بأعيننا كل يوم في الشوارع الرئيسية وعلى الطرق السريعة نفسها.. إن التوك توك وسيلة مواصلات لمناطق بعينها، ولا يجوز أن يعمل خارجها تحت أي ظرف، لكننا نشاهده خارجها يعربد كل يوم، وعندما طلبت الحكومة من الرجل الذي يتولى تجميعه وتوريده للأسواق عدم توريد أي وحدة منه إلا بعد ترخيصها، فإنه التزم تماماً، فلما ذهب يطلب الترخيص، كما طلبت الحكومة واجه ما لم يكن يتوقعه من عقبات ولايزال.
وكان هذا دليلاً جديداً ليس فقط على عدم الجدية في التعامل مع هذا الملف، لكن على أننا يجب أن لا نفكر في دعوة المستثمر الأجنبي إلى المجيء، إلا إذا كان تشجيع المستثمر الوطني هو الطريق، وإلا إذا كانت إزالة العقبات من طريقه هي البداية! ملف التوك توك في حالته الراهنة عنوان لأشياء كثيرة، ليس أولها أنه كاشف لطريقة لا تليق في التعامل مع المستثمر الوطني عموماً.. فالمستثمر الأجنبي لن يأتي إلا من خلاله.. ولا آخرها أنه ملف في أشد الحاجة إلى تنظيم مُحكم يمنع تسرب الصنايعية المحترفين إليه، ويحدد نطاق خريطته بحزم فلا يخرج عنها، ويدرب الذين يقودونه فلا يقوده أطفال».

«اتجاه واحد»

«لا يعرف محمد أحمد طنطاوي في «اليوم السابع»، ما فائدة العلامات الإرشادية التي يضعها المرور في كل مكان طالما أننا لا نطبقها أو نلتزم بها، اللافتة الكبيرة الموجودة على رأس الشارع مكتوب عليها «اتجاه واحد» لا تمثل شيئا عند أغلبنا، خاصة في الشوارع الجانبية، في المناطق الراقية أو الشعبية.
غياب الرقابة المباشرة على الشوارع الجانبية، حولها إلى «جراجات» كبيرة وساحات انتظار، لا تعرف إذا كان الاتجاه فيها دخولا أم خروجا، ولا يمكنك أن تسير فيها بصورة آمنة بصحبة أطفالك أو أسرتك، على العكس من الشوارع الرئيسية المحدد بها علامات السير وإرشادات المرور، ولا يمكن للسيارات المخالفة أو السير عكس الاتجاه، خوفا من العقوبة أو دفع الغرامة.
مشكلة الشوارع الجانبية لا تتوقف فقط عند حد السير عكس الاتجاه، لكن أيضا بالخلافات حول المرور والتعود على السلوك الخاطئ، حتى صار طبيعيا وعاديا، بحيث تقوم به بصورة يومية بدون أن يسألك أحد، بل عندما يوضح لك أحدهم الخطأ وأنك تسير عكس الاتجاه، تجادل وتناقش وتدعي بأن هذا الأمر غير صحيح، وأنه طريقك اليومي المعتاد. مشكلة المرور في الشوارع الجانبية ليس على الإطلاق مسؤولية الدولة، التي لا يمكنها أن تضع عسكري مرور على كل شارع صغير أو فرعي من آلاف الشوارع في القاهرة الكبرى، وهذه تجربة لا توجد في أي دولة في العالم، ولكن الأمر مرتبط بشكل مباشر بسلوك المواطن الذي يجهل أبسط قواعد المرور ويخترقها، بدون عقاب، وهذا يدفعنا إلى ضرورة التأكيد على مفاهيم المرور الآمن والسير الصحيح في الشوارع، وأن تتحرك جمعيات المجتمع المدني، والمنظمات الأهلية، التي غالبا تتحرك نحو برامج غير فعالة ولا تفيد المجتمع المصري، إلى ضرورة عمل حملات توعية مباشرة أو من خلال وسائل الإعلام أو السوشيال ميديا، فالأمر يبدو بسيطا وسهلا، وقد يراه البعض ساذجا أو غير مهم، إلا أنه مؤشر مهم على السلوك والثقافة التي يجب أن نتبعها جميعا، فالمواطن الذي يخترق إشارة مرور أو يسير عكس الاتجاه في دولة أوروبية على سبيل المثال، ويكرر هذه الأفعال قد يشككون في سلامة قواه العقلية ويمنعونه من القيادة، فما بالنا ونحن نقوم بهذا العمل يوميا عن عمد من باب الفهلوة والحداقة، وعدي بسرعة قبل ما العسكري يشوفك أو قبل الكاميرا ما تصورك.
يجب سن قوانين مرورية رادعة تضاعف عقوبات السير عكس الاتجاه في الشوارع الرئيسية أو الفرعية، ووضع كاميرات ثابتة على مداخل ومخارج هذه الشوارع حتى نتمكن من محاسبة المخطئ، فبدون محاسبة لن نستطيع تصحيح سلوك أو تقديم توعية حقيقية».

كيف نعيدهم؟

أما محمد أبو الفضل بدران في «الوفد» يقول: «نشر المستشار بهاءالدين أبوشقة كلمة عدل في إصلاح التعليم وبدأ برؤاه حول التعليم قبل الجامعي مطالباً بتطور المدرسة والمعلم والتلميذ تطويراً جذرياً شاملاً يعيد إلى العملية التعليمية مكانتها ودورها وربطها بالمجتمع وفرص العمل المتاحة فيه.
وهو موضوع جد خطير وقد بدأ وزير التربية والتعليم مشروعه الذي آمل له النجاح، لكن الصراحة تجعلنا نتحدث بصوت حاد، لأن الأمر جد خطير، فقد لحظتُ عدم ذهاب طلاب السنة الأولى والثانية والثالثة في المدارس الثانوية إلى فصولهم، وصار التلاميذ ينامون نهاراً ويأخذون دروسهم الخصُوصية ليلاً، ولم يفلح التابلت في عودة طلابنا لمدارسهم، والتابلت وسيلة وليس مناهج ولا مدارس، وفي المقابل فإن جداول الحصص الوهمية «والجدول الميت» تمام التمام ويعاني أولياء الأمور من ضياع المدرسة، ليظل الدرس الخاص تعليماً بديلاً.. فهل يعقل أن يتغيب طالب في الثانوية عن مدرسته طوال العام ولا يذهب إليها إلا ممتحَناً؟ فأين دور المدرسة التربوي والطالب لا يراها؟ وأين ما تزرعه هذه المدرسة من قيم وانتماء والطالب لم يزرها سوى أيام الامتحانات؟ وأنني لأعجب من ناظري هذه المدارس ومديريها ومدرّسيها ومفتشيها ومديري الإدارات التعليمية ووكلاء وزارتها وهم يخطّون بأقلامهم في دفاتر هذه المدارس «إن المدرسة تسير على ما يرام والطلاب منتظمون ومتفوقون» وهي شهادة باطلة لأنه لا طلاب بالمدارس للأسف، فكيف اجتمع كل هؤلاء على مسرحية هزلية؟» وقد قلّت الدروس الخصوصية لطلاب هذا العام الملتحقين بالصف الأول الثانوي لأن الوزارة أعلنت أن الجميع ناجح، وقال لي أحد الطلاب: لماذا أذاكر وأنا ناجح؟ «ولا أدري لماذا أعلنت الوزارة نجاحهم قبل امتحانهم بشهور، ما جعل استهتار الطلاب وأولياء الأمور بالعملية التعليمية واضحاً بيّناً، ألم يكن من الأفضل لو تركناهم يذاكرون ويفهمون ثم ينجحون؟ وهؤلاء الطلاب الذين نجحوا في الصف الأول الثانوي بدون مذاكرة، ماذا سيفعلون في مناهج الصفين الثاني والثالث والعلم يتراكم في تراصٍ وبناء، وهم لم يتأسسوا في الصف الأول؟ ثم نأتي إلى طلاب الشهادة الإعدادية هل يذهبون لمدارسهم؟ ولماذا لا يتغيب الطلاب في المدارس الخاصة؟ إصلاح التعليم يبدأ من إعادة الطلاب إلى مدارسهم ونشيد الصباح وتحية العلم والإذاعة المدرسية والأستاذ المخلص والمنهج المعد إعداداً سليماً والانضباط، ولسنا بدعاً في الأمر فألمانيا واليابان وفنلندا وغيرهم تجارب تحتذى في هذا الأمر.
لقد شغلنا الناس بالتابلت والبوكليت ونسينا الجوهر وهو التعليم (الطالب والمدرس والمنهج) وهذا الثلاثي تجمعه المدرسة، فهل من وسيلة تعيد تلاميذنا إلى مدارسهم؟»

السوريون في مصر

وننتقل إلى ردود الأفعال على حملات البعض في السوشيال ميديا على اللاجئين السوريين في مصر التي قال عنها في «الدستور» سيد عبد القادر تحت عنوان «حب السوريين فرض عليّ»:
«الكل يعرف أن هذه الزوبعة انطلقت بعد تغريدة من الشيخ نبيل نعيم، ومن حق الشيخ نبيل أن يخاف على البلد كما يريد، لكن الأمر تطور بسرعة كبيرة ووصل إلى حد تقديم بلاغ إلى النائب العام ومحاولة تشويه كل النجاحات الحقيقية لإخوتنا السوريين، التي كشفت أمام أعيننا وأمام أعين كثيرين من أبنائنا عن أن مصر ما زالت بلد الفرص التي تذهب لمن يستحقها، ولمن يبذل الجهد والعرق للفوز بها، إذا كانت هناك شبهات حول أموال إخوانية فنحن نثق أن هناك عيونا لا تنام من أجل أمن هذا البلد، وأن هذه العيون بدأت تحركا جديدًا لكشف حقيقة هذه الاتهامات، ولكن الخطورة في التعميم خاصة أن هذا التعميم يُسيء لإخوة لنا نفتح لهم أبواب قلوبنا كعادة المصريين ويكفي أنه يعيش على أرض المحروسة نحو خمسة ملايين لاجئ أو مستجير بنا، يشكل الإخوة السوريون عُشرهم فقط، نحن كمصريين نحب كل عربي ونرحب بكل من يقصد بلدنا، وفي اعتقادي أن الإخوة في سوريا والقضية السورية لها وضع خاص يدركه القاصي والداني، فقد علّمتنا دروس التاريخ أن مصر وسوريا هما مفتاح السلم ومفتاح الحرب في منطقتنا العربية، وهما الشيفرة السرية لاستقرار العرب والعروبة، ومن حروب رمسيس الثاني إلى حرب تحرير الكويت كان النصر نتيجة حتمية، إذ تلاقت أهداف البلدين وتوحدت إرادة جيشيهما، لقد حفر السوريون الذين يعيشون بيننا منذ بداية الأزمة محبتهم في قلوبنا جميعًا، وأعتقد أن كثيرين منهم رغم قسوة البُعد عن الوطن أصبحوا لا يشعرون بالغربة وهم يعيشون على أرض مصر، وأكاد أجـــزم بأن بعضًا ممن يمتلكون المشروعات الناجحة في مصر ربما يترددون في العودة بعد أن تنفرج الأزمة، خاصة أن كثيرين منهم حفروا قصص نجاحهم بأظافرهم أي شخص يتحرك على أرض مصر بدعم إخواني وبأموال إخوانية يجب أن يحاسب، ويتم ضبطه، سواء كان مصريًا أو سوريًا أو من أي جنسية لكن هذا يجب ألا يسيء لأغلبية الإخوة السوريين الذين هم محل ترحيب ومحبة من أشقائهم المصريين».

الدروس المستفادة

وفي «المصري اليوم» قال أيمن الجندي في بابه اليومي «الكثير من الحب» تحت عنوان «الدروس المستفادة من مساندة السوريين»: «هاشتاج «مصر منورة بالسوريين» الذي انتشر كالنار في الهشيم يمكن أن نستخلص منه العبر التالية: أولا: السوريون ليسوا عالة على أحد، السوريون شعب جميل نظيف مثقف محب للفنون تجار بالفطرة، أضافوا إلينا، وكثير من السوريين الذين نزحوا إلينا من ميسوري الحال الذي أقاموا المصانع والمتاجر ومحال الطعام وارتقوا بالخدمة.
ثانيا: النزعات الشوفينية قد تجاوزها العالم بأسره وإلا فلماذا نغضب إذا أساءت إلينا الشعوب الأخرى، التي يعمل فيها المصريون في الخارج؟ لقد أدرك المصريون بالفطرة السليمة أن التنوع في صالح الجميع، ومصر عاشت طيلة تاريخها متنوعة.
ثالثا: إن ما يربط مصر بسوريا علاقة خاصة تتخطى تجاذبات السياسة ومصر- كسائر الأمم ـ انتابتها موجات صعود وهبوط، لكن المؤكد أنها كلما نهضت يممت أنظارها صوب سوريا، حدث هذا في دولة الفراعنة وأيام المماليك حين أنقذوا العالم من خطر المغول وبتعاونهما صدوا هجمات الصليبين وطردوهم، وأثناء المد القومي الناصري كان السوريون هم أول – وآخر- شعب في العالم يتنازل عن حكم نفسه طوعا ويذهب إلى جمال عبدالناصر باعتباره زعيما للقومية العربية، ليفرض عليه الوحدة بحكم المسؤولية القومية المشتركة، ولئن أساء عبدالحكيم عامر حكم سوريا، وفهم طبيعة مجتمع التجار السوريين واضطرهم إلى الانفصال بسياسات طائشة لا تناسب طبيعة اقتصادهم، فهذا ذنب الإدارة الفاشلة.
رابعا: سوريا كما تأخذ تعطي فلنذكر أن سوريا ظلت من البلاد العربية القليلة التي يدخلها أي عربي بدون تأشيرة، وأنها استضافت الفلسطينيين أثناء نكبتهم، وكذلك استضافوا اللبنانيين والعراقيين أثناء حروبهم الأهلية.
خامسا: إن مصر أولى بسوريا إذا جار الزمان عليهم، وبالفعل ورغم أن مصر المعاصرة في حالة انطفاء ودورة هبوط فقد سلكت السلوك القومي المنتظر وفتحت أبوابها لإخواننا السوريين لا ليسكنوا في معسكرات لاجئين، وهذه من مفاخر مصر العروبة، إن اللاجئين يعيشون بين أهلها يضيفون إليها ويأخذون منها ونحن بفضل الله لا نعرف الفصل العنصري ولا مخيمات اللاجئين، فتحية لمصر الطيبة.
سادسا: لم يزعم أحد أن السوريين ملائكة ولا يوجد أصلا ملائكة على الأرض، لا نحن ولا هم، ومن يخطئ يخضع للقانون، ومن يربح يدفع الضرائب هكذا ببساطة.
سابعا: وأهم من كل الدروس السابقة أن مصر بخير قلبها وضميرها وإنسانيتها الحقة، لقد هب الجميع يدافعون عن إخوانهم السوريين بلا سابق تخطيط، وهذا يدل على أن الشعب- رغم كل عوامل التجريف- ما زال يعرف من عدوه ومن صديقه، وأنه مستعد أن يتقاسم لقمة العيش طالما يكسبها بأمانة وشرف. تبين لنا – بحمد الله- أن الأغلبية الكاسحة من المصريين رحماء وطيبون وهذه – لعمرى- أفضل من كل كنوز الأرض».

الضابط البحري السوري جول جمال

وكذلك قام الدكتور عمرو عبد السميع في «الأهرام» مشكورا بتذكيرنا ببطولة الضابط البحري السوري جول جمال وقال عنه: «أثار ما نشرت تحت عنوان «كوميديا سوداء» في شهر إبريل/نيسان الفائت حول عدم معرفة الأجيال الجديدة بأحد الأبطال الرموز مثل جول جمال ناسف البارجة جان دارك إبان العدوان الثلاثي ردود فعل واسعة وغامرة، أختار منها رسالة أحمـــــد زين السفــــير في وزارة الخارجية المحال على المعاش التي جاء فيها: «ما أشرت إليه عن عدم معرفة الشباب باسم عظيم مثل جول جمال مثبت على لافتة في شارع كبير هو أمر يقتضي الاهتمام.
فالحقيقة أن هناك الكثير من أسماء الشوارع غير المعروفة لدى بعض الشباب، وهذا يعكس مشكلة ثقافية كبيرة، ويتطلب تشكيل لجنة وطنية من بعض الوزارات المعنية مثل الحكم المحلي والثقافة، لتقوم بتسطير نبذة موجزة جدا تحت اسم كل شارع يحمل اسما لتوضح أهم عمل قام به من تسمى الشارع باسمه وتاريخ مولده ووفاته، وأهم الأعمال التي قام بها، وسيسمح ذلك بتقديم القدوة للشباب والتعريف بأسماء نساء ورجال أثروا الوطن بأعمالهم، وأسدوا خدمات جليلة وبعضهم قدّم روحه فداء للأوطان.
الاكتفاء بكتابة اسم شخص ما دون تحديد الأسباب التي أدت إلى إطلاق اسمه، يفترض أن الأيام التي عرف فيها الناس تلك الشخصية هي أيام ثابتة لا تتحرك، وأن الزمان لن يتحرك وتأتي أيام لن يعرف فيها الناس تلك الشخصية، ولماذا أطلق اسمها على هذا الشارع أو ذاك؟ وما هي الأعمال التي أدوها؟ يجب أن تتحول أسماء الشوارع إلى سجل مصغر للذاكرة الوطنية» تعليق: أوافق تماما على ما اقترحه السفير أحمد زين فقد شاهدت بنفسي في لندن علامات توضع على بعض الشوارع التي تحمل أسماء مهمة أو البيوت التي سكنها أصحابها أو شهدت ميلادهم أو بعض إسهاماتهم العبقرية وعليها جمل موجزة جدا تشرح للناس لماذا هذا الاسم عظيم وما الذي قدمه لبلاده».

«الممر»

وإلى فيلم «الممر» الذي شاهدته واستمتعت به لأنه لم يكن على نمط الأفلام السابقة، سواء في الدعاية المباشرة أو الخطابة، إنما عكس صورة حقيقية لما كان يموج في نفوس المصريين بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967 ثم بدء حرب الاستنزاف والتعبيرات الصادقة عن الانتقادات للنظام، وكان الغريب أن الآباء والأمهات والأجداد اصطحبوا معهم أبناءهم من الشبان والأطفال الذين لم يعاصروا هذه الفترة، ومع ذلك كانوا الأكثر حماسا وتصفيقا وبسبب نجاح الفيلم سيتم عرضه في الخارج، وكتب عنه في «المساء» وائل عبد العال في صفحة الفن قائلا:
«سافر الفنان أحمد عز إلى إنكلترا بعد نجاح فيلمه الأخير «الممر»، حيث نال الفيلم إشادة من النقاد، كما حقق إيرادات عالية في موسم العيد، عز سافر إلى لندن لمتابعة أعمال الترجمة لفيلم «الممر» الذي من المقرر أن تتم ترجمته إلى عدة لغات وهي الإنكليزية والفرنسية والألمانية، كما سيتم عرضه في بعض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية والإمارات والكويت.
تم تصوير الفيلم في خمس مدن وهي السويس، جنوب سيناء، أسوان الإسماعيلية والقاهرة واستغرق التصوير ثلاثة أشهر».
وفي «الوفد» نكون مع الاستاذة في جامعة القاهرة وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد الدكتورة عزة أحمد هيكل وقولها تحت عنوان «الممر أخرس النقد» مشيدة بدور الفنان الأردني إياد نصار في دور الضابط الإسرائيلي، الذي أبدع فيه، كما أبدع في دور حسن البنا في مسلسل «الجماعة» وقالت: «فيلم «الممر» لشريف عرفة كتابة وإخراجًا ولنخبة متميزة متألقة من الممثلين من عدة أجيال تتواصل في إبداع وعطاء فني، يؤكد أن مصر ولاّدة وأرضها خصبة تنمو فيها المواهب والنجوم الحقيقيون، الذين من حقهام أن يصلوا إلى درجة العالمية في الأداء، بل ويتفوقون على نجوم هوليوود الذين هم صناعة وتجارة، قبل كونهم فنانين بحق.
فيلم «الممر» من إنــــتاج هشـــام عبد الخالق والشؤون المعنوية للقوات المسلحة التي كان لها دور كبير في تصميم المعارك والمناطق العسكرية وبناء المشاهد بشكل واقعي، أبرزه وأبدعه المخرج شريف عرفة، في تحريك الصورة ومحاولة تصوير الحرب والمعارك الصغيرة بشكل يقترب من الواقعية الفنية، ومساعدة جموع الممثلين وعلى رأسهم محمد فراج في دور هلال الصعيدي الشجاع الثائر، ومحمد جمعة في دور البدوي الأصيل الذي يموج صدره بالوطنية، وإن لم يظهر ذلك، وكذلك محمود حافظ في أروع أدواره وهو دور جندي الصاعقة الفلاح الفطري القوي المتين الذي يواجهه بالكلمـــة والفعل، وكان لأحمد عز تألق ونجومية القائد البطل الذي يمر بمراحل الانكسار والهزيمة والاكتئاب والخجل والانفعال والغضب، ثم التروي والحنكة والمهارة والبسالة، للثأر واسترداد الكرامة، ومعها الأسرى الذين جسدهم أحمد فلوكس في دور محمود الأسير الذي لم يخنع ويخضع وظل صامدًا يحمل الأمل في الفرار والنجاة، وحين ينجو يقتل وهو حر بيد الصهيوني الإسرائيلي إياد نصار أو ديفيد، وهو من أروع أدواره بعد دور حسن البنا في مسلسل الجماعة».
حساسية بعض الناصريين

وأخيرا إلى «الشروق» وزميلنا وطلعت إسماعيل وقوله ردا على الناصريين الذين غضبوا:
«رغم حساسية بعض الناصريين، كلما فتح باب النقاش حول ما جرى في 5 يونيو/حزيران إلا أن عبدالناصر نفسه اعترف بالمسؤولية السياسية والعسكرية، وبوقوع أخطاء على أكثر من صعيد، ولعل محاضر اجتماعات مجلس الوزراء التي كشف النقاب عن بعض أوراقها في الفترة الأخيرة، خير دليل. كما أننا لا نحتاج إلى التذكير بخطاب التنحي الشهير، هنا أجد من الظلم اختصار «الممر» الذي يسجل واحدة من البطولات العديدة للجيش المصري في معارك جانبية لا داعي لها، فلو كان عبدالناصر عاشق السينما حيا لرحب بالفيلم في تقديري، كما أننا أمام عمل فني لن يرضي جميع الأطراف، لكن يكفي صناعه نجاحهم في جذب جمهور الشباب بشكل أساسي لمشاهدة نوعية من الأفلام التي غابت طويلا عن الشاشة الفضية، لصالح أعمال رديئة نعاني آثارها السلبية في بعض السلوكيات. لن أخوض كثيرا في مشاهد المعارك الحربية التي لا تقل جودة عن مثيلتها في أفلام عالمية ممهورة بكلمة «صنع في هوليوود». الرسالة الثانية أن العدو الإسرائيلي سيبقى عدوا رغم كل محاولات محو ذاكرتنا الوطنية، وفرض الكيان الصهيوني على المنطقة، عبر قوى إقليمية ودولية، وبالتالي كان طبيعيا أن ينال أبطال «الممر» وفي مقدمتهم أحمد عز التصفيق الحاد في أكثر من مشهد، لأن الفيلم يسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية فهذا «عدو» وذاك شقيق، محطات عديدة حملت في الفيلم نقدا للذات، خاصة في ملفي تهجير أبناء النوبة بعد بناء السد العالي وتجاهل التنمية في المناطق النائية والبعيدة عن العاصمة، خاصة في الصعيد، غير أن شخصية الصحافي إحسان التي لعبها أحمد رزق، الذي رافق أبطال الصاعقة في مهمتهم، تحمل ظلما للمنتمين إلى مهنة الصحافة. صحيح أن هناك من عملوا مستشارين إعلاميين للراقصات، غير أن وسط هؤلاء أيضا من كتب التوجيه الاستراتيجي لحرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973ومن كانوا شركاء في صنع النصر.
بقي أن الفيلم ورغم بعض الهفوات الفنية يعطي إخوتنا من أبناء قبائل سيناء جزءا من حقهم في الإشادة بالتضحية دفاعا عن الأرض، ولعل دور أبورجيبة الشاب البدوي الذي لعبه محمد جمعة تجسيد لهذا المعنى، الذي اكتمل مع نهاية الفيلم بعودة الجندي الصعيدي الشجاع هلال «لعب الدور محمد فراج» من مهمته برفقة عروسه السيناوية فرحة «أسماء أبواليزيد» إلى والده تاجر الفاكهة المكافح لتعم «الفرحة» بالتحام أبناء مصر وقت المحنة».

كتيبة مقاتلين

«اهتمام مصر الكبير ببطولة الأمم الإفريقية 2019 المقامة على أراضيها، سواء شعبا أو حكومة، يعكس حسب دندراوي الهواري في «اليوم السابع» قيمة وأهمية هذه البطولة تحديدا، ومدى الآمال والطموحات المعلقة على أكتاف اللاعبين المنضمين لصفوف المنتخب وجهازهم الفني والإداري، وأن الفوز بالبطولة، فرض عين لإسعاد الشعب المصري، وإعادة الكأس لحضن أحفاد الفراعنة من جديد بعد غياب 9 سنوات كاملة. وعندما حقق منتخب مصر إعجازا كرويا بالفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية، 2006 و200
و2010 كان باللاعبين المحليين، وجهاز فني وطني، ولم يكن يضم المنتخب حينها سوى لاعب أو اثنين من المحترفين في الخارج، وكان أداء المحليين مبهرا ورائعا، وأصبحت ظاهرة كروية أبهرت خبراء الكرة، ليس في القارة السمراء حسب، ولكن في العالم أجمع، ما حدا بالأشقاء في شمال إفريقيا وتحديدا الجزائريين والتوانسة والمغاربة، إلى المطالبة بدراسة تجربة مصر، وكيف أن لاعبي مصر المحليين تفوقوا على كتيبة اللاعبين المحترفين في أكبر الأندية الأوروبية. وعزت وسائل الإعلام والخبراء والنقاد في الدول الإفريقية ما حققه اللاعب المصري المحلي والفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية، فيما فشلت فيه كتيبة المحترفين في صفوف منتخبات الجزائر والمغرب والجزائر وكوت ديفوار والسنغال وغانا ونيجيريا والكاميرون، إلى أن اللاعب المحلي «جعان» كرة، ويبذل أقصى ما عنده من أداء رجولي في الملعب، بينما المحترف، لا يبذل الجهد نفسه، ولا يلعب بالحماس نفسه، خوفا على أقدامه، وتعرضه للإصابة، تحرمه من المزايا الكبيرة سواء المالية الطائلة، أو الشهرة والنجومية! والحال تبدل في البطولة التي تنظمها مصر، التي ستنطلق فعالياتها الجمعة المقبلة، حيث يتسلح منتخب مصر بكتيبة محترفين، على رأسهم محمد صلاح، أحد أضلاع مثلث الأفضل عالميا، وهداف أقوى دوري في العالم، وأفضل لاعب إفريقي لعامين متتالين، بجانب محمد النني ومحمود تريزيجيه وعمرو وردة وأحمد حجازي وأحمد المحمدي وأحمد حسن كوكا وعلي غزال، فهل يسطر رفاق صلاح إنجازا قويا ويفوزون بالبطولة الأهم، والتأكيد على أن اللاعب المصري، سواء كان محترفا في أكبر الأندية العالمية، تسكنه روح الانتماء والحماس وإعلاء مصلحة بلاده، مثله مثل اللاعب المحلي، الذي حقق ثلاث بطولات متتالية في إعجاز كروى نادر الحدوث؟ الحقيقة، أن الدولة، متمثلة في رأس السلطة، قدمت دعما ومساندة لإنجاح البطولة، وتهيئة كل الأجواء وتذليل العقبات، بجانب مساندة جماهيرية تحرك الصخر، ما يدفع إلى ضرورة زرع كل لاعب في صدره عقيدة أنه ليس «لاعبا» فحسب، ولكنه «مقاتل» في «الميدان» لا يعرف إلا النصر، وإرضاء المئة مليون مصري المنتظرين لفرحة كروية، طوال 9 سنوات كاملة، واستثمار هذا النجاح لإحداث طفرة كبرى في كرة القدم المصرية. الدولة، متمثلة في رأس السلطة، والشعب الصبور والرائع، قدموا ما عليهم، فالسلطة بذلت مجهودا ضخما في التنظيم وتجهيز المنشآت وتجديد الملاعب، والجمهور المصري أظهروا روحا كبيرة في التشجيع من خلال الإقبال الكبير على شراء التذاكر، ويتبقى أن نرى كتيبة مقاتلين تعيد كبرياء مصر الكروي المفقود منذ 9 سنوات».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية