قائد أركان ليبي سابق: موازين القوة تميل نسبيا لحكومة الوفاق

حجم الخط
0

إسطنبول- محمد شيخ يوسف: حدد رئيس هيئة الأركان السابق للجيش الليبي، يوسف المنقوش، موازين قوة وضعف الأطراف المتصارعة في معركة طرابلس في ليبيا، مبينا أن “كفة موازين القوى تميل نسبيا لصالح حكومة الوفاق وفق عدة عوامل ومحددات”.

والخميس الماضي، أطلق اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود الجيش في الشرق الليبي، عملية عسكرية للسيطرة على العاصمة طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، والتي ردت بإطلاق عملية عسكرية للتصدي لذلك الهجوم.

 

الوقت ليس في صالح حفتر

المنقوش، تحدث عن عامل الوقت، حيث أفاد أن “العملية الأخيرة لحفتر على طرابلس، كانت مصممة أن تأخذ عدة أيام، وكانت معلوماته أن جميع الخلايا النائمة في طرابلس، وجزء كبير من أهلها، ستكون موالية له”.

وأضاف أن “العكس هو ما حصل، وكانت المقاومة عنيفة، حتى معنويات جنوده أصبحت تنزل يوميا، ولولا تدخل منطقة ترهونة بالمعركة، لكانت انتهت، حتى الآليات التي تركتها قوات حفتر خلفها كانت دون وقود، وهو ما يعني معاناته من نقص الإمدادات”.

المنقوش، شدد أيضا على أن “قوات حفتر تعاني من إرهاق، جاءت من مناطق بعيدة، وشاركت في معارك لا تنتهي، متواصلة لأكثر من أسبوع، وليست لديه قدرة لتغيير هذه القوات، على عكس موقف القوات التي تقابله”.

 

التموضع لصالح حكومة الوفاق

وعن وضع قوات حكومة الوفاق، أفاد المنقوش، أنها “موجودة في أراضيها، خطوط إمدادها قصيرة، وأعدادها كبيرة، وتستطيع أن تغير وتبدل بعضها، فالموقف هو في صالح حكومة الوفاق، ولكن كلما طال أمد المعركة لن يكون في صالح قوات حفتر”.

ولفت إلى أن “حفتر راهن على الوقت، ولكن هذه حرب ومتوقع فيها حصول المفاجآت، ولكن بتقييم الموقف العسكري، دخوله إلى طرابلس، هي عملية مغامرة غير محسوبة العواقب”.

وفيما يتعلق بنقاط قوة وضعف حكومة الوفاق أفاد المنقوش: “تتلخص في أنها أتت من مناطق مختلفة، وتحتاج إلى بعض الوقت للتنسيق فيما بينها، ولكن نقاط القوة فهي عديدة ومنها، من ناحية الحجم فهي أكبر كثيرا من قوات حفتر”.

وأضاف: “كذلك من حيث الخبرة القتالية، فجزء كبير منها اكتسب خبرات قتالية كبيرة، خاصة في الحرب ضد تنظيم داعش في (مدينة) سرت (450 كلم شرق طرابلس)، بالإضافة إلي قصر خطوط الإمداد، وإمكانية تغيير القوات التي تقاتل باستمرار، والروح المعنوية المرتفعة لدى المقاتلين، لكونهم يدافعون عن أعراضهم وممتلكاتهم”.

وزاد: “ما لم تستطيع حكومة الوفاق، والثوار، تحقيقه في المنطقة الغربية في سنوات، حققه حفتر في يومين، حيث جعل كل هذه القوات تنسجم مع بعضها، وتعمل في خندق واحد، وتلتف حول بعضها”.

وردا على سؤال حول عدم تحرك القوات المرابطة في مطار معيتيقة بطرابلس، نفى المنقوش ذلك بقوله “القوات في معتيقة هي قوات الردع الخاصة، وتقوم بدور كبير في تأمين المدينة، وعملها أمني”.

 

الدعم الخارجي نقطة قوة حفتر الوحيدة

أما نقاط القوة والضعف لدى الطرف الآخر، يرى المنقوش، أن لدى نقطة قوة حفتر “الوحيدة” هي “الدعم الخارجي وحسب، وبدونه لا يستطيع عمل شيء”.

وأضاف: “نقاط الضعف متعددة جدا، وهي في الحاضنة الشعبية لديه، حيث أصبحت تتفكك، والشعارات البراقة التي رفعها هي شعارات كاذبة بمكافحة الإرهاب، وكانت شعارات لتعبيد الطريق بجثث سكان المنطقة الشرقية، للوصول لكرسي الحكم”.

وأكد أن حفتر، “لم يبنِ جيشا، ومؤسسة عسكرية، بل بناها بطريقة عائلية، حتى العسكريين الذين انضموا له أصبحوا معارضين”.

 

الاعتماد على شراء الذمم

المنقوش، تحدث عن تكتيك لحفتر يرتبط بشراء الذمم، حيث قال: “المعركة وصلت للمنطقة الجنوبية عند مدينة غريان (100 كلم جنوب طرابلس)، ولم تكن السيطرة عسكرية، بل كانت شراء ولاءات وذمم، ولم تحدث اشتباكات حقيقية إلا في منطقة مرزق (أقصى الجنوب على الحدود مع تشاد)”.

وأضاف: “شاهدنا أن جيش حفتر دخل مدينة مرزق بطريقة قبلية، ثم انسحب بشكل شبه كامل من مناطق الجنوب. شراء الذمم والتفاهمات والمال الذي تدعمه به الدول، لعب دورا كبيرا” في سيطرته على عدة مدن.

وأشار المنقوش، إلى أن “وصول قوات حفتر إلى غريان اعتبر مفاجأة، على أساس أن هناك اتفاقا مع حفتر (وفائز السراج، رئيس حكومة الوفاق) حصل في أبو ظبي، بأن الملتقى الجامع الذي كان منتظرا عقده منتصف أبريل/ نيسان الجاري، تحل به الأمور، وتوضع خارطة طريق، وكانت لديه تطمينات للسراج”.

ومضى قائلا: “هذه المفاجأة أدت لتنادي جميع الثوار، وإن كانوا مختلفين، استجمعوا قواهم، ووضعوا أيديهم بأيدي بعضهم، وحشدوا قواتهم، واستطاعوا إيقاف القوة التي أتى بها حفتر إلى طرابلس، ومع دخول الأسبوع الأول، لم يستطع تحقيق تقدم”.

ولفت المنقوش، إلى أن “أول معركة حصلت في غرب طرابلس عند النقطة 27 (كوبري 27 بين طرابلس ومدينة الزاوية)، كانت عبر خلايا نائمة، استولوا على نقطة تفتيش لم يستطيعوا الصمود ساعة فيها، ووقعوا في الأسر، وتم أخذ كل معداتهم، وما أطال أمد الصراع جنوب طرابلس، هو تدخل مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)”.

 

قوات ضخمة جدا للثوار

وذهب المنقوش، إلى أن “العمليات أدت لتوحيد صف الثوار في المنطقة الغربية، حيث لديهم قوة ضخمة جدا تستطيع عبرها فرض السيطرة على المنطقة العربية كلها، وعلى كل ليبيا، والقوة المتوفرة لدى حفتر لا يمكن مقارنتها بالتي لدى الثوار”.

العمليات أدت لتوحيد صف الثوار في المنطقة الغربية، حيث لديهم قوة ضخمة جدا تستطيع عبرها فرض السيطرة على المنطقة العربية كلها، وعلى كل ليبيا

وأكد أن “ثلاثة أرباع القوات المسلحة هي في المنطقة الغربية، فيما حفتر لا يمتلك حتى الربع من هذه القوات”.

وعن أسباب فشل حفتر في حملته رغم أنه ألقى بكامل ثقله بالمعركة، أفاد أن “قواته المقاتلة ليست جيشا نظاميا، بل هي مجموعة من المدنيين والميليشيات، حركهم الطمع، وأفراد تحت السن القانونية غرر بهم، وهناك بعض العسكريين الحاقدين ممن قاتلوا في صفوف القذافي، فهو جمعهم وادعى انه عمل منها جيشا”.

وأردف أن “هذه القوات ليست مسلحة، وليس فيها أدنى مقومات القوات، بل هي ميليشيا كبيرة عائلية، المتنفذين في هذا الجيش هم أبناؤه وأبناء عمومته، وكثير من الضباط الذين بدأوا معه أصبحوا خارج العملية، وشاهدوا كيف تم استخدامهم، بأنه لا يريد محاربة الإرهاب، بل طامح لكرسي السلطة، والحكم العسكري”.

وبين أن “كل التقدمات التي حققها ليست عمليات عسكرية، وحتى في السيطرة على الهلال النفطي كان هناك عدد كبير من المرتزقة الأجانب من حركات المعارضة الإفريقية من السودان وتشاد والنيجر ومالي، الذين يتواجدون بكثرة في المنطقة الجنوبية”.

 

قاعدة الوطية

وحول دور قاعدة الوطية الجوية (140 كلم جنوب غرب طرابلس) في العمليات العسكرية، أوضح المنقوش، أن “القاعدة كان يسيطر عليها عسكريون موالون لحفتر من مدينة الزنتان (180 كلم جنوب غرب طرابلس)، وجرى الاتفاق على تحييد القاعدة، ولكن تم نقض الاتفاق وسمح باستخدمها”.

وزاد أنه “عبر هذه القاعدة استطاع حفتر الوصول إلى طرابلس وقصفها، لأن طائراته في قاعدتي الجفرة (وسط) وتمنهنت (بمنطقة سبها 750 كلم جنوب طرابلس) وبراك الشاطئ (700 كلم جنوب طرابلس)، لا تستطيع قصف طرابلس والعودة، فهي بحاجة لقاعدة قريبة تخرج منها الطائرات، أو على الأقل تنزل بها، وهو ما مكن حفتر من استخدام سلاح الجو”.

ورغم ذلك استدرك المنقوش، بالقول: “بشكل عام الطائرات لدى الطرفين قديمة جدا وغير فاعلة، لا تغير موازين القوى، ولكن في حال استخدامها ضد أهداف مدنية كبيرة ستكون مزعجة”.

وعن استبعاد التدخل الخارجي عن احتمالات التدخل الخارجي في المعركة كما حصل سابقا في معركة بنغازي (شرق)، استبعد المنقوش ذلك بالقول: “الموقف حساس والعالم يراقبه، ولا يريد أن يطيل أمد المعركة، وأي دولة تخالف هذا الكلام ستتعرض للحرج البالغ”.

وأشار إلى أن “هناك إمكانية لدعم حفتر بوسائل تقنية مثل طائرات دون طيار، يستخدمها محليا، واحتمال أن يبدأ باستخدمها في الفترة المقبلة عن طريق إمداده بها من الفرنسيين والإماراتيين”. كما بين أن “محاولات استمالة القبائل في المنطقة الغربية صعبة، فالأمازيغ يرون في حفتر قوة عنصرية، وباستثناء بعض المناطق مثلا صبراتة وصرمان، كل المناطق الأخرى رافضة لحفتر”.

ونفى صحة ادعاءات قوات حفتر بإنزال بحري غرب طرابلس، معتبرا أنها “دعاية إعلامية فقط، بصنع انتصارات وهمية، الإنزال العسكري في أي منطقة صعبة، والقوة البحرية التابعة للوفاق هي خفر السواحل، ولا توجد قوات بحرية في ليبيا”.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية