لندن ـ ‘القدس العربي’ في مقابلة أجرتها صحيفة ‘اندبندنت’ مع قائد ‘جبهة ثوار سوريا’ جمال معروف قال ‘أنا لا أقاتل القاعدة لأنها ليست مشكلتنا’، بل ومشكلة تقع خارج حدود سوريا.
وستثير تصريحات معروف بحسب الصحيفة مخاوف الكثيرين في الغرب خاصة أنها صدرت عن قيادي رأوا فيه ومنذ بداية المعارك ضد الجماعات الجهادية حاجزا ضد المتطرفين هذا العام.
ومع بداية المشاكل التي أصابت التشكيل الداخلي للجيش السوري الحر وعزل اللواء سليم إدريس من هيئة الأركان وتعيين العقيد عبد الإله البشير النعيمي بدلا منه جرى الحديث عن جمال معروف كشخصية معتدلة يمكن للقوى الغربية الداعمة للمعارضة السورية التعامل معها.
وفي المقابلة اعترف معروف كما تقول الصحيفة أنه يتعاون مع جبهة النصرة في ساحة المعركة ضد نظام الأسد.
ومقابلته هذه تختلف عن مقابلات نشرت له مع صحف أمريكية وبريطانية.وكان القيادي السوري يتحدث من جنوب تركيا حيث يقيم في ملجأ آمن خارج مدينة أنطاكية، ومنه أكد أن القاعدة ليست مشكلة المعارضة السورية وأنه قاد عمليات مشتركة مع مقاتلين من جبهة النصرة التي تعتبر الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا بعد نبذ أيمن الظواهري للدولة الإسلامية في العراق والشام.
وتعلق الصحيفة أن تصريحات معروف قد تكون لها تداعيات بين المسؤولين الغربيين الداعين للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ولكنهم ترددوا بتقديم الدعم العسكري لقوى الثورة السورية خشية تسربها للجماعات الجهادية.
ولكن استعداد معروف للتعامل مع فصائل أخرى للمعارضة يظهر الطريقة التي تتغير فيها الولاءات والعلاقات بين قوى المعارضة.
ضد داعش
وتقول الصحيفة إن دعم الغرب لمعروف والجماعات التي توصف بالمعتدلة وصل درجة عالية بداية هذا العام عندما واجهت فصائل الجيش الحر مقاتلي القاعدة، خاصة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وأخرجتهم من مناطق عدة في شمال سوريا.
فبتعاون مع ‘الجبهة الإسلامية’ وهو تحالف من مجموعات مقاتلة سلفية ومع ‘جبهة ثوار سوريا’ التي يقودها معروف تمت هزيمة داعش وإخراجها من عدد من البلدات في شمال سوريا.
ومع أن ‘جبهة ثوار سوريا’ ساهمت في العمليات ضد داعش إلا أنه عبر للصحيفة عن عدم استعداده لمواجهة جبهة النصرة ‘من الواضح أنني لا أقاتل ضد القاعدة، وهذه مشكلة تقع خارج حدود سوريا، وبالتالي فهي ليست مشكلتنا، وليست لدي مشكلة مع أي جهة تقاتل النظام إلى داخل سوريا’.
ولهذا اعترف بالتعاون في المعارك مع جبهة النصرة حيث قال إنه شاركها في السلاح في معركة يبرود مع اعترافه أن سلاحه قليل حتى يشارك فيه جهة أخرى.
ويقول ‘عندما تطلب الجهات التي تدعمنا إرسال السلاح لجماعة أخرى، نرسله.وطلبوا منا قبل شهر إرسال الأسلحة إلى يبرود فأرسلنا كميات كبيرة إلى هناك، وعندما طلبوا منا هذا استجبنا’.
وتقول الصحيفة إن معروف صعد في قيادة الثورة من عامل بناء ويقود الآن 24.000 مقاتل حسبما يدعي.ومنذ 20 يوما يقيم في أنطاكية، حيث يقضي وقته بعيدا عن الأنظار في مقر قيادته المؤقت خشية تعرضه للإغتيال.
ولاحظت الصحيفة أن مقر قيادته صاخب ويحتشد بالقيادات التي أخذت إجازة أو من جاء مباشرة كما يقولون من اللاذقية التي تدور فيها معارك واسعة بين قوى المعارضة وقوات النظام.
وتشير الصحيفة إلى أن أهمية معروف للمعارضة بدأت من الزيارة التي قام بها أحمد الجربا، زعيم الإئتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة إلى إدلب في شباط/فبراير الماضي حيث اجتمع مع معروف.
ولا يعرف حتى الآن استعداده للقتال من أجل المصالح الغربية أي مواجهة القاعدة وهناك أسباب قليلة تدعو الولايات المتحدة لمواصلة دعم شخص يقاتل إلى جانب القاعدة.
سمعة غير جيدة
وتنقل الصحيفة عن باراك برفي من ‘نيو امريكان فاونديشين’ قوله ‘تم إيصال الأموال لمواجهة داعش التي تعتبر الخطر الأكبر’ مضيفا ‘ في الوقت الذي لا يدعم فيه أحد جبهة النصرة مباشرة، فهم بحاجة إليها لقتال داعش’ وبهذه الطريقة تصل الأسلحة للنصرة.
ولكن معروف ينفي بقوة تلقيه دعما من الولايات المتحدة مشيرا إلى 250.000 دولار أمريكي وصلت لدفع رواتب المقاتلين من غرفة العمليات المشتركة في الأردن التي تنسق عمليات القتال في جنوب سوريا و’قال لقد تلقينا الكثير من الوعود الأمريكية وحتى الآن لم يصلنا شيء’.
وتشير الصحيفة للجدل الذي يحيط بمعروف والإتهامات التي يلقيها قادة ومقاتلون عملوا معه، وهي التي نفاها في مقابلات مع صحف أخرى، وتتركز الإتهامات على انتفاعه من الحرب.ويعترف عمار العظم وهو عضو في المعارضة قائلا إن لمعروف سمعة غير جيدة ولكنها ‘أحسن قليلا من سمعة الكثير من أمراء الحرب هناك في سوريا’ الذين قتل بعضهم أو تخلوا عن الحرب أو غيروا مواقفهم وانضموا للطرف الآخر.
وتشير هنا إلى أن بناء قبول من الغرب والحصول على دعم الإسلاميين أمر صعب التحقيق بالنسبة لمعروف وتنقل عن علاء الشيخ، أحد مستشاري معروف، والذي يقيم في السعودية قوله إن جبهة ثوار سوريا تفضل الحصول على الدعم من السعودية حتى لا ينظر إليها ومقاتليها كأذناب لأمريكا.
ويقول ‘ إذا حصلنا على دعم من الولايات المتحدة، عندها يقول الناس أننا صحوات’ في إشارة إلى الصحوات العراقية التي أقامتها الولايات المتحدة أثناء الإحتلال في عام 2007، ويؤكد الشيخ على أن مقاتلي جبهة النصرة ‘أخوة’.
وتحظى جبهة النصرة بشعبية بين السكان ليس لأفكارها ولكن لشدة مقاتليها في المعارك، وعلى خلاف داعش فمعظمم مقاتليها من السوريين.وتصريحات معروف حول الدعم الأمريكي هي مثل تلك التي أطلقها آخرون في جبهة الجنوب.
شجب فقط
ويبدو أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تحسم أمرها بعد حول تقديم مساعدات للمعارضة رغم ما قيل عشية زيارته للسعودية الأسبوع الماضي إنه مصمم على توسيع برنامج الدعم للمعارضة، وهذا خيار من الخيارات التي تقول صحيفة ‘واشنطن بوست’ متوفر له ولإدارته لتحقيق تحرك على الأرض يوقف ما وصفته بالمذبحة الإنسانية.
وقالت الصحيفة في واحدة من افتتاحياتها أن الإدارة تكتفي فقط بالإستماع لتقارير الأمم عن الوضع الإنساني الكارثي في سوريا وتحميل النظام الأسد المسؤولية دون القيام بجهد في هذا الإطار.
وأشارت أن لدى الإدارة الكثير من الخيارات غير الشجب والحديث عن دور روسيا وعدم موافقة الرئيس فلاديمير بوتين التعاون في سوريا، فيمكن للولايات المتحدة كما تقول قصف قواعد النظام وشل عملياتها وتزويد المعارضة بالأسلحة التي تحتاجها لوقف غارات النظام على المدن وإلقاء البراميل المتفجرة على المدنيين.
وقالت في بداية افتتاحيتها ‘خمسة أشهر مضت على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للتحرك في سوريا وبسرعة، ووقف ‘حرب التجويع’ التي يشنها نظام بشار الأسد على ‘قطاع واسع من السكان، ومرت ستة أسابيع على صدور قرار مجلس الأمن رقم 2139 والذي أمر فيه كلا من النظام والمعارضة ‘فتح الباب وبسرعة للمساعدات الإنسانية’، وهدد باتخاذ عقوبات أخرى حالة لم يلتزم الطرفان بالقرار.
وضع متدهور
وتضيف الصحيفة أن الوضع الإنساني في تدهور مستمر وزاد سوءا حسب ما قالته منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري أموس فقد زاد عدد السوريين الذين لم تصلهم المساعدات الإنسانية منذ كانون الثاني/يناير من مليون إلى 3.5 مليون، وهناك أكثر من 180.000 تحاصرهم قوات الحكومة وتمنع دخول الطعام والمواد الطبية إلى مناطقهم.وتتهم الصحيفة النظام بخرق قرار الأمم المتحدة الداعي للتعاون مع المنظمات الدولية والسماح بمرور المواد الإنسانية حيث لا يسمح نظام الأسد لقوافل المساعدة الإنسانية بالعبور إلا من معبر حدودي واحد مع أن منسقي الأمم المتحدة يقولون إن هناك ثماني معابر.
تواصل الإنتهاكات
وفي تقرير قدمته أموس يوم الجمعة لمجلس الأمن قالت فيه إن 6′ من السكان الذين يعيشون في المناطق المحاصرة حصلوا على مساعدات منذ صدور القرار، وفي الوقت نفسه قالت إن الجرائم ضد السكان تواصلت، فمنذ 22 شباط/فبراير سجلت حوالي 300 حالة اغتصاب في دمشق وما حولها، مما دفع أموس لوصف الوضع الإنساني بالقاتم.
وأشارت الصحيفة لرد فعل سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سامنثا باور التي اكتفت بالقول عما ورد في التقرير بأنه ‘مهول’.
وحملت باور نظام الأسد المسؤولية وأنه ‘السبب الرئيسي لعدم حصول تقدم في تقديم المساعدات’ التي يحتاجها أربعة ملايين شخص.
واتهمت الأسد و’شهية القتل لديه في نشر الدبابات ورمي البراميل المتفجرة والغارات الجوية على المدنيين باعتبارها العامل الأول الذي يدفع الناس للهروب والمسؤول عن الأزمة الإنسانية’.
وعندما سأل الصحافيون باور عن اقتراحاتها وخطوات التحرك القادمة، كان جوابها هو قرار مجلس الأمن الذي اشتكت من سوء تطبيقه وأضافت ‘لا يوجد الكثير مما سأقوم به أو ما نتخذه من قرارات فردية لدفع المجلس على التحرك’، مضيفة ‘لا أستطيع تقديم أي التزامات’.
وأشارت الصحيفة لمشكلة روسيا حليفة الأسد حيث لا يمكن للولايات المتحدة من تمرير قرار ضده بسبب الفيتو الروسي.
ومع ذلك فلا تنقص إدارة أوباما الخيارات لوقف الجرائم المرعبة ضد الإنسانية في سوريا، وما ينقصها هو التحرك، فيمكن للولايات المتحدة الطلب من نظام الأسد فتح المعابر وهو لا يحتاج كما قالت باور سوى ‘جرة قلم’ وإن لم يستجب فسيواجه غارات جوية والتي هدد بها الرئيس باراك أوباما الصيف الماضي، ويمكن للولايات المتحدة استهداف نقاط الحصار بالطائرات الموجهة أو الغارات الجوية، ويمكنها تقديم مساعدات عسكرية وأسلحة للدفاع والتي تحتاجها لوقف مروحيات الجيش من رمي البراميل المتفجرة على المناطق المدنية والمستشفيات والمدارس، ويمكن للولايات المتحدة شل القواعد التي يستخدمها النظام للطائرات.
وتختم الصحيفة بالقول إن ‘باور وإدارتها يكفتون على ما يبدو بالإستماع للتقارير ‘المرعبة’ التي يقدمها مراقبو الأمم المتحدة، وإطلاق تصريحات غاضبة وبعد ذلك التلويح بأيديهم لأنهم غير قادرين على إقناع فلاديمير بوتين، وهو أداء لن يتعامل معه المؤرخين برحمة عندما يتساءلون عن السبب الذي منع القوة العظمى في العالم من التحرك ووقف المذبحة.
الأرمن يهربون
وفي تقرير مختلف عن الوضع الميداني في اللاذقية تحدثت الصحيفة عن الأرمن السوريين الذي ظلوا بعيدين عن الحرب قبل أن تصلهم في منطقة اللاذقية حيث أجبر الكثيرون منهم على الهروب بملابس النوم.فقد ظلت بلدة كسب الحدودية مع تركيا محمية ولحد بعيد من المعارك التي تدور في بقية أنحاء سوريا.
ولكنها انتقلت في الأيام الأخيرة إلى مركز اهتمام المقاتلين وحملة لبناء قواعد لهم ورافق هذا حملة تضليل على مواقع التواصل الإجتماعي.وكان يعيش في بلدة كسب أقليات أرمنية ومسيحية وتركمانية، ولكن وصول المقاتلين الجهاديين أدى إلى موجة رحيل منها للقرى القريبة.
وتقول الصحيفة إن لا أهمية استراتيجية للبلدة بالنسبة للمعارضة إلا بكونها إنجازا رفع من معنويات المقاتلين الذين أجبروا على التراجع من عدة مناطق في الآونة الأخيرة.
ولكن التطور الأهم هو دعوة عدد من النجوم المعروفين لحماية الأرمن مما دعا الولايات المتحدة للتعبير عن ‘قلقها البالغ من هذا التطور’.في إشارة للتغريدات التي أطلقتها العارضة المعروفة كيم كاردشيان وهي أرمنية الأصل، وبالتساوق مع رحيل الأرمن ودعوات حمايتهم قام مؤيدون للنظام بحملة دعائية واسعة اتهموا فيه المقاتلين بارتكاب عمليات قتل جماعية وتشويه كنائس تاريخية وهو ما نفته أوساط المعارضة.
ولكن الأرمن مثل بقية الـ 7 ملايين سوري الذين أصبحوا مشردين اليوم يركزون على بناء حيواتهم، ولجأت 30 عائلة أرمنية على الأقل لبلدة أنجار اللبنانية وتقدم شهادات بعضهم إضاءة على الأحداث. فقد هرب حوالي 2.500 شخص من سكان البلدة في غضون 48 ساعة من الهجوم.
ويقولون إن مصير من بقي أو لم يرغب بالمغادرة غير معروف نظرا لانقطاع وسائل الإتصال معها.ولكنهم قالوا إنه لم يحدث قتل واسع إلا حالة وفاة واحدة، وهي مدرسة أصابتها رصاصة قناص وهي تحاول الهرب بسيارتها. ويتذكر سكان كسب الأرمن أنهم هجروا وقتلوا في الفترة التي تفككت فيها الإمبراطورية العثمانية وها هم بعد 100 عام بالضبط ‘يشردون مرة أخرى’ حسب قول زوجة مزارع وصلت إلى لبنان.ولكنها قالت ‘الحمد لله هذه المرة لم تحدث مجزرة’.ويقول السكان إن الهجوم شن من الأراضي التركية وبدأ في الساعة الخامسة صباحا يوم 21 آذار/مارس حيث استيقظ السكان على صوت المدافع.
وبدأ بالهجوم على نقطتي حدود لم تكن مهيأة للصمود أمام الهجوم الذي شاركت فيه جبهة النصرة وأحرار الشام وبعدها سقط المعبر الحدودي بيد مقاتلي المعارضة.وكان السكان قد حضروا لعمليات إجلاء حيث طلبوا من النساء والأطفال التجمع في بلدة نبعين التي ترتبط بشارع خلفي مع اللاذقية ويقول مزارع من البلدة أن الناس كانوا يصرخون ويبكون ولم يكن معهم أي شيء وبعضهم كان في ثياب النوم ‘كان وضعا مثيرا للحزن’.
وعلى الرغم من الفوضى استطاع بعضهم حمل كواشين البيوت معهم حتى لا تضيع ممتلكاتهم.
ولكن البقية تركوا الأشياء الثمينة في بيوتهم وهربوا بلباسهم فقط.وبحلول 23 آذار/مارس وصل المقاتلون وسط البلدة، ويشير السكان لاسقاط الأتراك طائرة سورية كدليل على الدور التركي في سقوط كسب.
ولكن دبلوماسيا تركيا نقلت عنه قوله لم يتم السماح للمقاتلين استخدام الأراضي التركية عن قصد.وتقول امراة أن بعض مقاتلي النصرة طلبوا منها العودة وعدم الهرب من البلدة، ولكنها خافت وقالت لهم ‘كلوا وخذوا ما تشاؤون لكن لا تدمروا البيت’ وحاول المقاتلون التأكيد أنهم لم يمسوا أو يشوهوا كنيسة في كسب.
الأسد باق ان شاء الله و انتم الى زوال