بغداد ـ «القدس العربي»: أثار تصريح قائد عمليات البصرة، الفريق الركن قاسم نزال، أمس الأربعاء، الذي توعد فيه وسائل الإعلام التي تغطي أحداث تظاهرات البصرة بـ «التوقيف»، موجة من ردود الفعل المستنكرة، إذ اعتبر صحافيون وإعلاميون ونشطاء كلامه «انتهاكاً» للحريات الصحافية، فيما أطلق آخرون «هاشتاغ» على مواقع التواصل الاجتماعي «الإعلام لا يقمع».
وظهر قائد عمليات البصرة في مقطع فيديو متحدثاً لوسيلة إعلام محلية، وهو «يهدد» الإعلاميين الذين يغطون التظاهرات التي وصفها بـ«غير المرخصة»، بالتوقيف.
ورفضت نقابة الصحافيين العراقيين في البصرة، أمس الأربعاء، تصريح النزال، مؤكدة أن ما قاله «انتهاك للحريات الصحافية»، وفيما دعت قيادة العمليات إلى إعادة النظر بموقفها واحترام العمل الصحافي، دعت الصحافيين إلى التأني وعدم الاحتكاك مع أي من العناصر الأمنية، خاصة غير الملتزمة منها.
كذلك، أصدر اتحاد الصحافيين والإعلاميين في البصرة (منظمة غير حكومية) بيان «استنكار» لتصريحات القائد العسكري، جاء فيه: «في ظل الظروف المريرة التي يعانيها شعبنا العراقي، والبصري خصوصاً، والتظاهرات التي تجوب أغلب محافظاتنا العزيزة، وخصوصاً بصرتنا، وما ينقله الإعلام من الواقع الحقيقي لتلك التظاهرات، ما هو إلا دليل واضح على مهنية وعمل الصحافي والإعلامي في محافظتنا العزيزة، وهذا واضح من قبل تواجد الكوادر الإعلامية لنقل ما يدور في الشارع البصري، من تظاهرات شبه يوميه لتردي وسوء الأوضاع المعيشية والأمنية وسوء الخدمات، وهذا واضح من خلال حجم الفساد في محافظتنا، نجد أن هناك من يحاول حماية الفاسدين تارة، والضغط على الشارع تارة أخرى».
وأكد عزمه تبني «وقفات احتجاجية ضد من يتطاول على الكوادر الإعلامية والصحافية، وإسكات صوت الحق»، مشيراً إلى أن «التهديد والوعيد للصحافيين والإعلاميين بعدم تغطية التظاهرات ما هو إلا طمس للحريات الصحافية والإعلامية».
في السياق، عبر المرصد العراقي للحريات الصحافية في نقابة الصحافيين العراقيين عن أسفه للتصريحات التي أطلقها نزال، موضحاً في بيان أن «الفريق فاته بأن عمل وسائل الإعلام في جميع بلدان العالم هو تغطية الأحداث ونقلها إلى الجمهور بغض النظر عن قانونيتها».
في الأثناء، عبّرت النقابة الوطنية للصحافيين في العراق (منظمة غير حكومية) عن قلقها الشديد على سلامة الصحافيين في محافظة البصرة، خاصة بعد تصريحات قائد العمليات الفريق الركن جاسم نزال، القاضية بتوقيف الصحافيين والإعلاميين الذين يغطون تظاهرات المحافظة.
وفي ردّة فعل أخرى، توعد صحافيو وإعلاميو البصرة بتنظيم وقفة احتجاجية، اليوم الخميس، أمام مبنى الحكومة المحلية في البصرة، رداً على تصريح نزال.
وقال الناشط البصري سلام العذاري لـ«القدس العربي»، إننا «نطالب منذ عام 2003 بإنهاء قيادة عمليات البصرة، وأن تكون هناك قيادة شرطة فقط في المحافظة»، مبيناً أنه «بالتصريح الأخير لقائد عمليات البصرة فإنه خرق الدستور ونسفه، لأنه كفل حرية التعبير عن الرأي، وخصوصاً للجانب الصحافي والإعلامي».
نواب عن المحافظة يحذرون الحكومة المحلية: تشغيل أبناء المدينة الحل الأبرز
وشدد على أهمية أن «يكون هناك إجراء سريع لإخراج الجيش من المدن أسوة بالقطاعات الأخرى».
كذلك، حثّ الناشط البصري الآخر، علي الكعبي، في حديث لـ«القدس العربي»، أهالي البصرة على المطالبة بإلغاء عمليات المحافظة، مشيراً إلى أن «قيادة الشرطة تكفي لحماية البصرة. الجيش واجبه حماية الحدود فقط وليس الداخل».
وتستمر التظاهرات المطالبة بتوفير الخدمات، وإيجاد فرص عمل، في محافظة البصرة، رغم عدم تحقيق المطالب التي ينادي بها المحتجون منذ قرابة العامين، الأمر الذي دفع مجلس النواب إلى حثّ الحكومة على تشغيل أبناء المدينة في الشركات النفطية الضخمة، ومنع العمالة الأجنبية، تجنباً لـ«تصعيد» التظاهرات.
النائب البصري عبد الأمير المياحي، قال لـ«القدس العربي» إن «التظاهرات في البصرة تتكرر بين الحين والآخر، وهي ظاهرة سليمة، إذ إن من حق أهالي المدينة المطالبة بحقوقهم، وأن يعبروا عن الحالة المأساوية المتمثلة بسوء الخدمات وتفشي البطالة»، مبيناً أن «من حق أبناء البصرة التظاهر والمطالبة بحقوقهم، كون مدينتهم هي الصندوق الاقتصادي للبلد، وهم يطالبون بحقوقهم».
وطالب المياحي، الحكومتين الاتحادية والمحلية بـ«تلبية مطالب متظاهري البصرة، حتى نقطع الطريق أمام المتصيدين بالماء العكر، ممن يريدون حرف مسار هذه التظاهرات من السلمية المراد منها المطالبة بالحقوق والخدمات وإتاحة فرص العمل لأبناء المدينة، إلى تظاهرات تخريب وحرق، وهذه حالة غير صحيحة».
وأضاف: «على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، أن يلتفتا إلى هذه المؤامرة ويلبيا مطالب أبناء البصرة»، مشيراً إلى أن «هناك شركات أجنبية كثيرة وكبيرة يمكن أن تستوعب أعداداً كبيرة من البصريين العاطلين عن العمل».
وأكمل: «هناك عمل عشوائي لهذه الشراكات، مع عدم وجود مراقبة دقيقة لها»، لافتاً إلى أنه «رغم وجود مكاتب تشغيل، غير أن هذه الشركات لا تعمل بها، وتأتي بالأيدي العاملة من خارج العراق ومن خارج محافظة البصرة أيضاً».
ودعا النائب البصري محافظ البصرة إلى «مراقبة العمالة التي تأتي من الخارج، وتمنع دخولها إلى المحافظة، لتكون هناك فرصة لأبناء البصرة حتى لا يكون هناك تظاهرات وجو مناسب لمن يريد حرف هذه التظاهرات ويجعل المدينة ساحة لهذا الصراع».
في حين قالت النائبة البصرية أيضاً، انتصار الموسوي، لـ«القدس العربي»، إن «ملف تظاهرات البصرة لن ينتهي، فالبصرة بركان يغلي من النفط والثروات المعدنية والطبيعية، لكن -للأسف الشديد- أبناء البصرة لا يحظون بالاستحقاق الكامل في تشغيلهم»، مؤكدة أن «هناك سوء إدارة من قبل الحكومة المركزية».
وأضافت: «يوجد مكتب تشغيل واحد في المحافظة، والبصرة تضم أربعة ملايين ونصف المليون نسمة، وكل فرد لديه حصة في العمل»، معربة عن أملها في أن «ينتهي هذا الملف بسلام. نحن غير مستعدين لخسارة أي شخص في التظاهرات التي تهدف إلى المطالبة باستحقاقات أبناء المحافظة».
وأكدت أن «تظاهرات أبناء البصرة سلمية وتأتي للمطالبة بالحقوق، وسنقف مع أبناء المدينة للحصول على استحقاقهم الكامل».