رام الله- غزة- “القدس العربي”:
لا يزال قادة الاحتلال يستغلون الهجوم على الأرض الفلسطينية ونهبها لصالح مشاريع الاستيطان، من أجل تجميل صورهم، والحصول على أصوات اليمين والمستوطنين في الانتخابات القادمة، وهو أمر عبر عنه علانية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الوقت الذي ترجمت فيه سلطات الاحتلال وآلياتها العسكرية، هذه التهديدات إلى واقع، من خلال الاستيلاء على مساحات جديدة من أراضي الضفة، وهدم منازل جديدة في عدة مناطق وبالأخص في القدس العاصمة.
آخر التصريحات التي كشفت استمرار المطامع الإسرائيلية في الأغوار الفلسطينية، واستخدامها في لعبة الانتخابات، كانت لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي قال قبل يومين إنه يعتزم إصدار أمر بضم الأغوار في وقت قريب.
وقال في تصريحات نقلتها إذاعة جيش الاحتلال، إنه يريد بعد الضم الحصول على اعتراف أمريكي بالكتل والمستوطنات الأخرى في الضفة الغربية المحتلة.
وفي تطور خطير ينذر بخطط استيطانية جديدة للاستيلاء على أراضي الضفة، كُشف النقاب عن قيام وزير الجيش الإسرائيلي نفتالي بينيت، باتخاذ قرار بنقل صلاحية متابعة تسجيل أراضي الضفة الغربية من الإدارة المدنية لوزارة العدل الإسرائيلية.
وقد امتدح بينيت القرار الجديد، قائلاً إنه يعد خطوة جديدة في سبيل ضم مناطق “ج” التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية لإسرائيل، وبالتالي سيكون على المستوطنين تسجيل الأراضي لدى وزارة العدل أسوة بالإسرائيليين داخل المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1948.
وكانت تقارير إسرائيلية ذكرت قبل ذلك، أن حكومة الاحتلال قررت تجميد خطة ضم الأغوار الفلسطينية، في أعقاب إعلان محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بدء خطوات للتحقيق في ارتكاب الاحتلال “جرائم حرب”، مشيرة إلى أن جلسة كانت مقررة للوزارات الإسرائيلية بخصوص ضم الضفة تم إلغاؤها، خشية استثارة محكمة الجنايات الدولية في لاهاي التي ستقرر خلال 120 يوما إن كان يحق لها محاكمة إسرائيل أم لا؟
وبيّنت الصحيفة أن الإلغاء جاء بسبب الخشية من أن يتسبب الأمر باشتداد المواجهة مع المحكمة الدولية، وتنوي المدعية العامة في المحكمة نشر فحصها المبدئي حول محاكمة إسرائيل قريباً.
لكن تصريحات نتنياهو وقرارات بينيت أكدت من جديد، أن سلطات الاحتلال، لا تضع وزنا لقرارات الجنائية الدولية، وأنها ستواصل ارتكاب مخالفاتها للقانون الدولي، والاستمرار بارتكاب “جرائم الحرب”.
وقد كُشف في إسرائيل، عن ارتفاع نسبة موازنات الاستيطان في الضفة الغربية، من أجل تصعيد الاستيطان، خلال السنوات العشر الماضية، التي تولى فيها بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة.
وفي هذا السياق، أشار التقرير الأسبوعي الذي أعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، إلى أن جرائم المستوطنين بحق أبناء الشعب الفلسطيني، كانت “الأكثر حدة” خلال العام 2019، حيث سجل 256 هجوما، من بينها 50 نفذتها عصابات “تدفيع الثمن” الإسرائيلية الإرهابية.
وأوضح المكتب في تقريره، الأسبوعي أن هذه الهجمات جاءت مترافقة مع تصريحات ومواقف قادة الاحتلال ومسؤولين حكوميين، والتي وفرت الأجواء للمستوطنين، وأعطتهم الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين، كما أن فشل قادة المستوطنين في إدانة هذه الهجمات وصمتهم شجع على تصعيدها.
وأكد التقرير أن هناك خشية من تزايد هجمات المستوطنين، خاصة عصابات “تدفيع الثمن” التي تقوم بتخريب ممتلكات الفلسطينيين، وكتابة شعارات عنصرية على الجدران، في أجواء تذكر بتلك التي سادت قبل حادثة حرق عائلة دوابشة في قرية “دوما” جنوب شرق نابلس عام 2015، والتي استشهد فيها ثلاثة من أفراد العائلة.
وأشار التقرير إلى المعلومات التي أوردها مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة “بتسيلم” أكدت أن غالبية اعتداءات المستوطنين لا تتم المعاقبة عليها في المحاكم الإسرائيلية، ما يعني موافقة ضمنية من جيش الاحتلال على تلك الاعتداءات.
وبيّن التقرير، أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، تعهد مجددا خلال زيارته لمستوطنة “متسبيه يريحو” المقامة على أراضي المواطنين في أريحا أمام عدد من وزرائه وقادة المستوطنات، وطلبة متدينين، بتطبيق السيادة على منطقة وادي الأردن بأكملها، بدعم أمريكي قال إنه غير محدود.
ولفت التقرير إلى أن وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت يعمل كسند قوي للمستوطنين أيضا، حيث قام بعد إصداره تعليمات بالعمل على إقامة بؤرة استيطانية جديدة في قلب مدينة الخليل، أوعز للجيش بوقف ما وصفه “السيطرة الفلسطينية– الأوروبية” على المنطقة “ج” ومنع البناء فيها، حيث أمر قيادة الجيش بتشديد تعاونها لتنفيذ الخطة، واتخاذ خطوات للحد من التمويل الأوروبي الواسع للبناء الفلسطيني، والذي من دون تحييده لا يمكن تنفيذ عملية السيطرة على الوضع على حد زعمه.
وتطرق التقرير إلى هجمات المستوطنين، التي تمثلت بتنفيذ عمليات حرق وخط الشعارات العنصرية وإعطاب مركبات فلسطينية، في هجمات طالت عدة مناطق بالضفة، لافتا إلى أنه طرأ ارتفاع على اعتداءات المستوطنين من مستوطنة “بات عاين” في مجمع “غوش عتصيون” الاستيطاني، في أعقاب انتقال مجموعة من حركة “شبيبة التلال” الاستيطانية، من مستوطنة “يتسهار” قرب نابلس إلى المجمع المذكور.
وأشار التقرير كذلك إلى الأرقام الإسرائيلية التي كشفت عن تصاعد عمليات الاستيطان في الضفة بشكل كبير، خلال عام 2019، مشيرا إلى انه بالرغم من الاجماع الدولي على عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي، واعتماد مجلس الأمن للقرار (2334) الذي يؤكد عدم شرعية الاستيطان، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصرّ على دعمها المتواصل لحكومة الاحتلال الإسرائيلي في نشاطاتها الاستيطانية على حساب الحقوق الفلسطينية، حيث هاجمت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت، القرار خلال مداخلة لها في جلسة مجلس الأمن التي عقدت مؤخرا حول “الحالة في الشرق الأوسط” بما في ذلك القضية الفلسطينية، واعتبرت أنه يوجه انتقادات “غير عادلة لإسرائيل”، وذلك في ردها على المنسق الأممي الخاص لعملية السلام بالشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، الذي أبلغ أعضاء المجلس خلال الجلسة نفسها بأن “إسرائيل لم تلتزم بالقرار 2334”.
ووثق التقرير بالتفصيل الهجمات التي شنتها قوات الاحتلال والمستوطنون ضد المناطق الفلسطينية خلال الأسبوع الماضي، والتي شملت هدم منازل ومصادرة أراضٍ جديدة، وتجريف واقتلاع أشجار مثمرة، ومنع المزارعين من فلاحة أراضيهم.