رام الله- “القدس العربي”: دان نادي الأسير الفلسطيني قرار رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، الدفع بسن قانون يتيح إعدام أسرى فلسطينيين أدينوا بقتل إسرائيليين.
وقال رئيس نادي الأسير قدورة فارس لـ”القدس العربي” إن “هذا الإجراء يؤكد على أن إسرائيل ماضية وبخطى متسارعة نحو الدولة الفاشية بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.
وكان نتنياهو أعطى الضوء الأخضر للدفع بسن قانون يتيح إعدام أسرى فلسطينيين أدينوا بقتل إسرائيليين.
وحسب ما ذكرت الإذاعة الإسرائيليّة العامّة، فإنه جرى الاتفاق خلال جلسة رؤساء أحزاب الائتلاف الحاكم، أمس الأول بطلب من وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت، على الدفع بمقترح القانون الذي يتحمس إليه وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وركّز عليه خلال حملته الانتخابيّة قبل 3 أعوام.
ومن المقرّر أن تبدأ لجنة الدستور في الكنيست، قريباً، مداولاتها الأوليّة للتحضير لمشروع قانون للتصويت عليه بالقراءة الأولى.
وأضاف فارس أن “هذا يدل على حالة العمى والارتباك الذي تعيشه إسرائيل، وهي لا تعرف كيف توقف نضال الشعب الفلسطيني، وهي تعتقد أنه بمزيد من القهر وبمزيد من الوحشية يمكن أن يحققوا مبتغاهم، وهذا لن يكون”.
واعتبر أن هذا القرار محكوم باعتبارات ائتلافية داخل حكومة الاحتلال، مشيرا إلى أن نتنياهو يغازل شريكيه “ليبرمان” على حساب “الوزير بينت” خاصة في ظل دخول إسرائيل أجواء الانتخابات مع الحديث عن إمكانية تقديم موعد هذه الانتخابات.
يذكر أن محاكم الاحتلال العسكرية سبق وأن اتخذت قرارات إعدام بحق أسرى فلسطينيين، بينهم عميد الأسرى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح كريم يونس، والشهيدة دلال المغربي، ورفاقها ممن بقوا على قيد الحياة بعد تنفيذ عملية الساحل التي وقعت عام 1987، وأدت إلى مقتل 37 إسرائيليا، فيما استشهد 11 فدائياً من بين الـ13 الذين نفذوا العملية.
من جهته اعتبر أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس، د. محمد شلالدة، قرار نتنياهو بأنه يمثل انتهاكا صارخا لمبادئ وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.
وقال شلالدة في حديث لـ”القدس العربي” إن “عقوبة الإعدام من الناحية القانونية لا تنطبق على من يقاوم الاحتلال من حركات التحرير في العالم وفقا للقانون الدولي، والبروتوكول الأول لعام 1977 أضفى تعريفا خاصا لحركات التحرر ومنها منظمة التحرير الفلسطينية”.
وأضاف أنه “وبناء على ذلك يترتب على أي من المعتقلين المقاومين أن يعامل كأسير حرب لا يقدم إلى محاكمة ولا تنطبق عليه عقوبة الإعدام، إلا إذا خالف مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني بارتكابه جرائم حرب أو جرائم إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية، وهو ما لا ينطبق على المقاوم الفلسطيني، وهي انتهاك جسيم لحقوق الإنسان ولكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية لإنه لا سند قانونياً لها”.
وأوضح أن هناك فرق شاسع ما بين حق المقاومة المشروع للشعب الفلسطيني المرتبط بحق تقرير المصير، وما بين الإرهاب المنظم من دولة الاحتلال الإسرائيلي، معتبرا هذا القرار بأنه خطوة عنصرية موجهة للنضال الفلسطيني وبحق الشعب الفلسطيني.
وأكد على ضرورة أن يتحرك الجانب الفلسطيني على المستوى الدولي ومجلس حقوق الإنسان والمحافل الدولية كافة من أجل إلغاء ووقف هذه الخطوة.
وتساءل الشلالدة “كيف تسمح إسرائيل لنفسها وهي موقعة على المعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان، أن تسن مثل هذه القوانين والتشريعات التي تخالف مبادئ وقواعد القانون الدولي؟”. مشيرا إلى أنه لا يجوز لأي دولة أن تتذرع بسن تشريعات وطنية أو محلية تخالف قواعد أو معاهدات دولية.
وقال: “هناك رغبة وميل من قبل دول العالم إلى الانضمام إلى البروتوكول الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام، وإسرائيل منذ إنشائها لم تلغِ عقوبة الإعدام لكنها لم تعمل بها إلا مرة واحدة في الستينيات”.
من الجدير بالذكر، أنه ووفقاً لمقترح قانون “يسرائيل بيتينو”، الذي تم التصويت عليه بالقراءة التمهيديّة في كانون ثاني/يناير الماضي، فإنه في قرارات المحاكم العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة لن يكون هناك حاجة لإجماع ثلاثة من قضاة المحكمة العسكرية لفرض عقوبة الإعدام، وإنما الاكتفاء بغالبية اثنين من ثلاثة قضاة، كما يلغي اقتراح القانون صلاحية القائد العسكري لمنطقة المركز بإلغاء حكم الإعدام، ولا يلزم النيابة العسكرية بالمطالبة بفرض عقوبة الإعدام في هذه الحالات، وإنما يكون ذلك خاضعا لاعتبارات المدّعين في كل حالة.
وكان القانون تحوّل إلى جزء من السجال الداخلي في الائتلاف الحكومي بإسرائيل، وإلى المزايدات الحزبيّة، إذ اتهم ليبرمان، الأسبوع الماضي، حزب “البيت اليهودي” بأنه المعرقل لتمرير القانون لأسباب سياسيّة، وهو ما أدّى إلى أن يبادر رئيس “الحزب اليهودي”، نفتالي بينيت، إلى طرح تمرير القانون في جلسة أمس الاول.
في حين قال رئيس الائتلاف، دودي إمسلم، إن تأخير سن القانون جاء بسبب قرار التشاور حوله في المجلس السياسي والأمني المصغّر (الكابينيت) قبل تمريره.
وأعربت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، سابقًا، معارضتها للقانون لخشيتها من أن يحوّل الإعدام الأسرى الذين يمكن أن تصدر بحقهم قرارات من هذا النوع إلى أبطالٍ في نظر الشعب الفلسطيني، وسيتم تمجيدهم أكثر من الأسرى والشهداء الذين سقطوا في القتال.
كما تخشى الأجهزة الأمنية من قيام فصائل فلسطينية بمضاعفة جهودها لخطف رهائن لاستبدالهم بأسرى فلسطينيين حكم عليهم بالإعدام، إضافة إلى المخاوف من زيادة أعداد الفلسطينيين الذين يسعون لتنفيذ عمليات تكون عقوبتها الإعدام.
وكانت هذه المخاوف قد عرضت في مباحثات مماثلة أجراها المستويان السياسي والأمني الإسرائيليان، وسبق أن صرح رئيس الشاباك الإسرائيلي نداف أرغمان، بذلك أمام لجنة الخارجية والأمن، كما أبدى نائب رئيس الشاباك يتسحاك إيلان، معارضته لفرض عقوبة الإعدام في عدة مقابلات، وذلك بعد المصادقة على اقتراح القانون بالقراءة التمهيدية في كانون الثاني/يناير الماضي.