القاهرة ـ «القدس العربي»: كانت الأمطار تتساقط بكثافة في مدن وقرى مصر، لا يقاوم ضراوتها سوى تلك المشاعر المثيرة للخوف، في صدور الملايين بشأن مادة تمت إضافتها لقانون الشهرالعقاري، إذ أعرب بعض الكتّاب في صحف أمس الثلاثاء 23 فبراير/شباط، عن أنها ستكون وبالاً على الأغلبية الفقيرة، التي أهدرت أعمارها وهي تحلم بامتلاك شقة صغيرة، لكنها باتت مهددة مع بدء العمل بالقانون، بما لا يحمد عقباه.. ومن بين المحذرين من إحدى مواد القانون علاء عريبي في “الوفد”، معترفاً بخطورتها. وسعت الحكومة أمس لبث الطمأنينة بين المواطنين، وتصدرت قائمة الشائعات، أنباء حول نزع ملكية الوحدات السكنية من أصحابها، حال عدم تسجيلها بالشهر العقاري وفقاً للتعديل التشريعي الجديد للقانون. وتواصل المركز الإعلامي لمجلس الوزراء مع وزارة العدل، التي نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لنزع ملكية الوحدات السكنية من أصحابها حال عدم تسجيلها في الشهر العقاري وفقاً للتعديل التشريعي الجديد للقانون. وأوضحت وزارة العدل أن التعديل التشريعي الجديد لقانون الشهر العقاري، لا يتضمن نهائياً نزع ملكية أي من الوحدات السكنية من أصحابها، وإنما ينص على أنه في حالة بيع الوحدة السكنية، يتعين على المشتري تسجيلها، سواء ببيع رضائي في الشهر العقاري، أو بتسجيل الحكم الصادر في الدعاوى العينية العقارية. وعلى سبيل المثال دعوى “صحة ونفاذ عقد البيع” و”تثبيت الملكية”، التي تمكن المشتري بعد إتمام التسجيل من نقل المرافق والخدمات للعقار موضوع عقد البيع..
أما الخبر الذي اهتمت به الصحف فكان حول غرق مركب يقل 19 شخصا، من عائلة واحدة، أثناء عودتهم من رحلة ترفيهية “زردة” في إحدى الجزر في بحيرة مريوط غربي الإسكندرية. وأسفر الحادث عن مصرع 9 أشخاص غرقا، بينهم 5 أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و9 سنوات، وإصابة 6 آخرين، في ما لا يزال البحث مستمرا عن مفقودين آخرين. مخاوف مشروعة
حذر علاء عريبي في “الوفد” من أن المادة التي تمت إضافتها لقانون الشهر العقاري (114 لسنة 1946)، على جانب كبير من الخطورة، وسوف تتسبب في عبء كبير على المواطنين، سواء من يمتلك عقارا بعد القانون أو قبله، إذ تلزم من لم يسجل العقار بتسديد ضريبة التصرف العقارى 2.5% من قيمة العقد، ورسوم تسجيل العقار (حتى 2000 جنيه)، والضريبة العقارية السنوية، كما تحظر تركيب المرافق للعقار قبل تسجيله. وأكد الكاتب أن أغلب العقارات في مصر غير مسجلة في الشهر العقاري، والمادة في نصها الحالي سوف تلزم من لم يقم بتوصيل المرافق حتى اليوم بتسجيل العقار، وتسديد الرسوم والضرائب، بعد تقديم ما يثبت ملكيته للعقار. كما أن المادة سوف تدفع بالكثير من الملاك إلى اللجوء إلى القضاء للحصول على أحكام نهائية تثبت الملكية، لكي يتقدموا بها للشهر العقاري للتسجيل، وبالتالي لتركيب المرافق أو للبيع، فالمادة لن تسمح لملاك العقارات ببيعها بدون تسجيل، ولكي يسجلها عليه تقديم ما يثبت ملكيتها بدون منازع، أو تقديم حكم قضائي نهائي بملكيتها، بعد كل هذا عليه تسديد: رسوم التسجيل، ضريبة نقل الملكية، الضريبة العقارية السنوية، وجميع هذه الإجراءات سوف تكلف المواطن مبالغ طائلة، كما أنها ستلقي عبئا ثقيلا على المحاكم، وستشهد ساحات المحاكم ملايين من القضايا التي يجب الفصل فيها. أغلب الظن أن هذه المادة سوف تتسبب في حالة ارتباك كبيرة، كما أنها سوف تدفع المواطن إلى عدم تسجيل عقاره، واللجوء إلى تركيب المرافق بشكل غير قانوني كما كان يفعل من قبل.
نوايا مبيتة
سأل مسعود الحناوي في “الأهرام”: “ماذا يعني قرار إدارة الرئيس الأمريكي بايدن إلغاء قرار تعليق المساعدات المقدمة لإثيوبيا، الذي أصدره الرئيس السابق ترامب على خلفية النزاع حول سد النهضة؟ لقد أعلنت الخارجية الأمريكية أن واشنطن قررت ذلك لتسهيل حل الأزمة بين أطراف النزاع (مصر وإثيوبيا والسودان) وقالت إنها أبلغت حكومة إثيوبيا بالقرار، وأشارت إلى أن ذلك لا يعني أن جميع المساعدات الأمنية والتنموية، التي تبلغ قيمتها 272 مليون دولار، ستبدأ على الفور في التدفق، بل يعتمد هذا على التطورات الأخيرة في إشارة إلى الصراع الدامي في إقليم تيغراي. إلا أن آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي استغل الوضع وراح يروج لموقفه المتعنت، مكلفاً سفراء بلاده بشن حملة لإقناع دول العالم بموقف بلاده وتشويه صورة مصر والسودان.. وقال سفيره لدى واشنطن إنه تلقى تأكيدات على أن أي تخفيض للمساعدة الأمريكية لبلده سيكون مؤقتاً وأضاف أن السد لنا، وسننجز بناءه بسواعدنا، وسنخرج إثيوبيا من الظلام. ولعل السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: هل سهل بايدن بذلك حل الأزمة أم أنه عقدها؟ وهل يعد ذلك تحيزاً منه للدولة الحبشية، وتدخلاً غير محايد في الأزمة، كما يؤكد بعض المراقبين؟ أم أنه يأتي في إطار سياسته العكسية التي يتبعها لكل ما فعله سلفه ترامب؟ أياً كانت الإجابة فإن أحدا لن يستطيع أن يفرض علينا أمرا واقعاً لا نحتمله.. وإذا كان آبي أحمد، وهو الطرف المعتدي، قد اتهم واشنطن من قبل بأنها متحيزة للقاهرة، وقال عقب قرار ترامب لا توجد قوة يمكنها منع بلاده من استكمال العمل في السد.. فإننا بدورنا نؤكد، ومعنا كل الحق، أننا لن نفرط في حقوقنا، خاصة إذا كانت متعلقة بأمننا القومي ومصيرنا المائي. التعامل مع إدارة بايدن، لن يكون سهلا، ولكنه سيمزج بين المصالح والضغوط والمساومات التي اعتدنا عليها، ونعرف جيداً كيف نتعامل معها”.
حرب مقبلة
ونظر الدكتور أحمد المفتي الخبير المائي السوداني، والعضو السابق في مفاوضات سد النهضة، التي نقلها محمد عصمت في “الشروق” فإن المناوشات العسكرية الحدودية بين بلاده وإثيوبيا، سوف تتحول إلى حرب كبيرة بين البلدين قد تدخل فيها مصر، بسبب التعنت الإثيوبي في أكثر من ملف، أولها إصرارها على الملء الثاني لخزان السد، بدون الاتفاق مع دولتي المصب، وثانيها إخفاؤها نتائج الدراسات عن سلامة السد ومعدلات أمانه عنهما، وثالثهما تعطيش السودان وتهديد حياة أكثر من 20 مليون سوداني، إذا إنهار السد بعد اكتمال ملئه. الأكثر من ذلك، فإن الأراضي ـ بني شنقول ـ التي بنت عليها إثيوبيا السد، هي كما يقول المفتي أراض سودانية أعطتها لإثيوبيا طبقا لاتفاقية عام 1902، بشرط ألا تبني أي منشآت مائية على النيل، ومن هنا فإن من حق السودان استرداد هذه الأراضي بعد أن أخلت إثيوبيا ببجاحة ببنودها، وكأنها لم تكن. إذا ما صحت تقديرات المفتي بأن «حرب النيل أصبحت فعلا على الأبواب» بحسب تعبيره، خلال حواره مع فضائية “العربية”، فإن تدمير السد بقصفه بالطائرات، سيكون المشهد الافتتاحي المنطقي والوحيد لهذه الحرب المحتملة، والذى ستعقبه بالتأكيد تداعيات كثيرة وخطيرة، ربما يكون على رأسها تأجيج إثيوبيا لحربها الحدودية مع السودان، التي من الأرجح أن مصر ستتدخل فيها بشكل مباشر أو غير مباشر بجانب الخرطوم، خاصة إذا ما استطاعت إثيوبيا كما تزعم إطلاق صواريخ تستهدف السد العالي، وهو أمر مستبعد بحسب التقديرات العسكرية للإمكانيات التي تتوافر للجيش الإثيوبي.
خيار وحيد
رأى محمد عصمت في “الشروق” أن هذه الحرب المحتملة قد تعجل بتفكيك الدولة الإثيوبية، التي تتكون من قوميات متباينة ومتصارعة إلى عدة دويلات، وهو وضع تتخوف منه معظم الدول الافريقية، بحدودها السياسية الهشة وتركيباتها العرقية المتنافرة، التي فرضها الاستعمار الأوروبي عليها، والتي قد تأخذ موقفا مناهضا لمصر في المحافل الافريقية والدولية، ليس اقتناعا بالموقف الإثيوبي، ولكن خوفا من اندلاع شرارة التفكيك اليها. أما من الناحية الدولية، فإن الرهانات الأوروبية والأمريكية تحت إدارة بايدن على العكس من إدارة ترامب، تطالب بالاستمرار في المفاوضات بين الدول الثلاث، في تجاهل تام لإصرار إثيوبيا على الملء الثاني لخزان السد في يوليو/تموز المقبل، وهو ما سيفرض وضعا جديدا لن تتمكن مصر أو السودان من تغييره، سواء بالحرب أو بالمفاوضات، وسيجعل إثيوبيا تهيمن على النيل بمفردها. قد تكون الحرب هي الخيار الوحيد لوقف المخططات الشيطانية الإثيوبية للهيمنة على مياه النيل، وهو ما يفرض علينا تهيئة الرأي العام العالمي لقانونية هذه الحرب، كدفاع شرعي عن النفس طبقا لمواثيق الأمم المتحدة، ثم الاستعداد ـ بعد أن تضع الحرب أوزارها ـ لتقديم مشروع تنموي يجمع الدول الثلاث مع بقية دول حوض النيل لتدشين صفحة جديدة في العلاقات، ليس فقط مع إثيوبيا، ولكن مع دول القارة الافريقية، التي أهملنا علاقاتنا بها منذ عدة عقود، رغم أنها الأولى باهتمامنا لأنها عمقنا الاستراتيجي الحقيقي.
عيب يا تامر
من بين الغاضبين من تامر أمين بسبب سخريته من الصعايدة ممدوح الصغير في “الأخبار”: “الفتاة في الجنوب تفوقت على الشباب في التعليم العالي والدراسات التكميلية، ومعظم أوائل المدارس الحكومية من الفتيات اللاتي قال عنهن تامر أمين، إنهن يتم تصديرهن للعمل كخادمات، ما لا يعرفه تامر أمين عن الجنوب، إنه اليوم بفضل مشروعات الرئيس السيسي صارت القرى فيها مشروعات لا تقل عن المدن، وبفضل خطط الحكومة، كان مشروع القرن مبادرة حياة كريمة، الذي يشمل 4500 قرية، من بينها 1500 في الجنوب، وبدأت بعض المحافظات العمل، وهناك متطوعون أعدادهم تقارب 5 آلاف متطوع يعلمون بدون أجر في المشروع، الذي يعتبر هدية الرئيس للمحافظات الجنوبية. ما لا يعرفه تامر أمين عن المحافظات التي أتهم الآباء فيها بالتخلي عن صغارهم، أن أفقر من فيهم عفيف النفس، رغم فقره تجده كريما. لا أنكر أن في الجنوب قرى فقيرة والفقر ليس عيبا أو عارا، الدولة تفتح مشروعات من أجل توفير فرص عمل، وكان مطلوبا من تامر أمين الذي أغضب أهل الجنوب أن ينتقي كلماته ويعي أن كلمة ممكن تقود صاحبها للجنة أو النار، وكلمة تتسبب في فتنة يستفيد منها من لا يحبنا، ربما يكون هو محقا في وجهة نظر، لكنه فشل في التعبير عنها ولم يختر التعبيرات السليمة، يتهم الكل بدون سند هو أمر مرفوض. حتى بعض الأقلام التي حاولت الدفاع عنه أخطأت، لأنها لم تراعي أن الجنوب جزء أصيل وغال من الوطن، ولا يجوز أن يصدر في حق أهله الاتهامات.
ليت تامر يقرأ
عدّد الدكتور ناجح إبراهيم العلماء والزعماء الذين ينتمون للصعيد الذي أهانه المذيع تامر أمين مؤخراً: “رغم فقر الصعيد، وعدم اهتمام الدولة المصرية به في كل العصور، وتردي الخدمات، وغياب فرص العمل، فإنه أنجب عباقرة في كل المجالات ومنهم الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، صاحب الحنجرة الذهبية، والشيخ محمد صديق المنشاوي، أقوى وأروع قارئ على مرّ العصور، والشيخ أحمد الرزيقي، وغيرهم، وعباس العقاد، الذي ملأ الدنيا علماً وكذلك الدكتور طه حسين ومصطفى لطفي المنفلوطي وغيرهم. ومن الساسة محمد محمود باشا، وأحمد فراج طايع، أول وزير خارجية بعد الثورة، ومكرم عبيد باشا، وأحمد خشبة وأحمد كمال أبوالمجد، ونبيل العربي، ومن الشعراء أمل دنقل وعبدالرحمن الأبنودي، ومحمود حسن إسماعيل، ومن الأطباء ماهر مهران أول أستاذ للنساء والتوليد في مصر، وحاتم مصلوح، جراح العظام العالمي، وعبدالرازق حسن، وغيرهم. ومن العلماء أعظم مفتٍ في تاريخ مصر حسانين مخلوف، وصادق العدوي، أما شيوخ الأزهر، فمنهم شيخ الأزهر حسونة النواوي، الذي يطلق عليه صاحب المشيختين، أي الذين تولوا المشيخة مرتين مثل الإمبابي والبشري، والمراغي وعبدالمجيد سليم، ومنه خرج إمام الدين والدنيا الشيخ المراغي، الذي أغلظ للملك فاروق الذي طلب منه فتوى بعدم زواج الملكة فريدة بعد طلاقه لها، فقال له: «أما الطلاق فلا أرضاه، وأما التحريم فلا أملكه»، والذي أصر على تغيير البروتوكول الملكي حتى يدخل شيخ الأزهر والعلماء قبل رئيس الوزراء، والذي قال عنه العقاد: «إذا وجد بعد الشيخ محمد عبده من يستحق لقب الأستاذ الإمام فهو الشيخ المراغي»، كان قبل المشيخة موضع ثقة المراغة كلها، وكان المسيحيون يتركون ودائعهم لديه، وكان يعادي الإنكليز ويكره استغلالهم واستعمارهم لمصر ويجاهرهم بذلك، حتى كتبت “التايمز” البريطانية عنه: «أبعدوا هذا الرجل إنه أخطر على بلادنا وحياتنا من ويلات الحروب»، فهو الذي جمع التوقيعات لسعد زغلول، وقد استقال اعتراضاً على تدخل الملك فؤاد في شؤون الأزهر، ولكنه عاد أمام إلحاح المظاهرات الطلابية الحاشدة التي طالبت بعودته”.
خوفاً من العدوى
يواجه الصحافيون هذه الأيام تحديا نقابيا كبيرا، اهتم به طلعت إسماعيل في “الشروق”، فقد حلّ وقت الاستحقاق الانتخابي لاختيار النقيب، والتجديد النصفي لستة من أعضاء المجلس، في ظل جائحة كورونا، وما تفرضه من إجراءات احترازية، وشروط ربما يتعذر تحقيقها، إذا علمنا أن نحو 5 آلاف صحافي على الأقل مطالبون بالتجمع في سرادق كبير أمام مقر النقابة لتسجيل حضورهم للجمعية العمومية يوم 5 مارس/آذار المقبل، قبل الإدلاء بأصواتهم في لجان داخل مبنى ضيق. وأمام القلق المشروع على صحة وحياة الزملاء، أرسل مجلس النقابة يستطلع رأي مجلس الدولة «عما إذا كان من الواجب قانونا عقد الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين في الموعد المقرر لها، مارس المقبل، في ظل الظروف الحالية لجائحة كورونا»، لكن الرد كان بعدم اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي في الأمر، لأنه من المسائل الفنية التي تستقل بتقديرها الجهات المعنية بالشؤون الصحية. المخاوف من إجراء الانتخابات في ظروف غير ملائمة، كانت دافعا أيضا لنقيب الصحافيين، الزميل ضياء رشوان، ورئيس المجلس الأعلى للإعلام الكاتب الصحافي، كرم جبر إلى إرسال طلبين في يومى (16 و17 يناير/كانون الثاني)، لاستطلاع رأى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات من عدمه، ومن المقرر نظر الطلبين يوم الأربعاء.
حلول متاحة
المساعي بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات، لم تمنع مجلس النقابة، كما أوضح طلعت إسماعيل، من فتح باب الترشح أمام الزملاء، حيث تلقت اللجنة المشرفة أوراق العديد منهم، سواء على مقعد النقيب أو عضوية المجلس، وإذا لم يكن الرد في صالح التأجيل، نكون أمام تحديات تملي علينا جميعا التحلي بروح المسؤولية، والاجتهاد لإخراج هذا الاستحقاق الانتخابي بأقل مشاكل ممكنة. ومع ثقة الكاتب في حرص اللجنة المشرفة على الانتخابات برئاسة الزميل خالد ميري، وكيل النقابة، ورئيس تحرير “الأخبار”، على توفير أفضل السبل لتجنيب الزملاء أي معاناة، اقترح طلعت إسماعيل على اللجنة والزملاء المرشحين عددا من النقاط، ربما يرونها مفيدة: النقطة الأولى، الإعلان المبكر عن جعل يوم الاقتراع يوم صمت انتخابي تمنع فيه الدعاية أمام اللجان، وبما يقلل الزحام الذي يتسبب فيه مؤيدو المرشحين، مع ضمان التباعد في المسافات بين اللجان كلما أمكن. النقطة الثانية، وفي ظل عدم تردد أعداد كبيرة على مقر النقابة في الفترة الحالية بسبب كورونا، يكون لكل مرشح عدد محدود من اللافتات التي يسمح بتعليقها داخل النقابة وعلى جدرانها الخارجية، وبما يحد من غابة اللافتات التي تشوه المبنى، وأن يكثف الزملاء دعايتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي على مختلف أشكالها، وهي أقل جهدا وتكلفة مادية. النقطة الثالثة، تقليص الزملاء المرشحين جولاتهم الانتخابية على مقار الصحف، عكس ما كان يحدث في الانتخابات السابقة، لأن غالبية الصحف تطبق حاليا تباعدا اجتماعيا، ولا يتواجد فيها سوى من تحتم ظروف عملهم الحضور.
يحيط بهم الغموض
قال الدكتور صلاح الغزالي حرب في “المصري اليوم” إنه لم يشارك في الانتخابات النيابية الأخيرة بشقيها، والسبب بوضوح عدم وجود مرجع أمين يوضح للناس مع اسم المرشح، مؤهلاته وخبراته السياسية والاجتماعية ومصادر ثروته ورؤيته لمستقبل الوطن.. لأنه بغير ذلك لا يمكن الاطمئنان إلى صحة الاختيار، وقد طالب الكاتب قبل الانتخابات أجهزة الإعلام بأن توفر هذه الخدمة لكل المواطنين، كي يأتى الاختيار عن علم واقتناع، ولكن للأسف الشديد حدث ما حدث وتغلبت في بعض الأحيان قوة المال وسطوته أو كما يطلق عليه الملاءة المالية، كما صرح بذلك أحد أعضاء أحد الأحزاب في التلفزيون المصري، معللا ذلك باحتياج الأحزاب إلى المال.. وفي جميع الأحوال فإننا ندعو الله أن يكون هذا المجلس أفضل من سابقه، حيث توجد بعض الوجوه المبشرة ضمن الاختيارات الرئاسية وغيرهم من الناجحين. وأشار الكاتب إلى بعض الملاحظات على أداء المجلس في بداياته منها: طالب الكثيرون بضرورة بث جلسات المجلس على الهواء مباشرة، على قناة تخصص لذلك الغرض، كما حدث منذ سنوات، لكي يطمئن الناخب على حسن اختياره من ناحية، ويتابع المناقشات والحوارات في شتى المواضيع، لتنمية الوعي السياسي من ناحية أخرى، ونحن في انتظار حسم هذا الأمر شديد الأهمية سريعا، لكي تتحقق الشفافية التي ينادي بها دائما الرئيس السيسي. الشكوى المتكررة من عدم قيام المجلس السابق بواجبه الرقابي، كما يجب أدى إلى رد فعل عكسي، أدى إلى ما يشبه التنمر على كل من ينتمي إلى الجهاز التنفيذي، وقد ظهر ذلك بوضوح من الجلسة الأولى وأتمنى ألا يستمر طويلا لأن الهدف الأساسي للجميع هو المصلحة العليا للبلد، بعيدا عن أي شخصنة، أو اصطياد للأخطاء لاصطناع بطولة زائفة. كما دعا الكاتب لضرورة أن يبتعد أسلوب الحوارعن العصبية المفتعلة، والإهانات والسخرية والهمز واللمز، بل يجب أن يكون متسقا مع هيبة المجلس ونوابه وأن يكون قدوة أمام الناس.
لماذا ذهب؟
تفاصيل الزيارة التي قام بها إلى إسرائيل وزير البترول المهندس طارق الملا، يرى سليمان جودة في “المصري اليوم” أنها صادفت حفاوة ظاهرة في تل أبيب، ليس فقط من جانب وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز، ولكن أيضا من جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. تستطيع أن تلاحظ هذا في العبارات التي قِيلت عند استقباله، على لسان نظيره هناك مرة، ثم على لسان نتنياهو نفسه مرةً أخرى.. وتستطيع أن تلاحظه كذلك من خلال الحرص على وجود مائير بن شابات، رئيس هيئة الأمن القومي، أثناء لقاء المسؤولين الثلاثة، ورغم أن الزيارة ذات طابع اقتصادي وفني فقط، ورغم أنها تتصل بملف الغاز تحديداً بين البلدين، إلا أن نتنياهو حاول إضفاء الطابع السياسي عليها، عندما تحدث عن اتفاقات السلام التي جرى توقيعها مؤخراً بين إسرائيل وكل من الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب. وحاول الربط بينها وبين اتفاقية السلام التي جرى توقيعها بين مصر وإسرائيل في مارس/آذار 1979، وكان تقديره أن هذه الاتفاقية التي كانت الأولى عربيا مع الدولة العبرية، فتحت الطريق إلى نوع من التعاون بين الشعوب في المنطقة. وهذا كلام في حاجة طبعا إلى مراجعة، لأن التعاون الذي يتحدث عنه قد يكون قائماً على مستوى الحكومات، في مجالات معينة. أما بين الشعوب فإن للتعاون مقتضيات يعرفها هو قبل سواه، إن انتقال الوزير الملا من تل أبيب إلى رام الله في الضفة الغربية، حيث التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكأنه انتقال يحمل «رسالة» غير مباشرة تقول ما معناه إن ارتقاء التعاون من الحكومات إلى الشعوب مرهون بحل القضية مع رام الله ومع غزة، ومرهون بحل الدولتين الذي يقوم على أساس دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية.
مهب الريح
لأسباب عديدة، أحصى بعضا منها عبدالله عبدالسلام في “الأهرام” تسكن الانقسامات أحزاب اليسار أكثر من اليمين. الانضباط الحزبي حديدي داخل اليمين، بينما التماسك والالتزام ضعيفان لدى اليسار، الذي تشله الخلافات الأيديولوجية. العمال في بريطانيا والاشتراكيون الفرنسيون والإيطاليون نماذج شهيرة على أحزاب أسهمت خلافاتها الداخلية بإبعادها عن السلطة أكثر من الخصوم. ترامب يكسر هذه القاعدة. يشعل حرباً أهلية داخل الحزب الجمهوري بعد نجاة أمريكا من حرب مماثلة عقب رفضه الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية وإصراره على سرقة بايدن لها. «شخص عنيد حاقد متجهم الوجه. الحزب لن يكون محترمًا أو قويًا بوجود سياسيين مثله بالقيادة».. هكذا وصف ترامب زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ماكونيل. لم تمض أيام على إنقاذه من محاكمة «الشيوخ» بتهمة التحريض لاقتحام الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، حتى خرج من منتجعه الفاخر لينتقم ليس فقط من أعدائه الديمقراطيين، بل خصومه في الحزب، وعلى رأسهم ماكونيل الذي صوت لمصلحة براءته لكنه ألمح لإمكانية محاكمته جنائيًا. لم تعد خلافات الحزب الجمهوري حول السياسات والأفكار المحافظة، بل حول القرب أو الابتعاد عن ترامب. كل شيء أصبح بمثابة استفتاء عليه. يريد أن يطبع الحزب بأفكاره، التي حاول تنفيذها خلال رئاسته. معيار دعمه لمرشحي الحزب للانتخابات ليس مبادئ الحزب، بل رضاه عنهم. لا مكان للمعتدلين أو الذين يعتقدون بمد الجسور مع الآخرين. إنها قبيلة ترامب الجديدة. قبل أيام، توفي المذيع المحافظ راش ليمبو، الذي وصفه الكاتب الأمريكى ستيفن كولينسون بأنه ترامب قبل ظهور ترامب. كان يقدم برنامجا إذاعيا يوميا يغذي العنصرية والتحيز ونظريات المؤامرة والنكات حول الرياضيين السود، وملابس النساء والسخرية من اللغات الأجنبية. أفكاره أوصلت ترامب للرئاسة، لذلك ليس غريبا أن يصفه بأنه كان أسطورة، وأن الاستماع إليه أشبه بطقس ديني. ترامب يريد أن يتربى الجمهوريون على برنامج ليمبو ويرضعوا أفكاره، ولا يهمه ما إذا كان ذلك سيفجر الحزب أم لا؟ بداية التسعينيات، اشتعلت الخلافات داخل حزب المحافظين البريطاني. آنذاك، قال جون ميجور رئيس الوزراء، إن الحزب كنيسة واسعة تضم كل الأطياف. ترامب يريد حزباً عنوانه ومضمونه الترامبية وفقط.
لكنه يعرفها!
(المتروك وحيدًا) هي اللافتة التي تراها عبلة الرويني في “الأخبار” الأكثر حزناً ووجعا وقسوة، علقها الشاعر السوري علي الجندي على باب بيته في اللاذقية.. صحيح أنه لسنوات طويلة قبل وفاته 2009 اختار العزلة قصداً… هجر دمشق وسافر إلى اللاذقية، معتزلا الناس والأصدقاء، مختبئاً داخل أحزانه وأعوامه الثمانين عن كل ما حوله… لكنه قبل أن يحكم إغلاق البيت، علق على الباب لافتة الإدانة والخذلان (المتروك وحيداً). المدهش أن علي الجندي أو «أبو لهب».. هكذا أطلق اسم «لهب» على ابنه الأكبر… فقط ليخالف الأعراف ويشاكس الأسماء.. هو المتمرد الصاخب والساخر من كل شيء حوله.. علي الجندي المفعم بالحياة والحب والشعر.. هو نفسه من أسس لتلك الوحدة المخيفة.. الوحدة الخذلان. خذلان الناس أو خذلان نفسه. لكن عجوزاً آخر، في الثمانين من عمره أيضا، في مدينة بحرية أخرى، كان يقطع خطوات الشارع كل صباح، للذهاب إلى بيت العجائز أو دار الرعاية، حاملا طعام الإفطار لزوجته المريضة بالنسيان.. يجلس الساعات معها، يقص الأخبار، ويروى الحكايات، ويخبرها كل تفاصيل يومه.. وحين أشفقت عليه ممرضة الرعاية (منذ شهور طويلة، وأنت ترهق نفسك بالحضور كل يوم.. وهي للأسف لا تسمعك، ولا تحس بك.. وهي أيضا لا تعرفك). بكى الرجل متمتماً (ولكنني أعرفها).
الحركة بركة
نُخطئ، بحسب رأي مصطفى عبيد في “الوفد” عندما نقتنع أننا كبرنا على التعلم. أنت في العشرين يجب أن تتعلم، وأنت في الخمسين يجب أن تتعلم، وأنت في السبعين يجب أن تتعلم، فكل زمن يمرّ بدون تعلم أي شيء جديد هو زمن مُهدر كلبن مسكوب على الطرقات. تابع الكاتب: إن حياتك لن تتغير بدون تعلم: مهارة جديدة، فن مستحدث، قدرات متميزة، وخبرات إضافية. أن تشعر بأنك كبير على التعلم، فمعناه أن تنتظر موتك. أن يمر يوم بدون اكتساب معرفة أو امتصاص رحيق مختلف، أو هضم علم جديد فمعناه أن روحك نعست، وصرت تابعا، مستقبلا، مدفوعا، مأمورا إلى الأبد. قبل سنوات التقيت بالدكتور ميرزا حسن، نائب رئيس البنك الدولي في واشنطن، وهو رجل علم رفيع حاز شهادات وخبرات دولية لا حصر لها في علوم شتى، وحكى لي الرجل كيف سافر بالطائرة عشر ساعات وأكثر إلى ولاية أخرى ليلقى محاضرة في أحدث تقنيات الاتصالات والتكنولوجيا، يلقيها عليه شاب صغير في التاسعة عشرة من عمره. وقال لي الرجل «جلست مبهورا ولم أنطق، لأتعلم ممن هو أصغر من ابني ما لا أعرف». ونصحنى قائلا « تعلم ثم تعلم». بعد أن جاوزت منتصف العمر، وفارقت الشباب طبقت نصيحته بحذافيرها، مكررا لنفسي أنه لا كبير على التعلم. صرت منشغلا بالتعلم والتتلمذ والتلقي من كل معين، ولم أعد أخجل أن أصبح تلميذا لأساتذة أصغر سنا. أجلس منبهرا مأخوذا متقبلا مهارات لم أعرفها، أو فكرة لم أختبرها، أو فكراً لم أعه. قضيت ساعات وساعات في تعلم علوم كثيرة لم أحط بها. اجتزت دورات تدريب وتعليم في أمور لم تخطر يوما في بالي، علوما إحصائية، سياسات عامة، صحافة فيديو، نقدا فنيا، وسيناريو وغيرها. فتحت عيني وعقلي وروحي لمعارف جديدة وأيقنت كم أجهل وأتصور العلم، وكم أنقص وأعتقد النضج، وكم أملك يدا في كل أموري وأظن سوء الحظ والنصيب. «الحركة بركة» كما يقولون، ولا تغير لحيواتنا ولا تقدم، بدون جهد ومكابدة وإقبال على التعلم الدائم والتدريب المستمر، والخروج من مجال معرفة جديدة للدخول في آخر.
تواضعوا للناس
حقيقة انتهى إليها الدكتور محمود خليل في “الوطن”: “إذا تملَّك من يتحدث إلى الجمهور إحساس بالتعالي، فإنه يعجز عن الوصول إليه برسالته. تلك حقيقة تثبتها التجربة في دنيا السياسة والإعلام والثقافة، وأشكال التواصل مع الناس كافة. لا يصح أن يتعالى الإنسان على بشر هو جزء منهم، فلا فضل لأحد على أحد، بل الفضل كل الفضل للبلد الذي نعيش في رحابه ويضمنا ترابه.. والفضل، من قبل ومن بعد، لخالق الأرض الذي يسّر لنا الحياة فوقها. جمال عبدالناصر حقق زعامته عبر جسر الاحترام الذي بناه بينه وبين الشعب، فقد دأب على وصف هذا الشعب بـ«الشعب المعلم». واجتهاده في هذا السياق كان مرده الإيمان بأن هذا الشعب كبير، ويصح أن ينتقى من يخاطبه الألفاظ التي يحدثه بها، وكذلك سار كل رؤساء مصر من بعده عند مخاطبتهم للشعب. نجيب محفوظ حقق عالميته عبر الالتحام بهذا الشعب، كان يأخذ منه فكراً وفناً ولغة وشخوصاً وحكايات ويتمثلها في نفسه ثم يخرجها إبداعاً قصصياً. يظل نجيب محفوظ نموذجاً على الدور الذي يلعبه «الالتصاق بالمحلية» في الوصول إلى العالمية. محمد حسنين هيكل حقق أستاذيته عبر التواضع، في ما كان يقدمه من تحليلات لحقائق السياسة والتاريخ. عندما كان يذكر رأياً أو يقدم استخلاصاً، كان دائماً ما يسبقه بعبارة «أخشى أن أقول»، وما أكثر ما كان يستخدم كلمة «أظن» قبل ما يريد قوله، ثم يردفها بعبارة «وليس كل الظن إثماً». أم كلثوم حققت شهرتها من خلال احترامها لجمهورها. أذكر أننى شاهدتها في حوار أرشيفى مع الإعلامية الراحلة سلوى حجازي تقول: أنا دائماً أخاف من الجمهور، فتعجبت الإعلامية من المقولة وسألتها: هل تخافين من الجمهور وأنت في قمة المجد الفني؟ فردت «الست»: نعم أشعر بالخوف في كل مرة ألتقي فيها الجمهور لأني أحترمه. محمد عبدالوهاب حقق حضوره الفني الطاغي من خلال احتفائه بالجمهور. سأله الإعلامي مفيد فوزي مرة عن موت الفن، فعلق عبدالوهاب قائلاً: يموت الفن إذا مات الجمهور.