قانون نتنياهو بين «يهودية إسرائيل وداعشيتها»

حجم الخط
13

بعد توتر ومناقشات ساخنة تخللها صياح، وضرب على المائدة، تبنت الحكومة الاسرائيلية امس الاول مشروع قانون قدمه بنيامين نتنياهو يعتبر اسرائيل دولة «يهودية ديمقراطية»(…).
ويمثل فلسطينيو الـ 48 حوالى 20 بالمئة من سكان إسرائيل، اي نحو 1.8 مليون. وهم يتحدرون من 160 الف فلسطيني بقوا في اراضيهم بعد نكبة العام 1948. ومع انهم يحملون الجنسية الاسرائيلية، يعامل الفلسطينيون في اسرائيل كمواطنين من الدرجة الثانية، ويعانون من تمييز واضح ضدهم في فرص العمل والسكن خصوصا.
وبحسب تسريبات فان نتنياهو صاح في بعض الوزراء المعارضين للقانون قائلا « لا يستقيم ان العرب يستطيعون العيش في مدن يهودية، بينما لا يستطيع اليهود العيش في مدن عربية، هناك دولة داخل الدولة تنمو».
ثم تمادى قائلا «اسرائيل دولة يهودية ديمقراطية، هناك من يريد للديمقرطية ان تسبق اليهودية وآخرون يريدون العكس، ولذلك اقدم مشروع قانون يساوي بين الرأيين».
وبعد ان أعلن شريكان رئيسيان في الائتلاف الحاكم ينتميان إلى تيار الوسط ، وهما وزيرة العدل تسيبي ليفني ووزير المالية يائير لابيد، أنهما لن يؤيدا القانون الجديد، قرر نتنياهو ان يرجئ التصويت على مشروع القانون في الكنيست الذي كان مقررا غدا الاربعاء وسط تحذيرات تراوحت بين احتمال «انهيار الحكومة، وتدمير الصهيونية ونهاية اسرائيل».
ويأتي ذلك بينما يتفاقم التوتر في القدس والضفة الغربية المحتلتين الذي ازداد حدة في الأسابيع الاخيرة وسط بوادر انتفاضة ثالثة.
وينبغي هنا التوقف عند محاور رئيسية في هذا التصعيد الاسرائيلي الجديد:
اولا- تكشف قراءة دقيقة لتصريحات نتنياهو عن «العرب الذين يعيشون في مدن يهودية» عن رؤيته الطائفية والعنصرية في آن للقضية، اذ انه لايعترف بكونهم (مواطنين اسرائيليين) يعيشون في (مدن اسرائيلية) ، كما يرفض الاقرار لهم بالهوية الفلسطينية، تفاديا لاي اعتراف ضمني بدولة فلسطينية محتملة. وتكرس هذه الرؤية «الفصل العنصري والديني» كاساس للدولة العبرية، وهو ما يقوض اي محاولة للزعم بانها دولة «ديمقراطية». بل انها تجعلها «دولة مارقة» من وجهة نظر القانون الدولي الذي يحظر اي تمييز ضد المواطنين على اساس الدين او العرق او اللون. لكن واقعيا فان ما يحاول نتنياهو ان يفعله عبر «قانونه المشؤوم» ليس سوى امتداد على خط مستقيم لجرائم ضد الانسانية اسفرت عن تدمير اكثر من اربعمائة قرية فلسطينية، وتشريد او ذبح اهلها، ثم انشاء اسرائيل على انقاضها في العام 1948.
ثانيا: ان كلام نتنياهو يمثل تبريرا ممكنا لكن مرفوضا لما تقوم به تنظيمات إرهابية مثل «داعش» وغيرها من اضطهاد وترحيل لأقليات دينية وعرقية في العراق وسوريا، بهدف اقامة ما يزعمون زورا انها «دولة اسلامية»، بينما هي في حقيقتها دولة «داعشية إرهابية عنصرية»، وهكذا نوع الدولة التي يريدها مشروع القانون الاسرائيلي المشؤوم. وهو ما يجعل لزاما على العرب ان يحددوا مواقفهم بوضوح من افعال «داعش» وامثاله، والا يسمحوا لبعض وسائل اعلامهم بأن «تلمع او تروج» لاعماله الإرهابية، حتى لا تكون حجة عليهم. خاصة ان المشروع الاسرائيلي يستفيد حتما من موجة ظهور كيانات طائفية وعنصرية في الاقليم لتمنحه نوعا من (شرعية الامر الواقع).
ثالثا: ان هذا التصعيد العدواني الجديد من جانب نتنياهو يعبر عن رغبة محمومة في استغلال الوضع العربي المنهار في احداث تحولات تاريخية، تصفي ما تبقى من القضية الفلسطينية، وسط ضبابية تميز موقف السلطة الفلسطينية من خيارات المقاومة والانتفاضة الشعبية، واتخاذ اجراءات فاعلة ردا على ما ارتكبته اسرائيل من جرائم غير مسبوقة ضد المسجد الاقصى، وهو ما يعطيها ضوءا اخضر لارتكاب مزيد من الانتهاكات.
رابعا: ثمة اسئلة يطرحها ذلك التصعيد الاسرائيلي الجديد مثل «ماذا يجب ان يحدث بعد حتى يقرر العرب شعوبا وقيادات اعادة الحسابات تجاه هذا التوحش الاسرائيلي؟ والى متى تراهن السلطة الفلسطينية على مجلس الامن الذي جربه العرب مرات عديدة من قبل؟ وما الذي يؤخر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية التي قد تكون ضرورية كقاطرة لموقف عربي حقيقي لانقاذ ما تبقى من فلسطين؟
اسئلة مشروعة وقد تبدو بديهية الا ان الاجابة عنها تقتضي تفكيك موقف شديد التعقيد، سواء داخل فلسطين او البلاد العربية التي يفترض تاريخيا انها قادرة على الفعل، وليس مجرد اصدار البيانات الانشائية، او حتى الاكتفاء بالصمت احيانا.
ويبقى الرهان على فلسطينيي الداخل المتشبثين بهويتهم الوطنية، والمستعدين للدفاع عن اراضيهم بارواحهم ودمائهم، وهو ما اثبتوه دائما في مواجهة الممارسات العنصرية الاسرائيلية طوال اكثر من ستين عاما.
لكن هل سيكون هذا كافيا في مواجهة هذا العدوان الاسرائيلي الجديد؟

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد العربي:

    نعم كما قال الاخ كمال رمضان ان الفلسطينيين حشروا الصهاينه في الزاويه وذلك بانتفاضه اهل القدس وسوف يشعرون انهم مشنوقون عندما تتمكن الضفه بالالتحاق باهل القدس وبعدها غزه وبعدها سوف يلتئم شمل كل العرب في انتفاضه دائمه لاسقاط الكيان والاستبداد العربي.

  2. يقول م . حسن . هولندا:

    تباشير الهزيمة لنتنياهو , هل هي حرب نفسية ؟ تمرير قانون بهذا الشكل يعني أن إسرائيل هي دولة إضطهاد عنصري ديني . وهي أسوء مرتية يمكن أن تصل اليها ماتسمي نفسها واحة الديمقراطية وسط وحوش الشرق الأوسط العسكريين , نتنياهو بدأ في إرتكاب أخطاء فادحة بسبب تحالفة مع الأصوليين .

  3. يقول م . حسن . هولندا:

    قمة النرجسية .

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية