“قتل” أبو عاقلة… بين السبب والنتيجة

حجم الخط
0

   اجتزنا شغب صيصان الأعلام دون أن نشعل الشرق الأوسط. الراشد المسؤول هذه المرة كانت حماس، مع مساعدة من أصدقاء في الجيش الإسرائيلي ممن هددوها برد حاد حال الشغب. سنعود الآن إلى قتل الصحافية الفلسطينية. أنا واثق من أنه إذا ما سُئل إسرائيلي نموذجي عن شيرين أبو عاقلة، ما كان ليعرف عمن يدور الحديث. وحتى لو عرف أنها صحافية فلسطينية فلن يفهم ما الذي تريده أنت منه. وإذا تبين له أن هذه هي الصحافية الفلسطينية التي قتلت بالرصاص وأن أفراد شرطة خرجوا عن السيطرة ودنسوا جنازتها، فسيرد أغلب الظن بـ “آه… تلك”. وعلى فرض أنه أديب أكثر من النائبة ميراف بن آري التي كان ملحّاً لها أن تبلغ بأنها لا تأسف على موت شيرين.

ذاك الإسرائيلي مشغول البال بشؤونه لن يربط موت شيرين بجلبة جنازتها. كلنا نستهلك جلبات كهذه على أساس يومي كرزمة واحدة من الأسباب والملابسات والنتيجة. في حالة شيرين، ثمة نتيجة متفق عليها: قتل. وثمة سبب متفق عليه (نشاط مبادر من الجيش الإسرائيلي تجاه مسلحين)، غير أنه لا يوجد اتفاق على الملابسات، ضمن أمور أخرى: من أطلق النار. “نحن الجماعية إياها منشغلة البال ومتلبدة الأحاسيس أكثر من أن تتابع مسار الرصاصة التي قتلت فلسطينياً عابراً، وأمن إسرائيل يلطف قصص القتل اليومية لابن 6، 16، 26، 36، 46، 56 وما شابه، فهمتم المبدأ. بخاصة حين يكون المبدأ الأسمى هو أنهم بدأوا من حرب التحرير، وإرهاب في “المناطق” [الضفة الغربية]، واستفزازات في الحرم. هناك حالات قتل أخرى لنساء وشيوخ وأطفال ومواطنين ابتلعتهم الإحصاءات، لكن حالة شيرين تستدعي التعقيب. كما هو متوقع، دون أي صلة بما حصل، كل طرف يتهم الطرف الآخر، أما على مستوى الإعلام ثمة تفوق للجيش الإسرائيلي؛ لأنه لا يستبعد إمكانية إطلاق الرصاصة من جانبنا، ويبقي للطرف الآخر أن يعارض نقل الرصاصة لإسرائيل. يدور الحديث عن نقص عميق في الثقة من الطرف الفلسطيني المقتنع بمحاولة تملص الجيش الإسرائيلي.

بالحقيقة، ودون اتهام الجيش الإسرائيلي بإخفاء الأدلة، حتى لو وصلت الرصاصة إلى يد مندوب أمريكي متفق عليه، فستبقى مشكلة في إخفاء بندقية مطلق النار.

تحقيق “السي.ان.ان” يتهم الجيش الإسرائيلي، والجيش الإسرائيلي حقق في القضية وله نتائج خاصة به، ولا سبب بإخفائها. لا أتصور أن أحداً ما عرف بأنها شيرين أو رأى PRESS وأمر بقتلها. وعليه، فمن المهم إصدار التحقيق الأولي العسكري الإسرائيلي بكامله حتى دون الرصاصة.

في جنازة شيرين، ضرب أفراد الشرطة حملة التابوت في وضع تجريدي فظيع. هنا لا توجد رصاصة خفية، فالكل يرى من هو الذي يمسك بالهراوة، وليس صعباً عليه استيضاح مُصدر الأمر. هذا لن يحصل. لماذا؟ في ذاك الأسبوع، في برنامج “عوفدا” لايلانا دايان، روت “فتاة تلال” سابقة أنها “كشفت للشرطة و”الشاباك” عن أفعال “فتيان التلال” وايتمار بن غفير. في ختام شهادتها، تساءلت دايان لماذا لم يتمكن “الشاباك” والشرطة من اعتقالهم. فليشرح لها أحد ما بأن تحقيقاً حقيقياً، وليس مقدمات رحمة لرضيعة أسرت، يفترض أن يكشف لماذا فشل كل من “الشاباك” والشرطة والجيش الإسرائيلي.

بقلمران أدليست

 معاريف 1/6/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية