قدوة للاسرائيلي الجديد

حجم الخط
0

أمر موشيه ديان حينما عمل وزيرا للزراعة، مساعده غاد يعقوبي ‘بأن يساعد بقدر المسموح به وبشيء قليل’ مئير هار تسيون الذي كان قد بدأ يبني مزرعته في كوخاف هروحوت في موقع كان المنظر الطبيعي فيه بديع. وقد كان هار تسيون في نظره ‘افضل جندي يهودي منذ كان باركوخبا’. وحينما كان ديان رئيسا لهيئة الاركان منح هار تسيون رتبا عسكرية دون أن يدرس في دورات قيادة.
وجد ديان وهار تسيون وابراهام ارنان واريئيل شارون وجدوا الجيش الاسرائيلي مضروبا ذليلا بعد الهزيمة في المعركة مع السوريين في تل نوتيلة في 1951، وغيروا معايير القتال حتى لم تعد تُعرف. وكانت البداية في الوحدة 101، التي مزجت بعد ذلك مع المظليين. وكان هار تسيون هناك في مقدمة قلة قليلة قاتلت في كل عمليات الرد الى أن جرح جرحا بليغا في 1956 لكنه عاد وشارك في الحربين الكبيرتين في 1967 و1973.
حللت في صيف 1968 ضيفا على مؤتمر لقدماء الوحدة 101 والمظليين في بيت شمعون كهنر في نفيه ايتان. وقد تحدثوا هناك عن كل شيء. ونقول ايجازا إن هذه المجموعة محت من معجمها عبارة ‘لا استطيع’، وأورثت الاجيال التالية في الجيش الاسرائيلي قدرتها على الفعل. وكان هار تسيون يرمز الى ذلك اكثر من الجميع. وشهد على ذلك كتابه الذي كتب في حضرة نعومي فرنكل، وهو انسان مبدع ومستقل وذو تصميم.
إن بطل اسرائيل الذي يسير اليوم في آخر طريق له تميز في الاساس بالحرية الداخلية وبالانضباط الذاتي الكامل وبالبحث عن العدل الذي تجاوز كل العلاقات الشخصية والحسابات الجانبية، وبرؤية مطلقة لصورة جزئية بالاسود والابيض. إن هذا الجوال الاسطوري الذي هبط من جرفه في مزرعته لتكريم شارون بمراسم دق صلاة المزوزة في شقته في الحي اليهودي في القدس، لم يحجم بعد ذلك عن أن ينعت قائده الذي يُجله بأنه ‘غير سوّي’ حينما أمر بالانفصال عن قطاع غزة.
كان هار تسيون قدوة عليا للمحارب والاسرائيلي الجديد، وهو لم يعترف بحدود اسرائيل. وإن لقاءه مع رحيل سابورائي وهي مقاتلة من البلماح أكبر منه ببضع سنوات وتشبهه بحريتها الداخلية وشخصيتها انشأ في 1953 الجولة الاسطورية الى المدينة النبطية البتراء في داخل الاردن.
وهيجت هذه الرحلة خيال اولئك الذين أرادوا أن يتشبهوا بهما. وأرشدت سابورائي وهار تسيون السائرين الى طريقة الوصول الى ذلك المكان الساحر. فخرج 13 آخرون لم يعد منهم حيا سوى واحد. وقد كشفت نيسيا شبيرن في كتاب جديد لها عن البتراء عن أن دافيد بن غوريون استدعى هار تسيون وهدده بأن يحاكمه لكنه سيرى القضية منتهية اذا وعده هذا المقاتل بالكف عن اعطاء ارشاد للمتجهين الى البتراء. ووعد هار تسيون بل أضاف أنه اذا غير رأيه فانه سيبلغ بن غوريون عن ذلك كي يستطيع أن يحاكمه.
في 1955 ظهر هار تسيون بعد أن قتلت اخته شوشانا وصديقها عوديد فغمايستر على أيدي بدو، ظهر مثل شمشون في معسكر الفلسطينيين ونفذ عملية انتقامية. وكانوا اربعة اعتقلوا وطلبوا دفاع المحامي شموئيل تمير الذي كان الحزب الحاكم يكرهه. وما كان غير ممكن أصبح في النهاية طبيعيا تقريبا في 1955، وفي صراع سياسي شارك فيه بن غوريون وموشيه شريت وديان وآخرون ذعرهم تسليم الدفاع لتمير، لم يحاكموا وعادوا الى دورية المظليين. وبعد ذلك أصيب هار تسيون بالشلل التام تقريبا، واندفعت قدما روح الفعل التي اصبحت اسطورة، الى الأمام بقوتها الذاتية الى الأبد.
اسرائيل اليوم 16/3/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية