قد تجر مصر الى شراكة مصير بشعة مع سورية فتعلق في حرب أهلية

حجم الخط
0

اسقاط محمد مرسي من الحكم سيرضي معارضيه، ولكن الخطوة الدراماتيكية التي اتخذها الجيش المصري يمكن أن تكون كسيف مرتد، فالى جانب ملايين المتظاهرين المحتفلين، قد تخرج الان الى الشارع اعداد مشابهة من مؤيدي الرئيس المخلوع يرفضون قبول الحسم.
معسكر الاخوان المسلمين، وكذا معسكر مؤيديه المحايدين، سيشعرون الان بانهم سرقوا منهم الدولة، سرقوا منهم الانتخابات التي فازوا فيها بشكل ديمقراطي قبل سنة فقط. وقد تجر مصر، نتيجة لهذه الخطوة، الى شراكة مصير بشعة مع سورية، فتعلق في حرب أهلية مضرجة بالدماء وطويلة السنين.
وبالذات بسبب التدخل العسكري فان احتمال ان تكرر الصورة السورية نفسها في مصر عالٍ جدا. فقد اتخذ الجيش على نحو لا مفر منه، قرارا سيئا؛ فهو ما كان يمكنه أن يأخذ قرارا افضل في هذه الحالة، وكل خطوة كان سيتخذها كفيلة بان تتبين مع مرور الوقت بانها ذات معنى هدام.
قدر كبير جدا من الناس في مصر شعروا قبل بيان الجيش بان هذا يوم دراماتيكي، كل ما يجري فيه هو مثابة ‘إما الان أو ابدا’: معارضو الرئيس شعروا بانهم اذا عادوا الى بيوتهم، فان مرسي والاخوان سيسيطرون عليهم الى الابد؛ والاخوان المسلمون كانوا واثقين من أنه اذا ما اخذ الفوز منهم بقوة الذراع، فانهم سيتحطمون كتنظيم وصل الى مبتغاه وفشل في مهمة الحفاظ على الانجاز. كل طرف طلب لنفسه انتصارا مطلقا، وتطلع المعسكران الى الحاق الهزيمة النكراء بالخصم. ولشدة الاسف، فانه في مصر ما بعد حسني مبارك لم يتطور احساس جماعي يمكن للجميع في ظله ان يكونوا معا ويحلوا النزاعات بينهم بطرق سلمية.
وشكلت كل الظروف في مصر وقودا نفاثة لما نراه الان: الاستقطاب الثقافي، التطرف السياسي، الصيف الحار، الاقتصاد المنهار، البطالة الكبرى، انعدام الامل، العنف المتصاعد، رمضان المقترب وذخر الكلمات المتطرفة.
من استمع في الايام الاخيرة الى المتحدثين المصريين الذين ظهروا في وسائل الاعلام، من على جانبي المتراس، اكتشف ذخرا من الكلمات والتعابير الجديدة والمقلقة التي سيطرت على الخطاب الجماهيري. وقد بدأ الامر باسم الحركة المعارضة لمرسي، التي اتخذت لنفسها اسم ‘تمرد’. هذه لم تكن مظاهرة، هذا لم يكن احتجاجا هذا كان تمردا.
وكان الشعار الاكثر انتشارا هو ‘ارحل’، وهو يشبه الشعار الذي رفع ضد مبارك في اواخر حكمه. بالنسبة لمرسي، كرئيس منتخب في الانتخابات الديمقراطية الاولى في تاريخ مصر، لم تكن هناك مهانة اكبر. كما أن هتافات ‘الشعب يريد اسقاط النظام’ و ‘مرسي ـ كرسي’، أوضحت ان الحديث يدور من ناحية المتظاهرين عن نظام غير شرعي، بالضبط مثل ذاك الذي سقط قبل سنتين ونصف السنة. وعلى ذات الشرعية بالضبط حاول اللعب مؤيدو مرسي الذين تمسكوا بفوزهم في الانتخابات. والعنصر الجديد، المهدد هو الاستخدام الزائد الذي يتخذه الطرفان في تعابيرهما المطلقة التي لم تطرح في الماضي ‘لن نتنازل’، ‘خط أحمر’، ‘الدم سيسفك’. وهذا مواد المصيبة الوطنية تصنع منها، وليس واضحا اذا كان الجمهور سيستجيب لدعوات الجيش ‘لابداء المسؤولية’. مصر يمكنها بالتأكيد ان تتدهور الى حرب اهلية، مثل سورية.

معاريف 4/7/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية