قراصنة أمريكيون وجواسيس إماراتيون ناقشوا اختراق موقع “انترسيبت”

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن – “القدس العربي”:

كشف موقع “ذا انترسيبت” أن فريقا من قراصنة الإنترنت الأمريكيين والجواسيس الإماراتيين ناقشوا تنفيذ هجوم على الموقع الإخباري الأمريكي واختراقه.

وقال سام بيدل وماثيو كول في تقريرها إن عاملين في شركة أمن الكتروني مثيرة للجدل ويعملون لصالح الإمارات العربية المتحدة ناقشوا عملية لاستهداف الموقع واختراق أجهزة كمبيوتر العاملين فيه.

 وحصل الموقع على معلومات عن العملية من مصدرين واحد منهما كان عضوا في الفريق الذي كلف بعملية الإختراق.

وكانت وكالة أنباء رويترز قد كشف في كانون الثاني (يناير) عن قيام شركة “ماركت ماتر” بجلب قراصنة سابقين في وكالة الأمن القومي وغيرها من الوكالات الأمنية وضباطا سابقين في الجيش وجمعتهم مع محللين إماراتيين لاختراق أجهزة كمبيوتر تعود لناشطين ومعارضين الداخل المملكة والخارج. وتقوم وكالة التحقيقات الفدرالية (أف بي أي) بالتحقيق في نشاطات الشركة واستخدامها الخبرات الأمريكية واحتمال استهداف أمريكيين من خلالها.

وبدأ برنامج استهداف المعارضين والنقاد للحكومة الإماراتية بمدينة بالتيمور وأطلق على العملية اسم “ريفن بروجيكت” أو “مشروع الغراب”.

وكشفت جينا ماكلوغلين في مقال نشره موقع “انترسيبت” عام 2016  عن عمل شركة مقرها في ميريلاند اسمها “سايبربوينت” في تشكيل فريق أمريكي لتقوية قدرات الرقابة والقرصنة الألكترونية لدى الإماراتيين والذي أثار قلق بعض العاملين فيه.  وتم تعيين معظم أفراد الشركة هذه وضمهم لشركة “دارك ماتر” المرتبط بالحكومة الإماراتية والتي لا يبعد مقرها إلا طابقين عن الهئية الوطنية للأمن الألكتروني في الإمارات. ووصفت مصادر لماكغلوغين “سيطرة بالقوة” للحكومة الإماراتية على الشركة.

وفي قصة لاحقة نشرتها نفس الصحافية في مجلة “فورين بوليسي” قدمت فيها تفاصيل عن الدور المهم الذي لعبه عملاء استخبارات الأمريكيين في بناء أجهزة الإستخبارات الإماراتية. وأصبحت الهيئة الوطنية للأمن الألكتروني العميل المهم لمشروع ريفن ومسؤولة عن تحديد أسماء جماعات ومنظمات يجب استهدافها واختراقها. وبحسب المصدر الذي شارك في فريق القرصنة وكشف عما حدث بشرط عدم الكشف عن هويته فإن التقرير الذي نشر يربط دارك ماتر بالحكومة الإماراتية “قمنا بإعداد فريق للرد”. وأضاف المصدر “في كل مرة ذكرت تقارير دارك ماتر والهيئة الوطنية للأمن الألكتروني طلب منها إعداد قائمة أهداف”. ويقول جوناثان كول، العامل السابق في مشروع ريفن إنهم كانوا يقومون بمراقبة الإنترنت بحثا عن أي ذكر لدارك ماتر والتأكد من عدم ربط اسمها بما يقوم به قراصنة الإنترنت نيابة عن الهيئة الوطنية للأمن الألكتروني. وحاول الموقع الحصول على رد من القنصلية الإماراتية حول علاقة دارك ماتر مع الهيئة الوطنية للأمن الألكتروني ومزاعم استهداف مواطنين أمريكيين. وأكد شخص واحد يعرف بالأمر مناقشات استهداف “انترسيبت” قائلا إن المحادثات شارك فيها مارك بير، المدير التنفيذي لدارك ماتر والموظف السابق في وكالة الأمن القومي. لكنه ليس متأكدا من قرار اتخذ نتيجة للنقاشات. وبعد عدة تقارير تربط دارك ماتر بالحكومة الإماراتية قام سامر الخليفة المسؤول المالي فيها بنقل بعض الأمريكيين إلى شركة أخرى اسمها “كونكيشن سيستمز”. وكان الهدف منها إبعاد دارك ماتر عن الحكومة الإماراتية وأنها لم تعد تقوم بعمليات رقابة نيابة عن الأخيرة. لكن الخليفة عين شقيقه مديرا للشركة الجديدة. وبحسب “لينكدإن” يعمل في الشركة الجديدة عدد من موظفي دارك ماتر السابقين. ولا توجد أدلة عن تنفيذ الهجوم على الموقع الذي لم يكن قادرا للعثور على محاولة من دارك ماتر لاستهداف أجهزة الكمبيوتر.  وكان الهجوم سينفذ عام 2016 وربما تم التخلي عنه أو رفضه فلتر الرسائل المزعجة. وقال مصدر ثالث إنه لا يعرف عن محاولة لمهاجمة الموقع أو العاملين فيه، كما ويستبعد تنفيذ الهجوم من قراصنة الهيئةالوطنية للأمن الألكتروني في دارك ماتر  بدون لفت انتباه نظرائهم الأمريكيين. ولكنه لم يستبعد من الناحية الفنية استهداف الإماراتيين نشرية أمريكية. وحاول الموقع الإتصال مع موظفين سابقين في مشروع ريفين ولكنهم اعتذروا عن التعليق بسبب التحقيقات التي يجريها أف بي أي. ولم يرد هذا على طلب التعليق. وفي رسالة الكترونية من مسؤولة التسويق في دارك ماتر، بريسلا دان قالت فيها إن الشركة “ترفض” زعم استهداف ذا انترسيبت انتقاما من الموقع على تغطياته السابقة. ورفضت التعليق على النقاش حول العملية ولا بشأن وجود مشروع ريفن وعلاقة الشركة بالهيئة الوطنية للأمن الألكتروني واكتفت بالقول إن “عملنا في الأمن الألكتروني يركز على وبشكل محدد على القدرات الدفاعية وتدعو قيمنا ومبادئنا لترك الأثر العالي على المجتمعات والإقتصاديات التي نخدمها” و “نطور ملكيتنا الفكرية ونتشارك مع شركات تكنولوجية عالمية معروفة ومع حكومات لتطوير منتجات أمن الكتروني وحلولا وخدمات وبدون سرية وكلها موجودة على موقعنا”. وقال المصدر إن فريق القرصنة لم يشاركوا في  محاولة اختراق ذا انترسيبت ولكن أفراده كانوا حاضرين في مقرات مشروع ريفن في أبو ظبي. وبحسب المصدر فقد كان موجودا في الجلسة العنود الكعبي وفاطمة الشيحي من الهئية الوطنية للأمن الألكتروني وريان أدامز، المدير الأمريكي للفريق وضابط سابق في سلاح الجو الأمريكي.

وقال المصدر “كانت الأوامر لنا كمطورين للأهداف هي: هذا هو المقال، ابحثوا عن المسؤولين وعن الأشخاص الذين يوزعونه وهذه هي قائمتكم، اذهبوا للعمل”. وبحسب المصدر في فريق القرصنة والموظف السابق في ريفين فقائمة الإستهداف لا تقتصر على كاتب المقال، بل أي شخص ساهم فيه، حرره أو وزعه وتشارك فيه. وقال عضو فريق القرصنة إن الهجمات المضادة ضد أي ذكر سلبي للحكومة الإماراتية، وبالتحديد هيئة الأمن الألكتروني تعني ملاحقة كل الشبكة وليس كاتب المقال فقط “صديق الكاتب، صديقة الكاتب وشقيقه وغير ذلك”. والفكرة هي ملاحقة أي شخص كان على تواصل مع الهدف. ويقول كول “ملاحقة أي شخص له علاقة مع المنظمة” والتجسس على مصادرهم.

إلا أن رسم قائمة أهداف يعود في النهاية للمحلل في مشروع ريفن. وبعد الإنتهاء من تحديد الأهداف يتم الإنتقال إلى التنفيذ: رسائل نصية ومنابر تواصل اجتماعي ورسائل ألكترونية مزعجة في محاولة “للقضاء على الموضوع أو حرف الإنتباه” عن المقال السلبي. وتعني الرسائل المزعجة دفع المتلقي على اتخاذ رد أو فتح رسائل خبيثة على شكل بي دي أف وأر تي أف ومايكروسوفت ورد ترسل عبر البريد الألكتروني. ولن تبدأ الهجمات إلا بعد البحث عن مناطق ضعف الهدف. وبحسب المصدر من فريق القرصنة “عندما تقوم بالبحث في هدفك: المعلومات الأساسية عنه وتاريخ بحثه في مواقع الإنترنت وحساباته على وسائل التواصل وهاتفه..”. وعند الإنتهاء من عملية التعرف يكون “بمقدورك تحديد المناطق التي تستطيع فيها الدخول إلى الكمبيوتر”. وفي أحيان أخرى يتم شراء وسائل للدخول من طرف ثالث أو ما يعرف بيزرو دي سوفتوير. ويقول كول إن محاولة اختراق صحافيين هي وسيلة لغاية وليس تدمير الصحافيين أنفسهم. فلو كان صحافي يتحدث مع هدف يعد “أمنا قوميا” فإنك تحاول البحث عن حسابه من أجل الوصول إلى الهدف القومي هذا.

وأضاف كول إن عملية الإختراق تعني بناء علاقة مع الهدف وإشعاره بأنه بحاجة إليك وعندما يثق بك ترمي المصيدة له. ولو سافر هدف أو أهداف إلى الإمارات فمشروع ريفن يستفيد من قربه أو قربهم والدخول إلى غرفهم “لو كانوا في البلد فإننا نذهب إلى المزود بالخدمات ونقول له: نريد مدخلا أو حاول تخريب اتصالاتهم في الفندق. ويمكن لمشروع ريفن الإستعانة بالمخابرات الإماراتية لكي تتعامل مع خط الأشخاص وتحاول تزييف عملية إصلاح لها أو الذهاب إلى الفندق واستدال شاحن الكمبيوتر الشخصي بآخر مشابه له. وكشفت وكالة أنباء رويترز عن قائمة أهداف مشروع ريفن والتي ضمت صحافيين وأمريكيين وغير ذلك. وجاء فيه إن “ثلاثة أمريكيين من ضمن الأهداف المخفية” لدارك ماتر في أبو ظبي. ولم يتم الكشف عن هذه الأسماء بعد. وبحسب التقرير فمن بين الأهداف في عام 2012 كان الصحافي البريطاني روري دوناغي والذي كتب مقالات ناقدة لسجل الإمارات في حقوق الإنسان. ورغم اعتراف المصدر في فريق القرصنة رفضه استهداف مواطنين ومنظمات أمريكية إلا أنه العميل عندما يطلب ضرب هدف فهو لا يهتم بجنسيته او مكانه.

ويقول كول إنه لا يتذكر عمله ضد أهداف أمريكية أو محاولة اختراق أجهزة كمبيوتر في أمريكا إلا ان موظفا أمريكيا حذره. وعبر عن قلقه من استهداف أمريكيين رغم التطمينات أن اي معلومة وردت في النظام عن أمريكي جاءت بالصدفة لا القصد. ويعتقد كول أن جمع المعلومات عن الأمريكيين كان مقصودا وأن المسؤولين في حينه زعموا خطأ بإخبارهم المسؤولين الأمريكيين عن عمليات الرقابة و “كنت أشك بهذا منذ مدة” و “حذرت من مراقبة أمور معينة. والفهم بأن البيانات التي تجمع يتم ابلاغ الأمريكيين بها كما قيل لنا تبين أنه كذب”. وقال إن الوعود بمحو المعلومات عن الأمريكيين كان لا ينفذ، فقد كان يقال له شيء ويجد شيئا آخر. وما يثير الخوف لكول هو الدور المتغير للأمريكيين في المشروع. فهم موجودون في فيلا دارك ماتر بأبو ظبي لاهداف تدريبية. وبشكل عملي لأغراض قانونية، وإصدار تعليمات للقيام بمهام لضرب أهداف الهيئة الوطنية للأمن الألكتروني. وفي الحقيقة لم يكن هناك متدربون، مما يعني قيام الأمريكيين بالمهمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .Dinars.:

    الأمر لا يتطلب أكثر من استبدال الطغمة الحاكمة في الإمارات وإن استوجب الأمر هِندِيََّا يحكم الإمارات. والمال هو المال تتغير أصحابه فقط.

إشترك في قائمتنا البريدية