قرص تهدئة

حجم الخط
0

نشر أمر اعتقال المشبوهين بالعملية الإرهابية القومية في هذه المرحلة المبكرة جدا من التحقيق يتعارض مع كل قواعد عمل المخابرات. هذا شاذ جدا. ولكن يبدو أن القيادة السياسية تخاف جدا اضطرابات الشارع، لدرجة انها قررت تعريض التحقيق للخطر والإعلان عن تقدم دراماتيكي في حل لغز قتل الفتى محمد ابو خضير. من قرر ذلك – ولا شك ان قرارات من هذا النوع ترفع الى رئيس الوزراء – يأمل في أن تهدىء هذه البشرى الشارع العربي وتثبت للجميع بان اسرائيل تعالج جريمة قتل قومية لعربي تماما مثلما تعالج جريمة قتل قومية ليهودي.
غير أن في هذا النشر يوجد رهان، وليس فقط لان من شأنه ان يضر بالتحقيق. فالاثر يمكن أن يكون معاكسا ايضا. وحقيقة أن الحديث يدور بالفعل عن قتلة يهود من شأنه بالذات أن يجدد الاشتعال في شوارع القدس.
ان اعتقال الستة، بعد أربعة ايام من جريمة القتل، يعتبر وتيرة سريعة للغاية. يمكن أن نستنتج من ذلك بان مرحلة جمع المعلومات وصلت الى النضج ويوجد ما يكفي من المادة لجلبهم الى التحقيق. بتعبير آخر، يمكن ربط المشبوهين باحتمالية عالية بالتنظيم الذي ارتكب جريمة القتل. ومع ذلك، مشكوك أن يكون لدى المحققين افادات من الخاضعين للتحقيق في جريمة القتل، او حتى فهم كامل لشكل التنظيم والعلاقات بين اعضاء «الخلية» اذا كانت توجد كهذه. وينبغي فقط التعلل بالامل في أن تكون المخابرات والشرطة قد نجحت في مرحلة جمع المعلومات الاستخبارية في وضع يدها على معظم المشاركين وعلى معظم الادلة. والا فان هناك احتمال كبير في أن يؤدي النشر المبكر الى تشويش التحقيق واخفاء ادلة حيوية من المشاركين بالفعلة ممن لم يعتقلوا. اضافة الى ذلك فمنذ يوم امس تعمل المخابرات والشرطة في جدول زمني مكتظ إذ أن لها فقط 30 يوما لان ترفع لوائح اتهام ضد المشبوهين، والا فانهم سيضطرون الى اطلاق سراحهم.
ليس المشبوهون الذين اعتقلوا امس هم بالضبط النماذج التي تتعاطى معه المخابرات بشكل جارٍ. فهذه بقدر أكبر مادة للشرطة. في القدس الموسعة يتجول غير قليل من هذا النوع، شبان كانوا الاوائل ممن انضموا الى اعمال الاعتداء على العرب. في الماضي طعن مثل هؤلاء الاشخاص العرب في مشادات بادروا اليها، وفي الماضي الابعد كانت أيضا اعمال قتل للعرب لم يحل لغزها.
وفي ظل ذلك، وليس صدفة حقا، كشفت المخابرات أمس عن حل لغز سريع نسبي آخر لقتل الشابة شيلي دادون الراحلة. كانت هنا محاولة واضحة لخلق صيغة متوازنة واعطاء الشارع اليهودي ايضا نصيبه من قطعة اللحم كي يهدأ. بمعنى انها تريد القول انه يوجد قتلة هنا ويوجد قتلة هناك. ونحن نصل اليهم ونعالجهم جميعا بلا تحيز.
في حالة دادون، ليس واضحا تماما بعد الدافع للقتل، وان كانوا يميلون في المخابرات الى أن يعزو للقاتل من عبلين دافعا قوميا. سائق سيارة عمومي بريء لا يأخذ معه سكين جزارين الى العمل ويعتدي على مسافرة. لا توجد هنا لا قصة اعتداء جنسي ولا سطو. ولا حتى انعدام سواء العقل، وذلك لان سلوك السائق من لحظة جريمة القتل يفيد بانه عمل بشكل محسوب.
مبدئيا، اعتراف السائق بجريمة القتل موجود لدى المخابرات منذ اسبوعين، وكان يمكن نشر ذلك منذئذ. ولكن في المخابرات حاولوا فهم الدافع، وربما اكتشاف احد ما آخر يختبىء خلفه. اما أمس فقد حسمت في صالح النشر الحاجة الى تهدئة الشارع وتعزيز الصورة الردعية للمخابرات والشرطة.

يديعوت 7/7/2014

اليكس فيشمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية