دمشق – «القدس العربي»: أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” شن حملة أمنية في مدينة الرقة وريفها، أطلقت عليها اسم “حملة الانتقام” اعتقلت خلالها أكثر من 75 شخصاً، متهمين بالانتماء لتنظيم الدولة، بينما قالت مصادر محلية لـ “القدس العربي” إن ميليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي “ب ي د” اعتقلت العشرات من المدنيين على مدار يومين خلال حملة مداهمات عشوائية طالت عدداً من القرى في ريف الرقة.
ووفقاً للمصادر فإن الحملة لم تستهدف خلايا وعناصر التنظيم فقط، إنما استهدفت المدنيين والمتظاهرين الذين طالبوا “قسد” بمحاسبة الجناة من عناصرها والمتهمين بجريمة قتل كان قد ارتكبها قيادي من “قسد” قبل أسابيع. وطالت حملات الاعتقال أطفالاً وشباناً وكباراً في السن دون توجيه أي تهمة تذكر، فضلاً عن تسجيل عمليات سرقة أموال ومصاغ ذهبي من منازل الأهالي.
وقالت “قسد” في بيان رسمي، الخميس، إن القوّات المشتركة لـ “حملة الانتقام لشهداء الرقة” ألقت القبض على “والي الرقة” المسؤول عن خلايا تنظيم الدولة، و75 عنصراً آخر خلال عمليتها الأمنية في الرقة والطبقة وريفيهما بدعم جوي من التحالف الدولي. وشملت العملية الأمنية التي أطلقتها “قسد” بمشاركة قوى الأمن الداخلي “الأسايش”، وقوات التحالف الدولي عمليات تمشيط بلدات الكرامة شرق مدينة الرقة 30 كم، والمنصورة غرب الرقة، وصرين والجرنية.
وبدأت قوّات سوريا الديمقراطية ليلة الأربعاء تنفيذ عمليات أمنية واسعة النطاق وإطلاق غرفة العمليات المشتركة لحملتها الأمنية بدعم وغطاء جوي من التحالف الدولي. وحسب بيان “قسد”، فإن الحملة ألقت القبض على العشرات من “مرتزقة داعش كانوا يحتمون في المناطق السكنية ومزارع الأهالي بينهم والي ولاية الرقة والذي تمّ تكليفه من قبل زعامة التنظيم الإرهابي بتوجيه خلايا وهيكلية التنظيم وتسيير أمور ما تسمى “كتيبة خالد بن الوليد” الإرهابية التابعة لداعش والمسؤولة عن الهجوم على مركز قوى الأمن الداخلي في حيّ الدرعية بتاريخ 26 كانون الأول الماضي”. وخلال اليوم الثاني واصلت القوات المشتركة عمليات الملاحقة والتمشيط، حيث بدأت صباح الخميس بعمليات التمشيط لبلدة الكرامة شرق مدينة الرقة 20 كم، وكذلك بلدة المنصورة غرب الرقة، وبلدتي صرين والجرنية.
ويبرز دور التحالف الدولي بإسناده للقوات الأمنية جواً، وتقديمه المعلومات الاستخباراتية لـ”قسد” وفق البيان. ويعتبر دعم هذه العملية الأمنية الموسعة، أول عودة رسمية للتحالف الدولي إلى مناطق انسحب منها بعد الحملة العسكرية التركية لمدينة رأس العين وتل أبيض أواخر 2019. وقبل بدء العملية العسكرية التركية على شمال شرقي سوريا، في تشرين الأول/أكتوبر 2019، انسحب التحالف الدولي من الرقة والطبقة وعين العرب ومنبج. مدير “شبكة الخابور” المحلية، والتي ترصد وتنقل أخبار المنطقة الشرقية من سوريا، إبراهيم حبش قال في اتصال مع “القدس العربي” إن الحملة الأمنية التي أعلنت عنها “قسد” الأربعاء، أسفرت عن اعتقال قسم كبير من المدنيين والمتظاهرين، لافتاً إلى أن “المظاهرات التي شهدتها المنطقة كانت رد فعل على تقصير قسد وعدم استجابتها لتسليم الجناة من عناصر في قسد”. لكن سياسة حزب PYD “تريد توجيه رسالة للجميع وخاصة الدول المعنية بالشأن السوري، مفادها أن تنظيم داعش لازال موجوداً ولن تستطيع مقاومته إلا قسد و حزب PYD” مؤكداً أن “أغلب المعتقلين هم من المدنيين” مشيراً إلى توثيق عمليات سرقة أموال ومصاغ ذهبية من منازل الأهالي في بلدة الجرنية. وأضاف المتحدث أن “ب ي د” فرضت حظراً للتجوال على الأهالي في عشرات القرى، وأصدرت تعميماً عبر غرف “الواتس آب” بتعطيل الموظفين في دوائرها بسبب إغلاق الطرقات العامة ومنع الدخول والخروج من القرى.
وكانت مدينة الرقة قد شهدت احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن جريمة قتل بحق امرأة وطفلتها منتصف الشهر الجاري.
وطالب المحتجون بمحاكمة المتورطين في جريمة قتل نورة الأحمد وطفلتها راما البالغة من العمر 8 أعوام، وهما اللتان لقيتا حتفهما في منزلهم في حي المشلب في مدينة الرقة. وظهر زوج الضحية أحمد الصالح الزورو في مقطع مصور طالب فيه بمحاكمة أفراد العصابة، ومساندة الأهالي الذين لبّوا نداءه وشاركوا في الاحتجاجات.
ووفقا لمصادر محلية فإن “التظاهرة لم تمر بسلام إذ اقتحم المتظاهرون مقراً لقسد قرب دوار الدلة، فردّت بفرض حظر تجول كلي على المدينة واستقدام تعزيزات عسكرية للمنطقة، فيما ذكر موقع الخابور المحلي أن قسد اعتقلت أكثر من 50 شخصاً شاركوا في المظاهرات أثناء مداهمتها أحياء “رميلة والصناعة والمشلب والبوسرايا وحارة البدو”.
بدورها أصدرت قوات الشرطة “الأسايش” التابعة لـ “قسد” بياناً قالت فيه أن أكثر من 100 شخص خرجوا بذريعة الاحتجاج على جريمة القتل، وهاجموا مبنى المحكمة وقاموا بحرقه وتخريبه وتسبّبوا بهروب 30 موقوفاً كانوا بانتظار المحاكمة، كما اتهمتهم بالتهجم على أملاك المواطنين في السوق وتخريبها واستخدام قنابل يدوية أدت لإصابة 5 عناصر من الشرطة، مشيرة إلى تمكنها من توقيف عدد منهم.