قصص قصيرة جدا

آهات…
*
يرنو إلى الأفق، قلبه يمور حنينا، ودمعة تسيل تخضب الخدين المتيبسين، والأرض المتشققة، تعلو الجدار الغبي، تلامس تلك الصخرة الشامخة، من ثلم في الجدار تخرج رصاصة تسير معاكسة الرغبة، تسكن القلب، تنزع حنينه، فتسيل من العين دمعة تخضب الخدين المتيبسين، والأرض المتشققة، تغلق عين الجدار الغبي.
تعود الرصاصة إلى صاحبها تشكو سوء الأحوال.
هكذا قرأت الصورة المعلقة على جدار صدري.

خرير
*
إلى صديقي البهي، السي حسام الدين نوالي، تقديري والمودة.
*
صدتني بعنف جرح قلبي فنبت مكان الدم حقد يطلب انتقاما.
بدأت أترصدها إلى أن حانت الفرصة؛ فقد شاهدتها تتجول في الغابة، اتخذت الشجر ظلا لي، أتبعها حيثما ذهبت إلى أن ابتعدت عنها باتجاه نهر صاخب، قرب شطه جلست، ومدت ساقها البضة، هذه هي المناسبة الملائمة لأغرس فيها سيف حقدي، وأسيل دمها… لما غمستها، توقف جريان الماء، توقف الزمن، توقف نبض قلبي.
ليس غريبا أن صرت تمثالا قد من حجر بيده سكين، وعيناه على الساق المشعة متى ترتفع.

الكراسي
*
يحشو فمه بشهي الكلام، استعاره من عذب البيان. يصعد إلى المنصة، يطلقها على الجمهور الذي غصت به جنبات الملعب، فيرديه أرضا؛ وهو يفعل وجد أمامه كراسي فارغة، فقد احتشد الناس خلفه، وهم يوجهون إلى ظهره بناديقهم المحشوة سخرية.

دليل
*
طرقت الباب مترددا مضطربا، والليل في أوج سطوته..
أطلت عليّ من النافذة…
بزغ جذعها الأعلى، منه لاح قرصاها المشعان
أنارا حيرتي… وأذابا اضطرابي، فتوج الاطمئنان قلبي.
الآن، تأكدت من صدق العنوان.

النحات البارع

ركب صهوة الحصان، كان يبغي أن يحمل على العدو في هجمة هي الأخيرة، يحقق بها النصر الموعود.. النحات البارع لم ينفخ في الرئتين نار الصهيل.

2967
*
حلق في سماء قريتنا الوديعة سرب طيور من حديد في جوفه نار، كان حائرا يشعر بقلق حمى فظيع، وضع له كبيرنا حب قمح ودعاه لاقتسام الملح والطعام، ظنها مكيدة، تجنبا للفخ خلق بعيدا بهدير… كانت الأضرار طفيفة للغاية بحيث لا تستدعي انعقاد مؤتمر، ولا تنديد الأمم؛ كل ما حصل هو اختفاء القرية للأبد.. لتنبعث في ذاكرتي المشروخة.

فاكهة الليل
*
بعد أن مرّ القطار، حلقت بجناحي الأمل باتجاه قارعة الطريق، حيث رمت بفردة حذائها الأيمن، واندست في جوف شجرة غابة قريبة، وبقيت تنتظر قدومه، إلى أن اشتد وهج الظلام.

كفن
*
حين هم بالخروج وجد قبالته قطا فاحم السواد متحفزا. ذاب منسوب تفاؤله. رماه بحجر فطار جهة اليمين، فاستعاد توازنه، حامدا الله على نعمة الحدس. أغلق الباب وسار بثبات، ثم إنه تذكر أن القطط لا تطير، نكص على عقبيه، ورام دخول منزله الآمن، فاصطدم رأسه بالباب ليسقط صريعا فوق فروة القط اللعين.

٭ كاتب مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية