قصور الخصومة العربية مع إريك زيمور

حجم الخط
2

ليس عن عبث وصف إريك زيمور المرشح لانتخابات الرئاسة بـ»ترامب فرنسا» فالرجل لا يخفي كراهيته للمهاجرين، لاسيما العرب والمسلمين، ويخطط حال فوزه، للتضييق عليهم، وملاحقتهم، حتى في تسمية مواليدهم. هو يرى في المهاجرين خطراً على «الهوية» ما دفعه لدعوة البيض في أوروبا للإنجاب أكثر، لمواجهة الـ»الديموغرافيا الإسلامية الضخمة» حسب زعمه.
استدعت مواقف زيمور، تشكيل جبهة عربية رافضة له، غير أن محرك هذه الجبهة، ظهر كردة فعل على شعور بالاستهداف، على قاعدة هوياتية. فجرى التركيز على تصريحات المرشح المتوقع تفوقه على اليمينية ماري لوبين، المتعلقة بالعرب، أي حصره بما يخصنا، وإهمال ظاهرة زيمور، ككل، حيث تشكل كراهيته للعرب أحد الجوانب، وليس الظاهرة كلها. ما يستدعي سؤالا مهما، ماذا لو كان المهاجرون في فرنسا، ليسوا عرباً؟ بمعنى أن ضحايا زيمور الافتراضيين، لا ينتمون إلى الـ»نحن» هل ستتشكل جهة عربية مضادة ضده؟

النفور العربي من زيمور، محركه، ما يريده المرشح اليمني تحديداً، أي صراع الهويات

الإجابة على هذا السؤال، قد تأخذنا، إلى نتيجة مفادها، أن النفور العربي من زيمور، محركه ما يريده المرشح اليميني تحديداً، أي صراع الهويات. ما استفز الكتاب والمعلقين العرب على ظاهرة هذا المتطرف، عداؤه للمهاجرين، لاسيما العرب، وليس أفكاره ككل، التي تستهدف فئات أخرى، أي أنهم موّضعوا مواجهتهم معه بالشق الهوياتي، ولم يفتحوها على ما هو أوسع، ويرتبط بطبيعة الحال، بفرنسا ذاتها، التي يخشى جزء لا بأس به من سكانها، من فوز زيمور وتطبيق هذيانه. ومن الواضح، من التظاهرات التي خرجت ضد ترشيح الرجل، أن هناك جبهة فرنسية ضده، قوامها ليس فقط الفئات المستهدفة من خطابه المبني على الكراهية وإنما، فرنسيون يخشون على بلدهم، من عبث اليمين وتقليص التنوع. زيمور، لا يكره المهاجرين فقط، لديه موقف معادٍ للنساء، إذ يدين دورهن بالمجتمع، وقد كتب في أحد مؤلفاته: «عادة ما تُفسر حالة الركود الفكري والاقتصادي في أوروبا عموماً بشيخوخة سكانها. لكننا لا نفكر أبداً، أو لا نجرؤ أبداً على التفكير، في أن السبب يرجع إلى تأنيثها». كذلك لديه موقف ضد المثليين، إذ يرى أن المثلية «اضطراب اجتماعي» ويربطها بالمهاجرين، لناحية أنها تمنع الإنجاب لمواجهتهم ديموغرافيا. هذه الجوانب الخطيرة في ظاهرة زيمور، جرى إهمالها عربياً، ليس فقط انطلاقا، من أولوية التصدي لعداء المرشح اليميني للمهاجرين، وإنما أيضاً، لأن هناك بيئات عربية، لا يستهان بها، تتقاطع مع زيمور في نظرته للنساء والمثليين. وأكثر من ذلك، قد يجد، الباحث عن معلومات حول المتطرف الفرنسي، مقالا منشورا في موقع عربي، لكاتب يستشهد بأفكار زيمور حول المثلية لدعم مقاربته الرافضة لها.
بالنتيجة، الخصومة العربية لزيمور، تقوم على ردة فعل هوياتية، ولا تتسع لتشمل مواقف صارمة ضد أفكاره المعادية لفئات ضعيفة من غير المهاجرين، أي أنها تتقاطع معه، في طروحاته حول الهوية ولو بشكل مضاد، وكذلك، تتقاطع معه، ولو جزئيا في نظرته لدور النساء، وكليا في نظرته تجاه المثليين، أي أن هذه الخصومة لزيمور فيها بعض منه، بدل أن تكون نقيضه، ما يفتح الباب حول سؤال، عن جدوى هذه الخصومة، طالما هي محصورة بالـ»نحن» بما تملك هذه الـ»نحن» من ممانعة تجاه التعاطف مع فئات أخرى توازيها، ضعفا وحاجة للحماية.
ثمة تجارب حصلت أخيراً، تؤكد أن قضايانا تحصد نتائج إيجابية، عند ربطها بمناخ حقوقي واسع، يتعاطف مع النساء والأقليات والملونين والمهاجرين والمثليين والسود وحقوق السكان الأصليين، وليس في تقليصها إلى «نحن» دون التنبه للسياق الغربي الذي نتواجد فيه وضرورة التفاعل معه، والانخراط بجبهة، نتعاطف فيها مع الآخر وحقوقه، بقدر ما نريد لأنفسنا حقوقا، عندها يصبح الصراع مع زيمور، أوسع من الدفاع عن أنفسنا ويشمل الدفاع عن الآخرين أيضاً.
كاتب سوري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد الامين:

    يطالب إريك زمور المهاجرين العرب بالإندماح في المجتمع الغربي الذي يعيشون بينه و يقترح عليهم تغيير أسمائهم من محمد و عائشة و و غيرهما من الأسماء العربية و المسلمة و الإفريقية إلى أسماء أخرى مسيحية. و نسي هذا المعتوه و هو من قدامى اليهود المهاجرين إلى فرنسا القادمين من الجزائر المستعمرة أن يغير لقبه زمور الى لقب آخر أكثر قربا من الألقاب المسيحية الغربية . فلقب زمور شائع بين اليهود و العرب في دول الشمال الإفريقي و إلى اليوم تحمله بعض العائلات العربية في الجزائر و هو على ما يبدو مشتق من الفعل العربي زمر. اللطيف في هذا الأمر هو أنه يقال في الجزائر لكل من يقول كلاما تافها و فارغا أنه يزمر. للأسف، إن كلام هذا الشخص هو أكثر من تزمير لما يحمله من بذور الحقد و الكراهية و العداوة للمسلمين و للإسلام.

  2. يقول العلمي:

    برأيك إذا قال زمور 2+2=4 نقول نقيضه.
    لا و ألف لا!
    المرأة من طبيعتها الإنجاب
    و أصل المجتمع هو الأسرة
    و أصل الأسرة هو زواج الذكر و الأنثى
    هذه هي الطبيعة و هذا هو المنطق الذي يجتمع عليه اليهودي و المسيحي و المسلم و الكونفوشي و البوذي و اللاديني

إشترك في قائمتنا البريدية