قضية سد النهضة تعود للواجهة مجددا وقرارات غير مدروسة تحرم آلاف المتفوقين من فرص الالتحاق بالكليات الخاصة والحكومية

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: احتل استقبال الرئيس السيسي أعضاء مجلس محافظي المصارف المركزية، ومؤسسات النقد العربي وخبراء عرب وعالميين شاركوا في أعمال الدورة الثالثة والأربعين، التي ينظمها البنك المركزي المصري، مساحات واسعة في الصحف القومية، وأقل منها في الصحف الخاصة، وما تخلل الاجتماع من إشادة بالإنجازات التي حققها برنامج الإصلاح الاقتصادي.

الإصلاح السياسي لن يتحقق داخل صوبات ومحميات إعلامية ونيابية والنظام يحتاج تحصينا شعبيا لا قارعي الطبول ونافخي المزامير

كما أشارت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 17 سبتمبر/أيلول إلى استقبال السيسي مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي، وإشادته بالكويت، وعلاقة مصر بها، واعتبار أمن منطقة الخليج جزءا من الأمن القومي المصري. وكذلك استقباله النائب العام الجديد حمادة محمد عبد الفتاح الصاوي.كما استقبل الرئيس السيسي رئيس مجلس الدولة الجديد المستشار محمد محمود فرج حسام الدين، الذي خلف المستشار أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، في منصبه، ومنح الرئيس وسام الجمهورية من الطبقة الأولى للنائب العام، ورئيس مجلس الدولة السابقين.
وواصلت الصحف المصرية حملتها على محمد علي، ولم يوضح أي منها في أي أعمال فنية شارك في مصر، وهي تصفه بالفنان الفاشل. والدفاع عن الجيش والإشادة برد الرئيس عليه. وبدأت الصحف تهتم أيضا وبشكل واسع بالهجمات التي تعرضت لها منشآت النفط السعودية من جانب الحوثيين، والأضرار التي ألحقتها بها، ما أدى لارتفاع سعر النفط، وكذلك بالانتخابات الرئاسية في تونس، أما الاهتمامات الأوسع للناس فلم تتغير، وهي بدء العام الدراسي الجديد وانتظار مباراة السوبر بين الأهلي والزمالك يوم الجمعة المقبل، وإلى ما عندنا..

رد الرئيس

ونبدأ الجولة من «الأخبار» محمد البهنساوي، الذي لم يعجبه قيام الرئيس بالرد والدفاع عن نفسه وعن الجيش وقال: «جيشنا أكبر من أن ينال منه أحد، وتصبح مصيبة بعد كل ما يبذل من أجل مصر أن ينتظر دفاعًا ومساندة من أحد. سطور أخرى لا أكملها أطالب فيها الرئيس السيسي بألا يقسم إنه شريف وأمين ومخلص فلماذا هذا القسم ولمن؟ أنت رئيس بحجم مصر، وأنت من ننظر حولنا في كل بقعة في أرض الوطن غير مصدقين كيف؟ ومتى يتم كل هذا الإنجاز لقد خلناه لعقود خيالا فإذا به واقع نعيشه يوميا أبعد هذا إخلاص؟».

لتطمئن القلوب

وفي «الجمهورية» قال محمد منازع: «الرئيس السيسي أصاب عندما أصر على الرد، وهو يقسم بأغلظ الأيمان، أن ما قيل كذب وافتراء، إذ لم يسلم المؤتمر الذي يعقد على مدى سنوات طويلة من القيل والقال، وزعم المروجون للأكاذيب ومحترفوها أن المؤتمر تم تنظيمه للرد على ترهات النكرات، ولو لم يرد الرئيس لقالوا إن ما تردد صحيح وحقيقة، فيذهب الناس إلى تصديقه أكثر، لكن الرئيس أصاب كبد الحقيقة عندما أصر على الرد حتى تخرس ألسنة الكاذبين من ناحية، وتطمئن قلوب المواطنين من ناحية أخرى».

الشائعات

وفي «اليوم السابع» دافعت فريدة الشوباشي عن الرئيس بقولها عنه: «في ظل الغموض المحيط بسلوك الصحف وغيرها من وسائل الإعلام في الرد على الشائعات، وهو أمر على أي حال مرتبط بحرية الصحافة والإعلام، وهامش الحركة المتاح لها، تقرير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أوضح أن قطاعي التعليم ثم التموين، أبرز القطاعات التي نالت حظها من الشائعات وذلك بنسبة 215٪ و17٪ على الترتيب. الرئيس السيسي أحسن صنعًا أمس الأول بتناول موضوع الشائعات والرد عليها، لكن الموضوع يتصل بجهد أكبر بكثير متعلق بالكشف عن بيانات ووثائق يحسب الكثيرون «وهذا صحيح» أن خوضه فيها يمس مقام الرئاسة الرفيع، ومن ثم فإن المستقبل يشي بحتمية قيام جهات أخرى بالرد تفصيلا على ما بدأه الرئيس من شفافية ووضوح».

مرض خطير

وبالنسبة لخطورة الإشاعات التي تروجها وسائل التواصل الاجتماعي، فقد حذر منها في «الأخبار» كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، وعدم الاستهانة بتأثيرها على الناس وطالب بالتصدي لها بحرفية وقال: «أخطر أمراض السوشيال ميديا الميل إلى التصديق السريع، فإذا كتبت «فلان خائن» اشتغلت التعليقات فوراً، تنقب عن خيانته وتخترع حكايات مؤلفة، وإذا قلت عظيم «فعلاً عظيم»، السوشيال ميديا دشنت سياسة القطيع والقطيع يدمر الوعي، ويحجب الرؤية الصحيحة، ويشعل عالماً سرياً افتراضياً بعيداً عن الدول والحكومات. يستيقظ بعد منتصف الليل ويسيطر على أجواء الفضاء الفسيح، ليس صحيحاً أن السوشيال ميديا لا تؤثر، على الأقل تملأ النفوس بالتمرد والغضب والحقد، وتهدر القيم والمبادئ والقوانين، وتبيح الشتائم والسباب والفضائح، بدون أن يُعاقب مرتكبوها».

شعبولا

وعلى العموم فقد سارع المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم بالرد بأغنية على محمد علي ونشرت له مجلة «آخر ساعة» حديثا أجراه معه محمد الشناوي، قال فيه عن الأسباب التي دفعته للرد عليه: «في البداية معروف عني أنني رجل ابن بلد، اتربيت في حي شعبي الشرابية وعشت فترة في قليوب، والآن مقيم في الهرم. وبصراحة لا أتحمل أن أرى أو أسمع أي شخص يوجه إساءة أو شتائم لبلدي أو الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو القوات المسلحة، أو الشرطة. وللعلم أنا من القلائل في الوسط الفني الذين يتمتعون بجرأة شديدة في الوقوف ضد من يسعى لإهانة مصر المحروسة ورموزها، وقد فوجئت بصديقي وتوأمي المؤلف إسلام خليل يتصل بي قائلا، الشعب المصري كله غضبان من الواد المقاول والفنان المغمور، لكونه نازل افتراءات عن طريق فيديوهات يقوم بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وجاء ردي سريعا عليه، وانا كمان غضبان، لأن هذا الممثل المغمور جبان ومخرب، يسعى لإحداث فوضى وبلبلة وتشكيك داخل نسيج الوطن. ولم أكذب خبرا وطرت بسرعة لإسلام خليل. والمثير أني وجدته انتهي من كتابة كلمات أغنية أعجبتني منذ بدايتها وأنا والمؤلف إسلام خليل قاعدين للسقطة واللقطة، وهذا هو دور الفنان الجريء تجاه وطنه، فالمؤلف إسلام خليل هو توأم روحي الفني، كما أنه الوحيد اللي عارف خريطة دماغي وتفكيري وبيعرف من غير ما أقول له أنا عاوز أيه. والخلاصة أنه فنان وكاتب مبدع وحساس، والعشرة اللي بينا من بداية التسعينيات هي التي أوجدت كل هذا الانسجام الفني. أما الأغنية فقال شعبولا عن كلماتها:
اللي معاه ربنا مش بيخاف من حد، الشعب المصري وجيشه أيد واحدة بجد بجد. حتة ممثل فاشل ساقط مالوش ترتيب، غلط في مصر وجيشها، يستاهل التأديب، اسمه محمد علي مش يعني علي كلاي ده حتة عيل فاسد وحرامي ورغاي، لا نعرف مين بسلامته ولا حتى يطلع أيه والنعمة أنا ما عرفه ولا حتى سمعت عليه، فيه ناس بيقولوا ممثل فشل وكان بيحاول، ولما مالقاش فايدة راح اشتغل مقاول، الريس قالها مرة الجيش ده زي النار محدش يلعب معاه، بجد أو بهزار فيه ناس ليها مزاج، إن الفساد ينتهي، محمد علي مين يا عم روح اتلهي، زعلان علشان معرفتش تسرق أو ترتشيده، أبوك بنفسه قالك عيب عليك اختشي، السيسى علشان كشفكم عاملين حرب عليه، ده فيه شعب 100 مليون واقفين جنبه وحواليه، الجيش المصري يا علي مبيتلعبش عليه، اسأل عشماوي يقولك الخاين آخرته أيه».

«صابعك في عينه»

وإلى الحكومة ووزرائها وسياساتها، التي قال عنها في «الأخبار» الكاتب الساخرعبد القادر محمد علي في مجال التعليم الحكومي: «لو حد قال لك أن التعليم يعتبر ببلاش ومصروفات الثانوي لا تزيد على 195 جنيها في السنة ما تشتمهوش، علشان عيب لكن حط صابعك في عينه وقل له: الدروس الخصوصية لوحدها بـ10 آلاف جنيه على الأقل لكل عَيِل يا أهطل يا عديم المفهومية وممكن تسيب صابعك في عينه».
تجار التعليم

«يحسب للدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم تصديه بكل حزم لعملية الانفلات التي كانت موجودة في مصاريف المدارس الخاصة والدولية، التي كانت بمثابة مغالاة في أسعار القبول في المدارس بدون مبرر، واستنزاف لجيوب أولياء الأمور لدرجة لم يتحملها أحد، سواء قادرا أو غير قادر، ويواصل زكي السعدني في «الوفد» كلامه، استطاع الوزير وضع الضوابط المنظمة لهذه المصروفات وتحصيلها عن طريق البنوك لإحكام السيطرة عليها.. وعلى النقيض نرى العجب العجاب في التعليم العالي والجامعي الخاص، حيث يوجد انفلات صارخ في رفع المصروفات الدراسية في الجامعات الخاصة بدون مبرر، وبدون أي ضابط أو رابط من جانب وزارة التعليم العالي التي تكتفي بالمشاهدة من مقاعد المتفرجين، وكأنها لا ترى ولا تسمع صراخ وأنين أولياء الأمور الراغبين في الحصول على مكان لأبنائهم في الجامعات الخاصة بمصروفات معقولة، نظرا لحرمانهم بسبب جنون الحد الادنى من القبول في الجامعات الحكومية، وقبول أعداد محدودة في الكليات التي يقدم على قبولها المتفوقون في الكليات، بجانب اتخاذ قرار غير مدروس وغير مناسب بالمرة مع الأزمة التي وقعت هذا العام في شرائح المجاميع العالية الحاصل عليها الطلاب في الثانوية العام، والتي كان وراءها تفشي ظاهرة الغش، وهي خفض أعداد المقبولين في كليات الصيدلة وطب الأسنان بنسبة 25٪ في الجامعات الحكومية والخاصة.. تسبب هذا القرار غير المدروس في حرمان الآلاف من المتفوقين من ايجاد فرص لهم في الكليات الخاصة والحكومية، وتم وضعهم على قوائم الانتظار في الجامعات الخاصة لحين ميسرة، وتكرم الوزارة بتخفيض نسبة تقليل الأعداد هذا العام.. وأرى أن هناك بالفعل مغالاة في رفع مصروفات الجامعات الخاصة، وخاصة الكليات التي تشهد إقبالا من الطلاب المحرومين من القبول في الجامعات الحكومية بسبب ارتفاع مجاميع الدرجات المؤهلة للقبول في هذه الكليات ومنها كليات المجموعة الطبية.. وبلغ حجم الارتفاع في المصروفات في بعض الجامعات أكثر من 120 ألف جنيه، إلى جانب تحصيل مبالغ بالعملات الصعبة.. وهذا الارتفاع في المصروفات ليس له أي مبرر ولا معنى، بدليل أن جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا لا تقل في المستوى عن أي جامعة ذات مصروفات عالية بل تفوقها في التجهيزات والإمكانات ووجود هيئة من أعضاء هيئة التدريس وفقا للمعدلات المطلوبة لعدد الطلاب في كل كلية، بجانب وجود مستشفى تعليمي متميز يخدم طلاب المجموعة الطبية، ورغم كل هذا لم ترتفع مصروفات القبول فيها وادى ذلك إلى تصدرها قائمة الجامعات التي تحظى بإقبال منقطع النظير من الحاصلين على مجاميع مرتفعة في الثانوية العامة، واكتملت أعداد المقبولين فيها في جميع الكليات قبل انتهاء تنسيق الجامعات بفترة طويلة، بسبب عدم المغالاة في المصروفات الدراسية.. وأعتقد أن مصروفات هذه الجامعة وغيرها من جامعات أخرى لم تبالغ في رفع المصروفات تعد نموذجا يحتذى به، في ظل وجود ارتفاع غير مبرر في مصروفات الغالبية العظمى من الجامعات الخاصة، التي لا أرغب في ذكرها بالاسم.. أرجو أن تحتذي الجامعات الخاصة حذو جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا في حرصها الشديد على عدم المغالاة في رفع المصروفات وعدم السعى إلى الربح.. والا تجعل هذه الجامعات الطلاب ينفرون من القبول بها بسبب جشع تجارالتعليم».

التأمينات الاجتماعية

وفي «الأخبار» أشاد رئيس تحريرها الأسبق جلال دويدار بالحكومة لإعادتها أموال هيئة التأمينات الاجتماعية التي سبق الاستيلاء عليها في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأشاد بالذين ناضلوا من أجل التوصل لهذا الحل وقال: «إن اعتراف الحكومة بمديونيتها لصندوق معاشات العاملين، الذين أنهوا خدمتهم بالحكومة وكل أجهزة الدولة، أمر طيب وإيجابي مرحب به، إنه إجراء يعيد الحقوق إلى أصحابها العاملين المحالين إلى المعاش الذين أمضوا حياتهم في خدمة الدولة. إن ما يحصلون عليه هو محصلة اشتراكاتهم التي يتم استقطاعها من أجورهم طوال فترة عملهم. كما هو معروف فإن جريمة الاستيلاء على هذه الأموال، التي تقدر بمئات المليارات من الجنيهات، تمت إبان تولي الدكتور يوسف بطرس وزارة المالية في فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، جرى ذلك بزعم استثمارها لصالح المستفيدين، وهو الذي لم يحدث. انتهى هدا العدوان الذي قام به هذا الوزير بإضافة هذه المليارات إلى موازنة الدولة لسد العجز المتصاعد نتيجة الخلل المالي، على ضوء ارتفاع المصروفات عن قيمة الإيرادات، هذا الخلل تصدت له بشجاعة واقتدار دولة ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 تم ذلك بقرار القيادة السياسية، تبني برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي أنقذ هذا الوطن من السقوط في براثن الانهيار والإفلاس. كان من نتائج هذا الإصلاح تعاظم إيرادات الدولة، ما أتاح لها الإقدام على رد أموال المعاشات مصحوبة بالفوائد المتفق عليها، تم ذلك بالاتفاق التاريخي الذي وقعه الدكتور محمد معيط وزير المالية، وهيئة التأمينات الاجتماعية بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، والدكتورة غادة والي وزيرة التضامن، هذا التحرك جاء تنفيذا لتعليمات الرئيس السيسي، ولأنه من الصعب دفع هذه الأموال مرة واحدة وقيمتها 898 مليار جنيه اتفق على أن يجري السداد على دفعات، حيث أنه من المقرر أن تكون الدفعة الأولى بقيمة 160 مليار جنيه. لا جدال أن التوصل لإنهاء هذه المشكلة يمثل ضمانا لاستقرار حياة الملايين المحالين إلى المعاش، إنه يعد انجازا هائلا لدولة 30 يونيو/حزيران، ما كان يمكن في أي حال تناول هذه القضية المهمة، بدون الإشارة إلى المقاومة والتصدب لخطأ الدكتور يوسف بطرس بزعم دعم الموازنة العامة للدولة. قادت هذا التحرك المعارض السفيرة ميرفت تلاوي وزيرة التضامن في ذلك الوقت، واتحاد أصحاب المعاشات أعتقد أن كليهما يستحق الشكر والتقدير لصمودهما وإصرارهما على رد هذه الأموال».

معارك وردود

وإلى «المصري اليوم» ومقال محمد علي إبراهيم رئيس تحرير «الجمهورية» في عهد الرئيس حسني مبارك وهجومه على محمد السيد صالح بسبب مقاله في «المصري اليوم» عن الإصلاح السياسي المنتظر أن يقوم به النظام، فقال ردا عليه بدون ذكر اسمه: « ما روجه الكاتب الصحافي القريب من دوائر صنع القرار، عن خصائص الإصلاح السياسي في المرحلة المقبلة، خصوصا أنه تأخر، على حد قوله، أوجز مطالبه في تداول السلطة في حدود دولة 30 يونيو/حزيران أو الجمهورية الثالثة، التي ينسب تأسيسها للرئيس السيسي، وهو بهذا يقصد عدم الانفتاح على أحزاب دينية وسلفية، هذا ببساطة يعني أن المدنيين غير مؤهلين للحكم، وحتى لو ظهر مرشح حزبي عليه توافق لن تكون له فرصة. الإصلاح السياسي يستلزم حرية الرأي والتعبير الغائبة، ويجب أن يكون المجال مفتوحًا لانتقادات ترسخ ديمقراطية الدولة، وتدعم الشفافية في إطار وطني صحيح بوصلته الأولى مصلحة مصر وشعبها. إن ظروف تشكيل مجلس قيادة ثورة يوليو/تموز 1952 تختلف عن 30 يونيو، لأن الأولى لم يشارك فيها الشعب، أما الثانية فكان الشعب داعمها والجيش حاميها، ولا يجوز اختصارها في طرف واحد. هذا الإصلاح لن يتحقق داخل صوبات ومحميات إعلامية ونيابية، النظام يحتاج تحصينا شعبيا وليس قارعى الطبول ونافخي المزامير. فيديو لمحترف واحد على اليوتيوب أفضل ألف مرة من جيش إعلامي أهدى الرأي العام لقنوات الأعداء».

الغضب المكتوم

سليمان جودة في «المصري اليوم يشعر بغضب مكتوم في الأحاديث الأخيرة للدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الري، حول سد النهضة، ويشعر بأن غضبه من الحكومة الإثيوبية يتصاعد يوماً بعد يوم، وبأنه يغلف الغضب قدر ما يستطيع بعبارات دبلوماسية. يقول الكاتب، «الذين يتابعون كلام الرجل بدقة سوف يشعرون بما أشعر به، وسوف يجدون أنه يتحدث عن الموضوع في كل مناسبة، ولسان حاله يقول إن القاهرة مارست الصبر في القضية لأعلى سقف. وربما يكون تشكيل الحكومة الجديدة في الخرطوم، برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك، فرصة لدرجة أكبر من التنسيق بيننا وبين السودان في هذا الملف الخطير. صحيح أن ضرراً على الخرطوم لن يقع من وراء السد، ولكن الفكرة هنا ليست في أن ضرراً سوف يقع عليها، أو لن يقع، وإنما الفكرة في أننا دولة مصب، وكذلك السودان، ولا دولة ثالثة من دول حوض النيل تحمل هذه الصفة معنا، والفكرة أيضاً أننا عشنا نعرف أن البلدين كيان واحد بعاصمتين، وأن ما يصيب أحدهما ينال من الآخر بالضرورة. ومما يؤسف له أن الرئيس السابق عمر البشير كان يقفز فوق هذه الحقائق كلها، وفوق غيرها، ولم يكن يعطي لعلاقة بلده ببلدنا ما أعطاها لها التاريخ بامتداده، ولا ما يجب أن تكون على موعد معه في المستقبل، ولكن الأمر بعد البشير يبدو مختلفاً، سواء على مستوى المجلس السيادي، أو على مستوى الحكومة، فكلاهما يبدو راغباً في أن تكون العلاقة في مربعها الصحيح، وكلاهما عارف بأن ما يحمله النهر الخالد متدفقاً من الخرطوم إلى القناطر الخيرية، يبقى بين البلدين ويدوم. وعندما جاء آبي أحمد إلى رئاسة الحكومة في إثيوبيا، مارس/آذار قبل الماضي، كانت الأجواء تدعو للتفاؤل حقاً، ولا نزال نذكر أنه زار القاهرة بمجرد وصوله إلى الحكم، وأنه تعهد في مؤتمره الصحافي هنا بألا يقع أدنى ضرر من وراء تشغيل السد عندهم على حصتنا المائية. وقد صدقناه وقتها لأن الروح التي يعمل بها مع جيران بلاده روح إيجابية، وكان سعيه لإعادة ترميم علاقة إثيوبيا مع إريتريا مرة، ومع الصومال مرة، ثم نجاحه في ذلك بشكل لافت، دليلاً على أنه جاء إلى منصبه بروح مختلفة. والقضية الآن أن الأجواء التي رافقته، أثناء زيارته للقاهرة، تبدو وكأنها تتبدد.. وربما كان هذا هو الذي أثار غضب الوزير عبدالعاطي، ولا يزال يثيره، رغم اللهجة الهادئة التي يتكلم بها.. وعندما تحدث الوزير سامح شكري في مؤتمر صحافي مع نظيرته الكينية، أمس الأول، بدا غضبه أشد من غضب وزير الري.. فماذا يحدث في الملف بالضبط؟»

مبدأ استنفاد الوقت

أما الدكتور مصطفى عبد الرازق فتناول في مقاله في «الوفد» القضية نفسها قائلا: «على مدار الأيام الثلاثة الماضية، عادت قضية سد النهضة إلى الواجهة من جديد، لا نريد القول إن المواقف الأخيرة تعبر عن حقيقة أن صبر مصر قد نفد بعد كل هذه السنوات الطويلة في الجري وراء سبل حل الأزمة عن طريق الحوار، ولكنها تعبر عن حالة من التبرم من الموقف الإثيوبي. الجديد في الموقف المصري، من خلال قراءة التطورات الأخيرة هو قبول القاهرة لحقيقة أن هناك ضررا سيلحق بها من جراء سد النهضة، وأنها تقبل هذا الضرر، ولكن في حدود. وهو ما يأتي على خلاف القاعدة التي جرت على أساسها المفاوضات منذ بدئها، من أن السد يجب أن يقام على أساس أنه «لا ضرر ولا ضرار». بعيدا عن المستنقع الذي يريد البعض جرنا إليه عما إذا كانت ثورة يناير/كانون الثاني والتأثيرات السلبية التي تسببت فيها على قوة مصر أمام المجتمع الدولي هي السبب في إقدام إثيوبيا على بناء السد أم لا؟ أم أن تعاطي السياسة المصرية مع هذا التطور في ما بعد الثورة هو السبب الحقيقي في ما آلت إليه الأمور، فإن الصورة التي تلخصها المواقف المصرية، وأظنها تعبر عن قدر من الصدق والصحة، إنما تتطلب نهجا جديدا في التعامل مع أزمة سد النهضة، وهو أمر أتصور أنه قائم في ذهن القائمين على صنع القرار في مصر، حتى إن لم يتم إعلانه. لا أريد تكرار ما قلته في مقالات عدة من قبل عن أزمة سد النهضة وهو ما يمكن الرجوع إليه، وإنما البناء على ما هو جديد من تطورات، لمسها وزير الخارجية المصري في تصريحه الأخير قبل أيام، التي تتمثل في أن السياسة الإثيوبية تقوم في التعامل مع مفاوضات سد النهضة انطلاقا من مبدأ «استنفاد الوقت»، استغلالا للنوايا الحسنة التي تبديها مصر ورغبتها في تسوية الأمر وديا، بدون الإساءة إلى ميراث علاقاتها الجيدة مع إثيوبيا وتبعات تطورات مسار هذه العلاقات على تلك التي تربط القاهرة مع باقي دول القارة الافريقية، خاصة في ضوء تعويل مصر على هذا الجانب، الأمر الذي يبدو جليا من مجموعة الخطوات التي تقوم بها خلال فترة رئاستها للاتحاد الافريقي هذا العام. ما يمكن قوله إن استراتيجية المفاوض الإثيوبي ربما تستعير تلك التي يلتزمها المفاوض الإسرائيلي مع نظيره الفلسطيني، وتقوم على سياسة النفس الطويل، وفرض أمر واقع من الصعب، إن لم يكن من المستحيل تغييره، ولعل نظرة على ما يجري في الأراضي المحتلة تشير إلى تلك الحقيقة. لا يتطلب الأمر كثيرا من التأمل لإدراك تلك النظرة، حيث أن اثيوبيا ماضية في بناء السد، في ما تستمر في الوقت ذاته في المفاوضات مع مصر، وكلما طالت المفاوضات انتهت مراحل كبرى في عمليات البناء، إلى الحد الذي قد تنتهي معه إثيوبيا من بناء السد، فيما المفاوضات متواصلة. ولعل ذلك هو السبب في إعلان مصر على لسان وزير الخارجية هذه المرة عن تحذيرها وخشيتها من «محاولة تأسيس وضع أمر واقع على الأرض بدون اتفاق»، وما يستتبعه، حسب شكري، من ضرورة الاتفاق في أقرب فرصة حول سد النهضة. صحيح أن هذا التصريح لا يعبر عن تغيير جذري في نهج الدبلوماسية المصرية تجاه أزمة السد، حيث أردفه الوزير بالتأكيد على المبدأ التصالحي التوافقي المصري، الذي تؤكد القاهرة عليه والمتمثل في دعم حق إثيوبيا في التنمية، وهي رؤية بالغة المثالية والتحضر، إلا أنه ربما كان جرس إنذار بأن مصر قد لا تقبل استمرار الحال على ما هو عليه. وربما يدعم ما نذهب إليه تأكيد السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن توقف مفاوضات سد النهضة لمدة عام، أمر يثير القلق مع أهمية وحساسية هذا الملف بالنسبة إلى مصر، باعتباره أمنا قوميًا لها. لقد لخص الرئيس السيسي الأمر بلغة بسيطة واضحة حتى يصل إلى المواطن المصري ويتمثل في أن حجم المطلوب تخزينه خلف السد يقدر بنحو 75 مليار متر مكعب من المياه، سيتم اقتطاع جانب منها من حصة مصر وهو ما يضر بها، وأن كل المسعى المصري هو أن يكون الضرر في نطاق التحمل. وأظن أن الطرح المصري على هذا النحو ربما يتطلب استجابة إثيوبية على مستوى هذا النضج في التعامل الودي، بعيدا عن أي نزاع ربما يقتضي الإشارة إلى حقيقة إنسانية أزلية تتمثل في أن العفي لا يستطيع أحد أكل لقمته».

الخطر المقبل!

حادثة مخيفة تدق ناقوس الخطر الشديد للجيل القادم، تكتب عنها الدكتورة عزة أحمد هيكل في «الوفد»، حيث تم استدعاء ولي أمر طفل صغير لا يتجاوز عمره أربع سنوات، للحضور إلى المدرسة الدولية، لمناقشة سلوك الطفل بعد أسبوع واحد من بداية الدراسة، وبما أن الطفل مازال في مرحلة ما يسمى قبل الدراسة الفعلية، أو الحضانة المتقدمة، فإن رعب ولي الأمر جعله يسارع بالذهاب وهو في حالة ترقب أن يكون الطفل قد تجاوز فعلاً، أو قولاً مع أقرانه، أو صدر منه سلوك مشين، وإذا بالمدرسة الأجنبية تحذر الأم من أن الطفل يردد في الفصل حكايات ترعب وتخيف الأطفال عن كلب مسعور يعض ويمص الدماء، وقنابل تدمر الفصل، وتجعل الصغار يتطايرون في السماء الحمراء… وهنا اكتشفت الأم أن هناك لعبة على جهاز إلكتروني صغير تفتح مجاناً ويتم استخدامها ولعبها بدون الحاجة إلى إنترنت، وتلك اللعبة هي بذاتها ما يصفه ويحكيه ويرويه ذلك الطفل الصغير، بكل براءة لأصحابه فيصيبهم الرعب والخوف من هول ما يحكي. هذا هو حال الإعلام في بلادنا الآن، لأن السادة المتحررين الثوريين وحتى السادة المسؤولين الأمنيين يظنون أن كل قضية الإعلام هي الفيديوهات والتسريبات السياسية أو الأمنية، أو تلك الأفلام الخارجة جنسياً، والقضية الأخطر والأكثر فزعاً هي أن الإعلام الجديد أصبح متاحاً حتى بلا حاجة إلى إنترنت كامل مدفوع الأجر، وإن كان فإن ذلك يشير إلى أن هناك تجارة جديدة تهدد الأمن والسلم لاجتماعي لهذا الوطن.. فكم «السيبر كافيه» أو المقاهي التي تفتح في العشوائيات والمناطق الشعبية، بدون تصريح وبدون أي رقابة من قِبَل الأحياء ومن قِبل الجهات الأمنية، وهي تعرض تلك الألعاب العنيفة الإجرامية، بل هناك حكايات حقيقية عن استخدام الكاميرا للتحدث مع جهات وأشخاص أجانب غير مصريين، تبدأ بالتعارف والصداقة مع صغار وشباب في عمر المراهقة، يعانون من الجهل والفقر وقلة التعليم وانعدام الثقافة، فإذا بهم يتعارفون على أشخاص يبدأون في تجنيدهم، أياً كانت الوسيلة والهدف والغاية، وبالطبع تختلف سبل التجنيد ما بين تدمير للوطن عن طريق الإرهاب، أو التطرف أو الإدمان أو حتى البلطجة والإجرام والإسفاف وإثارة الفوضى. الإعلام يحتاج إلى وقفة حاسمة لا تتعلق بما يكتب على شبكات التواصل الاجتماعي من تعبير مخالف للرأي، أو معارض لسياسة معينة، وأيضاً لا تتعلق بالإشاعات والبلبلة والمعلومات غير الموثقة التي تطرح وتعرض عن طريق الفيديوهات المسجلة، لأن القضية تجاوزت السياسة والدين، إلى تدمير جيل كامل قادم لا نلتفت ولا نهتم بتواجده الفعلي لأن علينا جميعاً الإصرار على تنفيذ ما يسمى بالرقابة الأبوية على مواقع الإنترنت المفتوحة بلا أي حساب أو مراقبة، وكثير من الدول المحيطة لديها تلك الرقابة الأبوية على ما يطرح للصغار مثل الإمارات والسعودية، وعلينا أيضاً الاهتمام بكم المقاهي التي تفتح سراً وتستخدم الإنترنت، فهو قاتل لوطن بأكمله مثله مثل المخدرات، وكذلك على الدولة أن تعيد النظر في مفهوم الإعلام الحالي الذي انحصر دوره في السياسة والطبخ والستات وكلامهن، فالأطفال بحاجة إلى إنتاج إعلامي ضخم من برامج ومسلسلات وأفلام ترفيهية وألعاب مثمرة وبناءة، وأيضاً أفلام تنويرية وتثقيفية.. الاستثمار الحقيقي اليوم يبدأ بالطفل في مدرسة آدمية يستطيع أن يجد له كرسياً ومنضدة يضع عليها أدواته الدراسية ومكاناً يلعب فيه وغرفة للموسيقى والألعاب بدلاً من أن أقدم التابلت ليستخدمه في ما يدمره ولا يبنيه ويطوره. الإعلام الجديد يجب أن يدرس في الجامعات والكليات المتخصصة بصورة تناسب العصر، وأن تقتنع الدولة والسلطة التنفيذية بأن الإعلام ليس أخباراً وصوراً ولقاءات.. احذروا الخطر المقبل… الاعلام الجديد قد يبني أمة وقد يدمر وطنا.»

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية