حسين مجدوبي مدريد ـ ‘القدس العربي’: تتابع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأوروبية بقلق شديد توجه شباب أوروبي من أصول مسلمة الى سورية لمحاربة نظام بشار الأسد. ورغم أن أغلب هؤلاء الشباب متدين ولا علاقة سابقة له بالتنظيمات الإرهابية، فهناك تخوف من احتمال أن يجري استقطابهم من تنظيمات مثل القاعدة أو أخرى قريبة من هذا التنظيم. وطلبت استخبارات أوروبية من الجيش السوري الحر قتال هؤلاء الشباب في صفوفه وليس في صفوف جبهة النصرة.وركزت جريدة لوموند في عددها ليوم السبت الماضي على هذه الظاهرة التي دقت ناقوس الخطر في صفوف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي تفاجأت بالعدد الضخم نسبيا من الشباب الأوروبي الذي قصد سورية للقتال مع الجيش السوري الحر أو مع التنظيمات الإسلامية. وكانت مصادر أمنية هولندية قد نشرت أن حوالى 150 هولنديا من أصول مغربية توجهوا الى سورية، كما نشرت الصحف الرقمية المغربية شريط فيديو لامرأة من أصل مغربي تبكي وتطالب ابنها بالعودة الى هولندا.وتعتبر بريطانيا الدولة الرئيسية التي تدق ناقوس الخطر وتعتبر أن توجه شباب أوروبي مسلم الى سورية هم مشكل أوروبي لمجموع الاتحاد الأوروبي ولا يقتصر فقط على دولة واحدة ويجب معالجته بشكل جماعي. وأنجزت وزارة الداخلية البريطانية تقريرا في هذا الشأن نقلته جريدة ‘تايمز’ في عددها الصادر الأربعاء الماضي، ويتحدث عن حوالى مائة بريطاني توجهوا الى سورية وقرابة 80 بلجيكيا.وجاء في تقرير لمعهد أمريكي ‘معهد دراسات الشرق الأدنى’ أن حوالى خمسة آلاف أجنبي يوجدون في سورية ويحاربون الى جانب المعارضة المسلحة وخاصة جبهة النصرة، ومن ضمن هؤلاء الأجانب مئات من الأوروبيين المسلمين الذين قدموا من فرنسا وبريطانيا وبلجيكا واسبانيا والمانيا ودول أخرى.ويضع منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل دي غيرشوف هذا الملف ضمن أولوياته الرئيسية في محاولة احتواء أي إرهاب مستقبلي لهؤلاء الشباب المسلم الذي توجه الى سورية.لكن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات حقيقية، فالشباب الأوروبي المسلم ينضم الى المعارضة السورية التي تلقى دعما قويا سياسيا ولوجستيا من الدول الأوروبية نفسها وخاصة فرنسا وبريطانيا اللتين ترغبان في تسليح المعارضة السورية. ويجري استقبال قادة المعارضة الأوروبية في الدول الأوروبية، ولم يتخذ الاتحاد الأوروبي أي قرار حتى الآن بتصنيف جبهة النصرة بالتنظيم الإرهابي.وتبرز التقارير أن الشباب الأوروبي الذي توجه الى سورية للقتال ورغم تدينه لا يؤمن كثيرا بالأفكار المتطرفة التي تؤدي الى الإرهاب، لكن تواجد هؤلاء الشباب رفقة مقاتلين من الشرق الأوسط على صلة تاريخية بالقاعدة قد يعرضهم للتطرف ويجعلهم خطرا على أمن الاتحاد الأوروبي عندما يعودون الى دولهم في أوروبا.وتشير معظم المعطيات الى غياب استراتيجية أوروبية موحدة لمواجهة هذه الظاهرةـ وتكتفي الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في أوروبا بالمراقبة الدقيقة للذين يعودون وكذلك الذين يعربون عن رغبة في التوجه الى سورية. وكشفت الصحف البلجيكية أن حكومة هذا البلد قد أنشأت لجنة أمنية خاصة مكونة من مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية تراقب بشكل دقيق الشباب البلجيكي المسلم الذي يتوجه الى سورية، بل وكان هناك مقترح باعتقال كل من يريد التوجه الى هذا البلد العربي للقتال في صفوف المعارضة وخاصة الإسلامية منها.وتفيد بعض المعطيات غير المؤكدة أن الاستخبارات الأوروبية قد طلبت من الجيش السوري الحر استقطاب هؤلاء المقاتلين في صفوفه بدل ذهابهم الى جبهة النصرة.qarqpt