قمة الرياض والتنازلات المهينة

حجم الخط
0

قمة الرياض والتنازلات المهينة

د. محمد صالح المسفر قمة الرياض والتنازلات المهينة(1) مع هبوب رياح الخماسين علي مصر، اشتدت العواصف والأعاصير السياسية في الأجواء العربية، ومن الصعب رصد سرعتها وتحديد اتجاهاتها والآثار المتوقع حدوثها علي امتنا العربية والاسلامية. الكل يحاول اشغال هذه الأمة ويشتت جهدها ويبعثر ثرواتها من اجل تحقيق أهداف الأعداء علي حساب امتنا العربية.ادعوكم لاستقطاع دقائق خمس من زمنكم للتأمل في حال عالمنا العربي.ألا تعد العدة للانقضاض علي السودان الشقيق بعد أن أذعن للضغوط الدولية وقبول قوات من الاتحاد الإفريقي وقوات مساندة من الأمم المتحدة؟ أليست علي ارض الصومال معارك دامية ضد جيش الاحتلال الحبشي وعملائه من الصوماليين وموقف مصر في هذا مخيبا لأمال امتنا؟ العراق أيها العرب يحترق وانتم تتفرجون، وتتساعون كلما دعتكم أمريكا لإنقاذها حاملين معكم الأموال وتنفيذ كل ما تطلبه منكم دون مقابل. أليس عالمنا منشغلا بتلك الهموم الكثيرة؟ وما هو حال لبنان؟ إنهم يعدون العدة للبنان ليكون يوغسلافيا عربية، وما أدراك ما يوغسلافيا وما حل بها من دمار وتفتيت لوحدتها. شعب مصر العظيم اشغل عن هموم أمته بمسألة التوريث. اليمن مشغول بالحوثي وأنصاره، المغرب العربي همومه تتكاثر وفي كل اتجاه. (2)في ظل هذه الظروف العصيبة تفاءل الكثير من امتنا العربية بانعقاد مؤتمر القمة العربية في الرياض في أواخر شهر اذار (مارس) الماضي وخاصة عند استماعنا لخطاب الملك عبد الله آل سعود الذي اعتبره البعض ابلغ خطابا قيل في هذه القمة. والحق إنني لم أكن متحمسا لانعقاد القمة العربية في الرياض لان حدسي يقول ربما تكون هذه القمة توريطا للملك عبد الله صاحب المبادرة العربية التي كثر الكلام حولها. لقد قلت في هذه الزاوية سابقا، إن الملك عبد الله يحظي بشعبية عربية في الداخل والخارج، ولكني أخشي أن تتكاثر الجهود للحط من الآمال التي يتوقعها المواطن في السعودية والعالم العربي وتشويه طالع الملك عبد الله في الساحتين الداخلية والخارجية.الحظ السعيد لم يرافق اعتلاء الملك عبد الله لعرش البلاد. في بداية عهده اجتاح سوق الأوراق المالية في البلاد شبه انهيار راح ضحيته إعداد كبيرة من الناس البسطاء ومن رجال الأعمال خاصة، فتطير الناس، راح البعض يقول إن ذلك الانهيار لم يكن بمحض الصدفة وإنما لعله يكون امراً مبرما من قبل. وراح الملك عبد الله يحاول اصلاح ما يمكن اصلاحه ولكن الأمر لم يكن يسيرا.ثم وقع العدوان الاسرائيلي علي جنوب لبنان وكان للمملكة موقف لم يكن متوقعاً تجاه ذلك العدوان، فقيل إن الأمر مدبر لكي يحرج الملك صاحب الشعبية الواسعة. لحق ذلك اعدام الرئيس صدام حسين في يوم عيد النحر، وبعد اقل من ساعة يستقبل الملك رؤساء الوفود الاسلامية في مني، وهذا في حد ذاته يشكل حرجا سياسيا للملك عبد الله ويهز من شعبيته إذ إن اعدام زعيم عربي في يوم العيد بموافقة القوات الامريكبة الحليف القوي للسعودية لم يكن بالأمر السهل وكان من المتوقع أن يعلن الملك غضبه الشديد ويلغي كل مراسم الاستقبال في ذلك اليوم،.كان محبو الملك عبد الله يتوقعون أن تعلن المملكة سحب اعترافها بالحكومة الصفوية المعينة في بغداد من قبل قوات الاحتلال الأمريكي. وان يناشد العالم الاسلامي في يوم عيدهم باتخاذ موقف موحد من تلك الحكومة العراقية الشعوبية الحاقدة التي لم تحترم مشاعر العرب والمسلمين في يوم عيدهم باعدام اشرف وأنبل زعيم عربي في مطلع القرن الحادي والعشرين.(3)لا يستطيع احد من الناس أن ينكر أن شعبية الملك عبدالله آخذة في التناقص ويمكن رصد ذلك عبر وسائل الاعلام الالكترونية خاصة وذلك لما أسلفت قوله. زد علي ذلك أن مؤتمر القمة الذي عقد في الرياض انقلب الترحيب به إلي إدانة جماهيرية نتيجة للمقررات التي اتخذها والتي أهمها التطبيع مع العدو الصهيوني. يقول العامة إن السعوديين يريدون تثبيت ملكهم والتهرب من عملية الاصلاح ودحر إيران وطموحاتها النووية علي حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، مبادراتهم رغم النوايا الحسنة عندهم إلا إنها صبت في النهاية لخدمة اسرائيل. قرار الوزراء الثلاثة عشر في القاهرة بتكليف عمان والقاهرة بالاتصال باسرائيل للتفاوض علي المبادرة أمر يشكل تراجعا في السياسة السعودية ويشكل التفافا علي مواقف الملك عبد الله الوطنية لإظهاره بأنه الملك الضعيف. كما قلت وحذرت سابقا فان وراء كل قمة عربية كارثة، وهذه الكارثة تتجمع عناصرها حول فلسطين.وسؤال المليون، هل يستطيع الملك عبد الله أن يقلب الطاولة علي كل من يريد إظهاره بالملك الضعيف؟ وانه أول ملك سعودي يتخلي عن مناصرة الشعب الفلسطيني؟! أتمني من كل قلبي أن يكون الملك عبد الله بطل هذه الأمة لاستعادة مجدها في عهده. 9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية