قنبلة عون الخلّبية… أدهم نابلسي من مغن إلى داعية.. شجرة الميلاد وتجميل الاستعمار

حجم الخط
9

منذ يومين ونحن نقرأ عن خطاب مرتقب للرئيس اللبناني ميشيل عون، قالوا إنه سيكون قنبلة الموسم. كان منهكاً كالمعتاد، حروفه رخوة، مع أن الخطاب مكتوب بلغة مريحة، هي بين الفصحى المبسطة، والعامية. وعلى الأغلب كان الرجل يقرأ من شاشة غير ظاهرة. خطاب مبني على أسئلة متتالية، وهذه بالطبع أسوأ أمراض الكتابة، أن تسأل، وتكرر السؤال، يزيدها سوءاً أنها تصدر عن رئيس ينتظر منه الناس أجوبة وحلولاً لا أسئلة.

قد يكون خطاب عون موجهاً بالفعل إلى الثنائي الشيعي الحاكم، وهذه هي بطولته المزعومة، لكن ما دام لم يتجرأ على تسمية الأشياء بأسمائها سيكون من السهل التنصّل من أي تبعات.

كرّر عون أسئلة من قبيل؛ وين ومَن المسؤول؟ بأي شرع؟ بأي منطق؟ بأي دستور؟ لماذا تزوير الحقائق؟ وماذا يمكن لرئيس بصلاحيات محدودة أن يفعل؟ خطبة عون كانت تترجم تلقائياً في الرأس إلى خطاب يعرفه اللبنانيون جميعاً منذ سنوات طوال: «وينيي الدولة؟ وينيي الحكومة؟»، ولا ندري كيف سيشعر المواطن اللبناني وهو يرى رئيسه يُفَصْحِن الأسئلة إلى: «أين هي الدولة؟ أين هي الحكومة؟».
قد يكون خطاب عون موجهاً بالفعل إلى الثنائي الشيعي الحاكم، وهذه هي بطولته المزعومة. لكن ما دام لم يتجرأ على تسمية الأشياء بأسمائها سيكون من السهل التنصّل من أي تبعات للخطاب. بل إن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك إلى حدّ القول إن الخطاب قدّم سلفاً إلى «حزب الله»، وقوبل بالمصادقة.
صحيح أن «السؤال أول المعرفة»، لكن أسئلة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية ليست سوى متاهة.

فيديو بلا ذوق

كثر تساءلوا إثر إعلان المغني الأردني أدهم نابلسي اعتزاله الفن: «ولكن من يكون هذا المغني أساساً؟».
جولة بسيطة في الشبكة العنكبوتية تكشف أن الشاب لم يبلغ بعد من العمر ثلاثين عاماً، وصحيح أن لديه بضعة ملايين من المتابعين على يوتيوب لكنه لم يبلغ مكانة عبد الحليم حافظ في وجدان الناس، ولا حتى مرتبة راغب علامة.

يبدو أن الشاب الثلاثيني قرّر أن يتحوّل من مغن إلى داعية؛ من اللحظة الأولى التي انقلب فيها أراد أن يخطّئ الآخرين، تمهيداً لتكفيرهم على ما يبدو.

أطلّ الشاب في فيديو يخلو من أي ذوق، خلفيته جدار فارغ يوحي بأنه جالس في حمام، لا تطريزة، ولا لوحة، لا معلقة ولا حتى تميمة. أكد أنه برحلته السابقة في الغناء كان في طريق لا يرضي الله، وها قد اهتدى أخيراً ويدعو جمهوره إلى مشاركته الطريق، أي إلى اجتناب عالم الفن والغناء. اللهم لا اعتراض على إيمان، فهذا خيار وشأن شخصي تماماً، ولكن لأنه كذلك لماذا لم يسلك طريقاً شخصياً بين العبد وإيمانه؟ لماذا لا ينشغل بشقّ طريقه الشخصي إلى الله؟ كان بإمكان الشاب أن يختفي بصمت، ينسحب من غير ضجيج، لكنه أراد أن يكون انسحابه ساطعاً على هذا النحو، كما لو أنه محمد حسنين هيكل يستأذن بالانصراف في عمر الثمانين، بعد تجربة صحفية صاخبة ومدوية استمرت عقوداً.
يبدو أن الشاب الثلاثيني قرّر أن يتحوّل من مغن إلى داعية، من اللحظة الأولى التي انقلب فيها أراد أن يخطّئ الآخرين، تمهيداً لتكفيرهم على ما يبدو.
على الفور، وخلال أيام حاز فيديو الاعتزال حوالي أربعة ملايين ونصف مشاهدة، بالإضافة إلى أن الخبر شغل وسائل التواصل الاجتماعي، ومختلف الأوساط الفنية، والقنوات التلفزيونية والإذاعية، ولم يخل الأمر من بعض التراشق الغاضب مع الزملاء والزميلات الضالين. ليس عليه أن يستغرب الجدل ما دام قرّر الانسحاب مع شيء من الضجيج، حتى وهو يغادر أراد أن يصفق الباب وراءه بعنف. إنه نوع من البحث عن المجد والعظمة والشهرة، على الأقل هو شكل من «الأسف على العظمة»، حتى ونحن نزعم التواري عن الأنظار.

أراد نابلسي أن يكون انسحابه ساطعاً، كما لو أنه محمد حسنين هيكل يستأذن بالانصراف في عمر الثمانين، بعد تجربة صحفية صاخبة ومدوية استمرت عقوداً.

بدا الشاب، تماماً في اللحظة التي أراد فيها الانسحاب وإيثار السكوت، يستأنف حياة صاخبة من جديد، لقد دخل عالم الشهرة من أوسع الأبواب. هذا ما دفع البعض لنصح الفنانين المستجدّين، الراغبين بشهرة سريعة، بتعديل خططهم. أن يبدأوا حياتهم الفنية بالمقلوب، لا من الغناء، بل من الاعتزال!

بابا «الميادين»

تحية قناة «الميادين» الجديدة هي هذه المرة للفاتيكان والبابا فرنسيس. مونتاج فيديو ليس من الصعب توقّع مغزاه، فكما تعلمون لا حامي للأقليات ورموزها في هذه البلاد إلا إيران والنظام السوري والدائرين في فلك الممانعة.

لماذا نستغرب أنهم يحاولون الاستئثار ببابا الفاتيكان وتصويره على أنه «باباهم» ما داموا يحاولون الاستئثار بيسوع المسيح ذاته نفسه. وأكثر: أليسوا هم أحزاب الله!

هذه هي الفكرة التي حاولوا تصديرها كلما كانوا في مهب الثورات.  لكن ليس ذلك وحسب، فالفيديو يريد الإيحاء بأن البابا هو بدوره إلى جانب الممانعة، فيديو بطله السيستاني، المرجع الشيعي العراقي المعروف، والرئيس ميشيل عون، حارس الممانعة في خاصرتها الأشد حساسية، إلى صور أخرى ترافق خطابات للبابا، للكنائس المدمرة والمدن السورية المنكوبة، ومرفأ بيروت وصور الشهداء. لكن لمَ الغرابة!
لماذا نستغرب أنهم يحاولون الاستئثار ببابا الفاتيكان وتصويره على أنه «باباهم» ما داموا يحاولون الاستئثار بيسوع المسيح ذاته نفسه. وأكثر: أليسوا هم أحزاب الله!

شجرة الميلاد

يؤمن كثيرون أن ما من دين يمكن أن ينتصر على آخر، ما من إيمان يمكن أن يدحض آخر، ولذلك فإن شجرة عيد ميلاد بالناقص، أو شجرة بالزائد لا يمكنها أن ترجّح كفّة دين على آخر. تأتي صور من السعودية يبدو معها أن المملكة أرخت القبضة المعتادة قليلاً عن بعض طقوس الاحتفال بالأعياد المسيحية، ومنها ظهور شجرة ميلاد في بهو فندق، فتقوم الدنيا عند كثيرين احتجاجاً، إلى جانب ذلك الجدل السنوي المصاحب لأعياد الميلاد ورأس السنة، بل لأي عيد ديني؛ هل يجوز الاحتفال والتهنئة والمباركات. يطال الأمر أيضاً التعزية بمتوفى من دين أو طائفة أخرى؛ إن كانت التعزية تجوز، وبأي عبارات!

شجرة عيد ميلاد بالناقص، أو شجرة بالزائد لا يمكنها أن ترجّح كفّة دين على آخر.

هذا هو الجدل غير الضروري، وربما الأسئلة الأكثر بغضاً. مكتوب علينا ألّا نرتاح ما دامت هذه الاحتفالات والطقوس مصدر قلق ورعب واستغراب.

تجميل الاستعمار!

لن يشفع لك، مهما تحدثتَ عن فظائع الاستعمار الفرنسي ومجازره في الجزائر، إن انزلقتَ مرة إلى القول: «لقد تركتْ الحقبة الاستعمارية هناك عمارات جميلة»، غضب الله كلّه سينزل فوق رأسك، تماماً كما حدث لكاتب نشر أخيراً مقالاً بهذا الخصوص. سيُعتبر ذلك مديحاً للاستعمار، ممنوع أن تتحدث عن طريق إسفلت صامد حتى الساعة في بلادنا من تلك الحقبة، حتى وإن كنت ترى بأم العين أثراً استعمارياً صامداً منذ مئة عام فيما تنهار كل «الصروح» والإنجازات الوطنية التي بنتْها حكومات ما بعد الاستقلال بلمح البصر.

ماذا نفعل بتلك الأشياء المفيدة التي جاء بها الاستعمار وباتت بحكم أمر الواقع، العمارة والشوارع وتخطيط المدن والمؤسسات.

ربما تصلح الفكرة لنقاش ينهض غالباً في الحروب وفي سنوات التعافي التالية للحرب. ماذا نفعل بتلك الأشياء المفيدة التي جاء بها الاستعمار وباتت بحكم أمر الواقع، العمارة والشوارع وتخطيط المدن والمؤسسات. اللغة مثلاً، تلك الفرنسية التي كتب بها الجزائري كاتب ياسين معتبراً إياها «غنيمة حرب». طيب اعتبروها غنيمة حرب!
الاستعمار قبيح وبغيض، خصوصاً الاستعمار الفرنسي في الجزائر، فمجازره أفظع من أن تنكر، لكن هل أنت مضطر لقول كل ذلك كلما أردت أن تقول إن هذه العمارة جميلة! وإلا سيكون ذلك نوعاً من التجميل للاستعمار؟!

كاتب فلسطيني سوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    أقول لمن يريد أخذ جرعة من العزة والإباء, تقشعر لها الأبدان, شاهد ما يلي على اليوتيوب :
    ( قصيدة فلسطين “أخي جاوز الظالمون المدى” – غناء محمد عبد الوهاب ) مع الكلمات
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول عادل:

    مجال الشوبيز والترفيه مجال صعب يتطلب الكثير من الحظ لمواصلة رحلة الصعود ثم البقاء أطول وقت ممكن في القمة، وهو مايتأتى إلا لقلة قليلة، أما الباقون فكل واحد وحظه…في مجال الغناء يطلق اسم (one-hit wonder) على كل مغن استطاع أن يكتسب شهرة واسعة بفضل أغنية واحدة مشهورة وبعد ذلك اختفى كفص ملح في الماء….
    ومثل هذه الحالات توجد حتى في التمثيل وفنون أخرى…وعندما يحس هذا الفنان بتضاؤل الاهتمام مع الوقت قد يضطرب نفسيا أو يتعاطى الممنوعات أو يحاول جلب الاهتمام بشتى الطرق بعد أن يدخل مر حلة الإنكار…
    وهناك أيضا من يتوارى في هدوء وهناك من يدفعه إنكار الواقع إلى التذرع بالتوبة إلى الله.

  3. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

    شكرًا أخي راشد عيسى. كلمات تشفي بعضًا من الجروح. خطر إلى ذهني سؤال وأعوذ بالله من الأسئلة بعد خطاب عون، ياترى كيف سيرد البابا على تهنئة عيد الميلاد التي قدمتها الميادين!

  4. يقول Riyad:

    سبحان الله العظيم بعض الحاقدين لا تعجبهم توبة التائب.

  5. يقول خالد النهار:

    ادهم نابلسي فلسطيني الاصل

    1. يقول عربي:

      أصل الأصيل فلسطين

  6. يقول جواهر:

    ما دام ادهم النابلسي ليس عبد الحليم ولا هيكل كان الاجدى ان لا تتناوله في مقالك …. طريقتك في طرح الموضوع استفزازية وهجومية وبلا مبرر…. دعه وشأنه وهو حر في اختياراته

    1. يقول مجرد رأي:

      «ولكن من يكون هذا الكاتب أساساً؟».

      من باب الأمانة الأدبية” ولو قام الكاتب بإجراء بحث بسيط على محرك جوجللتيقن بأن لهذا الفنان “المغمور” عشرات الأغنيات التي تصدرت قوائم Top 5 على العديد من المنصات الموسيقية العالمية مثل أنغامي و سبوتيفاي، ومن المؤكد أنه لا يعلم بأن العديد من أغانيه المصورة حققت أعلى أرقام للمشاهدة على موقع يوتيوب، بحيث تجاوزت إحداها 250 مليون مشاهدة خلال أقل من عامين، وهنالك الكثير من تلك المشاهدات لباقي أعماله الفنية المصورة. وبلغة المال والأرقام تحقق له مثل هذه الأعمال دخلا ومردودا ماليا عاليا بسبب نسب المشاهدات المرتفعة.
      ندعو الله أن يتقبل توبة أدهم وأن يعوضه خيرا مما ترك.

  7. يقول ابو باسل:

    يبدوا ان اعلان الفنان أدهم النابلسي آثار الكثيرين ليس من اهل الفن بل من اهل الكتابة والقلم أيضا
    فيذدوا ان أدهم أصابهم بمنطقة حساسه من تفكيرهم
    ويبدوا ان السيد راشد عيسى هومن هؤلاد فراح يدس السم بالدسم بدعوته لادهم باعتزال الفن بصمت
    ولم يكتفى بذلك بل انه ادعي بأن اعلان ادهم اعتزاله هو تحوله لداعيه
    ويبدوا ان الغيظ وصل إلى مداه
    فالكاتب يحاول ان يقلل من قيمة أدهم بمقارنته بعبد الحليم حافظ او راغب علامة..
    نقول للكاتب نحمد الله أن أدهم ليس ممن ذكرت. لانه لوكان منهم لربما لبقى على نفس الدرب ولكن الله أراد له ان يصل إلى بضعة ملايين. ثم يرده اليه ردا حميدا. ليغيظ به الله قوما ضالين. وليكون قدوة لغيره ممن سلكوا دروب الضلال.
    وشرف كبير ان يصبح داعية فهذه ليست سبة ولا عار الا على المرائين
    ولعله لا يعلم أن اكبر الدعاة هم من سلك دروب الشيطان وعاد منها الي رحاب ربه الواسعه
    هنيئا لادهم عودته الي الله ونتمنى له الثبات. ونتمنى أن يكون سببا لعودة آلاف المضللين الي رحاب الله الواسعه
    ونقول لادهم. انك والله اثلجت صدوربوم آمنوا بربهم واوجتت قلوب
    الضالين والمضلين. فسر على درب الفلاح. ولا تلتفت إليهم. لتكون من الفائزين بجنات عرضها السموات والأرض. مع النبيين والصديقين والشهداء.

إشترك في قائمتنا البريدية