الناصرة- “القدس العربي”: في ختام زيارة خاطفة وغير مسبوقة، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في تل أبيب إن الإفراج عن الأسرى يتصدر أولوياته بعدما تبنى رواية إسرائيل في الحرب الدائرة وبمذبحة المستشفى المعمداني في غزة. وحاول بايدن تبرير موقفه المتطابق مع المزاعم الإسرائيلية بأن صاروخا فاشلا لـ”الجهاد الإسلامي” هو الذي تسبّب بالمذبحة الكبرى في المستشفى بالقول إنه يستند لمعلومات البنتاغون. كما قال إنه سيطالب الكونغرس بالمصادقة على رزمة مساعدات أمريكية لجانب “مساعدات إنسانية” للفلسطينيين. وأعرب عن دعمه لعائلات المخطوفين، قائلًا إن أحد أهداف زيارته لإسرائيل هو الاجتماع معهم وسماع شكواهم. وتابع “أنا هنا ليعرف الشعب الإسرائيلي والعالم بأسره أنني أقف الى جانب إسرائيل وأدعمها. نريد التأكد من أنكم تملكون ما تحتاجون اليه للرد على هجمات حماس”. وأضاف الرئيس الأمريكي: “أنا حزين جدا بشأن انفجار المستشفى المعمداني في قطاع غزة، ويبدو أن الجانب الآخر هو المسؤول عن ذلك. وناشد ذوو الأسرى الرئيس بايدن خلال اجتماعهم معه ممارسة الضغوط الدولية على زعماء قطر ومصر وتركيا، لكي يُسمح بإدخال الأدوية للمرضى منهم، التي بدونها ستكون حياتهم في خطر حقيقي. كما طالب ذوو الأسرى أن تمارس الولايات المتحدة الضغوط الدولية على حماس كي تفرج عن جميع المخطوفين فورا. ودعا بايدن الإسرائيليين للتعلم من الدرس الأمريكي في العراق وأفغانستان بعدم اتخاذ قرارات نابعة من غضب تحاشيا للوقوع في أخطاء، مدعيا أن حماس لا تمثّل الشعب الفلسطيني وأن الحل لما يجري هو تسوية الدولتين.
دعا بايدن الإسرائيليين للتعلم من الدرس الأمريكي في العراق وأفغانستان بعدم اتخاذ قرارات نابعة من غضب تحاشيا للوقوع في أخطاء
وعقب مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على خطاب بايدن بالقول إن إسرائيل لن تحبط عملية إدخال مساعدات إنسانية من جهة مصر بما يشمل الماء والغذاء والدواء للمواطنين داخل القطاع طالما أن هذا لا يصل لحركة حماس. وبخلاف موقف إسرائيل الرافض لدخول أي مساعدات، قال بيان مكتب نتنياهو إن هذا القرار بإدخال مساعدات إنسانية للقطاع اتخذ في مجلس الحرب المصغّر وطبقا لطلب الرئيس الأمريكي، موضحا أن إسرائيل لن تسمح بدخول مساعدات إنسانية عبر معابرها مع القطاع قبل إعادة الأسرى والمخطوفين من هناك، وأنها تطالب الصليب الأحمر بزيارتهم وأنها تعمل في الحلبة الدولية لتجنيد دعم لهذا المطلب.
بالتزامن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو في الأمم المتحدة على مشروع قرار قدمته الإمارات وروسيا من أجل التوصّل لوقف إطلاق النار.
وقبل ذلك شارك بايدن في جلسة كابينيت الحرب في تل أبيب. وفي ختام اجتماع عقده قبل ذلك مع نتنياهو بحضور مسؤولين كبار من الجانبين، كرر الرئيس الأمريكي دعم بلاده لحق اسرائيل في الدفاع عن مواطنيها، موضحا أن واشنطن تواصل العمل مع إسرائيل لمنع وقوع مآسٍ أخرى. ومن جانبه شكر نتنياهو بايدن على هذا الدعم السخي، زاعما أن اسرائيل “تبذل جهودا لمنع المساس بالمدنيين في عملياتها العسكرية، مشيرا إلى صعوبة ذلك نظرا لتكتيكات حركة حماس وكيفية قتالها”.
دون أن يشير لأدلة وقرائن تثبت مزاعمه، قال الرئيس الأمريكي لنتنياهو فور وصوله تل أبيب حول مذبحة المستشفى المعمداني “لستم من فعلها” فيما تواصل جهات إسرائيلية رسمية وعسكرية وإعلامية محاولة تبرئة إسرائيل منها واتهام “الجهاد الإسلامي” باقترافها. وتبدي أوساط إسرائيلية إعجابها وانفعالها من سخاء مواقف بايدن المناصرة لإسرائيل بشكل جارف، كما يتجلى في زيارته لها رغم حالة الحرب تتويجا لتصريحات وخطابات صهيونية متتالية ولدفعه بوارج عسكرية وتزويدها بكميات كبيرة من الذخائر المستخدمة في قصف قطاع غزة، وفي المقابل تخشى أوساط إسرائيلية أخرى من هذا الدعم الأمريكي المطلق.
تبدي أوساط إسرائيلية إعجابها بسخاء مواقف بايدن المناصرة لإسرائيل بشكل جارف، وفي المقابل تخشى أوساط أخرى من هذا الدعم الأمريكي المطلق
ويرى قنصل إسرائيل الأسبق في نيويورك، ألون بينكاس، أن زيارة بايدن للبلاد تنم عن خوف الولايات المتحدة من أن بعض عمليات إسرائيل أو “انجرارها سيلحق ضررا بالمصالح الأمريكية. في حديث لراديو تل أبيب، قال بينكاس إن زيارة بايدن غير المسبوقة لإسرائيل في خضم حرب تنبع من “صداقة حقيقية” لكن من شأنها أن تكون منوطة بتسديد ثمن ما من ناحية استقلالية القرار الإسرائيلي. وأضاف “ما هدف زيارة بايدن لإسرائيل في هذا التوقيت؟ هل هي لتقديم المساعدة أو للمراقبة؟ حول سؤال الإذاعة العبرية هذا قال بينكاس: “هذا وذاك”. زيارة غير مسبوقة بمفهوم أنها سريعة جدا وسط أزمة خطيرة متدحرجة. زيارة تنبع من صداقة مخلصة ومحبة حقيقية ومع ذلك يستتر فيها نوع من عدم الثقة في القدرة على اتخاذ قرارات من قبل إسرائيل وخوف من أن عمليات معينة لها أو انجرارها من شأنه أن يضرب مصالح أمريكية.
بينكاس: زيارة بايدن تنبع من صداقة مخلصة ومحبة حقيقية ومع ذلك يستتر فيها نوع من عدم الثقة في القدرة على اتخاذ قرارات من قبل إسرائيل وخوف من أن عمليات معينة لها أو انجرارها من شأنه أن يضرب مصالح أمريكية
يشار إلى أن هناك مراقبين إسرائيليين آخرين حذروا من ثمن هذا الدعم الأمريكي الكبير ومن تداعياته على صورة إسرائيل كدولة تابعة تختبئ خلف الأخت الكبرى الولايات المتحدة وهذه رسالة سيئة وخطيرة يقرأها أعداء إسرائيل مستقبلا”. وهناك أيضا من قال إن زيارة المسؤولين الأمريكيين ومشاركتهم في اجتماعات مجلس الحرب منذ أيام تدلل على عجز تل أبيب في الدفاع عن ذاتها في حرب تدور في جبهتين في هذه المرحلة.
ويرى المحلل السياسي نتنئيل شلوموفيتش في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” أنه بجانب الكلمات الجميلة على لسان بايدن أوصل الرئيس الأمريكي رسالة مفادها أن يدي إسرائيل ليست مطلقة في العمل كما تشاء.
قبيل الزيارة، نقل موقع “واللا” عن مصادر سياسية إسرائيلية “مرموقة” قولها إن نتنياهو قرّر إرجاء الاجتياح البري المحتمل لقطاع غزة إلى أجل غير معلوم، وسط تقديرات بأن القيادة السياسية الإسرائيلية لن تتخذ قراراً باجتياح القطاع قبل الزيارة المرتقبة للرئيس بايدن. كما علم موقع “واللا” أن قيادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعارض إرجاء الاجتياح البري لقطاع غزة، بحجة أن كل ساعة تمرّ من دون مناورة برية، تُلحق ضرراً بالجيش الإسرائيلي، وتسمح لحماس بالاستعداد بشكل أفضل في قطاع غزة. وطالبت هذه القيادة بتحميل حماس المسؤولية عن سكان قطاع غزة، الذين رفضوا النزوح من منازلهم.