القاهرة ـ «القدس العربي»: عاد البرلمان المصري للانعقاد في دروته الثانية، في وقت تحمل أجندته التشريعية العديد من القوانين المثيرة للجدل، منها قانون الإجراءات الجنائية، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون العمل الجديد، وقانون الإيجار القديم.
قانون الإيجار القديم
تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن موضوع الإيجارات القديمة، عززت فرص طرح المشروع في دور الانعقاد الثاني.
وكان السيسي، قال الشهر الماضي، إن حل أزمة قانون الإيجار القديم يتمثل في العمل على تكثيف المعروض، مضيفا: «المِلكية يجب أن تعود إليها قيمتها ومكانتها من قِبل تعامل المواطنين فيما بينهم».
ويطالب العديد من ملاك العقارات بتعديل القانون الحالي بزيادة قيمة الإيجار وتحديد سنوات الإيجار، خاصة في ظل أسعار إيجار تتراوح بين جنيهين و15 جنيها، في وقت وصلت القيمة الإيجارية في التعاقدات الجديدة إلى 3 آلاف جنيه. المستأجرون، يؤكدون أن القيمة الإيجارية ضعيفة، ولكنها مرتبطة بالوقت التي عقد فيه اتفاق الإيجار، وإن صاحب الوحدة السكنية حصل بالفعل على ثمن وحدته خلال العقود الماضية.
وحسب الإحصائيات الرسمية، فإن عدد الوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم يبلغ 3 ملايين و19 ألفا 856 وحدة سكنية.
مقترح برلماني
وشهدت مصر العديد من المقترحات البرلمانية بشأن تعديلات الإيجار القديم، منها مقترح النائب معتز محمود، الذي أكد أن تعديلات قانون الإيجار القديم يجب أن تضمن تغيير صيغة عقد الإيجار القديم على أن يدفع المستأجر 60٪ من القيمة البيعية السوقية للوحدة السكنية للمالك، وتصبح ملكا للمستأجر، وفي حالة رغبة المالك في الحصول على الوحدة السكنية يدفع المالك 40٪ من القيمة البيعية السوقية للوحدة السكنية للمستأجر وتصبح ملكا له، وفي حالة عدم استطاعة المالك والمستأجر دفع هذه النسبة، يتمّ عرض الوحدة السكنية للبيع ويحصل المالك على 60٪ ويحصل المستأجر على 40٪ من قيمة الوحدة.
الهيئة البرلمانية لحزب «الوفد» قدمت تعديلا للإيجار القديم، يتضمن رفع الإيجار تدريجيا 25٪ سنويا على 10 سنوات، ويتضمن مشروع القانون عدة تعديلات أهمها، تحديد فترة زمنية انتقالية تتراوح بين 7 إلى 10 سنوات، يتمّ خلالها رفع تدريجي لقيمة الإيجار القديم، بنسبة 25٪ سنويا، حيث تصل قيمة الإيجار في نهاية الفترة الانتقالية إلى قيمة مناسبة أو عادلة لا تظلم المالك ولا المستأجر وتتساوى مع القيمة المتداولة لا تظلم الملاك ولا تحمل المستأجر أعباءً جديدة.
مزيد من الرسوم والقروض
وينوي المجلس في دورته الحالية فرض مزيد من الرسوم على المواطنين، فقد استهل دور انعقاده الثاني بإحالة تعديل مقدم من الحكومة على قانون فرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة رقم 147 لسنة 1984، إلى لجنة الخطة والموازنة في المجلس لمناقشة التعديل، الذي يفرض المزيد من الرسوم الجديدة على الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين، تمهيداً لإحالته إلى الجلسة العامة لإقراره.
وفي جلسته الافتتاحية لدور الانعقاد الثاني، وافق مجلس النواب على بعض قرارات السيسي في شأن اتفاقيات القروض الدولية، منها قرار رقم 324 لسنة 2021 بالموافقة على الخطابات المتبادلة بين مصر واليابان، بشأن تقديم وكالة اليابان للتعاون الدولي (جايكا) قرضاً للحكومة المصرية بقيمة 25 مليار ين ياباني (نحو 225 مليون دولار) بغرض تنمية سياسات لتطوير قطاع الكهرباء ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، وكذلك قرار السيسي رقم 363 لسنة 2021 بالموافقة على الاتفاق المبسط بين مصر والوكالة الفرنسية للتنمية، بشأن برنامج دعم موازنة قطاع الحماية الاجتماعية في مصر.
قانون الإجراءات الجنائية
قانون الإجراءات الجنائية حاضر هو الآخر على الأجندة التشريعية في دورة الانعقاد الثاني، وتقدمت النائبة سميرة الجزار، عضو مجلس النواب، عن الحزب «المصري الديمقراطي الاجتماعي» بعدد من التعديلات على قانون الإجراءات الجنائية، تضمنت البدء في تنفيذ مشروع النظر عن بعد في أوامر الحبس الاحتياطي الذي يتيح للقاضي الاتصال مباشرة بالمتهم المحبوس احتياطيا عبر دائرة تليفزيونية مغلقة ومؤمنة.
وتضمنت التعديلات المقترحة على قانون الإجراءات الجنائية البدائل التكنولوجية للحبس الاحتياطي كالسوار الإلكتروني للمحبوسين احتياطا والغارمات والمحكوم عليهم بأحكام بسيطة أو مراقبة الذي تم تقديم اقتراح به برغبة في البرلمان في دور الانعقاد الأول.
المستشار عمر مروان، وزير العدل، قال إنّ الوزارة «أنجزت في أقل من عامين، عددا غير مسبوق من المشروعات المتنوعة التي أحدثت تطورا ملحوظا في المنظومة القضائية والخدمية».
وأضاف خلال احتفالية يوم القضاء المصري السبت، أن «مشروع نظر إجراءات تجديد الحبس عن بعد تم من خلال ربط 141 مقر محكمة بـ52 سجنا عموميّا ومركزيا».
ولفت إلى «مشروع إقامة الدعوى المدنية عن بعد، وهو متاح في 15 محافظة، ومشروع إصدار شهادات المحاكم الاقتصادية عن بعد وهو قائم في محاكم بخمس محافظات».
الحق في استئناف الأحكام
النائب إيهاب رمزي عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب، قال إنه ينوي التقدم بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام مواد قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 وتعديلاته لتعارضها مع مواد الدستور أرقام 96 و240.
انتظار تشريعات لتطبيق استراتيجية حقوق الإنسان
وأضاف في بيان أن «هذا التعديل يأتي انطلاقا من مواثيق حقوق الإنسان التي تبنتها الدولة دوما وشملتها نصوص الدستور المصري 2014، التي تنص على الحق في الاستئناف، كمكون أساسي من مكونات المحاكمة العادلة، ووسيلة إجرائية للمحافظة على سيادة القانون كون أن الجنايات أخطر الجرائم والأحكام الصادرة بشأنها تستحق اهتماما أكبر لخطورة العقوبات الصادرة فيها «.
وتابع أن هذا القانون «يضمن أن القاضي الذي يعلم أن حكمه سيكون محل بحث ومُعرضا للتعديل من محكمة أخرى يبذل حرصاً أكبر وعناية أشد في بحثه للقضية وعند إصداره لحكمه، وكذلك إتاحة الفرصة للمحكوم عليه لتدارك ما فاته من أوجه دفاع أمام محكمة الدرجة الأولى».
وأشار إلى أن «التعديلات تنص على وجود تقاض لدرجتين في الجنايات لإتاحة المجال للمحاكم للنظر في موضوع القضية لأكثر من مرة، على عكس الوضع الإجرائي الحالي، والذي يجعل الحكم الصادر من محاكم الجنايات نهائيا وغير قابل للطعن عليه سوى بالنقض. والمعروف أن محكمة النقض محكمة قانون لا موضوع ومن ثم فإنه يضيع على المتقاضين حقهم في أن تنظر المحاكم موضوع الدعوى مرة أخرى، ومن هنا نرى الزامية وجود هذا التشريع».
وقال: «من المسلم به أن الحق في الاستئناف، ومبدأ التقاضي على درجتين، وجهان لعملة واحدة، إذ يعني مبدأ التقاضي على درجتين، إتاحة الفرصة للمحكوم عليه بعرض دعواه أو قضيته من جديد أمام محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرته. بمعنى أن الدعوى أو القضية تنظر من محكمتين على التوالي، إذ يكون الحكم الصادر من محكمة أول درجة قابلا للطعن عليه بالاستئناف أمام محكمة ثاني درجة أو محكمة استئناف أعلى، ولا يصبح الحكم نهائيا بعد صدوره من محكمة الدرجة الأولى إلا إذا شاء المحكوم عليه فيه ألا يستأنفه في المواعيد المحددة».
وأضاف: «العديد من الاتفاقيات والقرارات الدولية أقرت بالحق في الاستئناف ويتعلق هذا التعبير بالأحرى بتحديد أساليب إعادة النظر من قبل هيئة قضائية أعلى» مشيرا إلى أن «عدم جواز الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة في مواد الجنايات أمر منتقد، لأن الجنايات أخطر الجرائم والأحكام الصادرة بشأنها تستحق اهتماما أكبر لخطورة العقوبات الصادرة فيها ولا تغني عن ذلك إجازة الطعن فيها أمام محكمة النقض».
13 مادة
وأوضحت المذكرة التفسيرية للمشروع أن التعديلات ستشمل 13 مادة، مشيرة إلى «مبدأ ضرورية وإلزامية أن يقوم المشرع المصري بصنع قانون يحكم عملية التقاضي على درجتين في الجنايات، تطبيقا لقواعد الدستور المصري 2014 في المادة 96 منه التي نصت على أنه: (وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، ويتضح لنا أن الدستور ولأول مرة جعل الأحكام الصادرة في الجنايات استئنافا)».
كما لفتت إلى نص الدستور في المادة 240 منه التي تقضي بأن (تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك).
الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
إعلان السيسي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان الشهر الماضي، دفع النائب أحمد مقلد، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، لتوجيه سؤال إلى سامح شكري، وزير الخارجية، بصفته رئيس اللجنة العليا لحقوق الإنسان، حول الأجندة التشريعية المعدة من اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان والمزمع اقتراحها لمجلس النواب خلال الفصل التشريعي الثاني، إنفاذا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي بدأ سريانها في سبتمبر/ أيلول الماضي، وتنتهي في سبتمبر/ أيلول 2026، استنادا إلى حكم المادة 129 من الدستور، ونص المادة 198 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
وقال مقلد: «أعلنت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ترسيخا لما توليه القيادة السياسية من أهمية قصوى لملف حقوق الإنسان، باعتبارها أول استراتيجية وطنية متكاملة لحقوق الإنسان تقرها الدولة المصرية وتلزم بها كافة المؤسسات، ولما كانت الاستراتيجية بما تحمله من تطلعات طموحة في هذا الملف محل تقدير من الكافة، يسعى الجميع إلى القيام بدوره المنوط به لإنفاذها على أكمل وجه».
وأشار إلى «الاطلاع على المرتكزات التي أسست عليها الاستراتيجية ومسارات التطور سواء على المستوى التشريعي أو المؤسسي، بجوار مسار التثقيف وبناء القدرات، وذلك في كافة محاور العمل الاستراتيجية الأربعة المتمثلة في محور الحقوق المدنية والسياسية، ومحور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومحور حقوق الإنسان للمرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، بالإضافة إلى محور التثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان».
بيت التشريع
وتابع: «مجلس النواب هو بيت التشريع بما له من صلاحيات دستورية من إقرار مشاريع القوانين والتعديلات عليها بعد دراستها، وفي أحوال أخرى بعد اقتراحها ودراستها، ولما كانت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بما تمتلكه من صلاحيات وفقا للقرار المنشئ لها والمبين في متن الفقرة العاشرة من المادة الثالثة من القرار المشار إليه كالتالي (اقتراح القوانين والتعديلات التشريعية المتعلقة بمجال دعم وتعزيز حقوق الإنسان) وإيمانا بمبدأ التكامل على أسس التشاركية وتحقيقا لأهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع كافة مؤسسات الدولة المتخصصة، فإنني أتوجه بسؤالي إلى وزير الخارجية بصفته رئيس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، حول الأجندة التشريعية المعدة من اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان والمزمع اقتراحها لمجلس النواب خلال الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب إنفاذا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك حرصا للتعاون في إنجاز مسار التطوير التشريعي على أكمل وجه وفقا للإطار الزمني المعلن».