قوة القانون / قانون القوة

حجم الخط
0

 1
«بقوة القانون يصوغون قانون القوة» هذا هو ما يجري في المجتمع العربي في لحظة الانهيارات الكونية، ما يشي بأن الأنظمة العربية التقليدية، أكثر من غيرها، أخذت من عاصفة الفوضى منذ 2011، درسا رهيبا. لا لكي تحل استعصاء الواقع عليها وترتدع عن اضطهاد شعوبها، لكن لكي تعالج مشاكلها (الطارئة) وتعيد حساباتها، وتؤسس لإطالة وجودها، وتثبيت قواعدها لمستقبل أبدي، بالمزيد من الحدود، التي تصدّ إمكانية تكرار أي فوضى على شاكلة (الربيع) أو فصل آخر من الأحلام.
2
هذه صورة جانبية لمشهد عربي معطوب، لا رجاةَ في منظوماته. مشهد يشي بكوننا شعوبا مؤجلة، وبلدانا خارج الحضارة، بالمعنى الإنساني للكلمة.
لقد ورثنا الأنظمة مثلما ترث الغابة أشجارها القديمة، وربما كما يرث الكهف أحجاره. فمنذ المنعطفات الكونية، عربيا وعالميا، (هزيمة حزيران/يونيو/ انهيار الاتحاد السوفييتي) استدارت المنظومات العربية نحو تقنين الحياة لشعوبها، بقوانين تكاد تحصي أنفاس الكائن، وتقيس العقاب له.
3
ولمن يلاحظ تفاصيل التطورات التي تلت أحداث 2011 في مختلف أرض العرب، سيبدو واضحا، كم أن السلطات العربية أثبتت خبرتها العميقة في معالجة ما تواجهه من أزمات ومشاكل. حتى أنها ستبدو أكثر خبرة من (المعارضات الشعبية) قاطبة. الأمر الذي يجعل استغراب البعض من ديمومة هذه المنظومات، والسيرورة الطويلة لوجوه الحكم فيها، استغرابا في غير محله. ولعلنا ندرك الآن القدرة البهلوانية التي تتمكن هذه المنظومات من ابتكارها إلى حد التلويح بالديمقراطية، وطرح مشاريع الإصلاح، تداول هذه الشعارات أكثر مما تفعل المعارضات العربية.
4
وبالنظرة السريعة، سنلاحظ كيف أن هذه المنظومات، صارت، وبإيقاع متسارع، تصوغ القوانين السياسية والمدنية، بروافع مؤسساتية، من أجل وضع الحدود التي تحمي مصالحها، وتصدّ المحاولات الشعبية للتغيير، تفاديا، ليس لتكرار حركات (الربيع العربي) فحسب، ولكن للحيلولة دون التفكير في مثل ذلك ثانية. ويتمثل هذا الاتجاه، في السلوك المستجد للسلطات العربية، مستديرة لتلقين شعوبها الدرس الجديد في الحكم.
والاستدارة هذه المرة تميّزت بصلافة المنتصر، انتقاما وتنكيلا بمن حاول الخروج عن الطوق والطريقة. إنهم فعلا يضعون قوانين قوتهم بقوة القانون.
5
النبيذ يختزل المسافة في انتظارك، يبدو الوقت رشيقا، فكل ما تسعه الأقداح يبهج الزمن. ليس لانتظارك حجمٌ، غير أن مشاعري تتفاقم، وهي تأخذ مكانها من الشرايين، فيأتي النبيذ ليمنح الدم حيوية الطبيعة. أفتحُ بالقدح الثاني أبوابا تشرع على حديقة البيت، ثم شجيرات الغابة المجاورة ينمو الانتظار فيصير ظلالا وارفة، ثم غيمة كثيفة الندى، وما أن يقبل المساء، حتى تتجلى لأحداقي شمسٌ وردية الضوء، ودموية الشعاع، تقطر قلوبا مكلومة. وحين تتأخرين عن الموعد تتفجر في فمي أكبادا مفدوحة.
فلا تتأخري أكثر، لئلا أموت.
6
السيدات الرشيقات انتظرنَ بريد الماء طويلا، فخرجنَ من دورهنّ معصوفات بالفقد وحاسراتٍ من الخضرة، حتى إذا أصابهن الثكل والرسائل اليابسة، وضعنَ أعجازهنَّ المغدورة على قارعة العطش، ينتابهنَّ النحيبُ في القتلى.

٭ شاعر بحريني

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية