قوى عراقية تشكو للمبعوثة الأممية التلاعب بنتائج الانتخابات

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: أطلعت القوى السياسية الشيعية المنضوية في «الإطار التنسيقي» الجمعة، الممثلة الأممية في العراق، جنين بلاسخارت، على ما عدوه «أدلة» تثبت التلاعب بنتائج انتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفيما أشاروا إلى أنهم يمتلكون ثلث أصوات الناخبين، حذروا من تغييب إرادة جماهير القوى السياسية المعترضة على نتائج الانتخابات، ودعوا للحفاظ على استقرار العملية السياسية.
ويضم «الإطار التنسيقي» جميع القوى السياسية الشيعية، باستثناء الكتلة الصدرية، التي يتزعمها مقتدى الصدر. ويعد زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، وزعيم ائتلاف «دولة القانون» أبرز الشخصيات المكونة «للإطار التنسيقي» الذي يضم أيضا، قيس الخزعلي، زعيم حركة «عصائب أهل الحق» والمجلس الأعلى الإسلامي، بزعامة همام حمودي، وعددا من قادة الفصائل المسلحة المنضوية في «الحشد». ووفقا للنتائج «شبه النهائية» لانتخابات أكتوبر/ تشرين الأول، فإن الإطار حصل على أكثر من 50 مقعدا في البرلمان الجديد، أي ما يمثل نحو ثلثي ما حصلت عليه «الكتلة الصدرية» وحدها (أكثر من 70 مقعدا).
وأعلن «الإطار التنسيقي» تفاصيل اجتماع عقد بطلب من بلاسخارت، حول نتائج الانتخابات.

«خلل كبير»

وذكر في بيان «يعلن للشعب العراقي والمجتمع الدولي المنصف عن توفر الأدلة والمعطيات الواضحة والأكيدة على الخلل الكبير الذي رافق مجريات الانتخابات العراقية، والذي يبين بلا أدنى شك وقوع عمليات سرقة ممنهجة لأصوات صحيحة استعرض بعضا منها في اجتماعه الأخير الذي حضرته جنين بلاسخارت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، حيث طلبت استضافتها في الإطار التنسيقي للاستماع إلى الاعتراضات التي سجلها الإطار التنسيقي على نتائج الانتخابات».
وأضاف أن «الاجتماع قد تناول الإشكالات الفنية والقانونية في احتساب وإعلان نتائج الانتخابات، وقدم الإطار شرحا مفصلا مدعما بالأدلة والإثباتات على الخلل الكبير الذي رافق العملية الانتخابية والتلاعب الواضح في احتساب النتائج وإعلانها».

«المسار القضائي»

وأكد على «المضي في المسار القضائي في الطعن بهذه النتائج، وكل ما يتعلق بها والاستمرار في العمل على وفق جميع الفعاليات التي كفلها الدستور». من جانب آخر، من الاجتماع، أكد الإطار أن «موقفه المعترض على نتائج الانتخابات نابع من كونه حريصا على استقرار العملية السياسية والحفاظ على العملية الديمقراطية في العراق وتعزيز ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية وعدم التفريط بأصوات الجماهير، حيث تمثل أصوات القوى المعترضة أكثر من ثلثي أصوات الناخبين». وشدد على «الالتزام بالقانون وحفظ هيبة الدولة وبناء العملية السياسية على الصدق والوضوح والالتزام وعدم تغييب إرادة الجماهير».
ويأتي الاجتماع عقب ساعات من دعوة التيار الصدري، للقوى السياسية التي وصفها بـ«الخاسرة» إلى حل الفصائل الشيعية المسلحة، ومحاسبة من يثبت تورطه بالفساد، فيما وصف انتخابات أكتوبر، بأنها «نزيهة» بشهادة العالم. وقال الصدر، في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول أمس، في مقر إقامته في منطقة الحنّانة في محافظة النجف (نحو 170كم جنوب العاصمة بغداد) إن «رسالتي إلى القوى السياسية التي تعتبر نفسها خاسرة في هذه الانتخابات، تلك الانتخابات التي شهد العالم بنزاهتها».
وجاء في نص الرسالة المؤلفة من ثلاثة بنود أساسية، «لا ينبغي أن تكون خسارتكم مقدمة لإنهاء وخراب العملية الديمقراطية في عراقنا الحبيب حاليا ومستقبليا» مضيفا: «أن تراجعوا أنفسكم لتعيدوا ثقة الشعب بكم مستقبلا، وأن ما تقومون به حاليا سيضيّع تاريخكم، ويزيد من نفور الشعب منكم».

خمس نقاط

وفي حال رغب «المعترضون» في المشاركة في تشكيل الحكومة الجديدة، وضع الصدر خمس نقاط لتحقيق ذلك، من بينها «محاسبة المنتمين لكم ممن عليهم شبهات فساد، وتسليمهم إلى القضاء النزيه، للوقوف على الحقائق فورا» مشيرا إلى «تصفية الحشد الشعبي المجاهد من العناصر غير المنضبطة، وعدم زج اسمه وعنوانه في السياسة».
ودعا الصدر، إلى «قطع كل العلاقات الخارجية بما يحفظ للعراق الحبيب هيبته واستقلاله، إلا من خلال الجهات الدبلوماسية والرسمية، وعدم التدخل بشؤون دول الجوار، وزج الشعب العراقي بحروب خارجية لا طائل منها» مشددا على أهمية «حل الفصائل المسلحة أجمع، ودفعة واحدة، وتسليم سلاحها كمرحلة أولى إلى الحشد الشعبي، عن طريق قائد القوات المسلحة».
وزاد: «إعلموا أن قوة المذهب لا تكون بفرض القوة والخلافات الطائفية، وما يحدث في الموصل الجريحة باسم الجهاد أمر لا بد من وضع حد سريع له». وختم قائلا: «ثم وكما كنت أول المطبقين لذلك فإنني سأستمر بذلك، وإن رضيتم بقولي هذا فسنكون شركاء في مشروع الإصلاح، الذي طالبت به المرجعية والشعب طوال السنوات السابقة، وسنبني الوطن معا، وسنسير به نحو الإصلاح والبناء، ومن دون عنف، بل بسلام ووئام وبغطاء شعبي شامل، وما أنا إلا ناصحٌ لكم، ولست لكم بعدو، والعراق أمانةٌ في أعناقنا أجمع».

حذرت من تغييب إرادة الجماهير… ودعت إلى الحفاظ على استقرار العملية السياسية

ويبدو أن تصريح الصدر لم يرق لعدد من قادة الفصائل الشيعية المسلحة، المنضوية في «الحشد» إذ رد فصيلان مسلحان شيعيان، على خطاب زعيم التيار الصدري، مؤكدين أن الكتل المعترضة على نتائج الانتخابات «ليست خاسرة» فيما طالب أحدهما الصدر بالمبادرة أولا بتسليم أسلحة فصيله «سرايا السلام» بيد الدولة.
وقال الأمين العام لـ«كتائب الإمام علي» شبل الزيدي في «تغريدة» على «تويتر» إن «الكتل المعترضة على التزوير ليست كتلا خاسرة ولديها من الأدلة والوقائع والشبهات والخروقات والتلاعب ما يكفي لإثبات عملية التزوير، ولكنها تعاملت بعقلانية وحكمة وصبر واستخدمت الطرق القانونية والشرعية».
وأضاف: «لم نعمل أو نحاول هدم العملية السياسية أو القفز عليها، بل إعادتها إلى جادة الصواب ولو كان الأمر عكسيا وحصل التلاعب من جهات أخرى لكان الوضع مختلفا جدا».
وختم بالقول: «نحن بناة دولة وطلاب حق وما ضاع حق وراءه مطالب، ولن يفت عزمنا تكالب القوى المضادة ولا بياناتها ولا مباركتها بشرعية النصب والاحتيال الانتخابية».
كذلك، قال المسؤول الأمني لـ«كتائب حزب الله العراق» أبو علي العسكري، في «تغريدة» على «تويتر» معلقا على خطاب الصدر، «نرحب بخطاب تسليم أو حصر السلاح بيد الدولة لما له من إسهام في تجنيب الناس شرور الاقتتال الداخلي».
وأضاف: «أن تكون الجهة المطالبة بأعلاه هي من تشرع أولا في تسليم السلاح، وبالأخص الثقيل منه، وأن تنقل مسؤولية ما لديها من ألوية إلى قيادة الحشد الشعبي لغرض تنظيمهم وإبعاد غير المنضبطين منهم».
وفعلا، أعلن الصدر، أمس الجمعة، حل «لواء اليوم الموعود» التابع له، في بادرة «حسن نية» لحل الفصائل المسلحة في العراق. وقال في بيان، «كبادرة حسن نية، أعلن حل تشكيل لواء اليوم الموعود وغلق مقراته».
وأضاف: «ولولا أنهم سلموا سلاحهم لسرايا السلام سابقا، لأمرتهم بتسليم سلاحهم ولأطاعوا فهم ما زالوا مخلصين لنا ولوطنهم».
وتابع: «وإن وجد (السلاح) فعليهم بتسليمه خلال مدة 24 ساعة» مردفا «عسى أن تكون هذه الخطوة بداية لحل الفصائل المسلحة وتسليم أسلحتها وغلق مقراتها، بل وتكون رسالة أمان وسلام للشعب كافة».
و»لواء اليوم الموعود» فصيل مسلح شكله الصدر عام 2008 لمحاربة قوات الاحتلال الأمريكي التي غادرت العراق عام 2011، إلا أنها عادت مجددا بطلب من بغداد في 2014 لمحاربة تنظيم «الدولة» (داعش) الإرهابي. ولا يزال لدى الصدر فصيل آخر باسم «سرايا السلام» وهو جزء من «الحشد الشعبي» التابع رسميا للقوات المسلحة العراقية.

قرب حسم الطعون

وتترقب الأوساط السياسية والشعبية إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، النتائج النهائية لاقتراع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد اقتراب الهيئة القضائية من حسم الطعون المقدمة لها. وأكدت المفوضية، أن تغيير نتائج الانتخابات يعتمد على قرارات الهيئة القضائية بخصوص نتيجة نقض الطعون وإجاباتها، فيما أعلنت موعدا محتملا لحسم النتائج.
وقال مدير دائرة الإعلام والاتصال الجماهيري في مفوضية الانتخابات، حسن سلمان، إن «المفوضية تسلمت تقريبا جميع الطعون من الهيئة القضائية خلال المدة القانونية» لافتا إلى أن «عدد الطعون وصل الى أكثر من 1000 طعن منها ما هو منقوض من قبل الهيئة» حسب الوكالة الرسمية.
وأضاف أن «هناك نقضا لستة طعون في هذا الميدان ويفترض اتخاذ الإجراءات القانونية وفق قرار الهيئة، وهو ما قد يتطلب وقتا معينا وقد لا يتطلب الوقت الكثير».
وحول الحديث عن تغيير نتائج الانتخابات، أوضح أن «تغيير نتائج الانتخابات يعتمد على قرار الهيئة القضائية على نتيجة نقض الطعون وإجاباتها» مؤكدا أن «القرار الأخير للهيئة القضائية».
وتابع: «أعتقد، شخصيا، أن الأسبوع المقبل (الجاري) سيكون أسبوع الحسم ربما في منتصفه الأول أو الثاني».

… وأنصارها يتظاهرون أمام المنطقة الخضراء

شهدت بوابات المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، وسط العاصمة الاتحادية بغداد، أمس الجمعة، تظاهرة لأنصار القوى السياسية المشككة بنتائج الانتخابات التشريعية المبكرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث أطلقوا على تظاهراتهم اسم «جمعة الثبات».
وجاء في بيان للهيئة التنسيقية للتظاهرة، إن «أكثر ما يقض مضاجع المزورين والفاسدين هو تماسككم وثباتكم الذي سطرتموه بأحرف من نور، لدرجة أذهلت العالم وأبطلت كل رهانات الدم التي أريد إدخالكم فيها، فكنتم تقابلون الرصاص بالصبر، والإساءة بالاحتساب، والتسقيط بالاستغفار، والاستفزاز بالتماسك».
وأضافت اللجنة، مخاطبة جموع المحتجين بالقول: «أيها الأبطال الثابتون على سواتر الحق في جمعة الثبات. ها قد بانت بشائر النصر، وبدأ يتضح خيط الحقيقة الأبيض من خيط التزوير الأسود، وبدأت مواقف المسرعين نحو مباركة نتائج الانتخابات المزورة، محليا وعالميا، بالتراجع والركون إلى القناعة بالأدلة الدامغة حول التلاعب الذي حصل في مصادرة أصواتكم، وآخر ذلك، وليس أخيره، ما أثبتته اللجنة القضائية حول عدم كفاءة أجهزة تسريع النتائج في دعوى لأحد مرشحيكم من المغبون حقهم، فكان موقف القضاء العراقي مشرفا وشجاعا باسترجاع الحق وإعادة الأمور إلى نصابها، وكذا الحال بالنسبة لسبعة مرشحين آخرين في دوائر مختلفة من محافظات عراقنا الحبيب حصل معهم ذات الشيء، فما كان من القضاء الشريف إلا إنصافهم واسترجاع حقهم وأصواتهم، والحال أن ذلك يؤكد ما دفعنا إلى الخروج بوجود خلل وتلاعب، بحت أصواتنا ونحن نطالب بالالتفات إليه ونؤكد حصوله بشكل لا يقبل الشك والتفسير».
وأكد المحتجون، مطالبهم «التي كتبناها بدماء شهدائنا وجرحانا السلميين، بضرورة محاكمة الكاظمي ومن أصدر أمر إطلاق النار على صدورنا العارية ومن نفذه، وهو مطلب لا يقبل المساومة والتفاوض، كما نؤكد على ضرورة إجراء العد والفرز اليدوي والمطابقة بإشراف الجهاز القضائي الشجاع وإحالة أعضاء المفوضية اللانزيهة للانتخابات إلى المحاكم لينالوا جزاءهم العادل لقاء ما ارتكبوه من خيانة عظمى بحق شعبنا ومستقبل أجيالنا، وإلا فإن التاريخ لا يرحم وأصوات الثابتين حول أسوار قلعة المتورطين في (الخضراء) لن تسكت، حينها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين، ولات حين مندم».
وفي مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، قتل أحد المتظاهرين المحتجين على نتائج الانتخابات، وجرح أكثر من 100 آخرين، أغلبهم من قوات الأمن، إثر اشتباكات اندلعت بين المحتجين والقوات المكلفة بحماية التظاهرات، أمام بوابة المنطقة الخضراء.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية