«قيادة» العرب إلى «عصر الظلام»!

حجم الخط
8

تحوّل توفير عناصر الطاقة، من كهرباء وغاز وبنزين ومازوت، في بعض البلدان العربية إلى مسألة كبرى تهدد استمرار الدول والمجتمعات، وبعد أكثر من ثلاثة أرباع القرن على حقبة استقلال الدول العربية الحديثة، والوعود الكبرى التي وعدت نخب تلك البلدان شعوبها، بدأت مرحلة من انقطاع عام للخدمات ودشّنت تلك الدول العتيدة حقبة ظلام فعلي، بعد أن كانت تلك الخدمات وعناصر الطاقة متوفّرة قبل عقود، إلى كونها من بديهيات الخدمات المطلوبة من الدول، ومن أركان الاقتصاد والسياسة والاجتماع في كل بلدان العالم.
كان لافتا، مثلا، أن تتعهد حكومة لبنان الجديدة بزيادة ساعات الكهرباء إلى أربع، على أمل أن تصل يوما ما إلى ثماني ساعات، وهو ما أصبح معركة سياسية يتبارز أطرافها على تحديد هويّة البلد، عبر المازوت الإيراني، الداخل عبر الحدود السورية من دون إذن الحكومة، وغاز مصر وكهرباء الاردن، الذي احتاج موافقة أمريكية على تليين قانون قيصر ليتمكن من عبور أراضي النظام السوري.
المثير للجدل، في المثال الآنف، أن عبور الكهرباء والغاز عبر الجغرافيا السورية، سيتم تحت مرأى السوريين في مناطق سيطرة النظام، والذين يعانون بدورهم انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة يوميا، كما أن هناك مناطق لا يصلها الماء منذ شهور، وهو ما حول المدن السورية إلى بلدات مظلمة، وأصبحت الحركة في تلك المدن في حدودها الدنيا.
وفيما كان أنصار إيران يحتفلون بدخول شاحنات المازوت إلى لبنان كان العراقيون يعانون من انقطاع إمدادات الغاز والكهرباء الإيرانية إلى العراق، بدعوى تحصيل ديون، رغم أن إجمالي إنفاق الدولة العراقية على الكهرباء خلال 14 عاما بلغ نحو 63 مليار دولار. لقد تعاون الفساد المالي والسياسي لمسؤولي النظام العراقي، وسيطرة الميليشيات على الوزارات «الغنية» والرعاية الإيرانية لكل ما يحصل، في وصول البلاد إلى ما وصلت إليه.
تترافق هذه الأزمات الهائلة مع ارتفاع أسعار الطاقة في العالم إلى أسعار قياسية، وأسباب ذلك عديدة، منها قضايا التغير المناخي، مع حصول فيضانات في أوروبا، ووصول الشتاء، وتسبب إعصار إيدا بحالة فوضى كبيرة بصناعة النفط الأمريكية، حيث دمر معظم المنصات البحرية في ساحل خليج المكسيك، ومنها قضايا ارتفاع الاستهلاك العالمي لمواد الطاقة، حيث أصبحت الصين أكبر مستورد للغاز المسال في العالم، وازداد الطلب عليه مع تعافي الكثير من اقتصادات العالم بعد أزمة كورونا.
تنضاف إلى كل ذلك، بالطبع، العوامل السياسية، فروسيا، أكبر مزودي الغاز الطبيعي والمسال لأوروبا، تحاول استغلال ارتفاع الأسعار وحاجة أوروبا للغاز لدفع الولايات المتحدة لمراجعة عقوباتها الاقتصادية ضدها، بما فيها ما يتعلق بخط الغاز «نورد ستريم 2» الذي واجه رفض وعقوبات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
تفاجأ البريطانيون، ولأول مرة منذ عقود، بأزمة وقود تجسّدت في نقص امدادات أنواع البنزين والديزل للسيارات، وربط كثيرون ذلك بقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، وما أدى إليه من نقص في اليد العاملة المتخصصة، كسائقي الشاحنات الكبيرة، وهو ما يشير، مجددا، إلى أن عصب الأزمات الاقتصادية هو سياسيّ دائما، وإذا كانت الديمقراطيات الغربية، باقتصاداتها الهائلة، قادرة على استيعاب هذه الأزمات والاستفادة منها للتخطيط لعالم يستخدم عناصر الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية والرياح، فإن الأمر، بالنسبة لكثير من البلدان العربية، ينحدر أكثر فأكثر إلى هاوية سوداء تدفع بالقادرين للهجرة الجماعية، وتترك البلدان للسياسيين وطغمهم التي أوصلت تلك البلدان إلى حقبة الظلام الحالية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    نقص الكهرباء والغاز ووووو بالعراق وسوريا ولبنان واليمن كان بسبب التدخل الإيراني!
    إيران لا تريد خيراً للعرب وأهل السُنة والجماعة!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول عبد الكريم البيضاوي:

    برأيي – حين يفقه المتدين بأن الدين هو الحب والإخاء والتسامح ليس أن أحب من هم على ديني وأكره كل من هو خارج أسواره. حين يفقه القبلي أن الحياة أجمل وأفضل بترك الألقاب والأسماء وأن ليس هناك مكان لعقلية ابن قبيلتي أولى لي على الجميع. حين يفقه العلماني أن العلمانية ماكانت ولن تكون أبدا كره المتدين لدينه أيا كان وإنما لأفعاله وأعماله. حينها أظن هناك أمل للعرب في بداية رؤية نور خافت قادم إليهم قد يحررهم من كل ماهم فيه اليوم من مصائب ومصاعب, لكن الأمل ضئيل .

  3. يقول سامح //الأردن:

    *للأسف ونتيجة للفساد المستشري في معظم الدول العربية.. تحولت إلى بيئات طاردة ودول منكوبة.. تتسول في وضح النهار.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد.

  4. يقول S.S.Abdullah:

    هل هناك علاقة بين عنوان (المظلومية الظالمة)، وعنوان («قيادة» العرب إلى «عصر الظلام»!)، من وجهة نظري نعم، كالعلاقة بين الثقافة والسياسة، أو كالعلاقة بين الرجل والمرأة، أو كالعلاقة بين الفلسفة والحكمة، في دولة الحداثة، منذ عهد الإمبراطوية الفارسية، وصراعها وليس منافستها مع الإمبراطوية الرومية/الإغريقية، لأن كليهما، لا تعترف بوجود حضارة بينهما، لأهل ما بين نهري دجلة والنيل بالذات، وهنا هي إشكالية ثقافة الأنا، عندما ترفض وجود أي شيء آخر، غير رؤيتها، في مفهوم النظام البيروقراطي، بغض النظر، كان ديمقراطي أو ديكتاتوري،

    لأن على أرض الواقع، التكامل والتعايش في ثقافة النحن كأسرة شيء، والمنافسة والصراع بين من يتغدى بمن، قبل أن يتعشى بمن، بين ثقافة الأنا (الرجل) وثقافة الآخر (المرأة) شيء آخر كما يوضحها عنوان (محكمة بريطانية: حاكم دبي أمر بالتجسس على زوجته السابقة الأميرة هيا وفريق محاميها) والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!

    السؤال الأول، ما الفرق بين نجاح هروب (كارلوس غصن) كرجل، من عدالة محاكم (اليابان)، عن نجاح هروب الأميرة (هيا بنت الحسين) بالأولاد والأموال، كأمرأة، من عدالة محاكم دول مجلس التعاون في الخليج العربي؟!

  5. يقول S.S.Abdullah:

    سبحان الله، فمن يضحك على من، أو من أخبث مِن مَن، أو من أساء استغلال امكانيات أي دولة في التجسّس وغيرها، بحجة الشفاعة والمحسوبية وضرب القانون والعرف والأخلاق عرض الحائط، هنا؟!

    ولذلك، لقد ثبت لي أن عقلية (بدو) دول مجلس التعاون، تختلف عن عقلية أهل (العراق وسوريا ومصر أو السودان واليمن وتركيا أو إيران والكيان الصهيوني وقبل ذلك الأردن والمغرب (الأندلس)) من دول أهل ما بين دجلة والنيل بالذات،

    والدليل عنوان (محمد بن زايد يستقبل وزير الخارجية القطري)، والأهم كيف يمكن تطوير الديمقراطية بواسطة اللويا چرگا، ولماذا، وما دليلي على ذلك؟!

    في البداية لفهم وجهة نظري ما علاقة اسم عاصفة الصحراء مع العراق في عام 1991، واسم عاصفة الحزم مع اليمن في عام 2015، ولماذا في عام 1989 صرّح دلوعة أمه (دونالد ترامب) رغبته في نقل كل نشاط لشركاته، إلى دول مجلس التعاون، كنموذج إقتصاد، يمثل جنة رجال الأعمال (التجارة (أو/و) المقاولات) بشكل عام؟!

  6. يقول S.S.Abdullah:

    لأن أنا لاحظت أي مؤسسة صناعة عسكرية/أمنية، إن لم يكن لها منتجات (مدنية)، كوسيلة دخل وإيرادات، معنى ذلك، ستعمل كل جهدها لتكون أساس الفتن، داخل أي دولة،

    حتى لا يتم خصم أي شيء من الميزانية المُخصّصة لها، ومن ضمنها حصة الحزب/آل البيت/شعب الرّب المُختار،

    الإشكالية في مناهج التعليم الحالية، لا تستطيع تمييز معنى (المنافسة بالاحتكاك في السوق)، وبين معنى (الصراع في الحرب)، داخل الأسرة أو الشركة أو المجتمع أو الدولة،

    بدون خبرة عملية عن معنى كيف يمكنك ايصال البضاعة رغم تعدّد نقاط السيطرة والحدود،

    ومصاريف الجمارك على كل نقطة بدون (أمان/قانون) يُنضّم ويساوي بين الجميع، بلا تفرقة حتى يصل إلى (المعارض والأسواق)؟!

  7. يقول S.S.Abdullah:

    ولو حصلت عليه، كشريك، يستطيع المنافسة، لكانت الآن، شركة SoftBank وصاحبها الياباني، الذي استطاع عمل إتفاق مع الأمير محمد بن سلمان خلال 45 دقيقة، كما ذكر في حواره على وسائل الإعلام، في جيبي الصغير، سبحان الله،

    لأن نقطة الضعف، عند هذا الياباني، تبدأ في إيمانه أن ذكاء الآلة، يمكن أن يفوز على ذكاء الإنسان، ومن هنا الإشكالية، في دول مجلس التعاون، عندما قامت بتعيين أول رجل أمن (روبوت)، وأول طبيب (روبوت) بل قامت بتجنيس أول روبوت (كمواطن) عند افتتاح (نيوم)، في عام 2017،

    ولذلك أنا أعترض على أسلوب إدارة وحوكمة ديمقراطية (الهند) بالذات، رغم فوزها بجائزة في عام 2018 في معرض (جايتكس) بحجة نجاح (مودي) في تحسين إيرادات الدولة، بالتحايل، من أجل فرض (الشفافية المالية)، بالذات،

  8. يقول S.S.Abdullah:

    لأن عقلية (أتغدى به) لحزب رئيس وزراء الهند (مودي) قبل أن (يتعشى بي) الإنسان، والأسرة، والشركة، المُنتجة للمنتجات الانسانية، لا يمكن أن تخلق من ذلك أي إقتصاد (منافس)،

    ويستطيع المنافسة مع (تايوان) مثلاً أو غيرها، في أي سوق (حر) في أجواء سوق العولمة،

    والدليل على ذلك ما حصل في عام 2020-2021، من فشل في توفير الأوكسجين أو اللقاحات، رغم كل الأماكن وخطوط الإنتاج لديها، لأن عند الامتحان الحقيقي وقت جائحة (كورونا)، فشلت،

    كما فضح ذلك برنامج Conflict Zone

    https://youtu.be/MlDs2iR7ZBA

    على الفضائية الألمانية DW، سبحان الله، ومن هنا أهمية نجاح (طالبان) أفغانستان، في موضوع كيفية تخفيض تكاليف انتخابات الديمقراطية بواسطة (اللويا چرگا)، عند التحويل من (إقتصاد البترودولار) إلى (إقتصاد الحياة (عن بُعد))،

    من خلال تنفيذ مشروع صالح التايواني، في الوصول إلى سوق صالح (الحلال)، أي بلا غش، أو فساد، في توفير خدمات أي دولة بجودة وكفاءة تنافس ما تقدمه دول مجلس التعاون في عام 2021 على الأقل.??
    ??????

إشترك في قائمتنا البريدية