تنطلق يومي الجمعة والسبت المقبلين بطولتان من الأكبر في الروزنامة العالمية لعام 2024، وهما كأس أمم آسيا ونظيرتها في أفريقيا، على غرار ما ستشهده القارة الأوروبية في الصيف «يورو 2024» ومثلها في أمريكا الجنوبية بانطلاق كوبا أميريكا، لكن ما يميز الأوليان ان 15 منتخبا عربياً يشارك فيهما، أي أنهما بنكهة عربية بامتياز.
البطولتان الآسيوية والافريقية، لم تتزامنا في موعد الانطلاق فحسب، بل أيضاً في ظروف الاستضافة، فكلاهما مؤجل من الصيف الماضي، بل كلاهما يحمل التسمية الرسمية «كأس أمم 2023»، وليس 2024، كون الصين اعتذرت عن عدم قدرتها على استضافة النهائيات الآسيوية، فوافقت قطر على تحمل أعباء الاستضافة، وهي المنتشية والجاهزة بملاعبها وبنيتها التحتية لاستضافة حدث كبير بمشاركة 24 منتخباً، كونها نجحت بصورة رائعة في استضافة كأس العالم بمشاركة 32 منتخباً في نهاية العام 2022. وبسبب تحديد موعد النهائيات الأصلي في صيف 2023، فان حرارة الطقس في الدوحة وأيضا بسبب ارتباط قطر بالمشاركة في كأس «الكونكاكاف» الذهبية الصيف الماضي، تم نقل البطولة الى هذا الموعد الجديد.
وفي هذه النسخة الـ18 من النهائيات الآسيوية، تشارك 10 منتخبات عربية، بينها 3 أبطال سابقين، هم قطر (حامل اللقب) والسعودية (البطل 3 مرات آخرها 1996) والعراق (بطل 2007)، وتأتي في وقت من الأشد محنة على أهلنا في فلسطين، التي يشارك منتخبها في النهائيات، وأكاد أتخيل أن المصافحات التقليدية بين اللاعبين قبل بدء مباريات المنتخب الفلسطيني قد تكون أشبه بواجب تقديم العزاء وشد العزم، وربما الاعتذار عن تقصير، ويا حبذا، كون النهائيات تقام في دولة قطر الأبية، أن تتكرر مشاهد التأييد والمناصرة لقضية الامة على غرار ما حدث في نهائيات كأس العالم، عندما تحول العلم الفلسطيني الى العلم الثاني لكل منتخب وفي كل مباراة، والهدف ليس تحويل البطولة الى مظاهرة سياسية، بقدر ما هي فرصة لابداء التأييد وشد الأزر والعزائم لأهلنا في غزة والضفة الغربية الصامدين تحت بطش الاعتداء الصهيوني.
أما في القارة السمراء، فستقام البطولة الـ34، كونها عادة تجري كل عامين بدلاً من 4 أعوام على غرار بقية البطولات القارية، فستشارك 5 فرق عربية، 4 منها توجت باللقب وهي مصر (البطل 7 مرات وهو رقم قياسي) والمغرب المتألق في مونديال 2022 (البطل 1976) والجزائر (البطل في 1990 و2019) وتونس (بطل 2004)، بالاضافة الى موريتانيا، علماً أن البطولة أيضا تأجلت أكثر من مرة خصوصا ان موعدها الاصلي كان في أسابيع الصيف.
وعلى غرار كل بطولة أفريقية تقام في الشتاء، ستبرز الانتقادات وصرخات الأندية الأوروبية التي تفقد عددا من نجومها المؤثرين، حيث ستبقى هذه الأندية تتكبد الرواتب العالية لهؤلاء النجوم. وفي حين ستخسر أندية الدوري الأصعب والأشهر في العالم، الدوري الانكليزي نحو 48 لاعباً يخوضون المنافسات في القارتين، فان 3 أندية فقط من البريميرليغ، هي بيرنلي ومانشستر سيتي ونيوكاسل لن تفقد أي لاعب خلال فترة الأسابيع الستة من عمر التحضير لانطلاق المنافسات حتى نهايتها في منتصف الشهر المقبل، لكن في المقابل سيكون المكافح نوتنغهام فوريست أسوأ المتضررين كونه سيفقد 6 لاعبين، وبعده يأتي ولفرهامبتون الذي يفقد 5 لاعبين. لكن أسوأ المتضررين من بين أندية الدوريات الخمسة الكبرى سيكون متز الفرنسي، حيث سيفقد 11 لاعباً، بينهم مؤثرون جداً، بل سيكون من دون هدافيه الثلاثة جالو وديالو وسابالي.
المشكلة في هذه الغيابات انها تأتي مجتمعة ولفترة طويلة وفي منتصف الموسم، ما يعني أن فرقاً مثل فوريست الذي يتعافى مع مدرب جديد هو البرتغالي نونو اسبيريتو سانتو، قد تفسد خططه بسبب هذه الغيابات، ما يقود الى تدهور النتائج، وهو بكل تأكيد الذي سيعانيه متز في الأسابيع المقبلة، لكن في المقابل هناك لاعبون رفضوا دعوة منتخباتهم لان مستقبلهم مع أنديتهم على المحك، والغياب لأسابيع قد يسبب الابعاد عن التشكيلة وبالتالي ربما الرحيل، وهو ما حدث من النجم التونسي الواعد حنبعل المجبري الذي فضل البقاء للقتال على مكان أساسي في تشكيلة مانشستر يونايتد على تلبية دعوة المدرب جلال القادري. وأيضاً هذه الغيابات قد تقود الى كبح تألق فريق، مثلما يخشى تشابي ألونسو مدرب متصدر الدوري الالماني باير ليفركوزن، حيث سيفقد 5 نجوم أساسيين هم تابسوبا وكوسونو وعدلي وتيلا والهداف المتألق بونيفيس الذي سجل 16 هدفاً هذا الموسم.
وستكون أكثر الغيابات من الدوري الفرنسي الذي ستفقد أنديته 88 لاعباً، ومن بعده يأتي الدوري الانكليزي الممتاز الذي سيفقد 48 لاعباُ، وسيكون هناك 20 لاعباً من الدرجة الأولى (تشامبيونشب)، ثم الدوري الايطالي الذي سيفقد 37 لاعباً، فالاسباني بـ27 لاعباً وأخيراً الألماني الذي سيفقد 26 لاعباً. وطبعا كثير من هؤلاء اللاعبين قد يعودون الى أنديتهم بعد نهاية الدور الأول من البطولتين، أي بعد نحو أسبوعين، ولهذا السبب رفض مدرب ليفربول يورغن كلوب تمني التوفيق لنجميه المصري محمد صلاح وللياباني واتارا اندو مع منتخبيهما.