كالعشيقة

حجم الخط
0

الارهاب ليس أمرا لا يهزم. اذا ما اتحد الغرب وعمل بحزم، فسينجح في القضاء عليه». هكذا يصيغ الموقع أدناه الاستنتاجات التي يتوصل اليها كتاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، «الارهاب – كيف يمكن للغرب أن ينتصر» (من اصدار مكتبة «معاريف» 1987). وها هو الغرب بقيادة الولايات المتحدة يعمل بالضبط حسب صيغة نتنياهو: يسعى الى الوحدة، يبدي الاستعداد للعمل بحزم ويعلن بان في نيته القضاء على تنظيم الارهاب «الدولة الاسلامية». ولكن العجب هو أن احدا – لا في واشنطن ولا في عواصم اخرى في الغرب – لا يتوجه الى رئيس وزراء اسرائيل ويطلب مشورة وارشادا في مجال اختصاصه.
حسنا لو كان نتنياهو لم يحدث افكاره منذ نشر كتابه في الثمانينيات. ولكن العكس هو الصحيح. فليس هناك من حدث أفكاره اكثر منه. فقبل بضعة اسابيع فقط أنهى الحرب ضد منظمة ارهابية. صحيح، ليس بالضبط منظمة لها قوة وقدرات مثل داعش، ومع ذلك، بعد أن اتخذ القرارات حول المبادرات والخطوات في حملة عسكرية ضد منظمة ارهابية، فان نتنياهو جمع المزيد من المعرفة والتجربة في الحرب ضد الارهاب.
ولا يزال، احد لا يتأثر. لا يوجد احد في واشنطن أو في لندن، اللتين تتميزان غضبا من قطع رأس الرهينة البريطاني، يتوجه الى نتنياهو كي يتشاور معه في سبل العمل السليمة للحرب ضد منظمة ارهابية مسلحة جيدا ومدربة، اعادت البربرية الى مقدمة كفاح الاسلام المتطرف ضد العالم الحر.
وليس فقط لا يغازل احد نتنياهو، بل ولا يغازل اسرائيل. في باريس عقد اجتماع دولي بمشاركة 26 دولة للبحث في سبل القتال ضد داعش. ولكن اسرائيل، الدولة التي يمكنها أن تعلم المشاركين شيئا أو اثنين عن الحرب ضد الارهاب لم تدع على الاطلاق. هي وايران.
في تقرير طويل ومفصل نشر أول أمس في «نيويورك تايمز» عن تقدم الاستعدادات لبلورة تحالف الدول ضد داعش، تقتبس الصحيفة عن مصدر امريكي رفيع المستوى قال ان «الولايات المتحدة تبدأ بتخطيط مهامة ما تكلف بها كل دولة شريك في التحالف». ولا توجد اي كلمة عن اسرائيل، الخبيرة المزعومة بالارهاب. وزير الخارجية الامريكي جون كيري يجري حملة مكوكية في الشرق الاوسط كجزء من الجهد الامريكي لبلورة تحالف للحرب ضد داعش. وحتى للاردن المجاور يصل، ولكنه لم يطرأ على باله «القفز» الى اسرائيل ليلقي التحية.
يطرح السؤال ما هو سبب هذا التجاهل التظاهري لاسرائيل. اذا بحثنا عن جواب، فيمكن ان نجده في «نيويورك تايمز». في اثناء الاجتماع في باريس والذي بحث في الحرب ضد الارهاب، نشرت الصحيفة في صفحتها الاولى تقريرا عن تدمير مبنى متعدد الطوابق في غزة في قصف الجيش الاسرائيلي واشتكت من مرير مصير 500 عائلة تسكن فيه وبقيت بلا مأوى وبلا مستقبل.
ما يجدونه في القدس صعبا على الاستيعاب هو أن الصور التي اظهرت الدمار والخراب في قطاع غزة في اعقاب قصف الجيش الاسرائيلي في «الجرف الصامد» والتقارير عن حجم الخسائر في الارواح بين السكان المدنيين في القطاع هزت ـ ربما بشكل لا مرد له ـ مكانة اسرائيل كمكافحة ضد الارهاب.
تجري الامم المتحدة تحقيقات رسمية لفحص الشبهات في أن اسرائيل ارتكبت جرائم حرب في الحملة. المبررات والحجج الاسرائيلية، التي من ناحيتها تبرر وتسوغ نتائج الحملة هي بالضبط تلك التي تغذي الاتهامات ضدها بانعدام التوازن في الحرب ضد الارهاب.
وهكذا يبدو حاليا انه في كل ما يتعلق بالتطلعات للقضاء على «الدولة الاسلامية»، فان البيت الابيض يتعاطى مع اسرائيل كعشيقة يفضل عدم التنزه معها في الشارع الرئيس.

معاريف الاسبوع 16/9/2014

شلومو شمير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية